«اللجان المجتمعية»... {تقليعة} حوثية جديدة لمراقبة السكان وقمعهم

تلاميذ في مديرية السبعين بصنعاء أخضعهم الحوثيون لبرنامج تعبئة طائفية (إعلام حوثي)
تلاميذ في مديرية السبعين بصنعاء أخضعهم الحوثيون لبرنامج تعبئة طائفية (إعلام حوثي)
TT

«اللجان المجتمعية»... {تقليعة} حوثية جديدة لمراقبة السكان وقمعهم

تلاميذ في مديرية السبعين بصنعاء أخضعهم الحوثيون لبرنامج تعبئة طائفية (إعلام حوثي)
تلاميذ في مديرية السبعين بصنعاء أخضعهم الحوثيون لبرنامج تعبئة طائفية (إعلام حوثي)

في أحدث تقليعة للميليشيات الحوثية في اليمن، قرر قادتها في العاصمة صنعاء إنشاء تشكيل أمني جديد تحت اسم «اللجان المجتمعية»، بهدف مراقبة السكان وتعزيز أعمال القمع والتضييق على الحريات الشخصية، تنفيذاً لأوامر زعيمها الذي يشدد على مواجهة ما يسميه «الحرب الناعمة».
وبحسب مصادر إعلام الميليشيات، عقد قادة الجماعة في صنعاء لقاءات عدة منفصلة مع مشرفين ومسؤولي أحياء ومربعات سكنية في 10 مديريات تتبع العاصمة، مشيرة إلى أن عناصرها على وشك الانتهاء من تشكيل ما تسمى «اللجان المجتمعية»، حيث تضم من 4 إلى 5 لجان على الأقل بكل مديرية، للإشراف على حملات الإرهاب والقمع والتضييق على الحريات.
ووفقاً للنسخة الحوثية من وكالة «سبأ»، حث القيادي البارز في الجماعة خالد المداني المعين بمنصب وكيل أمانة العاصمة المختطفة صنعاء، أعضاء المجالس المحلية والوجاهات ومديري الأقسام الأمنية على تقديم كل التسهيل والدعم للجانهم المجتمعية لإنجاح حملات مكافحة ما سمّاه «الحرب الناعمة».
وذكر المداني الذي يعد المشرف المسؤول عن العاصمة صنعاء، في كلمة له خلال أحد اللقاءات، أن برنامج الميليشيات سيشمل إغلاق محال بيع الملابس التي تعرض صوراً دعائية للنساء، وملاحقة الشبان لمنعهم من بعض الملابس وقصات الشعر، إضافة إلى تشديد الرقابة على المقاهي والمطاعم والمتنزهات والمعاهد والجامعات منعاً للاختلاط بين الجنسين.
وعدّ القيادي الانقلابي حملات الاستهداف المرتقبة ضد سكان صنعاء أنها في إطار تدشين الجماعة المرحلة الثانية من برنامج تعزيز ما يسميه زعيمها «المسيرة الإيمانية» التي تعني أفكار الجماعة المتشددة.
- فعاليات تطييف مكثفة
كشفت مصادر مطلعة في صنعاء، لـ«الشرق الأوسط»، عن تحضيرات تجريها الميليشيات الحوثية حالياً ضمن المرحلة الثانية لإحياء نحو خمسة آلاف ورشة وفعالية ومحاضرة تستهدف بالتطييف والتعبئة تجمعات سكانية وطالبات المرحلتين الأساسية والثانوية بمدارس العاصمة وريفها.
وسبق أن دشنت الجماعة خلال فترة قليلة ماضية المرحلة الأولى من البرنامج ذاته، واستهدفت فيها طلاب مدارس حكومية وأهلية في صنعاء، تحت متابعة وإشراف عناصرها في قطاعات التربية والشباب والأوقاف.
وأوضحت المصادر أن المرحلة الأولى شهدت تنفيذ الجماعة الانقلابية أكثر من 1000 ورشة وفعالية فكرية وطائفية استهدفت عقول الشبان والأطفال بعموم المدارس ودور الأحداث والأيتام في صنعاء وريفها.
وفي وقت تتزايد فيه مخاوف اليمنيين من خطورة الأفكار الحوثية المتشددة وممارسات الجماعة المتطرفة، يخشى السكان في صنعاء أن تقود تلك الانتهاكات إلى تحويل اليمن إلى سجن تمارس فيه الجماعة تطبيق أفكارها، على غرار ما تصنعه التنظيمات الإرهابية، مثل تنظيمي «داعش» و«القاعدة».
وكان سكان مناطق عدة تحت سيطرة الجماعة شكوا، في أوقات سابقة لـ«الشرق الأوسط»، من استمرار ارتكاب الميليشيات للجرائم المقيدة لحرياتهم وابتكارها في كل مرة تقليعة جديدة بهدف تضييق الخناق عليهم.
ويقول «ب.و»، وهو موظف في قطاع التعليم لـ«الشرق الأوسط»، إن الميليشيات بأفعالها وانتهاكاتها المتكررة لا تختلف كثيراً عما تقوم به الجماعات الإرهابية المتطرفة، وعلى وجه التحديد جماعة «أنصار الشريعة» و«داعش» و«القاعدة».
- حملات تعسف
سبق للميليشيات الحوثية ضمن إجراءاتها القمعية والمتطرفة في حق السكان أن شنّت خلال العام المنصرم حملات استهداف بالقمع والتعسف ضد القاطنين بمناطق سيطرتها، من ضمنها حملة استهداف شاملة طالت النساء العاملات في المنظمات الإغاثية، ومنع إقامة الأنشطة التي يشترك فيها الذكور والإناث، كما استهدفت حفلات الزفاف والتخرج في المعاهد والجامعات وغيرها بحجة أنها تشجع على الاختلاط.
وتوالياً لحملات الإرهاب والتضييق الحوثية على الحريات العامة، شن مسلحو الجماعة في مطلع العام الماضي حملة استهدفت بالدهم والتكسير والمصادرة محلات بيع الملابس النسائية في صنعاء بزعم مخالفتها لـ«القيم الإيمانية».
وشكا ملاك محال بيع ملابس وقتها من عودة المداهمات الحوثية على الطريقة «الداعشية»، وأكد بعضهم لـ«الشرق الأوسط»، أن المداهمات لمحالهم تمت حينها بصورة مفاجئة، وكأنها توحي للجميع بدهم أوكار مروجي مخدرات وأشياء ممنوعة، وليس محال بيع الملابس العادية.
وأشاروا إلى أن الجماعة فرضت على عدد من ملاك تلك المحال عقب عمليات الدهم والتكسير دفع مبالغ مالية، في حين أُجبر كثير منهم على التعهد بعدم استخدام مجسمات العرض مرة أخرى.
وكانت تقارير محلية رصدت قيام مسلحي الجماعة بمهاجمة العشرات من حفلات الزواج والتخرج تحت ذريعة منع الغناء ومكبرات الصوت، وهي الحملات التي أدت إلى اعتقال المئات من المدنيين من مختلف الفئات، خصوصاً في محافظات حجة وصنعاء وإب وذمار وعمران.


مقالات ذات صلة

آلاف اليمنيين في معتقلات الحوثيين لاحتفالهم بـ«26 سبتمبر»

العالم العربي مسلحون حوثيون في صنعاء عشية ذكرى ثورة سبتمبر يستعدون لقمع الاحتفالات (فيسبوك)

آلاف اليمنيين في معتقلات الحوثيين لاحتفالهم بـ«26 سبتمبر»

بدأت الجماعة الحوثية الإفراج عن بعض المختطفين بسبب احتفالهم بذكرى ثورة سبتمبر (أيلول)، في حين تقدر أعداد المختطفين بالآلاف في مختلف مناطق سيطرة الجماعة.

وضاح الجليل (عدن)
العالم العربي جانب من سلسلة مبانٍ تتبع جامعة البيضاء الخاضعة لسيطرة للجماعة الحوثية (إكس)

الحوثيون يخضعون 1000 طالب وأكاديمي وموظف لتدريبات عسكرية

الجماعة الحوثية تجبر طلاباً وأكاديميين وموظفين في جامعة البيضاء على التعبئة القتالية

«الشرق الأوسط» (صنعاء)
العالم العربي النيران تشتعل في الناقلة «سونيون» بالبحر الأحمر بعد هجوم سابق من قبل الجماعة الحوثية (رويترز)

هجمات حوثية على إسرائيل واستهداف سفينتين في البحر الأحمر

الحوثيون يعلنون عن هجمات على إسرائيل واستهداف سفينتين في البحر الأحمر بالتزامن مع تولي قوات أسترالية قيادة قوات البحرية المشتركة لحماية الأمن البحري في المنطقة.

وضاح الجليل (عدن)
المشرق العربي تعرُّض سفينتين لأضرار في هجمات قبالة ميناء الحديدة اليمني

تعرُّض سفينتين لأضرار في هجمات قبالة ميناء الحديدة اليمني

أفادت وكالة أمن بحري بريطانية، الثلاثاء، بأن طائرة مسيَّرة أصابت سفينة قبالة سواحل اليمن، حيث يشنّ المتمردون الحوثيون منذ أشهر هجمات على سفن.

«الشرق الأوسط» (لندن)
العالم العربي احتمالات ضعيفة جداً أن تتولى الجماعة الحوثية سد الفراغ الناتج عن تحجيم قوة «حزب الله» (رويترز)

ماذا ينتظر الجماعة الحوثية بعد اغتيال نصر الله؟

يناقش خبراء وباحثون سياسيون تأثير اغتيال حسن نصر الله على الجماعة الحوثية، وردود فعلها بعد الضربات الكبيرة التي يتلقاها «حزب الله» خلال الأيام الأخيرة.

وضاح الجليل (عدن)

النفايات ترفع معدل الاحتباس الحراري والتلوث في اليمن

مواقع غير رسمية مليئة بالنفايات الخطرة في اليمن تسبب التلوث (إعلام محلي)
مواقع غير رسمية مليئة بالنفايات الخطرة في اليمن تسبب التلوث (إعلام محلي)
TT

النفايات ترفع معدل الاحتباس الحراري والتلوث في اليمن

مواقع غير رسمية مليئة بالنفايات الخطرة في اليمن تسبب التلوث (إعلام محلي)
مواقع غير رسمية مليئة بالنفايات الخطرة في اليمن تسبب التلوث (إعلام محلي)

كشف مرصد مختص بالبيئة عن استخدام الأقمار الاصطناعية في الكشف عن تأثير مواقع النفايات غير الرسمية في اليمن على البيئة وزيادة معدل الاحتباس الحراري، وقال إن هذه المواقع تشكل مخاطر تلوث بيئية كبيرة عبر الهواء والماء والتربة، فضلاً عن المواد المسرطنة والمعادن الثقيلة.

ووفق دراسة لمرصد الاستشعار عن بُعد، فإن الحرب في اليمن أثرت بشكل عميق على إدارة النفايات الصلبة، مما أدى إلى زيادة الإغراق والمخاطر على البيئة والصحة العامة، وقالت الدراسة إنه يتم استخدم الأقمار الاصطناعية في تحديد مواقع الإغراق، وبالتالي المساعدة في إيجاد التدابير العلاجية وسياسات إدارة النفايات.

إحراق النفايات في اليمن يؤدي إلى إطلاق الغازات فضلاً عن المواد المسرطنة (إعلام محلي)

وأوضح المرصد أنه رغم تراجع حدة الصراع الذي دام قرابة عقد من الزمان في اليمن، فإن البلاد لا تزال بعيدة عن السلام، إذ احتلت في بداية الصراع بالفعل المرتبة 160 من أصل 177 على مؤشر التنمية البشرية، مما عزز مكانتها بوصفها واحدة من أكثر دول العالم فقراً.

وأثناء الصراع أشار المرصد إلى نشوء عديد من تحديات إدارة النفايات، ما أدى إلى انتشار مواقع الإغراق غير الرسمية وتفاقم المخاطر البيئية والصحية، كما أدت الحرب إلى إجهاد الموارد الاقتصادية، وتعطيل البنية التحتية للنفايات، وتحويل الانتباه بعيداً عن إدارتها.

وأكدت الدراسة أن مواقع النفايات غير الرسمية المليئة بالنفايات الخطرة تسبب تلوث الهواء أثناء إحراقها، ما يؤدي إلى إطلاق غازات مثل ثاني أكسيد الكبريت، فضلاً عن المواد المسرطنة والمعادن الثقيلة، ورجحت أن يكون تفشي الكوليرا في اليمن عام 2016، الذي أسفر عن وفاة 3000 شخص، مرتبطاً بالنفايات الطبية غير المعالجة التي تلوث المجاري المائية.

100 حريق سنوياً

وأوضح المرصد أنه استعمل الأقمار الاصطناعية لتحديد ومراقبة مثل هذه المواقع باستخدام نظام معلومات الحرائق التابع لوكالة «ناسا»، وكشف عن تسجيل 1350 حريقاً بين أكتوبر (تشرين الأول) 2014، وأكتوبر2023، وقال إن هذه الحرائق تتركز في المناطق الحضرية على طول السواحل الغربية والجنوبية المكتظة بالسكان في اليمن.

ووفق ما جاء في دراسة المرصد فإن الصور أظهرت أن غالبية الحرائق وقعت في عامي 2019 و2021، حيث وقعت 215 و226 ​​حادثة على التوالي، بينما شهدت الفترة بين 2014 و2016 عدداً أقل من الحرائق، حيث سُجل 17 حريقاً فقط في عام 2016، لكن المرصد نبه إلى أنه على الرغم من انخفاض وتيرة الحرائق في عامي 2022 و2023، فإن كلا العامين لا يزالان يسجلان أكثر من 100 حريق سنوياً.

نظام إدارة النفايات المتدهور يسبب ضرراً كبيراً على البيئة والسكان في اليمن (إعلام محلي)

وبحسب البيانات فإن مواقع هذه النفايات كانت حول المدن الكبرى، إذ كان لدى كل من صنعاء والحديدة مكبّان جديدان للنفايات، كما ظهر معظم النفايات حول مدينة عدن؛ التي شهدت انخفاضاً كبيراً في معدلات جمع النفايات، وهو ما يفسر انتشار المكبات غير الرسمية.

ومع ذلك أكدت الدراسة أن ظهور مكبات النفايات غير الرسمية الجديدة لم يكن متأثراً بما إذا كانت المنطقة خاضعة لسيطرة الحوثيين أو الحكومة، كما أن قربها من مكبات النفايات الرسمية لم يمنع تشكلها، كما يتضح من حالات في عدن والمكلا.

ضرر على البيئة

نبهت دراسة مرصد الاستشعار عن بُعد، أن نظام إدارة النفايات المتدهور في اليمن يسبب ضرراً كبيراً على البيئة والسكان، ذلك أن لها تأثيرات على البيئية والمناخية، خصوصاً في ميناء «رأس عيسى» النفطي على البحر وصنعاء.

ففي «رأس عيسى» أوردت الدراسة أن ممارسات الإلقاء غير السليمة بالقرب من الساحل تساهم بشكل كبير في تلوث المياه البحرية والجوفية، كما يتسرب السائل الناتج عن تراكم النفايات إلى التربة ويصل إلى المياه الساحلية، مما يؤدي إلى تعطيل النظم البيئية البحرية وتعريض الأنواع للخطر.

وتقول الدراسة إن المواد البلاستيكية تتحلل من هذه المكبات إلى جزيئات بلاستيكية دقيقة، تبتلعها الكائنات البحرية وتتراكم بيولوجياً من خلال سلسلة الغذاء، أما في صنعاء، فتساهم مكبات النفايات في تغير المناخ بشكل كبير، ويرجع ذلك في المقام الأول إلى انبعاثات غاز الميثان؛ لأنه مع تحلل النفايات العضوية بشكل لا هوائي، يتم إطلاق الغاز مما يؤدي إلى تفاقم ظاهرة الاحتباس الحراري والتلوث الجوي المحلي.

مسؤولة في اللجنة الدولية للصليب الأحمر الدولي تتفقد مكب القمامة غربي صنعاء (الصليب الأحمر)

وطالب المرصد باستراتيجية شاملة للتخفيف من هذه التأثيرات، بما في ذلك أنظمة التقاط غاز مكبات النفايات واستخدامه لتحويل الميثان إلى طاقة، وممارسات تحويل النفايات مثل التسميد وإعادة التدوير للحد من النفايات العضوية.

ولكنه رأى أن الصراع المستمر في اليمن غالباً ما يهمش جهود حماية البيئة، مما يجعل من الصعب معالجة هذه القضايا الحرجة بشكل فعال.

وأعاد مرصد الاستشعار عن بُعد التذكير بأن تحديد المخاطر البيئية الفعلية على الناس والنظم البيئية أمر مستحيل باستخدام هذه الأساليب وحدها. وقال إن تحديد المواقع «ليس سوى جزء صغير من الحل». وأكد أن معالجة إدارة النفايات الصلبة ستظل معقدة طالما بقي الوضع السياسي في اليمن على حاله.