هل أنتج باحثو جامعة بوسطن نسخة أكثر خطورة من «كورونا»؟

جدل علمي وتحقيق رسمي

هل أنتج باحثو جامعة بوسطن نسخة أكثر خطورة من «كورونا»؟
TT

هل أنتج باحثو جامعة بوسطن نسخة أكثر خطورة من «كورونا»؟

هل أنتج باحثو جامعة بوسطن نسخة أكثر خطورة من «كورونا»؟

يواجه باحثون من جامعة بوسطن الأميركية اتهامات بأنهم أطلقوا العنان لظهور نسخة جديدة من فيروس «كورونا المستجد» أكثر فتكا، بعد نشرهم دراسة يزعمون فيها أنهم أنتجوا فيروسا هجينا، عن طريق دمج البروتين الشوكي لنسخة أوميكرون من الفيروس، مع النسخة الأصلية التي ظهرت في الصين.
واستندت الاتهامات الموجهة للباحثين إلى النتائج المنشورة في 14 أكتوبر (تشرين الأول) عن تلك النسخة الجديدة من الفيروس، في موقع ما قبل نشر الأبحاث «بيوركسيف»، والتي كشفوا من خلالها أن الفيروس الهجين كان أكثر فتكا بنوع من فئران التجارب من فيروس أوميكرون نفسه، مما أدى إلى مقتل 80 في المائة من الفئران المصابة.
وأخذت هذه الدراسة اهتماما كبيرا في وسائل الإعلام، التي انتقدت هذه الأبحاث، وزعمت أن العلماء قد أطلقوا العنان لمرض جديد.
ولا يوجد دليل على أن العمل، الذي احترم احتياطات مستوى الأمن الحيوي في مختبرات الأمراض المعدية الناشئة الوطنية في جامعة بوسطن، أُجري بشكل غير صحيح أو غير آمن. غير أن المعهد الوطني للحساسية والأمراض المعدية، الذي يمول أبحاث جامعة بوسطن حول فيروس كورونا المستجد ومتحوراته، لا يعلم شيئا عن هذه الدراسة، وهو ما دعا إميلي إيربلدينغ، مديرة قسم علم الأحياء الدقيقة والأمراض المعدية في المعهد، إلى القول في تصريحات لموقع «ذا ستيت» الطبي في 17 أكتوبر (تشرين الأول) الحالي، إن «المعهد يبحث عن بعض الإجابات، التي تتعلق بسبب معرفته بالعمل لأول مرة من خلال التقارير الإعلامية».
من جانبها، عارضت الجامعة لاحقا مزاعم بعض وسائل الإعلام بأن العمل تسبب في فيروس أكثر خطورة، وقالت راشيل لابال كافالاريو، نائب الرئيس المساعد للعلاقات العامة ووسائل التواصل الاجتماعي بالجامعة في بيان، إن العمل لم يؤد كما يزعم البعض، إلى مسببات أمراض أكثر خطورة. وأضافت «في الواقع، جعل هذا البحث (النسخ المتماثل) للفيروس أقل خطورة، وتوجد مجموعات بحثية أخرى قامت بعمل مماثل».
ووفق الدراسة المنشورة على موقع «بيوركسيف»، كان الهدف من البحث هو تحديد ما إذا كانت الطفرات في البروتين الشوكي من متغير «أوميكرون» مسؤولة عن زيادة قدرة هذا المتغير على التهرب من المناعة ضد الفيروس التي بناها البشر، وما إذا كانت التغييرات أدت إلى انخفاض معدل خطورة أوميكرون.
ولإثبات ذلك، تم دمج البروتين الشوكي لنسخة أوميكرون مع النسخة الأصلية التي ظهرت من الصين، فأنتجوا فيروسا هجينا، وأظهرت النتائج أن الفيروس الهجين كان أكثر فتكًا من أوميكرون نفسه، مما أدى إلى مقتل 80 في المائة من الفئران المصابة، والأهم من ذلك، أن سلالة ووهان الأصلية قتلت 100 في المائة من الفئران التي تم اختبارها عند المقارنة.
واستنتجت الدراسة من ذلك، أن الطفرات في البروتين الشوكي لمتغير أوميكرون هي المسؤولة عن قدرة السلالة على التهرب من المناعة التي تراكمت لدى الناس عن طريق التلقيح أو العدوى أو كليهما، لكنها ليست مسؤولة عن الانخفاض الواضح في شدة متغير أوميكرون ومتحوراته.
يقول محسن سعيد، من مختبرات جامعة بوسطن الوطنية للأمراض المعدية الناشئة في تعليق وزعته الجامعة «تماشيا مع الدراسات التي نشرها آخرون، يُظهر هذا العمل أنه ليس البروتين الشوكي هو المسؤول عن شدة المرض، لكن بدلاً من ذلك البروتينات الفيروسية الأخرى، وتحديد تلك البروتينات سيؤدي إلى تشخيص أفضل واستراتيجيات إدارة المرض».
ويأتي الجدل الدائر حول هذا البحث على خلفية شكوك أن النسخة الأصلية من فيروس كورونا المستجد، قد تكون نتيجة عرضية أو متعمدة لبحوث أجريت على الفيروسات التاجية بالخفافيش في معهد ووهان لعلم الفيروسات في الصين، وهي المدينة التي يعتقد أن الوباء قد بدأ فيها.
تقول وسائل الإعلام التي تثير هذا الجدل، إنه بموجب السياسة، التي تديرها وزارة الصحة والخدمات الإنسانية في أميركا، يجب إحالة المقترحات الخاصة بالقيام بأبحاث ممولة اتحاديا، والتي يمكن أن تنتج ما يسمى مسببات الأمراض، إلى لجنة الصحة والخدمات البشرية التي من شأنها تقييم مخاطر وفوائد العمل.
تقول إميلي إيربلدينغ، مديرة قسم علم الأحياء الدقيقة والأمراض المعدية في المعهد الوطني للحساسية والأمراض المعدية، الجهة الممولة لأبحاث جامعة بوسطن لموقع «ذا ستيت»، إنه «إذا كان المعهد الوطني على علم بخطط مجموعة جامعة بوسطن بتطوير فيروس هجين، فسيجرون مراجعة خاصة لمعرفة ما إذا كان ينبغي إحالة الأمر إلى لجنة الصحة والخدمات البشرية».
ومع ذلك، أشارت إيربلدينغ إلى أن بعض التغطية الإعلامية للدراسة بالغت في تقدير المخاطر التي قد يمثلها العمل، وأضافت «التركيز على أن معدل الوفاة 80 في المائة، لا يروي القصة كاملة، لأن سلالة ووهان الأصلية قتلت كل الفئران».
ويثير معدل الوفيات الذي شوهد في هذه السلالة من الفئران عندما أصيبوا بهذه الفيروسات تساؤلات حول مدى جودة النموذج البحثي الذي استخدمه الباحثون، لأن سلالة ووهان تسببت في وفاة أقل من 1 في المائة من المصابين، بحسب إيربلدينغ.
وأعربت عالمة الفيروسات بجامعة ساسكاتشوان الكندية أنجيلا راسموسن، التي لم تشارك في البحث، عن تعاطفها مع علماء جامعة بوسطن، قائلة إن هناك غموضا في القواعد المتعلقة بهذه الأبحاث، وهو ما كان يدفعها شخصيا لبذل جهد للتواصل مع الجهات المعنية للحصول على توضيح بشأن القواعد، لأنها ليست شفافة للغاية.
وأضافت «سئمت كثيرًا من الناس الذين يعتقدون أن علماء الفيروسات متهورون أو لا يهتمون بالسلامة البيولوجية، فالمشكلة ليست كذلك، بل تكمن في أن الإرشادات ليست واضحة والعملية غير شفافة».


مقالات ذات صلة

«كورونا» قد يساعد الجسم في مكافحة السرطان

صحتك أطباء يحاولون إسعاف مريضة بـ«كورونا» (رويترز)

«كورونا» قد يساعد الجسم في مكافحة السرطان

كشفت دراسة جديدة، عن أن الإصابة بفيروس كورونا قد تساعد في مكافحة السرطان وتقليص حجم الأورام.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
أوروبا الطبيب البريطاني توماس كوان (رويترز)

سجن طبيب بريطاني 31 عاماً لمحاولته قتل صديق والدته بلقاح كوفيد مزيف

حكم على طبيب بريطاني بالسجن لأكثر من 31 عاماً بتهمة التخطيط لقتل صديق والدته بلقاح مزيف لكوفيد - 19.

«الشرق الأوسط» (لندن )
الاقتصاد السعودية تصدرت قائمة دول «العشرين» في أعداد الزوار الدوليين بـ 73 % (واس)

السعودية الـ12 عالمياً في إنفاق السياح الدوليين

واصلت السعودية ريادتها العالمية بقطاع السياحة؛ إذ صعدت 15 مركزاً ضمن ترتيب الدول في إنفاق السيّاح الدوليين.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
صحتك تم تسجيل إصابات طويلة بـ«كوفيد- 19» لدى أشخاص مناعتهم كانت غير قادرة على محاربة الفيروس بشكل كافٍ (رويترز)

قرار يمنع وزارة الصحة في ولاية إيداهو الأميركية من تقديم لقاح «كوفيد»

قرر قسم الصحة العامة الإقليمي في ولاية إيداهو الأميركية، بأغلبية ضئيلة، التوقف عن تقديم لقاحات فيروس «كوفيد-19» للسكان في ست مقاطعات.

«الشرق الأوسط» (أيداهو)
أوروبا أحد العاملين في المجال الطبي يحمل جرعة من لقاح «كورونا» في نيويورك (أ.ب)

انتشر في 29 دولة... ماذا نعرف عن متحوّر «كورونا» الجديد «XEC»؟

اكتشف خبراء الصحة في المملكة المتحدة سلالة جديدة من فيروس «كورونا» المستجد، تُعرف باسم «إكس إي سي»، وذلك استعداداً لفصل الشتاء، حيث تميل الحالات إلى الزيادة.

يسرا سلامة (القاهرة)

السعودية تحتفي بإبداعات الثقافة العراقية في مهرجان «بين ثقافتين»

يسعى مهرجان «بين ثقافتين» إلى إثراء المعرفة الثقافية عبر تجاربَ فنيّةٍ مبتكرة (الشرق الأوسط)
يسعى مهرجان «بين ثقافتين» إلى إثراء المعرفة الثقافية عبر تجاربَ فنيّةٍ مبتكرة (الشرق الأوسط)
TT

السعودية تحتفي بإبداعات الثقافة العراقية في مهرجان «بين ثقافتين»

يسعى مهرجان «بين ثقافتين» إلى إثراء المعرفة الثقافية عبر تجاربَ فنيّةٍ مبتكرة (الشرق الأوسط)
يسعى مهرجان «بين ثقافتين» إلى إثراء المعرفة الثقافية عبر تجاربَ فنيّةٍ مبتكرة (الشرق الأوسط)

تحتفي وزارة الثقافة السعودية بنظيرتها العراقية في النسخة الثانية من مهرجان «بين ثقافتين» خلال الفترة من 18 إلى 31 ديسمبر (كانون الأول) المقبل في «ميقا استوديو» بالرياض، لتقدم رحلة استثنائية للزوار عبر الزمن، في محطاتٍ تاريخية بارزة ومستندة إلى أبحاث موثوقة، تشمل أعمالاً فنيّةً لعمالقة الفن المعاصر والحديث من البلدين.

ويجوب مهرجان «بين ثقافتين» في دهاليز ثقافات العالم ويُعرّف بها، ويُسلّط الضوء على أوجه التشابه والاختلاف بين الثقافة السعودية وهذه الثقافات، ويستضيف في هذه النسخة ثقافة العراق ليُعرّف بها، ويُبيّن الارتباط بينها وبين الثقافة السعودية، ويعرض أوجه التشابه بينهما في قالبٍ إبداعي.

ويُقدم المهرجانُ في نسخته الحالية رحلةً ثريّة تمزج بين التجارب الحسيّة، والبصريّة، والسمعية في أجواءٍ تدفع الزائر إلى التفاعل والاستمتاع بثقافتَي المملكة والعراق، وذلك عبر أربعة أقسامٍ رئيسية؛ تبدأ من المعرض الفني الذي يُجسّد أوجه التشابه بين الثقافتين السعودية والعراقية، ويمتد إلى مختلف القطاعات الثقافية مما يعكس تنوعاً ثقافياً أنيقاً وإبداعاً في فضاءٍ مُنسجم.

كما يتضمن المهرجان قسم «المضيف»، وهو مبنى عراقي يُشيّد من القصب وتعود أصوله إلى الحضارة السومرية، ويُستخدم عادةً للضيافة، وتُعقدُ فيه الاجتماعات، إلى جانب الشخصيات الثقافية المتضمن روّاد الأدب والثقافة السعوديين والعراقيين. ويعرض مقتطفاتٍ من أعمالهم، وصوراً لمسيرتهم الأدبية، كما يضم المعرض الفني «منطقة درب زبيدة» التي تستعيد المواقع المُدرَجة ضمن قائمة اليونسكو على درب زبيدة مثل بركة بيسان، وبركة الجميمة، ومدينة فيد، ومحطة البدع، وبركة الثملية، ويُعطي المعرض الفني لمحاتٍ ثقافيةً من الموسيقى، والأزياء، والحِرف اليدوية التي تتميز بها الثقافتان السعودية والعراقية.

ويتضمن المهرجان قسم «شارع المتنبي» الذي يُجسّد القيمة الثقافية التي يُمثّلها الشاعر أبو الطيب المتنبي في العاصمة العراقية بغداد، ويعكس الأجواء الأدبية والثقافية الأصيلة عبر متاجر مليئة بالكتب؛ يعيشُ فيها الزائر تجربةً تفاعلية مباشرة مع الكُتب والبائعين، ويشارك في ورش عمل، وندواتٍ تناقش موضوعاتٍ ثقافيةً وفكرية متعلقة بتاريخ البلدين.

وتُستكمل التجربة بعزفٍ موسيقي؛ ليربط كلُّ عنصر فيها الزائرَ بتاريخٍ ثقافي عريق، وفي قسم «مقام النغم والأصالة» يستضيف مسرح المهرجان كلاً من الفنين السعودي والعراقي في صورةٍ تعكس الإبداع الفني، ويتضمن حفل الافتتاح والخِتام إلى جانب حفلةٍ مصاحبة، ليستمتع الجمهور بحفلاتٍ موسيقية كلاسيكية راقية تُناسب أجواء الحدث، وسط مشاركةٍ لأبرز الفنانين السعوديين والعراقيين.

فيما يستعرض قسم «درب الوصل» مجالاتٍ مُنوَّعةً من الثقافة السعودية والعراقية تثري تجربة الزائر، وتُعرّفه بمقوّمات الثقافتين من خلال منطقة الطفل المتّسمة بطابعٍ حيوي وإبداعي بألوان تُناسب الفئة المستهدفة، إذ يستمتع فيها الأطفال بألعاب تراثية تعكس الثقافتين، وتتنوع الأنشطة بين الفنون، والحِرف اليدوية، ورواية القصص بطريقةٍ تفاعلية مما يُعزز التعلّم والمرح.

بينما تقدم منطقة المطاعم تجربةً فريدة تجمع بين النكهات السعودية والعراقية؛ لتعكس الموروث الثقافي والمذاق الأصيل للبلدين، ويستمتع فيها الزائر بتذوق أطباقٍ تراثية تُمثّل جزءاً من هوية وثقافة كل دولة، والمقاهي التي توفر تشكيلةً واسعة من المشروبات الساخنة والباردة، بما فيها القهوة السعودية المميزة بنكهة الهيل، والشاي العراقي بنكهته التقليدية مما يُجسّد روحَ الضيافة العربية الأصيلة.

ويسعى مهرجان «بين ثقافتين» إلى إثراء المعرفة الثقافية عبر تجاربَ فنيّةٍ مبتكرة تستعرض الحضارة السعودية والعراقية، وتُبرز التراث والفنون المشتركة بين البلدين، كما يهدف إلى تعزيز العلاقات بين الشعبين السعودي والعراقي، وتقوية أواصر العلاقات الثقافية بينهما، والتركيز على ترجمة الأبعاد الثقافية المتنوعة لكل دولة بما يُسهم في تعزيز الفهم المتبادل، وإبراز التراث المشترك بأساليب مبتكرة، ويعكس المهرجان حرص وزارة الثقافة على تعزيز التبادل الثقافي الدولي بوصفه أحد أهداف الاستراتيجية الوطنية للثقافة، تحت مظلة «رؤية المملكة 2030».