مصر تعتزم تعديل القوانين لتحقيق «العدالة الناجزة»

السيسي يتعهد بالقصاص لبركات.. وحزمة تشريعات على مائدة الحكومة الأربعاء

مصر تعتزم تعديل القوانين لتحقيق «العدالة الناجزة»
TT

مصر تعتزم تعديل القوانين لتحقيق «العدالة الناجزة»

مصر تعتزم تعديل القوانين لتحقيق «العدالة الناجزة»

دفعت حادثة اغتيال النائب العام المصري المستشار هشام بركات ملف بطء إجراءات التقاضي إلى سطح الأحداث أملا في تحقيق العدالة الناجزة، والذي يراه كثير من المراقبين عاملا حاسما في مواجهة الإرهاب على أرض مصر، حيث إن أحد أسباب تفاقم العنف والإرهاب هو تأخر الحسم في القضايا المنظورة والتي وصل عمر بعضها في أروقة المحاكم إلى بضع سنوات.
وخلال كلمة له أثناء تشييع جثمان المستشار بركات في جنازة عسكرية اليوم، أعلن الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي عن اعتزام الدولة تعديل القوانين من أجل تحقيق العدالة بأسرع وقت. وقال السيسي خلال عزائه لأسرة النائب العام، إن «دم (الشهيد) هشام بركات في رقبة المصريين جميعا، وعلى رأسهم الجيش والشرطة والقضاء والإعلام.. والعدالة الناجزة مغلولة بالقوانين؛ ولكننا سنعدل القوانين لنحقق العدالة بأسرع وقت».
وتابع السيسي قائلا، إن «النائب العام هو صوت مصر، ولن يستطيع أحد أن يسكت صوت مصر»، وشدد الرئيس على أن «العمل الإرهابي الغاشم الذي استشهد خلاله المستشار بركات لن ينال من تماسك وترابط المصريين، لأننا واقفون على أرض صلبة»، مؤكدا أن مصر تجابه حربا ضخمة وعدوا خسيسا، والجيش والشرطة والقضاء يدفعان الثمن فداء لمصر.
ويأتي تعهد السيسي بتعديل القوانين في وقت أكد فيه المستشار أحمد الزند، وزير العدل المصري، مساء أمس، أن «وزارة العدل ستدخل اجتماع مجلس الوزراء يوم الأربعاء المقبل بحزمة تشريعية جديدة تختص بتقصير مدة التقاضي في القضايا الخاصة بالإرهاب»، بحسب تعبيره في تصريح لإحدى الفضائيات تعليقا على بطء التقاضي، موضحا أن «وزارة العدل ستشفي غليل الشعب المصري بالتشريعات الجديدة، وسيتم استرداد كرامة الوطن وجزء كبير من دماء الشهداء».
ويشير عدد كبير من السياسيين والقانونيين في مصر إلى أن بطء التقاضي، وتعدد درجاته والتي تسمح بعض الثغرات التشريعية باستخدامها لإطالة أمد المحاكمة، وربما الإفلات من العقاب لخطأ إجرائي على سبيل المثال، هو أحد العوامل المساعدة بقوة على تفشي العنف نظرا لغياب الرادع الفعلي.
وبحسب رجال قضاء، فإن قانون الإجراءات الجنائية المصري به الكثير من الثغرات والعيوب، وكثرت المطالبات بتعديله خلال الأعوام الماضية، دافعين بأن القضاة لا يتحملون ذنب إطالة المحاكمات لأنهم يعملون وفقا للقوانين المنظمة وليس وفق أهوائهم؛ بل إنهم في حال محاولة حسم المحاكمة واختصار وقتها، سيتسببون في نقض الحكم نظرا لأنه خالف القانون.



الحوثيون يكثّفون حملة الاعتقالات في معقلهم الرئيسي

جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
TT

الحوثيون يكثّفون حملة الاعتقالات في معقلهم الرئيسي

جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)

أطلقت الجماعة الحوثية سراح خمسة من قيادات جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في مناطق سيطرتها، بضمانة عدم المشاركة في أي نشاط احتجاجي أو الاحتفال بالمناسبات الوطنية، وفي المقابل كثّفت في معقلها الرئيسي، حيث محافظة صعدة، حملة الاعتقالات التي تنفّذها منذ انهيار النظام السوري؛ إذ تخشى تكرار هذه التجربة في مناطق سيطرتها.

وذكرت مصادر في جناح حزب «المؤتمر الشعبي» لـ«الشرق الأوسط»، أن الوساطة التي قادها عضو مجلس حكم الانقلاب الحوثي سلطان السامعي، ومحافظ محافظة إب عبد الواحد صلاح، أفضت، وبعد أربعة أشهر من الاعتقال، إلى إطلاق سراح خمسة من أعضاء اللجنة المركزية للحزب، بضمانة من الرجلين بعدم ممارستهم أي نشاط معارض لحكم الجماعة.

وعلى الرغم من الشراكة الصورية بين جناح حزب «المؤتمر» والجماعة الحوثية، أكدت المصادر أن كل المساعي التي بذلها زعيم الجناح صادق أبو راس، وهو عضو أيضاً في مجلس حكم الجماعة، فشلت في تأمين إطلاق سراح القادة الخمسة وغيرهم من الأعضاء؛ لأن قرار الاعتقال والإفراج مرتبط بمكتب عبد الملك الحوثي الذي يشرف بشكل مباشر على تلك الحملة التي طالت المئات من قيادات الحزب وكوادره بتهمة الدعوة إلى الاحتفال بالذكرى السنوية للإطاحة بأسلاف الحوثيين في شمال اليمن عام 1962.

قيادات جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في صنعاء يتعرّضون لقمع حوثي رغم شراكتهم الصورية مع الجماعة (إكس)

في غضون ذلك، ذكرت وسائل إعلام محلية أن الجماعة الحوثية واصلت حملة الاعتقالات الواسعة التي تنفّذها منذ أسبوعين في محافظة صعدة، المعقل الرئيسي لها (شمال)، وأكدت أنها طالت المئات من المدنيين؛ حيث داهمت عناصر ما يُسمّى «جهاز الأمن والمخابرات»، الذين يقودهم عبد الرب جرفان منازلهم وأماكن عملهم، واقتادتهم إلى معتقلات سرية ومنعتهم من التواصل مع أسرهم أو محامين.

300 معتقل

مع حالة الاستنفار التي أعلنها الحوثيون وسط مخاوف من استهداف قادتهم من قبل إسرائيل، قدّرت المصادر عدد المعتقلين في الحملة الأخيرة بمحافظة صعدة بنحو 300 شخص، من بينهم 50 امرأة.

وذكرت المصادر أن المعتقلين يواجهون تهمة التجسس لصالح الولايات المتحدة وإسرائيل ودول أخرى؛ حيث تخشى الجماعة من تحديد مواقع زعيمها وقادة الجناح العسكري، على غرار ما حصل مع «حزب الله» اللبناني، الذي أشرف على تشكيل جماعة الحوثي وقاد جناحيها العسكري والمخابراتي.

عناصر من الحوثيين خلال حشد للجماعة في صنعاء (إ.ب.أ)

ونفت المصادر صحة التهم الموجهة إلى المعتقلين المدنيين، وقالت إن الجماعة تسعى لبث حالة من الرعب وسط السكان، خصوصاً في محافظة صعدة، التي تستخدم بصفتها مقراً أساسياً لاختباء زعيم الجماعة وقادة الجناح العسكري والأمني.

وحسب المصادر، تتزايد مخاوف قادة الجماعة من قيام تل أبيب بجمع معلومات عن أماكن اختبائهم في المرتفعات الجبلية بالمحافظة التي شهدت ولادة هذه الجماعة وانطلاق حركة التمرد ضد السلطة المركزية منذ منتصف عام 2004، والتي تحولت إلى مركز لتخزين الصواريخ والطائرات المسيّرة ومقر لقيادة العمليات والتدريب وتخزين الأموال.

ومنذ سقوط نظام الرئيس السوري بشار الأسد وانهيار المحور الإيراني، استنفرت الجماعة الحوثية أمنياً وعسكرياً بشكل غير مسبوق، خشية تكرار التجربة السورية في المناطق التي تسيطر عليها؛ حيث نفّذت حملة تجنيد شاملة وألزمت الموظفين العموميين بحمل السلاح، ودفعت بتعزيزات كبيرة إلى مناطق التماس مع القوات الحكومية خشية هجوم مباغت.

خلق حالة رعب

بالتزامن مع ذلك، شنّ الحوثيون حملة اعتقالات شملت كل من يُشتبه بمعارضته لسلطتهم، وبررت منذ أيام تلك الحملة بالقبض على ثلاثة أفراد قالت إنهم كانوا يعملون لصالح المخابرات البريطانية، وإن مهمتهم كانت مراقبة أماكن وجود قادتها ومواقع تخزين الأسلحة في صنعاء.

وشككت مصادر سياسية وحقوقية في صحة الرواية الحوثية، وقالت إنه ومن خلال تجربة عشرة أعوام تبيّن أن الحوثيين يعلنون مثل هذه العمليات فقط لخلق حالة من الرعب بين السكان، ومنع أي محاولة لرصد تحركات قادتهم أو مواقع تخزين الصواريخ والمسيرات.

انقلاب الحوثيين وحربهم على اليمنيين تسببا في معاناة ملايين السكان (أ.ف.ب)

ووفق هذه المصادر، فإن قادة الحوثيين اعتادوا توجيه مثل هذه التهم إلى أشخاص يعارضون سلطتهم وممارساتهم، أو أشخاص لديهم ممتلكات يسعى قادة الجماعة للاستيلاء عليها، ولهذا يعمدون إلى ترويج مثل هذه التهم التي تصل عقوبتها إلى الإعدام لمساومة هؤلاء على السكوت والتنازل عن ممتلكاتهم مقابل إسقاط تلك التهم.

وبيّنت المصادر أن المئات من المعارضين أو الناشطين قد وُجهت إليهم مثل هذه التهم منذ بداية الحرب التي أشعلتها الجماعة الحوثية بانقلابها على السلطة الشرعية في 21 سبتمبر (أيلول) عام 2014، وهي تهم ثبت زيفها، ولم تتمكن مخابرات الجماعة من تقديم أدلة تؤيد تلك الاتهامات.

وكان آخرهم المعتقلون على ذمة الاحتفال بذكرى الإطاحة بنظام حكم أسلافهم في شمال اليمن، وكذلك مالك شركة «برودجي» التي كانت تعمل لصالح الأمم المتحدة، للتأكد من هوية المستفيدين من المساعدات الإغاثية ومتابعة تسلمهم تلك المساعدات؛ حيث حُكم على مدير الشركة بالإعدام بتهمة التخابر؛ لأنه استخدم نظام تحديد المواقع في عملية المسح، التي تمت بموافقة سلطة الحوثيين أنفسهم