عوامل الخطر على القلب... دراسة مقارنة عالمية بين النساء والرجال

رصد المؤشرات الأيضية والسلوكية والنفسية والاجتماعية

عوامل الخطر على القلب... دراسة مقارنة عالمية بين النساء والرجال
TT

عوامل الخطر على القلب... دراسة مقارنة عالمية بين النساء والرجال

عوامل الخطر على القلب... دراسة مقارنة عالمية بين النساء والرجال

تتشابه عوامل الخطر لأمراض القلب والأوعية الدموية (CVD) وخطر الإصابة بالسكتة الدماغية إلى حد كبير بين الرجال والنساء على مستوى العالم، وكلا الجنسين يتشارك في معظم هذه العوامل وفقاً لدراسة عالمية كبيرة شملت 21 دولة منها المملكة العربية السعودية – وتعتبر أول دراسة من هذا القبيل، وقد نشرت نتائجها حديثا، في يوم 8 سبتمبر (أيلول) 2022 في مجلة لانست The Lancet.
من أبرز نتائج الدراسة، أن النساء كن أقل عرضة للإصابة بأمراض القلب والأوعية الدموية مقارنة بالرجال، خاصةً في الأعمار الأصغر. ومع ذلك، كان النظام الغذائي أكثر ارتباطاً بمخاطر الأمراض القلبية الوعائية لدى النساء أكثر من الرجال. وعلق على ذلك الباحث الرئيسي وكبير مؤلفي الدراسة، الدكتور سليم يوسف، المدير التنفيذي لمعهد أبحاث صحة السكان (PHRI) أستاذ الطب في ماكماستر (McMaster) وطبيب القلب في مركز علوم الصحة في هاميلتون (HHS) بأن ذلك جانب لم يتم وصفه مسبقاً ويتطلب تأكيداً مستقلاً. أما عن الكوليسترول الضار (LDL) فقد ارتبطت المستويات المرتفعة منه وكذلك أعراض الاكتئاب بشكل أقوى بخطر الإصابة بأمراض القلب والأوعية الدموية لدى الرجال أكثر من النساء.

الدكتور خالد الحبيب

وبشكل عام، أظهرت الدراسة أن عوامل الخطر لأمراض القلب والأوعية الدموية متماثلة لدى النساء والرجال. وعلقت على ذلك الدكتورة مارجان والي أتايي (Marjan Walli - Attaei) الكاتبة الأولى للدراسة وهي زميلة أبحاث في معهد أبحاث صحة السكان من جامعة ماكماستر ومركز علوم الصحة في هاميلتون، بأن ذلك يؤكد على أهمية وضع استراتيجية مماثلة للوقاية من الأمراض القلبية الوعائية لدى الرجال والنساء.

عوامل الخطر
التقت «صحتك» الأستاذ الدكتور خالد بن فايز الحبيب، استشاري أمراض وقسطرة القلب للكبار بمركز الملك فهد لأمراض وجراحة القلب كلية الطب جامعة الملك سعود ورئيس جمعية مكافحة أمراض القلب (نبضات) – لتسليط مزيد من الضوء على هذه الدراسة بصفته الباحث الرئيسي لدراسة بيور Prospective Urban Rural Epidemiological study (PURE) في المملكة، وأحد الباحثين في هذه الورقة العلمية، فأوضح أن هناك ندرة في المعطيات حول انتشار عوامل الاختطار وارتباطها بحدوث أمراض القلب والأوعية الدموية لدى النساء مقارنة بالرجال، وخاصةً من البلدان المنخفضة الدخل والبلدان المتوسطة الدخل حيث عبء الأمراض القلبية الوعائية هو الأكبر. وقد شارك البروفسور خالد الحبيب مع زملائه في الدراسة العالمية «بيور»، بهدف تقييم عوامل الخطر، بما في ذلك الأيضية أو التمثيل الغذائي (مثل ارتفاع ضغط الدم والسمنة ومرض السكري) والسلوكية (التدخين والنظام الغذائي) والنفسية الاجتماعية (الوضع الاقتصادي والاكتئاب) في حوالي 155724 شخصاً خالين من الأمراض القلبية الوعائية، تراوحت أعمارهم بين 35 - 75، وشملت الدراسة أشخاصاً من البلدان ذات الدخل المرتفع وأيضاً من البلدان منخفضة ومتوسطة الدخل، تمت متابعتهم لمدة 10 سنوات في المتوسط.
كانت أنماط النتائج متشابهة بشكل عام في البلدان ذات الدخل المرتفع والبلدان ذات الدخل المتوسط الأعلى، وفي البلدان المنخفضة الدخل والبلدان ذات الدخل المتوسط الأدنى.

تفاصيل الدراسة
يقول الأستاذ الدكتور خالد الحبيب أنه لم يكن واضحا ما إذا كان لعوامل الخطر لأمراض القلب والأوعية الدموية ارتباطات متشابهة أو متغيرة بين النساء والرجال. ولقد فحصت دراسات قليلة حتى الآن قائمة شاملة تضم عوامل الخطر الأيضية والسلوكية والنفسية الاجتماعية، وربطتها بأمراض القلب والأوعية الدموية عند النساء والرجال. ويلاحظ أن الدراسات الحالية، ومعظمها من البلدان ذات الدخل المرتفع، قد أبلغت أن ارتفاع ضغط الدم والسكري والتدخين أكثر ارتباطاً بأمراض القلب والأوعية الدموية لدى النساء أكثر من الرجال.
هذه النتائج تعني أن النساء سيستفدن إلى حد كبير في الحد من مخاطر الإصابة بأمراض القلب والأوعية الدموية والسيطرة على هذه العوامل من الرجال. ومع ذلك، فإن عبء أمراض القلب والأوعية الدموية هي الأكبر في البلدان ذات الدخل المنخفض والمتوسط، مع ندرة التحليل حسب الجنس. إن خطر أمراض القلب الأوعية الدموية لدى النساء يعتمد بشكل حصري على دراسة العبء العالمي للأمراض والإصابات وعوامل الخطر. حتى الآن، لا توجد دراسة لفحص شامل لعوامل خطر أمراض القلب والأوعية الدموية لدى النساء والرجال من البلدان ذات الدخل المنخفض والمتوسط التي تستخدم معايير قياسية في جمع البيانات.
يواصل البروفسور خالد الحبيب حديثه بأنه في دراسة الوبائيات الريفية الحضرية المحتملة التي يطلق عليها عنوان دراسة (PURE)، تم تسجيل المشاركين من عامة السكان من 21 دولة ذات دخل مرتفع ومتوسط ومنخفض، وتمت متابعتهم تقريباً 10 سنوات، كما تم تسجيل المعلومات عن عوامل الخطر الأيضية والسلوكية والنفسية الاجتماعية للمشاركين. في هذا التحليل، تم تضمين المشاركين الذين تتراوح أعمارهم بين 35 - 70 عاماً في الأساس دون وجود تاريخ للإصابة بأمراض القلب والأوعية الدموية لديهم، مع ضرورة وجود زيارة متابعة واحدة على الأقل.
كانت النتيجة الأولية مركبة من الأحداث القلبية الوعائية الرئيسية (وفيات أمراض القلب والأوعية الدموية، واحتشاء عضلة القلب، والسكتة الدماغية وفشل القلب). وأيضاً، تم تسجيل انتشار كل عامل خطر في النساء والرجال، ونسب الخطر hazard ratios (HRs)، والأجزاء الكسرية التي تعزى إلى السكان population - attributable fractions (PAFs) المرتبطة بأمراض القلب والأوعية الدموية الرئيسية.
تمت هذه الدراسة على 155724 مشاركاً (58 في المائة نساء، 62 في المائة رجال)، تم تسجيلهم ومتابعتهم خلال الفترة بين 5 يناير (كانون الثاني) 2005 و13 سبتمبر 2021 بمتوسط متابعة 10.1 سنوات. في بداية الدراسة، كان متوسط عمر النساء 49.8 سنة مقارنة بـ50.8 سنة عند الرجال. ومع انتهاء الدراسة (13 سبتمبر 2021)، كان مجموع الحالات الرئيسية لأمراض القلب والأوعية الدموية عند النساء (4280 حدثاً) بمعدل 5.0 أحداث لكل 1000 شخص في السنة، مقابل (4911 حدثا) عند الرجال بمعدل 8.2 أحداث لكل 1000 شخص في السنة. مقارنة بالرجال، كانت مخاطر القلب والأوعية الدموية أكثر ملاءمة عند النساء، خاصةً في الأعمار الأصغر.
كانت النتيجة الأولية لهذه الدراسة هي الإصابة بأمراض القلب والأوعية الدموية الرئيسية، التي تمثلت في الوفاة بأمراض القلب والأوعية الدموية واحتشاء عضلة القلب والسكتة الدماغية وفشل القلب. وكانت النتيجة الثانوية هي حدوث الوفيات بأمراض القلب والأوعية الدموية واحتشاء عضلة القلب والسكتة الدماغية. ولم يتم تضمين فشل القلب كنتيجة ثانوية لأن عدداً قليلاً نسبياً من المشاركين أصيبوا بفشل القلب أثناء المتابعة.

النتائج
في هذه الدراسة العالمية، أظهرت النتائج أن مخاطر (HRs) التمثيل الغذائي والمرتبطة بمعظم عوامل خطر الإصابة بأمراض القلب والأوعية الدموية كانت متشابهة لدى النساء والرجال. باستثناء الكوليسترول غير الحميد (non - HDL cholesterol) الذي كان مرتفعا، وكان مرتبطا مع معدل خطر أمراض القلب والأوعية الدموية الرئيسية بنسبة 1.11 في النساء و1.28 في الرجال، مع نمط ثابت لخطر أعلى بين الرجال منه بين النساء اللواتي لديهن علامات دهنية أخرى.
كما أظهرت الدراسة أن مجموع الأجزاء الكسرية التي تعزى إلى السكان (PAFs) المرتبطة بأمراض القلب والأوعية الدموية الرئيسية ومرتبطة بالسلوك وعوامل الخطر النفسي والاجتماعي كان أكبر لدى الرجال (15.7 في المائة) منه لدى النساء (8.4 في المائة) بسبب، في الغالب، التدخين عند الرجال.
ومع ذلك، فإن مجموع الأجزاء الكسرية التي تعزى إلى السكان (PAFs) المرتبطة بارتفاع نسبة الدهون والتدخين كانت أعلى لدى الرجال منها لدى النساء. رغم أن نتائجنا تشير إلى أن المخاطر الأعلى للإصابة بأمراض القلب والأوعية الدموية لدى الرجال مقارنة بالنساء يمكن تخفيفها إلى حد كبير من خلال تحسين التخفيضات في استخدام التبغ والدهون، فإن هذه التدابير والتحكم في جميع عوامل الخطر الأخرى مهمة لكل من النساء والرجال في البلدان من ذوي الدخل المرتفع والدخل المتوسط والدخل المنخفض.
وأظهرت الدراسة أيضاً أن معدل خطر الإصابة بأعراض الاكتئاب كان 1.09 في النساء و1.42 في الرجال. على النقيض من ذلك، فإن استهلاك نظام غذائي من الدرجة 4 أو أقل بالمعيار المحدد في دراسة PURE كان مرتبطاً بقوة أكبر بأمراض القلب والأوعية الدموية الرئيسية.
وعليه يمكننا أن نلخص نتائج وتحليل دراسة بيور (PURE) في الآتي:
• تتمتع النساء بمخاطر أقل للقلب والأوعية الدموية مقارنة بالرجال، خاصةً في الأعمار الأصغر. وقد تم دعم هذه النتيجة من خلال انخفاض معدلات الإصابة بأمراض القلب والأوعية الدموية الرئيسية عند النساء مقارنة بالرجال.
• رغم الفروق بين الجنسين في مستويات عوامل الخطر عند خط الأساس، فإن حجم الارتباطات بأمراض القلب والأوعية الدموية الرئيسية لمعظم عوامل الخطر كانت متشابهة لدى النساء والرجال.
• كانت أنماط هذه النتائج متشابهة بشكل عام في البلدان ذات الدخل المرتفع والبلدان ذات الدخل المتوسط الأعلى، ثم في البلدان المنخفضة الدخل والبلدان ذات الدخل المتوسط الأدنى.
• ارتبطت التركيزات العالية من الكوليسترول غير الحميد (non - HDL cholesterol)، والدهون المرتبطة به، وأعراض الاكتئاب ارتباطاً وثيقاً وبقوة أكبر بخطر الإصابة بأمراض القلب والأوعية الدموية لدى الرجال أكثر من النساء. وعلى النقيض من ذلك، كان النظام الغذائي مرتبطاً بشكل أقوى بخطر الإصابة بأمراض القلب والأوعية الدموية لدى النساء أكثر من الرجال.
• تؤكد الارتباطات المماثلة لعوامل الخطر الأخرى بأمراض القلب والأوعية الدموية لدى النساء والرجال على أهمية وضع استراتيجية مماثلة للوقاية من أمراض القلب والأوعية الدموية لدى الرجال والنساء.
ختاما قدم البروفسور خالد فايز الحبيب شكره للجهات الداعمة للدراسة وهي جمعية القلب السعودية، ومستشفى دكتور محمد الفقيه، وكرسي الشيخ صالح صيرفي لأبحاث أمراض الشرايين التاجية.

الوقاية من أمراض القلب والأوعية الدموية
حددت منظمة الصحة العالمية «أفضل» التدخلات العالية المردودية، وتشمل نوعين من التدخلات:
أ - تدخلات على النطاق السكاني:
• سياسات شاملة لمكافحة تعاطي التبغ.
• فرض الضرائب للتقليل من مدخول الأغذية الغنية بالدهون والسكر والملح.
• بناء مسارات للمشي ولركوب الدراجات لزيادة النشاط البدني.
• استراتيجيات لمنع أو لتقليل تعاطي الكحول على نحو ضار.
• تقديم الوجبات الصحية للأطفال في المدارس.
ب‌ - تدخلات على النطاق الفردي، باتباع سلوك صحي، وذلك من خلال:
• الإقلاع عن التدخين.
• عدم تعاطي الكحول.
• المحافظة على نظام غذائي صحي يشتمل على الخضار والفاكهة وتجنب الكميات الكبيرة من الملح والدهون.
• ممارسة نشاط بدني بانتظام.
• تجنب ارتفاع السكري في الدم وارتفاع ضغط الدم وزيادة الدهون في الدم.
• الوقاية الثانوية من أمراض القلب والأوعية الدموية لدى الأشخاص المصابين بها فعلاً، بما في ذلك داء السكري، يلزم العلاج بالأدوية التالية الموصوفة من قبل الطبيب (الأسبيرين، حاصرات البيتا، مثبطات الإنزيم المحول للأنجيوتنسين، أدوية الستاتين).

* استشاري طب المجتمع



ازدياد حالات اضطراب الأمعاء لدى المراهقين الأميركيين

ازدياد حالات اضطراب الأمعاء لدى المراهقين الأميركيين
TT

ازدياد حالات اضطراب الأمعاء لدى المراهقين الأميركيين

ازدياد حالات اضطراب الأمعاء لدى المراهقين الأميركيين

كشفت أحدث دراسة نُشرت في مجلة الجهاز الهضمي (Gastroenterology) في نهاية شهر نوفمبر (تشرين الثاني) من العام الحالي عن انتشار أمراض اضطراب الأمعاء (IBD) في الأطفال والمراهقين بالولايات المتحدة.

وتشمل هذه الأمراض بشكل أساسي مرض كرون (Crohn’s disease)، ومرض التهاب القولون المتقرح (ulcerative colitis)، وهي تُحدث التهاباً في الأمعاء في الأغلب يكون نتيجة لتفاعل مناعي. وفي بعض الأحيان يمكن أن يكون نتيجة لجود خلل في بنية الأمعاء. ويتسبب في حدوث تقلصات في البطن، وغازات تؤدي إلى انتفاخ وعدم ارتياح، وإسهال، وفي بعض الأحيان إمساك.

أمراض التهاب الأمعاء

وتُعدّ أمراض التهاب الأمعاء من الحالات المزمنة التي تلازم المريض وتستمر طيلة حياته. ويكون العلاج في الأغلب موجهاً للسيطرة على الأعراض أو تثبيط التفاعلات المناعية، ولكنه لا يوفر الشفاء التام، لذلك يمكن أن تحدث عودة للأعراض بعد فترة طويلة من التحسن.

وعلى الرغم من أن هذه الأمراض تعد نادرة الحدوث عند الأطفال، فإن الأعراض تكون أعنف بينهم. ومع الأسف فإن انتشار مرض التهاب الأمعاء آخذ في الازدياد؛ خصوصاً في المناطق ذات الدخل المرتفع، مثل أميركا الشمالية.

وبعيداً عن شدة الأعراض في الطفولة عنها في البلوغ، هناك مشكلات إضافية للمرض عند الأطفال، تتعلق بفشل في النمو نتيجة للأعراض المتكررة للجهاز الهضمي، مثل الإسهال والإمساك، بجانب الأثر النفسي والاجتماعي للمرض المزمن في مرحلة المراهقة؛ خصوصاً في وجود الخوف من تناول بعض أنواع الطعام التي يمكن أن تكون مثيرة للأمعاء بطبعها، وربما تؤدي إلى ظهور الأعراض، مثل الأطعمة التي تحتوي على المواد الحريفة (الحارة) أو منتجات الألبان، ما يمكن أن يسبب الحرج للمراهق.

وأوضحت الدراسة التي قام بها باحثون من جامعة نورث كارولاينا في تشابل هيل وجامعة بنسلفانيا، وتم تمويلها من مراكز مراقبة الأمراض والوقاية منها (CDC)، وجود ما يزيد على 100 ألف شاب أميركي تحت عمر 20 عاماً، يعيشون مع مرض التهاب الأمعاء. وهذا العدد مرشح للزيادة. وحذَّرت من المخاطر الصحية التي يمكن أن تحدث للمراهقين في المستقبل؛ خصوصاً مع استمرار ارتفاع معدلات الإصابات كل عام.

قام الباحثون بتحليل بيانات طبية من 5 ولايات: (فلوريدا، ونيويورك، وبنسلفانيا، وأوهايو، وكاليفورنيا) ما يوفر صورة شاملة لمرض التهاب الأمعاء في الأطفال والمراهقين، حسب التشخيص النهائي من قبل الأطباء في جميع أنحاء البلاد. وكذلك قاموا بتحليل مطالبات التأمين الطبي الخاص على الطلاب، لمراجعة الوصفات الطبية التي تمت كتابتها، وكذلك التوصيات اللازمة للتشخيص، سواء تحاليل أو أشعات. واستعان الباحثون أيضاً بالمعلومات الطبية الخاصة بكثير من المراكز البحثية.

انتشار الحالات بين المراهقين

لتحديد مدى انتشار هذه الأمراض بين المراهقين والأطفال، اعتمد الباحثون على مجموعة موثقة من التشخيصات الطبية والأدوية الموصوفة لتحديد حالات التهاب الأمعاء، وقاموا بحساب تقديرات الانتشار تبعاً للعمر والجنس والعرق، وفقاً لتعداد الولايات المتحدة لعام 2020، لمعرفة النسب على وجه الدقة. ووجدت الدراسة زيادة في الإصابات بنحو 22 في المائة لمرض كرون، و29 في المائة لالتهاب القولون المتقرح في الأطفال، مقارنة ببيانات الانتشار لعام 2009. واتضح أن الانتشار يزداد مع التقدم في العمر، وكان أعلى لدى الذكور بالنسبة لمرض كرون، ولكن ليس بالنسبة لالتهاب القولون المتقرح.

لاحظ الباحثون وجود اختلافات كبيرة في الانتشار عبر المجموعات العرقية والإثنية، وكانت أعلى معدلات الانتشار بين المراهقين أصحاب البشرة البيضاء. والسبب في ذلك غير معروف تماماً؛ خصوصاً لأن المرض مناعي في المقام الأول. وقال الباحثون إن الأمر يحتاج إلى مزيد من الدراسات لمعرفة أسباب الاختلافات العرقية والإثنية، وهل يمكن أن يؤدي تناول أنواع معينة من الطعام إلى هذه التفاعلات المناعية؟ أو هل يمكن لعادات يومية معينة أن تكون محفزة لهذه الالتهابات؟ وبالطبع يستلزم ذلك إجراء أبحاث إضافية لجمع هذه المعلومات.

أوضحت الدراسة أن النسبة الحقيقية لانتشار المرض في الأطفال عالمياً يمكن أن تكون كبيرة، ولكن نظراً لتأخر التشخيص في كثير من الدول؛ خصوصاً التي لا تتمتع برعاية صحية جيدة، يتم بداية رصد المرض في مرحلة البلوغ. وتمر الأعراض كما لو كانت نوعاً من النزلات المعوية أو عدوى الجهاز الهضمي. وعلى سبيل المثال، فإن الأعراض الأكثر شيوعاً في مرض كرون هي آلام البطن والإسهال وفقدان الوزن، ومع ذلك يعاني واحد من كل 4 أطفال من أعراض غير محددة، بما في ذلك الخمول وفقدان الشهية.

وقال الباحثون إن زيادة نسبة تشخيص حالات التهاب القولون المتقرح عالمياً ربما تكون أكبر من مرض كرون؛ لأن الإسهال الدموي هو العرَض الأكثر وضوحاً في المرض، ولذلك يلفت نظر الأطباء لعمل تحاليل تساعد في كشف طبيعة المرض مبكراً. وهناك أيضاً أعراض للقولون المتقرح في الأطفال بعيداً عن الجهاز الهضمي، بما في ذلك آلام المفاصل وقرح بالفم (aphthous ulcers). وفي الأغلب ترتبط بزيادة شدة المرض.

ونصحت الدراسة الأطباء بضرورة عدم استبعاد تشخيص التهاب الأمعاء عند الأطفال، وعمل الفحوصات اللازمة في حالة الشكوى المتكررة من أعراض الجهاز الهضمي، حتى لو كانت غير محددة.

في النهاية، أكد العلماء على ضرورة أن يكون هدف العلاج ليس فقط محاولة السيطرة على الأعراض، ولكن محاولة شفاء الغشاء المخاطي للأمعاء، واختفاء الأعراض والالتهاب (deep remission) خصوصاً مع تبني إدارة الغذاء والدواء الأميركية (FDA) سياسة الشفاء بوصفها هدفاً علاجياً لجميع التجارب الدوائية الجديدة المتعلقة بمرض التهاب الأمعاء.

* استشاري طب الأطفال