«فاشن تراست أرابيا» يجمع عالم الموضة في بلد المونديال

وُلدت فكرتها لبناء أرضية خصبة للموضة منذ 15 عاماً وتحققت في عام 2018

صورة جماعية للفائزين بجائزة «فاشن تراست أرابيا» لعام 2022 ولجنة التحكيم
صورة جماعية للفائزين بجائزة «فاشن تراست أرابيا» لعام 2022 ولجنة التحكيم
TT

«فاشن تراست أرابيا» يجمع عالم الموضة في بلد المونديال

صورة جماعية للفائزين بجائزة «فاشن تراست أرابيا» لعام 2022 ولجنة التحكيم
صورة جماعية للفائزين بجائزة «فاشن تراست أرابيا» لعام 2022 ولجنة التحكيم

ماذا يصلح كنهاية لفعالية خاض أبطالها عاماً من الاختيارات والاختبارات أجمل من جوائز في حفل ضخم تتردد أصداؤه في كل أنحاء العالم؟ هذا ما حدث يوم الأربعاء الماضي حين اختلط شعاع غطى سماء الدوحة مع بريق الترتر والماس الذي غلب على أزياء نجوم حطوا فيها الرحال. بيلا ووالدها محمد حديد، حليمة أيدن، بولا عبدول، ناعومي كامبل، بيير باولو بكيولي بعض من هذه الأسماء.

العارضة كارولينا كوركوفا

في المقابل، وفي ذلك المساء الدافئ الذي جافته نسائم الهواء، كانت أنفاس 24 مصمماً محبوسة انتظاراً للإعلان عن أسماء 5 منهم سيحالفهم الحظ ويتسلمون جائزة «فاشن تراست أرابيا لعام 2022»، من الشيخة موزا بنت ناصر المسند، ثم من بولا عبدول، وبيلا حديد، ويسرا وغيرهن. جائزة غيَّرت لحد الآن مسار كل مَن فاز بها، رغم أنها لا تزال في بداياتها. كانت هذه دورتها الرابعة فقط، وإن كانت تُعطي الانطباع بأنها أكبر من ذلك، نظراً لنُضجها وقوتها؛ فقد نجحت فيما لم تنجح فيه كثير من الفعاليات المماثلة، بما في ذلك برنامج «بروجيكت رانواي»، الذي تخرجت فيها أسماء كثيرة لم يتألق منها سوى واحد تخرج فيها في عام 2008، هو كريستيان سيريانو.


بيلا مع والدها محمد حديد

جائزة «فاشن تراست أربيا»، وحسب شهادات مَن حصلوا عليها، غيَّرت مسارهم بشكل مُؤثر. كلهم اتفقوا على أن الوصول إلى العالمية كان بالنسبة لهم مجرد حلم بعيد المنال. لم يتوقعوا أبداً أن يجدوا أنفسهم يسافرون خارج حدود بلدانهم والوقوف وجهاً لوجه أمام مصممين كانوا إلى الأمس القريب قُدوة لهم، مثل إيرديم، مؤسس علامة «إيرديم»، أو بيير باولو بكيولي، مصمم دار «فالنتينو»، وأوليفييه روستينغ، مصمم «دار بالمان» وغيرهم. ليس هذا فحسب؛ فقد غيَّرت الجائزة حياة حتى مَن يعملون في الخفاء. هذا ما أكده المصمم الشاب سليم عزام، الفائز بالجائزة عن جانب الأزياء الجاهزة لعام 2019، في كلمة ألقاها أمام الحضور. حكى كيف أنه كان مصمماً صاعداً لا يمتلك سوى الشغف وماكينة خياطة واحدة تتناوب عليها خمس نساء يعملن معه. بعد فوزه أصبحت له 7 ماكينات و60 امرأة يعملن في التطريز، والآتي أكبر.


تانيا فارس والمصمم السعودي يوسف أكبر

المصمم السعودي يوسف أكبر، الفائز بالجائزة في العام الماضي أيضاً شرح، وهو يبكي، كيف أن الجائزة غيرت حياته على المستويين الشخصي والمهني. لم يكن يمتلك شيئاً، بل وجد نفسه دون مأوى في فترة من الفترات. كان زاده الوحيد في هذه الفترة العصيبة الأمل وحبه للتصميم. الآن هو موجود في عدة نقاط بيع في جدة والرياض بالسعودية، و«العُثمان» في الكويت والبحرين، وفي محلات «هارودز» بلندن.

سابرينا إلبا

قصتان تلخصان أهمية هذه الجوائز؛ ليس في تغيير حياة أشخاص، بل أيضاً في تشكيل مستقبل الموضة في العالم العربي، لا سيما أن منظمة «فاشن تراست أرابيا» أكدت، لحد الآن، أنها بدعمها مواهب محلية تعمل أيضاً على بناء جسر بين ثقافات العالم.
الحضور الذي كان في كامل أناقته، وكأنهم في حفل توزيع جوائز الأوسكار ليلة الأربعاء الماضي، كذلك لجنة التحكيم المكونة من أهم صناع الموضة العالمية، أكدوا أنهم لا يستهينون بهذه المبادرة. يقول أوليفييه روستينغ، مصمم «دار بالمان» لـ«الشرق الأوسط»: «أدهشني المشاركون بموهبتهم وشغفهم وطموحهم... والأهم من هذا رغبتهم الجامحة في أن يعبّروا عن أنفسهم بأسلوبهم. لقد لمستني قصصهم الشخصية كثيراً. شعرت بأن هذا التحدي، الأقرب إلى حرب خاضوها لفرض أنفسهم، يلخّص معنى الموضة؛ فهي تقوم على التحدي وتلك الرغبة في تغيير العالم والتمرد على المتعارف عليه».
جاكوبو فانتوريني، الرئيس التنفيذي لـ«دار فالنتينو»، كان له أيضاً رأي مماثل. يقول: «لم أصدق وأنا أسمع قصص وتجارب هؤلاء الشباب الشخصية كمّ الشغف والمشاعر التي تحفِّزهم على الإبداع. كان الأمر مهيباً ومؤثراً في الوقت ذاته».
كل مصمم كانت له قصة. وكل قصة كانت تعبّر عن واقع صعب في منطقة لم تعترف بأهمية الموضة كصناعة، سوى في السنوات الأخيرة. وهذا ما جعل وصولهم إلى الجولة النهائية نجاحاً بحد ذاته؛ فقد تقدم 1000 مرشح، وصل عددهم بعد غربتلهم إلى 24 مرشحاً فقط. عمران آميد، مؤسس موقع «بيزنيس أوف فاشن» لم يُخفِ إعجابه قائلاً: «العديد من هؤلاء المصممين عانوا وعاشوا أوقاتاً عصيبة للوصول إلى ما وصلوا إليه. نجحوا في الخروج من أزماتهم وتحقيق ذواتهم بالتنفيس عنها بالإبداع والابتكار».

جانيت جاكسون

لكن كل هذا لم يكن ممكناً من دون دعم الشيخة موزا بنت ناصر المسند، ورغبة امرأتين في تغيير نظرة العالم إلى المنطقة كمُستهلك ومتلقٍّ، وبناء أرضية خصبة لصناعة موضة مستدامة. الأولى هي الشيخة المياسة بنت حمد بن خليفة آل ثاني، والثانية هي اللبنانية تانيا فارس.
في خطاب ألقته الشيخة المياسة في الحفل، قالت إن الفكرة راودتها، وظلت تُلحّ عليها منذ 15 عاماً. حينها حاولت تجنيد خبيرة متخصصة في مجال الموضة من الولايات المتحدة الأميركية، لكن جاءها الرد جازماً: «ليست هناك إمكانية على الإطلاق». عوض أن يُحبطها الرد ولَّد لديها تحدياً. أما تانيا فارس، فكانت عضوة أساسية في منظمة «فاشن تراست» البريطانية منذ عام 2011، وهي منظمة غير ربحية تستهدف دعم المصممين الشباب مادياً ولوجيستياً، بتدريبهم ومساعدتهم على بناء بيوت أزياء مبنية على أسس متينة. نجاح هذه المبادرة في دعم مصممين ومصممات حلَّقوا إلى العالمية، من أمثال إيرديم موراغليو، ماريا كاترانزو، إميليا ويكستيد، صوفيا ويبستر وغيرهم ألهمت تانيا. تساءلت: «لمَ لا يكون لدينا في الوطن العربي منظمة مماثلة تدعم مصممين شباباً لا يقلون موهبة عن نظرائهم في الغرب؟ فكل ما يحتاجون إليه هو تحفيزهم على الابتكار والإبداع؛ بإعطائهم الأمل وتوفير الفرص».
كانت تعرف مثل الشيخة المياسة أن المنطقة تشهد منذ سنوات حراكاً غير مسبوق يقوده شباب يعشقون الموضة ويعتزون بجذورهم وموروثاتهم الثقافية والفنية. شباب لم يعد يريد أن يجلس على الضفة المتلقية؛ فأحلامه أكبر من ذلك بكثير. وهكذا، في عام 2018، تحولت فكرة عمرها لأكثر من 15 سنة إلى منصة أحلام غير ربحية، اسمها «فاشن تراست أرابيا»، فتحت الأبواب على مصراعيها أمام كل مُبدع ناشئ، من المغرب إلى الشرق الأوسط؛ لنيل جائزة مادية قيِّمة تتراوح ما بين 100 ألف و200 ألف دولار أميركي، إلى جانب تدريبات وعمليات تطوير مستدامة على مدى سنة.


مقالات ذات صلة

ماذا أرتدي في الأولمبياد؟ كن أنيقاً وابقَ مرتاحاً

لمسات الموضة حشد من رجال الشرطة والجيش لتأمين العاصمة الفرنسية قبل افتتاح ألعاب باريس (رويترز)

ماذا أرتدي في الأولمبياد؟ كن أنيقاً وابقَ مرتاحاً

الإرشادات المناسبة للملابس لتحقيق التوازن بين الأناقة والراحة عند حضور الألعاب الأولمبية الصيفية هذا العام.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
لمسات الموضة أجواء العمل وطبيعته تفرض أسلوباً رسمياً (جيورجيو أرماني)

كيف تختار ملابس العمل حسب «الذكاء الاصطناعي»؟

اختيار ملابس العمل بشكل أنيق يتطلب الاهتمام، بعض النصائح المهمة قدمها لك «الذكاء الاصطناعي» لتحقيق ذلك.

«الشرق الأوسط» (لندن)
لمسات الموضة دار «ديور» تدافع عن نفسها

دار «ديور» تدافع عن نفسها

ضجّت مواقع التواصل الاجتماعي، واستنفرت وسائل الإعلام أقلامها في الأسابيع الأخيرة، تدين كلاً من «ديور» و«جيورجيو أرماني».

«الشرق الأوسط» (لندن)
لمسات الموضة كيف يختار الرجال ملابس العمل بشكل أنيق؟

كيف يختار الرجال ملابس العمل بشكل أنيق؟

شارك ديريك جاي، خبير الموضة ببعض نصائح للرجال لاختيار الملابس المناسبة للمكتب.

«الشرق الأوسط» (لندن)
لمسات الموضة صورة جماعية لعائلة أمباني (أ.ب)

عُرس أمباني... انتقادات كثيرة وإيجابيات كبيرة

بينما عدّه البعض زواج الأحلام بتفاصيله وجواهره وألوانه، وصفه البعض الآخر بالسيرك أو فيلم بوليوودي.

جميلة حلفيشي (لندن)

بيضة «فابيرجيه» الجديدة بمليون دولار… فمن يشتري؟

يقدر سعرها بأكثر من مليون دولار والأحجار هي السبب (فابيرجيه)
يقدر سعرها بأكثر من مليون دولار والأحجار هي السبب (فابيرجيه)
TT

بيضة «فابيرجيه» الجديدة بمليون دولار… فمن يشتري؟

يقدر سعرها بأكثر من مليون دولار والأحجار هي السبب (فابيرجيه)
يقدر سعرها بأكثر من مليون دولار والأحجار هي السبب (فابيرجيه)

شهر يوليو (تموز) هو شهر الياقوت. حجر أندر من الألماس الشفّاف، ويسجّل في المزادات العلنية أعلى سعر للقيراط الواحد من بين جميع الأحجار الكريمة (باستثناء الألماس الملوّن). لهذا تحرص العديد من دور المجوهرات على أن تطرح كل ما هو مرصع بهذا الحجر الكريم أو على الأقل تعيد تسليط الضوء عليه هذا الشهر. دار «فابيرجيه» Fabergé واحدة منها. فهي تنضوي تحت راية شركة «Gemfields»، التي تملك مناجم خاصة بالياقوت والزمرد في موزمبيق، وبالتالي تُوفِر لحرفيي الدار أكثر الأنواع جودة من حيث اللون والصفاء لتمكينهم من إبداع تصاميم تتراوح بين الأقراط المرصّعة بحجر الياقوت والألماس الوردي، والخواتم وغيرها.

بيضة ملايكا تجسد كل معاني الترف والإبداع الفني والتقني (فابيرجيه)

لكن كل هذه التصاميم في ناحية، وبيضة «ملايكا» Malaika التي طرحتها حديثاً بمناسبة شهر الياقوت في ناحية. ففي هذه التحفة التي يقدر سعرها بـ1.200.000 دولار، تتلاقى أحجار ياقوت نادرة مع الألماس الأبيض والبني، والسافير الوردي، والجمشت واللؤلؤ على قاعدة من الذهب الوردي عيار 18 قيراطاً. صُمّمت على يد فريق من الحرفيّين في إنجلترا، لهم باع في أصول الحِرف اليدوية المتوارثة عن الأجداد وفي الوقت ذاته يحترمون أسلوب مؤسس الدار بيتر كارل فابيرجيه.

سعرها له ما يُبرره، فهي مرصعة بـ4312 ألماسة بيضاء مستديرة و252 ألماسة بُنِية مستديرة و308 أحجار ياقوت، فيما يكتمل التصميم بـ421 حجر سافير وردياً و61 حجراً من الجمشت. كلّها تستند على قاعدة من الذهب الوردي عيار 18 قيراطاً، الذي كان المؤسّس بيتر كارل أوّل مَن استخدمه في تصاميمه، ولا تزال الدار حتّى اليوم تستعين به في الكثير من إبداعاتها. طلاء المينا تقنية جمالية أخرى برع فيها بيتر كارل، بل وكان ريادياً فيها، حيث استخدم أكثر من 145 لوناً، لتصبح التقنيات التي ابتكرها لصيقة بأسلوب الدار وتقتدي بها دور مجوهرات أخرى.

ورث حرفيو الدار تقنيات استعملها المؤسس بيتر كارل فابيرجيه وكانت ريادية (فابيرجيه)

تشرح الدار أن الطلاء بالمينا عمليّة بالغة الدقة يتمّ فيها لصق الزجاج الملوّن بقوام البودرة على سطح القطعة، على حرارة 800 درجة مئوية تقريباً. أي خطأ مهما كان صغيراً يمكن أن يكلف الحرفيين المسؤولين الكثير من الجهد والوقت. مثلاً إذا تجاوزت القطعة المدة المطلوبة، وبقيت في الفرن ولو لثوانٍ، يضطرون إلى بدء العملية من الصفر. في هذه التحفة نجح حرفيو الدار في تلوينها يدوياً وبدقّة متناهية مستعملين ما لا يقل عن ثلاث طبقات من الطلاء كان عليهم إدخالها للفرن خمس مرّات، حتى يتمكَّنوا من إبراز جمال الضوء عندما ينعكس على الطلاء.

ما خفي أعظم

تتفتح البيضة بميكانيكية عالية تحاكي الأجنحة فتظهر في الوسط ياقوتة من الدرجة الأولى (فابيرجيه)

المظهر الخارجي ليس وحده ما يميز هذه التحفة. فعند برم حلقة اللؤلؤ على القاعدة بعكس اتّجاه عقارب الساعة، تتفتّح شفرات البيضة ببطء، في محاكاة رائعة لأجنحة الملائكة التي تأخذ منها اسمها «ملايكا». تتفتّح الأجنحة الخمسة، لتكشف عن جوهرة ثمينة داخل كرة مصمّمة من الذهب الوردي المخرّم، عبارة عن حجرة ياقوت مستدام وزنه 5 قراريط.

عند فتح الكرة الذهبية وإخراج هذه الياقوتة من البيضة، يتمكن الناظر من تأمّلها عن كثب والاستمتاع بتوهجها وعمق لونها. كما يُمكن عند فصلها استخدامها لترصيع قطعة مجوهرات مصمّمة خصيصاً لصاحب البيضة.

تاريخ قديم حديث

اقترن لون الياقوت الأحمر المميّز بالمشاعر الجيّاشة المتباينة بين الحبّ والخطر (فابيرجيه)

اللافت في الياقوت تحديداً أنه رغم تكونه في باطن الأرض قبل أكثر من 500 مليون سنة، فإنه لم يكتشف في موزمبيق حتى عام 2009، في منجم مونتيبويز الواقع في مقاطعة «كابو ديلغادو» شمال البلاد، على حدود المحيط الهندي وتنزانيا. كانت شركة «جيمفيلدز» هي التي اكتشفنه، ومنذ ذلك الحين، وهي تحرص على أن تكون عادلة بتخصيصها نسبة من الإيرادات إلى موزمبيق. تُسدَّد الضرائب بالكامل على مبيعاتها في المزادات العلنية، لإيمانها بأنّ هذه الثروة المتمثلة في الأحجار الكريمة يجب أن تعود بالنفع على بلد المنشأ، والمجتمعات المحلية المحيطة بالمنجم. من هذا المنظور سيذهب مبلغ قدره 100 ألف دولار من مبيعات هذه البيضة لجمعيّة «جيمفيلدز» Gemfields الخيرية الداعمة للمشاريع المحلية الهادفة إلى التخفيف من وطأة الفقر في موزمبيق.