مهندسو السياسة النفطية السعودية

السعي وراء تحقيق معادلة استقرار السوق.. والمحافظة على الأسعار في مستويات مقبولة

مهندسو السياسة النفطية السعودية
TT

مهندسو السياسة النفطية السعودية

مهندسو السياسة النفطية السعودية

هل تركت السعودية دورها التقليدي كأكبر منتج مرجح في العالم؟ هل السعودية تسعى للقضاء على ثورة النفط الصخري؟ هل هناك دوافع سياسية خلف رغبة السعودية في ترك الأسعار تهبط بدلاً من دعمها؟ هل تسعى المملكة لبيع كل ما تستطيعه من نفط خوفًا من تحول العالم إلى الطاقة البديلة أو خوفًا من تراجع الطلب مستقبلاً؟
كل هذه الأسئلة تقود إلى سؤال واحد بمليار دولار، إذ يسعى مئات المحللين النفطيين والآلاف من المتعاملين والتجار في السوق دائمًا لبذل النفس والنفيس من أجل معرفة الإجابة عنه، وهذا السؤال ببساطة هو «ما هي السياسة النفطية السعودية؟»، والسؤال الآخر الحائر هو: من يقوم بتخطيط وتنفيذ السياسة النفطية السعودية، والتي تعتبر أهم سياسة بترولية في العالم؟
وهناك شغف كبير بمعرفة السياسة السعودية، خصوصًا في الظروف الراهنة، حيث غيرت منظمة البلدان المصدرة للبترول (أوبك) سياستها القديمة بالدفاع عن الأسعار واتجهت لسياسة مغايرة تماما تقوم على الدفاع عن حصتها السوقية بدلاً من الدفاع عن الأسعار وترك أمرها للسوق للمرة الأولى في تاريخ المنظمة التي أنشئت في عام 1960، إذ يعد هذا تخليًا عن الهدف الأساسي الذي أنشئت من أجله المنظمة وهو الدفاع عن أسعار عادلة لمنتجي البترول.

قبل الإجابة عن السؤال ومعرفة ما هي السياسة السعودية الحالية يجب معرفة من هم الذين يضعون هذه السياسة. إن هندسة السياسة النفطية السعودية أمر معقد وبالغ الصعوبة وليس كما يتصوره البعض في أنه محصور في أشخاص بعينهم كالوزير مثلاً. وسبق أن أوضحت وزارة البترول هذا الأمر قائلة إن السياسة البترولية السعودية يتم اقتراحها من قبل «فريق متكامل من الخبراء والمختصين في اقتصادات السوق البترولية في مقر الوزارة الرئيسي بالرياض، وإطلاع القيادة العليا للبلاد عليها، والتنسيق مع الدول المنتجة للبترول، وبالذات دول (أوبك)، وبما يحقق مصالح المملكة على المديين القصير والمتوسط، وهذا الفريق يعتبر منظومة عمل متكاملة من الخبراء والمستشارين يدعم أصحاب القرار».
فمستوى التخطيط لـ«أرامكو السعودية» يختلف تمامًا عن مستوى التخطيط على مستوى «أوبك»، إذ إن «أرامكو» لديها جهاز مستقل وأصبح الآن لديها مجلس أعلى لشؤونها يرأسه ولي ولي العهد الأمير محمد بن سلمان ولديها مجلس إدارة خاص فيها يتكون من مجموعة من الوزراء والتنفيذيين في الشركة إضافة إلى ثلاثة خبراء أجانب.
وعلى مستوى «أوبك» تختلف الأمور كثيرًا، إذ على الرغم من كل هذا التعقيد على مستوى التخطيط للسياسة النفطية السعودية فإن هناك ثلاثة مهندسين رئيسيين على مستوى التخطيط في الوزارة يتربعون على هرم الجهاز الذي يدير شؤون المملكة في المنظمة.

المهندسون الثلاثة

أما المهندس الأول فهو وزير البترول علي النعيمي، والذي أمضى نحو عقدين من الزمن في منصبه الحالي والذي بدأ مسيرته مع «أوبك» منذ عام 1995. والنعيمي غني عن التعريف فهو قد أمضى نحو 60 عامًا في قطاع النفط منذ أن كان في الثانية عشرة من عمره. وقاد المنظمة في ظروف كثيرة صعبة وعاصر كل الصدمات التي تعرضت لها أسعار النفط منذ السبعينات حتى يومنا هذا.
والمهندس الثاني في الوزارة هو نائب الوزير الأمير عبد العزيز بن سلمان، والذي كان أحد أهم الشخصيات السعودية في «أوبك» منذ عام 1987 حتى الوقت الحالي. لقد أمضى الوزير سنوات طويلة في أروقة أوبك وعمل مع وزيرين حتى الآن وهما هشام ناظر وعلي النعيمي. ويعتبر الأمير عبد العزيز مرجعية في شؤون المنظمة وتاريخها ويمتلك شبكة واسعة من العلاقات الدولية وظل هو الوجه الدولي للوزارة لسنوات طويلة في الكثير من المنظمات وكان عضوًا لفترة طويلة في لجنة الاستراتيجيات بعيدة المدى في «أوبك» مما أكسبه المزيد من القدرة على التخطيط الاستراتيجي.
أما المهندس الثالث فهو دائمًا ما يكون محافظ المملكة في «أوبك» وشغل هذا المنصب الكثير من الأسماء من أبرزهم كان الدكتور ماجد المنيف والذي ترك المنصب في عام 2012. وبالنسبة للسياسة الحالية فإن المحافظ الحالي وهو الدكتور محمد الماضي كان له دور كبير فيها إذ إنه عمل لفترة طويلة في تسويق النفط السعودي في الصين وكوريا وفي تسعير النفط في الظهران قبل أن ينضم لفريق الوزارة. والماضي كما يصفه الكثير ممن علموا معه في آسيا يمتلك قدرة كبيرة على التخطيط الاستراتيجي والتسويق بفضل قربه من العملاء. فهو لم يكون مسوقا للنفط فحسب في الصين، بل وسيطًا بين الزبائن وبين شركة «أرامكو» في ما يتعلق بالاستثمار المتبادل.
وبطبيعة الحال يشارك هؤلاء الثلاثة الكثير من الشخصيات الأخرى في الوزارة أو حتى في «أرامكو السعودية» عملية التخطيط والاستشارات إذ يوجد لدى الوزير الكثير من المستشارين أمثال الدكتور إبراهيم المهنا والذي يتولى مهمة السياسات الإعلامية في الأغلب إلا أن الثلاثة في الأعلى لا يزالون الأبرز نظرًا لدورهم في «أوبك»، وخصوصا وأن السياسة الحالية تعتمد على الدفاع عن حصة المملكة السوقية، وهذا الأمر يتطلب أشخاصا على دراية كبيرة وعميقة بالسوق النفطية وطريقة تسويق النفط وعمل المصافي العالمية.
بعد معرفة من هم الأشخاص المهمون في هندسة السياسة النفطية السعودية يأتي الحديث عن ماهية السياسة المتبعة حاليًا. لقد أوضحت الوزارة الخطوط العامة لهذه الوزارة مطلع شهر يونيو (حزيران) الماضي عندما قالت: «إن السياسة البترولية السعودية، فيما يخص الإنتاج والسوق البترولية الدولية، تنطلق من معطيات واضحة، بناءً على مصلحة المملكة، ولا تتأثر بالآراء الفردية».
والسياسة السعودية متغيرة وليست ثابتة حسب متغيرات السوق ولكن هناك ثوابت كثيرة في هذه السياسة. ولا تكمن المشكلة كما يتوقع الكثير من الغربيين في عدم وضوح السياسة بل تكمن في التشكيك في أي سياسة تعلنها المملكة على يد الإعلام الأجنبي أو على يد المحللين أو التجار إذ إن للجميع أجندات ومصالح مختلفة تدفعهم للتشكيك في السياسة النفطية السعودية.
وتواجه السياسة النفطية السعودية حاليًا أشد التشكيك والعداء لسببين الأول هو أن هناك يقينا وإيمانا تامين بأن هناك حربًا خفية تقودها المملكة وتستخدم فيها النفط كسلاح لضرب روسيا وإيران بسبب خلافتها السياسة مع هاتين الدولتين. أما السبب الثاني فهو أن السياسة السعودية بالدفاع عن حصتها السوقية بدلاً من الدفاع عن الأسعار أدت إلى تبني «أوبك» نفس السياسة مما أدى إلى هبوط أسعار النفط بنحو النصف عما كانت عليه قبل عام مضى مما أضر بمداخيل الكثير من المنتجين داخل وخارج أوبك.

السياسة السعودية قبل اجتماع «أوبك»

وظهرت أولى معالم السياسة البترولية السعودية الحالية في نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي في كلمة ألقاها وزير البترول النعيمي في مؤتمر في المكسيك قبل أسبوعين من موعد اجتماع وزراء «أوبك».
وجاءت تصريحات النعيمي في وقت كانت السوق فيه تعج بالفوضى وسيطر فيه المضاربون على الأسعار. فمن جهة بدأ الفائض في السوق يتراكم مع عودة الإنتاج الليبي وضعف الطلب، ومن جهة أخرى أعطت السعودية تخفيضات على نفطها وتبعتها بعض دول «أوبك» في ذلك مما جعل بعض وسائل الإعلام والمحللين يستنتجون أن السعودية تقود حربًا للأسعار لضرب منتجي المنظمة. وزادت نظريات المؤامرة حول تخفيضات المملكة بعد أن ربط بعض المحللين وبخاصة الأميركان من أمثال توماس فريدمان ما يحدث بأنه محاولة لاستخدام النفط السعودي لضرب روسيا وإيران أو تقويض دور الولايات المتحدة في أسواق الطاقة من خلال ضرب منتجي النفط الصخري.
«إننا لا نسعى إلى تسييس النفط.. في نظرنا إنها مسألة عرض وطلب.. إنها تجارية محضة»، هذه الكلمات البسيطة التي ألقاها وزير البترول السعودي علي النعيمي في المكسيك، كانت تلخيصا للسياسة النفطية السعودية والرد على كل ما تم إثارته على مدى شهرين متتاليين.
ولكن هذا الإعلان لم يرق كثيرًا لأصحاب نظرية المؤامرة الذين استمروا في التشكيك فيها ووضع هؤلاء المملكة على مسار تصادمي مع الولايات المتحدة ومع روسيا وهما دولتان مهمتان في مجموعة العشرين. فبقاء أسعار النفط في مستوى منخفض من المفترض أن يقوض إنتاج الدولتين من النفط ويضعف ميزانية روسيا بشكل كبير.
ولكن خطاب النعيمي جاء ليبعد السعودية عن كل هذه السيناريوهات عندما قال: «نحن لا نسعى للتصادم مع أحد»، ولم يتوقف النعيمي عند هذا الحد بل أوضح أن السوق هي من يحدد السعر لا السعودية.
وأضاف النعيمي في خطابه الذي ألقاه في مؤتمر عن الغاز الطبيعي في منتجع أكابلكو المكسيكي: «الحديث عن حرب أسعار علامة على سوء فهم مقصود أو غير ذلك ولا أساس له من الواقع».
وفي العادة لا يصدق الناس ما يسمعونه في الخطابات. وإذا لم يكن هناك دليل مادي فإن الكلمات التي يقولها النعيمي ستصبح جوفاء.
وكان الدليل على ما قاله النعيمي هذه المرة هو ورقة واحدة صدرت في أول أسبوع في شهر نوفمبر الماضي عنوانها هو «قائمة الفروق السعرية لـ(أرامكو السعودية) لشهر نوفمبر». وأظهرت القائمة الصادرة أن السعودية رفعت أسعار النفط على زبائنها في آسيا وأوروبا فيما قدمت تخفيضات على زبائنها في الولايات المتحدة. وبهذا أنهت المملكة التكهنات حول وجود أي حرب أو دوافع سياسية خلف طريقة تسعيرها للنفط بشهادة أغلب المحللين في السوق وأكبر المصارف الاستثمارية التي تتاجر في النفط الخام.
وأوضح النعيمي أن «أرامكو» تضع أسعارها الشهرية لنفطها على «خطوات تسويقية راسخة لا أقل ولا أكثر». وشرح النعيمي للحضور في المكسيك عن كيفية ذلك فهي تراعي أمورا كثيرة منها وضعية الهوامش الربحية للمصافي والعلاقة مع الزبائن والحالة التي تكون عليها السوق وبعض العوامل العلمية والعملية الأخرى. وعند سماع كلمات النعيمي يتبادر إلى الذهن سؤال وهو ماذا تريد المملكة إذا وما هو الدور الذي تريد أن تلعبه في الأسواق إذا لم تكن تهدف إلى تستخدم النفط كوسيلة سياسية لدعم نفوذها؟!
ويجيب النعيمي في نفس الخطاب على هذا السؤال عندما يقول: «نريد أسواق نفط مستقرة وأسعارا مستقرة لأن في ذلك مصلحة للمنتجين والمستهلكين والمستثمرين».
لقد تعلمت السعودية بعد أكثر من 50 عامًا على قيادتها منظمة «أوبك» أن استقرار الأسواق وأسعار النفط أهم بكثير من الحصول على أسعار عالية متذبذبة. وهذا ما جعل النعيمي يقول في خطابه أن السياسة النفطية السعودية ثابتة منذ وقت طويل ولم تتغير.
والسبب في هذا أن السعودية لديها نظام سياسي ثابت وآمن وليس نظام سياسي معرض للتقلبات، كما أن الدولة تدرك تمامًا بعد تجاربها في السبعينات والثمانينات أن السياسة عود كبريت لا يجب أن يقرب كثيرًا من النفط القابل للاشتعال ولهذا عملت على عزل السياسة عن النفط بشتى الطرق الممكنة.
وبالتأكيد لا يمكن أن يعيش النفط في عزلة تامة عن السياسة الدولية، ولكن أن يكون مكشوفًا على السياسة وأن تكون السياسة هي المحرك الأول له لا عوامل وقوى السوق فهنا ستكون السياسات النفطية غير واضحة وهذا سينعكس على الأسعار وعلى نمو الطلب على النفط، وهو أمر لا يريده منتج كبير مثل السعودية.
وتلعب الطاقة دورًا كبيرًا في علاقة السعودية بدول مجموعة العشرين، فهم إما منتجون للطاقة ومنافسون لها مثل روسيا أو زبائن كبار لها مثل الهند والصين والولايات المتحدة. وبالنسبة لزبائن السعودية الكبار فإن استقرار السوق والأسعار أمر مهم جدًا، والأهم من هذا أن تكون الأسعار في مستويات مقبولة وعادلة للجميع تساعد على الاستهلاك والنمو الاقتصادي ولا تضر في الاستثمار لإضافة طاقات إنتاجية جديدة. وحافظت السعودية على استقرار الأسواق مرات كثيرة آخرها هو زيادة إنتاجها منذ عام 2011 لتغطية كل الانقطاعات الحاصلة في دول «أوبك» وهو ما أبقى أسعار النفط مستقرة عند مستوى 100 دولار لأطول فترة في تاريخ الأسعار دامت نحو ثلاث سنوات أو يزيد قليلاً.
ولكن استقرار السوق والوصول إلى أسعار مرضية للجميع لن يتم إلا بالحوار، ولهذا أدركت المملكة أهمية الحوار مع المستهلكين وباقي المنتجين من خلال أكثر من قناة من بينها «أوبك» أو منتدى الطاقة العالمي الذي توجد أمانته العامة في الرياض ويعمل على تقريب وجهات النظر بين المنتجين والمستهلكين.
ويقول النعيمي إنه بعد السنوات الطويلة جدًا التي قضاها في تجارة النفط فإنه تعلم درسا مهما جدًا وهو أهمية مناقشة أي أمر في إطار تعاوني «ولذلك فإنه من الضروري أن يستمر الحوار بين (أوبك) والبلدان المنتجة من خارج (أوبك) والمستهلكين».

السياسة النفطية بعد اجتماع «أوبك»

في الفترة بعد اجتماع «أوبك» التاريخي الذي عقد في نوفمبر الماضي، واتفقت فيه الدول على الإبقاء على سقف الإنتاج كما هو للدفاع عن حصتها السوقية، أصبحت السياسة السعودية معلنة بشكل أوضح من قبل مجلس الوزراء وليس على لسان الوزير فقط.
فعقب الاجتماع أرسلت الحكومة السعودية رسالة إلى جميع منتجي البترول في العالم مفادها أن استقرار السوق يتطلب تعاون المنتجين خارج «أوبك»، ولا يقف على السعودية وباقي الدول الأعضاء في «أوبك» وحسب. وأبدى مجلس الوزراء السعودي حينها في بيان عقب اجتماعه الأسبوعي ارتياحه من القرار الذي اتخذته منظمة «أوبك» خلال اجتماعها الأخير الذي عقد في العاصمة النمساوية فيينا عندما وافقت المنظمة في الاجتماع على إبقاء سقف إنتاجها كما هو عند 30 مليون برميل يوميًا وهو السقف الذي تم الاتفاق عليه في ديسمبر (كانون الأول) عام 2011.
وقال المجلس في البيان أن القرار «يعكس تماسك المنظمة ووحدتها، وبعد نظرها، وهو ما توليه المملكة أهمية خاصة». وأشار المجلس في بيانه إلى اهتمام المملكة باستقرار السوق البترولية الدولية.. «وأن تعاون المنتجين من داخل المنظمة وخارجها يعتبر مسؤولية مشتركة لتحقيق هذا الاستقرار».
وعادت المملكة لتختم حديثها في البيان بالتذكير والتنبيه إلى أهمية مقاومة أمر أخر يهدد استقرار السوق البترولية ألا وهو مسألة المضاربة، حيث قال مجلس الوزراء: «وتنبه المملكة إلى مضار المضاربين في السوق وتدعو إلى التعاون لمواجهة هذه الظاهرة».
ومنذ ذلك الوقت والسياسة السعودية تتعرض لهجمات إعلامية شرسة من قبل الدول في «أوبك» أو خارجها. وعادت الحكومة السعودية في أبريل (نيسان) الماضي للتذكير بالسياسة البترولية مجددًا.
وجددت السعودية في أبريل موقفها الرسمي من دعم أسعار النفط والتي فقدت نصف قيمتها منذ يونيو الماضي إلا أنها وضعت شروطًا لهذا الدعم أهمها هو مشاركة المنتجين الكبار في هذه الخطوة. وجاء هذا الخطاب بالتزامن مع بيان دعت فيه «أوبك» المنتجين خارجها إلى تحمل العبء لإعادة الاستقرار إلى السوق.
وقال مجلس الوزراء السعودي في تصريح عقب جلسته الأسبوعية حينها، إن المملكة «ما زالت مستعدة للإسهام في إعادة الاستقرار للسوق وتحسين أسعار البترول بشكل معقول ومقبول، ولكن بمشاركة الدول الرئيسة المنتجة والمصدرة للبترول، وحسب أسس واضحة وشفافية عالية». وشدد المجلس في بيانه على أن المملكة «وبشكل قاطع لا تستخدم البترول لأغراض سياسية، ضد أي دولة، وأنها ليست في صراع تنافسي مع الزيت الصخري، أو غيره بل ترحب بالمصادر الجديدة التي تضيف عمقًا واستقرارًا للسوق».
وكان وزير البترول السعودي علي النعيمي قد أوضح الأسبوع الذي سبق إصدار بيان مجلس الوزراء في الرياض في كلمة ألقاها في اللقاء السنوي الثامن عشر لجمعية الاقتصاد السعودية، أن المملكة مستعدة للإسهام في تخفيض الإنتاج.. «حسب آلية عادلة ذات مصداقية، إلا أن ظروف السوق تتطلب عملاً مشتركًا، للدول الرئيسة المنتجة والمصدرة للبترول».
وأضاف النعيمي أنه قد تم إجراء اتصالات وزيارات مكثفة، كما عُقدت اجتماعات مشتركة، وكان جواب بعض الدول المنتجة الرئيسة من خارج «أوبك»، هو عدم المقدرة أو الرغبة في التخفيض، ولهذا السبب قررت «أوبك»، بالإجماع، في اجتماع 27 نوفمبر الماضي، الإبقاء على مستوى الإنتاج، وعدم التفريط في حصتها في السوق لصالح الآخرين.
ومن الأمور المهمة في السياسة الحالية والتي يقول النعيمي إنه تعلمها جيدًا مسألة التخلي عن دور المنتج المرجح والذي لعبته المملكة في الثمانينات عندما كانت تخفض إنتاجها بمفردها حتى تحافظ على الأسعار عالية، ولكن الأمر انتهى بها بخسران حصتها في السوق وخسران الأسعار عندما هبط إنتاجها من 10 ملايين برميل يوميًا إلى ما يزيد قليلاً على 3 ملايين برميل في 1985.

ركائز السياسة البترولية السعودية
قد تتغير السياسة البترولية السعودية مع تغير الظروف، ولكنها تقوم على ركائز أساسية ثابتة ومن أهمها.
1 - تلبية طلب الزبائن
2 - المحافظة على استقرار السوق بالتنسيق مع المنتجين الكبار داخل وخارج المنظمة
3 - بيع النفط على أساس تجاري لا على أساس سياسي.
4 - الحفاظ على مستوى أسعار مناسب للمستهلكين ومناسب للمنتجين بالاستثمار في زيادة الطاقات الإنتاجية مستقبلاً.
5 - الحفاظ على طاقة إنتاج احتياطية تتراوح بين 1.5 و2 مليون برميل يوميًا في كل الأوقات لمواجهة أي انقطاعات في الإمدادات على مستوى العالم
ولا تزال السياسة السعودية الحالية لم تتغير منذ نوفمبر الماضي ولم يزل التشكيك فيها قائمًا حتى الآن ولا يزال المضاربون على أمل أن تغير المملكة موقفها وتتخلى عن حصتها السوقية وتتجه لدعم الأسعار وهو نفس الأمل الذي تتمناه الكثير من الدول التي تريد من المملكة أن تضحي بحصتها من أجل أن تنعم هي بمداخيل أعلى من دون أن تساهم في أي عبء. ويبقى السؤال الذي لا يمكن الإجابة عنه هو متى ستتخلى السعودية عن هذه السياسة الحالية؟



كريستيان ليندنر... الزعيم الليبرالي الذي أسقط عزله الحكومة الألمانية

ليندنر اختلف مع سياسة ميركل المتعلقة بالهجرة وفتحها أبواب ألمانيا أمام مئات آلاف اللاجئين السوريين
ليندنر اختلف مع سياسة ميركل المتعلقة بالهجرة وفتحها أبواب ألمانيا أمام مئات آلاف اللاجئين السوريين
TT

كريستيان ليندنر... الزعيم الليبرالي الذي أسقط عزله الحكومة الألمانية

ليندنر اختلف مع سياسة ميركل المتعلقة بالهجرة وفتحها أبواب ألمانيا أمام مئات آلاف اللاجئين السوريين
ليندنر اختلف مع سياسة ميركل المتعلقة بالهجرة وفتحها أبواب ألمانيا أمام مئات آلاف اللاجئين السوريين

رجل واحد حمله المستشار الألماني أولاف شولتس مسؤولية انهيار حكومته، وما نتج عن ذلك من فوضى سياسية دخلت فيها ألمانيا بينما هي بأمس الحاجة للاستقرار وتهدئة اقتصادها المتدهور. رجل وصفه المستشار بأنه «أناني»، وشن عليه هجوماً شخصياً نادراً ما يصدر عن شولتس المعروف بتحفظه وهدوئه. ذلك الرجل كان وزير ماليته كريستيان ليندنر، زعيم «الحزب الديمقراطي الحر» الذي كان شريكاً في الحكومة الائتلافية الثلاثية منذ عام 2021، برئاسة «الحزب الديمقراطي الاجتماعي» (الاشتراكي)، ومشاركة حزب «الخضر». ولقد طرده شولتس من الحكومة بعد خلافات حول ميزانية سنة 2025، ما تسبب بخروج الوزراء المتبقين من «الحزب الديمقراطي الحر»، ليبقى المستشار يقود حكومة أقلية حتى إجراء الانتخابات المبكرة في 23 فبراير المقبل. ثم إن شولتس تعرض لانتقادات كثيرة لهجومه الشخصي على ليندنر، خاصة من المستشارة السابقة أنجيلا ميركل التي وصفته بأنه كان «خارجاً عن السيطرة». لكن مع ذلك، فإن الصورة التي رسمها المستشار عن وزيره قد تحمل شيئاً من الواقع؛ إذ خرجت انتقادات من أوساط الديمقراطيين الأحرار لليندنر و«تصرفه بشكل أحادي» في دفع المستشار لإقالته. وقبل ذلك طالته انتقادات بعدما أصبح «الوجه الأوحد» لـ«الحزب الديمقراطي الحر» إبان الانتخابات الماضية عام 2021 وقبلها عام 2017. ولعل الحزب تسامح مع تصرفات ليندنر «الأنانية» تلك لنجاحه بإعادة الحزب إلى الخارطة السياسية بعد انهياره تقريباً عام 2013 وفشله بدخول البرلمان للمرة الأولى في تاريخه. إلا أن مستقبل الرجل الذي أعاد حزبه إلى الحياة... هو نفسه في خطر. فهل يستمر ليندنر بالبناء على تاريخه حتى اليوم للنهوض مجدداً؟

قد يكون كريستيان ليندنر أصغر زعيم انتُخب ليرأس حزبه «الديمقراطي الحر»، عن عمر 34 سنة فقط عام 2013، بيد أنه لم يكن ناجحاً على الدوام. وبعكس حياته السياسية وصعوده السريع إلى القمة، فشل ليندنر في مشاريع أعمال أطلقها عندما كانت السياسة ما زالت هواية بالنسبة إليه. واعترف لاحقاً بإخفاقاته تلك، مستعيناً بعبارة «المشاكل هي مجرد فرص شائكة» لكي يدفع نفسه إلى الأمام.

وبين عامَي 1997 و2001 أسس شركات خاصة مع أصدقاء له، انتهت بالفشل آخرها شركة «موماكس» التي انهارت وأفلست بعد أقل من سنة على إطلاقها.

هذه «الإخفاقات» التي طبعت مغامراته التجارية وهو في مطلع العشرينات قد تكون دفعته للتوجه إلى السياسة بجدية أكبر. وبالفعل، نجح عام 2001 بدخول البرلمان المحلي في ولايته شمال الراين-وستفاليا وهو ابن 21 سنة ليغدو أصغر نائب يدخل برلمان الولاية. ولصغر سنه وقسمات وجهه الخجولة كسب ليندنر آنذاك لقب «بامبي» بين أعضاء الحزب نسبة للغزال الصغير عند «ديزني».

«بامبي» في «البوندستاغ»

في عام 2009، فاز ليندنر بمقعد في البرلمان الفيدرالي (البوندستاغ) ليعود عام 2012 إلى ولايته أميناً عاماً للحزب في الولاية ونائباً محلياً مرة أخرى.

وبعدها ساعدت إخفاقات الديمقراطيين الأحرار في الانتخابات العامة عام 2013 بتسليط الضوء على ليندنر، الشاب الكاريزماتي الطموح الذي وجد فرصة سانحة أمامه للصعود داخل الحزب. ويومذاك فشل الحزب بتخطي عتبة الـ5 في المائة من أصوات الناخبين التي يحددها القانون شرطاً لدخول «البوندتساغ». وعقد أعضاؤه اجتماعاً خاصاً لمناقشة النتائج الكارثية التي لم يسبق للحزب أن سجلها في تاريخه، وانتخب ليندنر، وهو في سن الـ34، زعيماً للحزب مكلفاً بتأهيله وإعادته للحياة... وبذلك بات أصغر زعيم ينتخب لـ«الحزب الديمقراطي الحر».

شاب أنيق وجذّاب

شكّل سن ليندنر وأناقته وشخصيته عاملاً جاذباً للناخبين الشباب خاصة. وقاد حملة مبنية على أساس جذب الشباب ونفض صورة الحزب القديم التقليدي عنه، كما ساعده حضوره على وسائل التواصل الاجتماعي في التواصل مع مستخدميها من الشباب وتقريبهم إلى الحزب.

وغالباً ما نُشرت له صور من حياته الشخصية على «إنستغرام»، منها صورة لإجازة مع فرانكا ليهفيلدت، زوجته الصحافية التي كانت تعمل في قناة «دي فيلت»، ولقد عقدا قرانهما وهو في الحكومة عام 2022 في حفل ضخم وباذخ بجزيرة سيلت حضره عدد كبير من السياسيين. وينتظر الزوجان مولودهما الأول في الربيع المقبل.

للعلم، كان ليندر متزوجاً قبل ذلك من صحافية أخرى كانت نائبة رئيس تحرير «دي فيلت» أيضاً، هي داغمار روزنفلت، التي تكبره سناً ولم ينجبا أطفالاً معاً. لكنهما ظلا متزوجين من 2011 وحتى 2018 عندما أعلن طلاقهما وكشف عن علاقته مع ليهفيلدت.

أيضاً، لا يخفي ليندنر حبه للسيارات السريعة، وكان قال غير مرة قبل دخوله الحكومة مع حزب «الخضر» بأنه يهوى السيارات القديمة ويملك سيارة بورشه قديمة ومعها يملك رخصة للسباقات. وبجانب هذه الهواية يحب اليخوت ويملك رخصة للإبحار الرياضي وأخرى للصيد.

صورة شبابية عصرية

هذه الصورة التي رسمها ليندنر لنفسه، صورة الرجل الأنيق الذي يهتم بمظهره (لدرجة أنه خضع لزرع شعر) ويمارس هوايات عصرية، ساعدته على اجتذاب ناخبين من الشباب خاصة، وجعلته ينجح بإعادة حزبه إلى البرلمان عام 2017 بحصوله على نسبة أصوات قاربت 11 في المائة.

في حينه دخل في مفاوضات لتشكيل حكومة ائتلافية مع المستشارة أنجيلا ميركل التي فاز حزبها بالانتخابات، وكانت تبحث عن شركاء للحكم إثر حصولها على 33 في المائة من الأصوات. وفعلاً، بدأت ميركل مفاوضات مع الديمقراطيين الأحرار و«الخضر»، لكن ليندنر انسحب فجأة من المفاوضات بعد 4 أسابيع، ليعلن: «أفضل عدم الحكم من الحكم بشكل خاطئ».

ليندنر كان يختلف آنذاك مع سياسة ميركل المتعلقة بالهجرة وفتحها أبواب ألمانيا أمام مئات آلاف اللاجئين السوريين قبل سنتين. ويومها واجه الانتقاد لتفويته على حزبه فرصة الحكم، وهي فرصة خشي بعض الحزبيين ألا تُتاح مُجدداً.

ائتلاف مع اليسار

غير أن الفرصة أتيحت مرة أخرى في الانتخابات التالية عام 2021 عندما حقق «الحزب الديمقراطي الحر» نتائج أفضل من الانتخابات السابقة، حاصلاً على نسبة 11.5 في المائة من الأصوات. ومع أن «الحزب الديمقراطي الحر» حزب وسطي ليبرالي يؤيد الحريات الاقتصادية، ويعدّ شريكاً طبيعياً لحزب «الاتحاد الديمقراطي المسيحي» (يمين معتدل)، قرر ليندنر عام 2021 الدخول في ائتلاف حاكم مع الاشتراكيين و«الخضر»؛ ذلك أن الأخير يعتبر نقيضاً فكرياً للديمقراطيين الأحرار الذين يرون سياساته البيئية مكلفة وكابحة للتقدم الاقتصادي.

وهكذا تسلم ليندنر إحدى أهم الوزرات؛ إذ عُيّن وزيراً للمالية وثاني نائب للمستشار. وحقق بذلك حلمه الذي غالباً ما كرره خلال الحملات الانتخابية بأنه يريد أن يصبح وزيراً للمالية، وحتى إنه عرّف نفسه في إحدى الحملات ممازحاً: «تعرّفوا على وزير ماليتكم المقبل!».

خلفيته العلمية والفكرية

اهتمام ليندنر بالسياسة الاقتصادية ينبع من اهتماماته منذ تخرّجه من الجامعة؛ حيث درس العلوم السياسية ثم القانون والفلسفة في جامعة بون المرموقة (واسمها الرسمي جامعة راينيشه فريدريش - فيلهامز).

ثم إنه لم ينضم فور مغادرته المدرسة للخدمة العسكرية التي كانت إجبارية آنذاك، وأجّلها للدراسة وإكمال مغامراته التجارية، لكنه عاد لاحقاً وانضم إلى جنود الاحتياط ووصل لرتبة رائد. ورغم فشل مغامراته التجارية، بقيت اهتماماته السياسية منصبّة على الجانب المالي، ومن هنا جاء طموحه بأن يصبح وزيراً للمالية في الحكومة الفيدرالية.

وفكرياً، يؤمن ليندنر وحزبه بتقليص الإنفاق العام وخفض الضرائب وفتح الأسواق أمام الشركات الخاصة. ودائماً عارض خططاً عدّها متطرفة يدعمها «الخضر» لاستثمارات أكبر في الطاقة النظيفة بحجة تكلفتها العالية وتأثيرها على الشركات والأعمال. وكانت المفارقة أنه تسلّم حكومة كانت مسؤولة عن تطبيق سياسات تروّج للطاقة البديلة وتزيد من النفقات الاجتماعية وترفع من الضرائب.

هذا الأمر كان صعباً عليه تقبّله. ورغم وجود اتفاق حكومي حدّدت الأحزاب الثلاثة على أساسه العمل خلال السنوات الأربع من عمرها، عانى عمل الحكومات من الخلافات منذ اليوم الأول. وطبعاً لم تساعد الحكومة الأزمات المتتالية التي اضطرت لمواجهتها وكانت لها تأثيرات مباشرة على الاقتصاد، بدءاً بجائحة كوفيد-19 إلى الحرب الأوكرانية.

ولذا كان شولتس غالباً ما يعقد خلوات مع ليندنر وزعيم «الخضر»، روبرت هابيك، ويطول النقاش لساعات بأمل التوصل لحلول وسط يمكن للحكومة أن تكمل فيها عملها. وفي النهاية، كان من أبرز نقاط الخلاف التي رفض ليندنر المساومة فيها هي ما يُعرف في ألمانيا بـ«مكابح الدَّين العام»؛ إذ يرفض الدستور الألماني الاستدانة إلا في حالات الطوارئ، ولقد استخدمت الحكومة كوفيد-19 كطارئ للتخلي عن «مكابح الدَّين العام»، وبالتالي، الاستدانة والإنفاق للمساعدة عجلة الاقتصاد.

وأراد شولتس تمديد العمل بحالة الطوارئ كي تتمكن حكومته من الاستدانة وتمويل الحرب في أوكرانيا من دون الاقتطاع من الخدمات العامة، لكن ليندنر رفض مقترحاً تخفيض الإنفاق العام في المقابل، الأمر الذي اعتبره شولتس «خطاً أحمر».

تهم وشكوك

وحقاً، اتُّهم ليندنر بعد طرده بأنه كان يخطط للانسحاب من الحكومة منذ فترة، وبأنه وضع خطة لذلك بعدما وجد أن حزبه منهار في استطلاعات الرأي وأن نسبة تأييده عادت لتنخفض إلى ما دون عتبة الـ5 في المائة.

أيضاً، كُشف بعد انهيار الحكومة عن «وثيقة داخلية» أعدّها ليندنر وتداولها مع نفر من المقرّبين منه داخل الحزب، تحضّر للانسحاب من الحكومة بانتظار الفرصة المناسبة. وقيل إنه بدأ يخشى البقاء في حكومة فقدت الكثير من شعبيتها بسبب المشاكل الاقتصادية وارتفاع التضخّم خلال السنوات الثلاث الماضية، ما أثر على القدرة الشرائية للألمان. وبناءً عليه، خطّط ليندنر للخروج منها قبل موعد الانتخابات واستخدام ذلك انتخابياً لإعادة رفع حظوظ حزبه الذي يبدو الأكثر تأثراً من الأحزاب المشاركة في الحكومة، بخسارة الأصوات. وطرحت «الوثيقة» التي كُشف عنها مشكلة أخرى بالنسبة لليندنر - داخل حزبه هذه المرة - فواجه اتهامات بالتفرّد بالقرارات وحتى دعوات لإقالته.

طامح لمواصلة القيادة

حتى الآن، يبدو كريستيان ليندنر مصراً على قيادة حزبه في انتخابات فبراير (شباط)، وما زال لم يفقد الأمل العودة حتى إلى الحكومة المقبلة وزيراً للمالية في حكومة يقودها زعيم الديمقراطيين المسيحيين، فريدريش ميرتز، الذي يتقدّم حزبه في استطلاعات الرأي ومن المرجح أن يتولى المستشارية. وللعلم، ميرتز نفسه أبدى انفتاحاً على ضم ليندنر إلى حكومته المحتملة، وشوهد الرجلان بعد أيام من إقالة ليندنر يتهامسان بتفاهم ظاهر داخل «البوندستاغ».

ولكن عودة ليندنر للحكومة ستتطلب منه بدايةً تخطي عقبتين: الأولى أن يبقى على رأس حزبه لقيادته للانتخابات. والثانية أن ينجح بإقناع الناخبين بمنح الحزب أصواتاً كافية لتخطي عتبة الـ5 في المائة الضرورية لدخول البرلمان.