الجزائر تتجاهل دعوة ملك المغرب إلى «الحوار» في الرباط

الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون (رويترز)
الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون (رويترز)
TT

الجزائر تتجاهل دعوة ملك المغرب إلى «الحوار» في الرباط

الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون (رويترز)
الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون (رويترز)

رفضت الحكومة الجزائرية التعاطي مع دعوة وجهها العاهل المغربي محمد السادس، للرئيس عبد المجيد تبون، لزيارة الرباط بـ«غرض الحوار»، في موقف يعكس نظرة الجزائريين للمشاركة المغربية في القمة العربية، التي اتسمت بالاشتباك والمشاحنات خلال فترة التحضيرات لاجتماع القادة.
وأكدت مصادر سياسية جزائرية لـ«الشرق الأوسط»، أن السلطات العليا في البلاد تعتبر الدعوة المغربية للحوار «مناورة جديدة الهدف منها صرف الأنظار عن مجريات القمة العربية، التي تتجه لتحقيق نجاح كبير، الأمر الذي يزعج البعض ممن حاول إفشالها في بدايتها»، في إشارة ضمناً، إلى تذمر الوفد المغربي بقيادة وزير الخارجية ناصر بوريطة، من «المعاملة الأمنية» مع البعثة الصحافية المغربية، وترحيل ثلثي أعضائها، حسب بوريطة، بعد ساعات من وصولهم إلى مطار الجزائر العاصمة. إضافة إلى استنكار نشر «قناة الجزائر الدولية» خريطة الوطن العربي، تظهر المغرب مفصولاً عن الصحراء.
ونفى وزير الخارجية الجزائري رمضان لعمامرة «ادعاءات» بوريطة، ونفى قطعياً «الإساءة» للصحافيين المغاربة. كما هوَن من «قضية الخريطة»، معتبراً أن الحدث «ليس مؤتمراً متعلقة بالجغرافيا، وإنما هو اجتماع للدول العربية».
ونقلت وكالة الصحافة الفرنسية أمس، عن بوريطة الذي يمثل المغرب في أشغال القمة العربية، أن الملك محمد السادس «وجه دعوة إلى الرئيس الجزائري من أجل الحوار» - معلناً أن الملك «أعرب عن نيته في الأيام الأخيرة في زيارة الجزائر»، التي دعي إليها لحضور القمة العربية. لكن الوفد المغربي، حسب بوريطة، «لم يتلق أي تأكيد من الجانب الجزائري بواسطة القنوات المتاحة»، بعدما طلب توضيحات عن الترتيبات المقررة لاستقبال محمد السادس.
وكان لعمامرة صرَح أن تبون «كان سيخص العاهل المغربي باستقبال بروتوكولي في المطار لو حضر إلى الجزائر»، لكن بوريطة اعتبر أن «مثل هذه اللقاءات لا ترتجل في قاعات الاستقبال بالمطارات».
وسبق للجزائر أن رفضت دعوات مغربية لتطبيع العلاقات، وفتح الحدود البرية المغلقة منذ عام 1994. وجرى التعبير عن ذلك بعدم الرد على الرسائل والتصريحات التي تأتي من الجار المغربي، الذي قطعت الجزائر علاقاتها الدبلوماسية به في 21 أغسطس (آب) 2021، واتهامه بدعم حركة انفصالية في منطقة القبائل. غير أن أصل الخلاف بين البلدين، هو نزاع الصحراء.
إلى ذلك، ذكر الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي في اليوم الثاني للقمة، أن «آليات العمل العربي المشترك، ستشهد قوة دفع ملموسة في ظل رئاسة الجزائر للقمة العربية الحالية»، مؤكداً «ضرورة التوصل إلى اتفاق ملزم بشأن سد النهضة». وقال إنه «يتطلع لأن تسفر قمة شرم الشيخ للمناخ عن حلول لقضايا المناخ».
وشدد السيسي على «ضرورة التوصل إلى تسوية سياسية للأزمة في ليبيا، وخروج المرتزقة والمقاتلين الأجانب من البلاد». وأضاف: «إننا ما زلنا نحتاج لمزيد من العمل العربي الجماعي، حتى في التعامل مع الأزمات الجديدة التي جاءت لاحقة على القضية الفلسطينية، في ليبيا وسوريا واليمن والعراق والسودان، وإلا سيظل أمن وسلم الشعوب الشقيقة في تلك الدول مهددين بتجدد ويلات تلك الأزمات، وستظل الأخيرة ثغرات في المنظومة العربية ومراكز لعدم الاستقرار، وهو ما يؤثر علينا جميعاً ويعرقل جهودنا في التنمية والتكامل».
من جهته، دعا الرئيس الفلسطيني محمود عباس في كلمته، إلى «تشكيل لجنة قانونية لمتابعة الجرائم التي ارتكبت بحق الشعب الفلسطيني، جراء إصدار الحكومة البريطانية وعد بلفور عام 1917، وصك الانتداب، بالتعاون مع الولايات المتحدة الأميركية، وتداعيات ذلك على الشعب الفلسطيني - وارتكاب إسرائيل أكثر من 50 مذبحة خلال وبعد نكبة 1948، وما تلا ذلك من تدمير ونهب لأكثر من 500 قرية فلسطينية».
وشدد على الحاجة إلى «لجنة وزارية عربية للتحرك على المستوى الدولي، لفضح ممارسات الاحتلال، وشرح روايتنا، وتنفيذ مبادرة السلام العربية، ونيل المزيد من اعتراف الدول الأوروبية بدولة فلسطين، والحصول على العضوية الكاملة في الأمم المتحدة، ومنع نقل سفارات الدول إلى القدس... وعقد مؤتمر دولي للسلام على قاعدة الشرعية الدولية، وتوفير الحماية الدولية لشعبنا الفلسطيني، وتطبيق قرار مجلس الأمن 2334، والقرارين 181 و194، اللذين كانا شرطين لقبول عضوية إسرائيل في الأمم المتحدة».



«الوفد» المصري يدخل أزمة جديدة بعد فصل أحد قادته

رئيس «الوفد» الحالي عبد السند يمامة وإلى جواره رئيسه الأسبق السيد البدوي خلال أحد أنشطة الحزب (حزب الوفد)
رئيس «الوفد» الحالي عبد السند يمامة وإلى جواره رئيسه الأسبق السيد البدوي خلال أحد أنشطة الحزب (حزب الوفد)
TT

«الوفد» المصري يدخل أزمة جديدة بعد فصل أحد قادته

رئيس «الوفد» الحالي عبد السند يمامة وإلى جواره رئيسه الأسبق السيد البدوي خلال أحد أنشطة الحزب (حزب الوفد)
رئيس «الوفد» الحالي عبد السند يمامة وإلى جواره رئيسه الأسبق السيد البدوي خلال أحد أنشطة الحزب (حزب الوفد)

دخل حزب «الوفد» المصري العريق في أزمة جديدة، على خلفية قرار رئيسه عبد السند يمامة، فصل أحد قادة الحزب ورئيسه الأسبق الدكتور السيد البدوي، على خلفية انتقادات وجَّهها الأخير إلى الإدارة الحالية، وسط مطالبات باجتماع عاجل للهيئة العليا لاحتواء الأزمة، فيما حذَّر خبراء من «موجة انشقاقات» تضرب الحزب.

وانتقد البدوي في حديث تلفزيوني، دور حزب الوفد الراهن، في سياق حديثه عمّا عدَّه «ضعفاً للحياة الحزبية» في مصر. وأعرب البدوي عن استيائه من «تراجع أداء الحزب»، الذي وصفه بأنه «لا يمثل أغلبية ولا معارضة» ويعد «بلا شكل».

وذكر البدوي، أن «انعدام وجوده (الوفد) أفقد المعارضة قيمتها، حيث كان له دور بارز في المعارضة».

و«الوفد» من الأحزاب السياسية العريقة في مصر، وهو الثالث من حيث عدد المقاعد داخل البرلمان، بواقع 39 نائباً. في حين خاض رئيسه عبد السند يمامة، انتخابات الرئاسة الأخيرة، أمام الرئيس عبد الفتاح السيسي، وحصل على المركز الرابع والأخير.

المقر الرئيسي لحزب «الوفد» في القاهرة (حزب الوفد)

وأثارت تصريحات البدوي استياء يمامة، الذي أصدر مساء الأحد، قراراً بفصل البدوي من الحزب وجميع تشكيلاته.

القرار ووجه بانتقادات واسعة داخل الحزب الليبرالي، الذي يعود تأسيسه إلى عام 1919 على يد الزعيم التاريخي سعد زغلول، حيث اتهم عدد من قادة الحزب يمامة بمخالفة لائحة الحزب، داعين إلى اجتماع طارئ للهيئة العليا.

ووصف عضو الهيئة العليا للحزب فؤاد بدراوي قرار فصل البدوي بـ«الباطل»، موضحاً لـ«الشرق الأوسط» أن «لائحة الحزب تنظم قرارات فصل أي قيادي بالحزب أو عضو بالهيئة العليا، حيث يتم تشكيل لجنة تضم 5 من قيادات الحزب للتحقيق معه، ثم تُرفع نتيجة التحقيق إلى (الهيئة العليا) لتتخذ قرارها».

وأكد بدراوي أن عدداً من قيادات الحزب «دعوا إلى اجتماع طارئ للهيئة العليا قد يُعقد خلال الساعات القادمة لبحث الأزمة واتخاذ قرار»، معتبراً أن «البدوي لم يخطئ، فقد أبدى رأياً سياسياً، وهو أمر جيد للحزب والحياة الحزبية».

ويتخوف مراقبون من أن تتسبب الأزمة في تعميق الخلافات الداخلية بالحزب، مما يؤدي إلى «موجة انشقاقات»، وقال أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة الدكتور طارق فهمي لـ«الشرق الأوسط» إن «مشكلة فصل البدوي قد تؤدي إلى موجة انشقاقات داخل الحزب، وهي ظاهرة مرشحة للتفاقم في الحياة السياسية المصرية خلال الفترة القادمة، فمشكلة (الوفد) مثل باقي الأحزاب... لا توجد قناعة بتعدد الآراء والاستماع لجميع وجهات النظر».

وأكد فهمي أن «اجتماع الهيئة العليا لحزب (الوفد) لن يحل الأزمة، والحل السياسي هو التوصل إلى تفاهم، للحيلولة دون حدوث انشقاقات، فمشكلة (الوفد) أنه يضم تيارات وقيادات كبيرة تحمل رؤى مختلفة دون وجود مبدأ استيعاب الآراء كافة، وهو ما يؤدي إلى تكرار أزمات الحزب».

وواجه الحزب أزمات داخلية متكررة خلال السنوات الأخيرة، كان أبرزها إعلان عدد من قياداته في مايو (أيار) 2015 إطلاق حملة توقيعات لسحب الثقة من رئيسه حينها السيد البدوي، على خلفية انقسامات تفاقمت بين قياداته، مما أدى إلى تدخل الرئيس عبد الفتاح السيسي في الأزمة، حيث اجتمع مع قادة «الوفد» داعياً جميع الأطراف إلى «إعلاء المصلحة الوطنية، ونبذ الخلافات والانقسامات، وتوحيد الصف، وتكاتف الجهود في مواجهة مختلف التحديات»، وفق بيان للرئاسة المصرية حينها.

وأبدى فهمي تخوفه من أن «عدم التوصل إلى توافق سياسي في الأزمة الحالية قد يؤدي إلى مواجهة سياسية بين قيادات (الوفد)، ومزيد من قرارات الفصل، وهو ما سيؤثر سلباً على مكانة الحزب».

في حين رأى نائب مدير «مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» في مصر الدكتور عمرو هاشم ربيع، أن «(الوفد) سيتجاوز هذه الأزمة كما تجاوز مثلها»، وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «الأزمة ستمر مثل كثير من الأزمات، لكنها لن تمر بسهولة، وستحدث عاصفة داخل الحزب».

واستنكر ربيع فصل أحد قيادات حزب ليبرالي بسبب رأيه، قائلاً: «من الغريب أن يقوم رئيس حزب ليبرالي ينادي بحرية التعبير بفصل أحد قياداته بسبب رأيه».

كان البدوي قد أعرب عن «صدمته» من قرار فصله، وقال في مداخلة تلفزيونية، مساء الأحد، إن القرار «غير قانوني وغير متوافق مع لائحة الحزب»، مؤكداً أنه «لا يحق لرئيس الحزب اتخاذ قرار الفصل بمفرده».

وأثار القرار ما وصفها مراقبون بـ«عاصفة حزبية»، وأبدى عدد كبير من أعضاء الهيئة العليا رفضهم القرار، وقال القيادي البارز بحزب «الوفد» منير فخري عبد النور، في مداخلة تلفزيونية، إن «القرار يأتي ضمن سلسلة قرارات مخالفة للائحة الحزب، ولا بد أن تجتمع الهيئة العليا لمناقشة القرار».

ورأى عضو الهيئة العليا لحزب «الوفد» عضو مجلس النواب محمد عبد العليم داوود، أن قرار فصل البدوي «خطير»، وقال في مداخلة تلفزيونية إن «القرار لا سند له ولا مرجعية».

وفي يوليو (تموز) الماضي، شهد الحزب أزمة كبرى أيضاً بسبب مقطع فيديو جرى تداوله على نطاق واسع، على منصات التواصل الاجتماعي، يتعلق بحديث لعدد من الأشخاص، قيل إنهم قيادات بحزب «الوفد»، عن بيع قطع أثرية؛ مما أثار اتهامات لهم بـ«الاتجار غير المشروع في الآثار».