ميليشيات الحشد الشعبي تفجر موجة غضب عارمة في الأنبار باعتدائها على أحد شيوخها

اتهامات لها بحرق عشرات المنازل في ناحية النخيب على حدود كربلاء

شيوخ عشائر في الأنبار يحضرون احتفالا أقيم مؤخرا بتخرج دفعة من المقاتلين من أبناء العشائر في قاعدة الحبانية غرب بغداد (أ.ب)
شيوخ عشائر في الأنبار يحضرون احتفالا أقيم مؤخرا بتخرج دفعة من المقاتلين من أبناء العشائر في قاعدة الحبانية غرب بغداد (أ.ب)
TT

ميليشيات الحشد الشعبي تفجر موجة غضب عارمة في الأنبار باعتدائها على أحد شيوخها

شيوخ عشائر في الأنبار يحضرون احتفالا أقيم مؤخرا بتخرج دفعة من المقاتلين من أبناء العشائر في قاعدة الحبانية غرب بغداد (أ.ب)
شيوخ عشائر في الأنبار يحضرون احتفالا أقيم مؤخرا بتخرج دفعة من المقاتلين من أبناء العشائر في قاعدة الحبانية غرب بغداد (أ.ب)

أثارت ميليشيات الحشد الشعبي موجة غضب عارمة في محافظة الأنبار باعتدائها على أحد شيوخ عشائرها التي تتصدى لتنظيم داعش. وكشف مجلس محافظة الأنبار أمس، أن «عناصر غير منضبطة» في ميليشيات الحشد الشعبي اعتدوا على أحد شيوخ المحافظة بعد مداهمة منزله في بلدة الخالدية، شرق الرمادي، وطالب رئيس الوزراء حيدر العبادي بـ«طرد» هذه العناصر فورًا من المحافظة. كما طالب المجلس باعتقال مرتكبي الاعتداء وإحالتهم إلى القضاء.
وقال فالح العيساوي، نائب رئيس مجلس محافظة الأنبار، في حديث لـ«الشرق الأوسط» إن «الأنبار بكل مسؤوليها وحكومتها وشيوخ عشائرها تدين وبشدة قيام عناصر غير منضبطة في الحشد الشعبي بمداهمة منزل الشيخ خالد المحمدي وهو أحد قياديي العشائر المتصدين لتنظيم داعش في مدينة الخالدية، والاعتداء عليه بالضرب والسب والشتم»، مشيرا إلى أن «أبناء الأنبار يدينون هكذا أفعال وهي تتنافى مع تقاليد العشائر وتهين مشاعرها وكرامتها وهي مرفوضة بالمطلق».
وأضاف العيساوي أن «السبب الرئيس لرفضنا دخول الحشد الشعبي ومن ثم تأخرنا بطلب مساندته لتحرير الأنبار هو خشيتنا من حدوث مثل هذه التصرفات المرفوضة التي أججت المواقف الرافضة لوجود الحشد الشعبي في الأنبار والتي سترفع من رصيد تنظيم داعش الإرهابي في المحافظات العراقية السنية». وأشار العيساوي إلى أن الشيخ خالد المحمدي يعتبر من كبار الشيوخ في المحافظة وأحد كبار المتصدين لتنظيم داعش وهو أول من رفع السلاح بوجه التنظيم.
من ناحية ثانية، طالب مجلس الأنبار رئيس الوزراء بفتح تحقيق عاجل في حرق ميليشيات الحشد الشعبي عشرات المنازل في ناحية النخيب المحاذية لمحافظة كربلاء. وقال المجلس في بيان، إن «عناصر بالحشد الشعبي والميليشيات التابعة لها قامت بانتهاكات خطيرة في ناحية النخيب من خلال حرق عشرات المنازل والدور الآمنة». وأضاف المجلس أن «تلك العناصر اعتدت بالضرب والسب والشتم على أهالي ناحية النخيب وقامت بعمليات الحرق لمنازلهم بعدها دون وجود رادع من القوات الأمنية لإيقاف تصرفات هذه العناصر وأفعالهم». وطالب المجلس العبادي بفتح تحقيق عاجل وفوري وتقديم المتهمين إلى العدالة لينالوا جزاءهم العادل وسحب ميليشيات الحشد الشعبي من النخيب وتعويض العوائل المتضررة من تلك الأفعال.
من جانبه، قال الشيخ رعد السليمان، أحد كبار شيوخ العشائر في محافظة الأنبار، لـ«الشرق الأوسط» إن «الكثيرين اتهمونا بالطائفية بعد أن رفضنا بشكل قاطع مشاركة ميليشيات الحشد الشعبي ودخولها إلى الأنبار لأننا على علم مسبق بهذا الذي حدث وسيحدث، فالغرض من وجود الميليشيات في مدن الأنبار معروف ومبيت».
وأضاف السليمان أن «الأنبار لم ولن تتحرر من سطوة تنظيم داعش الإرهابي إلا بيد أبنائها فهم الوحيدون القادرون على طرد المسلحين مثلما طردوهم في العام 2006 وأنقذوا العراق من شر تنظيم القاعدة الذي كان يسيطر على البوابة الغربية للعراق». وأكد السليمان أنه «بمجرد تسليح أبناء الأنبار وتجهيزهم على غرار ما تقدمه الحكومة لميليشيات الحشد الشعبي سيقضي رجال الأنبار على داعش في غضون أيام».
هذا ما أكده محافظ الأنبار صهيب الراوي أيضا، إذ صرح لـ«الشرق الأوسط» بأن «أبناء الأنبار قادرون على تحرير مدنهم من سيطرة مسلحي تنظيم داعش عليها ونحن نسعى إلى تجهيز أكثر من 17 ألف مقاتل أتموا التدريب». وأضاف الراوي «لقد شكلت أفواج قتالية تدربت على أعلى المستويات في القتال وسط المدن وحرب الشوارع شملت جميع العناصر من منتسبي الداخلية من فرق دفاع مدني وشرطة مرور وغيرهم على أن يعودوا إلى أماكنهم السابقة بعد تحرير المحافظة».
ميدانيا، ذكر مصدر أمني في قضاء القائم، 450 كلم غرب الرمادي، أن طائرات التحالف الدولي قصفت معامل يستخدمها مسلحو تنظيم داعش في تفخيخ السيارات. وقال المصدر إن «القصف أدى أيضا إلى مقتل وإصابة العشرات من مسلحي التنظيم». من جهة أخرى، أفاد مصدر أمني في شرطة الأنبار بأن تنظيم داعش أقدم على إعدام 25 معتقلاً، من أبناء مدينة الفلوجة والمناطق المجاورة لها. وأشار المصدر إلى أن تنظيم داعش يعمل على تقليص عدد سجنائه في الفلوجة، والذين بلغ عددهم أكثر من 1500 معتقل، بينهم ضباط سابقون من ذوي الرتب العالية، وشيوخ عشائر، وأساتذة، ومقاولون، وتجار وشخصيات أخرى معروفة.



قتال عنيف في منبج... وتوتر في حمص والساحل

رجال موقوفون في إطار حملة على خلايا موالية للنظام السابق في حمص الجمعة (أ.ب)
رجال موقوفون في إطار حملة على خلايا موالية للنظام السابق في حمص الجمعة (أ.ب)
TT

قتال عنيف في منبج... وتوتر في حمص والساحل

رجال موقوفون في إطار حملة على خلايا موالية للنظام السابق في حمص الجمعة (أ.ب)
رجال موقوفون في إطار حملة على خلايا موالية للنظام السابق في حمص الجمعة (أ.ب)

بينما واصلت السلطات السورية الجديدة حملاتها لملاحقة خلايا تتبع النظام السابق في أحياء علوية بمدينة حمص وفي الساحل السوري، أفاد «المرصد السوري لحقوق الإنسان»، الجمعة، بأن قتالاً عنيفاً يدور بين الفصائل المدعومة من تركيا وقوات سوريا الديمقراطية (قسد) التي يقودها الأكراد في منطقة منبج شمال سوريا.

وأشار «المرصد السوري» الذي يتخذ من بريطانيا مقراً له، إلى مقتل ما لا يقل عن 28 عنصراً من الفصائل الموالية لتركيا في الاشتباكات في محيط مدينة منبج. وذكر «المرصد» أيضاً أن الجيش التركي قصف بعنف مناطق تسيطر عليها «قسد».

وجاء ذلك في وقت قالت فيه «قوات سوريا الديمقراطية» إن القوات الموالية لتركيا شنّت هجوماً واسع النطاق على عدة قرى جنوب منبج وشرقها، مؤكدة أنها نجحت في التصدي للمهاجمين الذين يحاولون منذ أيام السيطرة على المنطقة المحيطة بسد تشرين على نهر الفرات.

جانب من تشييع مقاتلَيْن كرديين قُتلا في معارك منبج ودُفنا في القامشلي بشمال شرقي سوريا يوم الخميس (أ.ف.ب)

وتريد تركيا طرد «وحدات حماية الشعب» الكردية التي تشكّل عماد «قوات سوريا الديمقراطية» من المنطقة؛ بحجة أنها فرع سوري لـ«حزب العمال الكردستاني» المصنّف إرهابياً.

إلى ذلك، في حين كان التوتر يتصاعد في الأحياء ذات الغالبية العلوية في حمص خلال عمليات دهم بحثاً عن عناصر من النظام السابق وتصل ارتداداته إلى الساحل السوري، اجتمع نحو خمسين شخصية من المجتمع الأهلي بصفتهم ممثلين عن طوائف دينية وشرائح اجتماعية في محافظة طرطوس مع ممثلين سياسيين من إدارة العمليات العسكرية (التي تولت السلطة في البلاد الآن بعد إطاحة نظام الرئيس السابق بشار الأسد). وعلى مدى أربع ساعات، طرح المشاركون بصراحة مخاوف المناطق الساحلية؛ حيث تتركز الغالبية الموالية للنظام السابق، وتم التركيز على السلم الأهلي والتماسك المجتمعي في سوريا عموماً والساحل السوري خصوصاً، بعد تقديم إحاطة سياسية حول الوضع في الداخل السوري والوضع الدولي، والتطورات الحالية وتأثيرها في الواقع السوري.

قوات أمنية خلال عمليات التمشيط في حمص الجمعة (أ.ب)

قالت ميسّرة الجلسة الصحافية، لارا عيزوقي، لـ«الشرق الأوسط»، إن المشاركين في الجلسة التي نظّمتها «وحدة دعم الاستقرار» (s.s.u) مثّلوا أطيافاً واسعة من المجتمع المحلي، من مختلف الطوائف الدينية، والشرائح الاجتماعية، بالإضافة إلى مشاركة ممثلين سياسيين من إدارة العمليات. وأكدت لارا عيزوقي أن أبرز مطلب للوفد الأهلي كان ضرورة إرساء الأمن، مشيرة إلى تقديم اقتراح بتفعيل لجان حماية محلية؛ بحيث تتولى كل منطقة حماية نفسها في المرحلة الراهنة لمنع الفوضى، مع الاستعداد لتسليم المطلوبين، على أن تُمنح ضمانات فعلية لمنع الانتقامات.

معتقلون يُشتبه بأنهم من النظام السابق في حمص الجمعة (أ.ب)

وتابعت لارا عيزوقي أن الافتقار إلى الأمن، وحالة الانفلات على الطرقات، أديا إلى إحجام كثير من الأهالي عن إرسال أولادهم إلى المدارس والجامعات، وبالتالي حرمانهم من التعليم. وأشارت إلى أن الجلسة الحوارية تضمّنت مطالبات بالإفراج عن المجندين الإلزاميين الذين كانوا في جيش النظام السابق رغماً عنهم، وجرى اعتقالهم من قِبل إدارة العمليات.

ولفتت إلى أن الوفد الأهلي شدد أيضاً على ضرورة وضع حد لتجاوزات تحدث، مضيفة أنه جرت مناقشة مطولة لما جرى في قرية خربة معزة؛ حيث أقر الأهالي بخطأ حماية المطلوبين، وأن ذلك لا يبرر التجاوزات التي حصلت أثناء المداهمات.

يُشار إلى أن اشتباكات حصلت في طرطوس في 25 ديسمبر (كانون الأول) الماضي لدى ملاحقة قوى الأمن الضابط في جيش النظام السابق محمد حسن كنجو الملقب بـ«سفاح سجن صيدنايا»، وهو رئيس محكمة الميدان العسكري التي تُتهم بأنها السبب في مقتل آلاف المعتقلين.

ومما طرحه أهالي طرطوس، في الجلسة، مطلب صدور عفو عام، إذ إن هناك مئات من الشباب المتعلم اضطرهم الفقر إلى العمل في الأجهزة الأمنية والعسكرية التابعة للنظام. ويريد ممثلو الأهالي بحث إمكانية ضم هؤلاء إلى وزارة الدفاع مجدداً، لتجنّب الانعكاسات السلبية لكونهم عاطلين عن العمل. وحسب لارا عيزوقي، كشف ممثل الإدارة الجديدة عن نية «إدارة العمليات» إصدار عفو عام يستثني المتورطين بشكل مباشر في جرائم النظام السابق.

مواطنون في حمص خلال قيام قوات أمن الحكم الجديد بعمليات دهم الجمعة بحثاً عن عناصر من النظام السابق (أ.ب)

ولفتت لارا عيزوقي إلى وجود ممثلين عن شباب بأعمار تتراوح بين 20 و30 سنة، وقالت إنهم يعتبرون أنفسهم ينتمون الى سوريا، لا إلى طائفة معينة ولا يريدون الهجرة ويتطلعون الى لعب دور في مستقبل سوريا، متسائلين عن كيف يمكن أن يحصل ذلك إذا تمّ تأطيرهم داخل مكوّن طائفي.

وحول تسريح الموظفين، عبّر مشاركون عن مخاوف من تسريح آلاف الموظفين لا سيما النساء من ذوي قتلى النظام واللواتي تعلن عائلاتهن -مع لفت النظر إلى اتساع رقعة الفقر وتعمّقها في الساحل خلال سنوات الحرب- حالة الإفقار الممنهجة التي طالت محافظة طرطوس بصفتها محافظة زراعية تدهورت زراعتها في السنوات الماضية.

أطفال في شاحنة بمدينة حمص الجمعة (أ.ب)

وشهدت مدينة طرطوس، بين مساء الخميس وصباح الجمعة، حالة توتر مع توارد أنباء عن جريمة قتل وقعت قرب «شاليهات الأحلام» حيث تستقر مجموعات من «فصائل إدارة العمليات». وحسب المعلومات، أقدم مجهولون على إطلاق نار على شخصين، مما أدى إلى مقتل أحدهما وإصابة الآخر. وقال «المرصد السوري لحقوق الإنسان» إن الأهالي طالبوا «هيئة تحرير الشام» التي تقود إدارة العمليات العسكرية، «بوضع حد للاعتداءات والانتهاكات التي تُسهم في زعزعة الاستقرار وضرب السلم الأهلي الذي تعيشه المنطقة».

وأشار «المرصد» إلى أن ملثمين مسلحين أعدموا أحد أبناء حي الغمقة الشرقية في مدينة طرطوس، وهو شقيق شخص مطلوب بقضايا جنائية، وذلك خلال تفقد القتيل شاليهاً يملكه في منطقة «شاليهات الأحلام».

وتشهد مناطق تركز العلويين في محافظات حمص وطرطوس واللاذقية انفلاتاً أمنياً بسبب انتشار السلاح، وتحصّن مطلوبين من عناصر النظام السابق في أحياء وقرى، مما يثير مخاوف من تأجيج نزاع مناطقي.

يُشار إلى أن «إدارة العمليات العسكرية» استكملت، الجمعة، حملة التمشيط التي بدأتها في حمص يوم الخميس، وشملت أحياء العباسية والسبيل والزهراء والمهاجرين، بحثاً عن فلول ميليشيات النظام السابق. وأفيد باعتقال عشرات الأشخاص بينهم من أُفرج عنهم بعد ساعات فقط.