في انتظار اختتام الدورة 33 لأيام قرطاج السينمائية والإعلان عن نتائج المسابقات الرسمية والأفلام الفائزة بالجوائز، واصلت دور السينما في العاصمة التونسية عرض الأفلام على محبي الفن السابع وتدفق الآلاف من المشاهدين على عروض الأفلام العربية والأفريقية في واحدة من أكبر الأسواق ترويجاً للمواهب السينمائية الصاعدة.
وقد أبدى الكثير من المتابعين انبهاره بفيلم «الطريق» للمخرج السوري عبد اللطيف عبد الحميد، وهو من بين الأفلام المشاركة في المسابقة الرسمية لأيام قرطاج السينمائية، فقد اعتمد «لغة سينمائية جمالية حبلى بالمعاني والأفكار العميقة وخالية من التعقيد» وهي أن غباء النسان لا يولد معه بل إن المحيط الذي ترعرع فيه وهو نفسه قد أسهم في سيطرة الغباء على تفكيره.
الأحداث تدور في الريف السوري وبالتحديد في مدينة طرطوس، ويؤدي الأدوار الرئيسية فيه كل من موفق الأحمد وغيث ضاهر ومأمون الخطيب ومحمد شما وأحمد كنعان وندا عباس وتماضر غانم وعدد من الوجوه السينمائية الشابة. وتدور أحداث الشريط السينمائي الطويل حول الحفيد صالح ومعاناته جراء اتهامه بالغباء، غير أن جده الذي يحمل اسم صالح كذلك أوكل لنفسه مهمة تحويل غباء الطفل إلى ذكاء معرفي وجمالي، فجعله يسلك طريقه ويمر بالمطبات التي تعترضه، ليجد على هذا الطريق قصة حب ويكلل بنهاية سعيدة وليؤكد على أن الغباء من صنع الإنسان ولا يكون بالفطرة، وهو نابع من التنمر والاستهزاء بالآخر والتقليل من شأنه.
وعن المزايا الفنية لهذا الفيلم يقول النقد السينمائي التونسي محسن عبد الرحمن، إن الفيلم اتسم بالمراوحة بين الأسلوب الهزلي الساخر والتراجيديا والرومانسية، وهي مزايا وظفها المخرج بذكاء في الحبكة الدرامية والدفع بنسق الأحداث نحو نهاية سعيدة دون السقوط في فخ الرتابة الذي غالباً ما يؤثر على نسق الأحداث. كما يحمل الفيلم رسائل مبطنة إلى العالم مفادها أن سوريا ليست مشاهد الحرب والدمار والإرهاب، بل المشاعر الإنسانية في أجل مظاهرها.
وفي جانب المشاهدين قال قيس بن حسين الذي تابع أحداث الفيلم، إن الحكم الأولي على الحفيد بالغباء كان فيه الكثير من الإجحاف ومن الضروري الاعتماد على القدرات الذاتية لتجاوز حالة الركود المعرفي، واعتبر أن تخرج الحفيد طبيب أعصاب بعد أن درس هذا التخصص على نفقة الدولة في أوروبا يؤكد على النجاح والخروج من دائرة الوصم بالغباء، لكن خروجه من الغباء كان في أوروبا وتمنى المتفرج لو كان في أحد البلاد العربية. ومن ناحيته قال الناقد الفني وسام المختار، إن فيلم الطريق درس في الحياة وهو لا يختلف كثيراً عما تعرض له توماس إديسون مكتشف الكهرباء، فقد أرسل مدير مدرسته رسالة إلى والدته يعلمها فيها أنه لا يصلح للدراسة وأنه مطرود من المدرسة، غير أن الأم أخفت حقيقة الرسالة وأعلمت ابنها أنه عبقري ويجب أن يتعلم خارج أسوار المدرسة، وهي نفس الإجابة التي جاءت على لسان الجد صالح لحفيده صالح.
يذكر أن الدورة 33 قد شهدت حضور 44 فيلماً في مختلف أقسام المسابقة الرسمية وهي «الأفلام الروائية الطويلة» (12 فيلماً) و«الأفلام الوثائقية الطويلة» (12 فيلماً) و«الأفلام الروائية القصيرة» (12 فيلماً) و«الأفلام الوثائقية القصيرة» (ثمانية أفلام)، وستكون السينما التونسية ممثلة في مختلف أقسام المسابقة بثمانية أفلام، أي بمعدل فيلمين في كل قسم، ومن المنتظر الإعلان اليوم (السبت) عن نتائج الدورة الجديدة من أيام قرطاج السينمائية.
«الطريق» جذب المتابعين لأيام قرطاج... بأدوات سينمائية بسيطة
«الطريق» جذب المتابعين لأيام قرطاج... بأدوات سينمائية بسيطة
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة