كلوز أب

مشهد من الفيلم التونسي «تحت الشجرة»
مشهد من الفيلم التونسي «تحت الشجرة»
TT

كلوز أب

مشهد من الفيلم التونسي «تحت الشجرة»
مشهد من الفيلم التونسي «تحت الشجرة»

مهرجان
تنطلق الدورة الثالثة والثلاثون من مهرجان «أيام قرطاج السينمائية» في العاصمة تونس كما فعلت عبر كل سنوات تاريخه. تونس تصبح ملاذاً جامعاً لأفلام عربية وأفريقية في مسابقاتها الرئيسية، ولا باسم من احتواء أفلام عالمية خارج المسابقة لمن يهوى.
عندما انطلق هذا المهرجان في الستينات، وضع نصب عينيه التخصص في دفع الأفلام العربية والأفريقية إلى الواجهة العالمية. هذا تخصص لم يكن متاحاً ولا يزال كذلك. خلال تاريخه عرض لمئات الأفلام التي حين العودة إليها تتبدّى كتأريخ لما مرّت به السينمائيين المذكورتين من مراحل تاريخية.
الدور ذاته ما زال يُمارس إلى اليوم ولو أن المصاعب الناجمة عن بضع سنوات أخيرة (في العقد الأول من هذا القرن) جعلته أضعف من أن يؤدي رسالته هذه على أفضل وجه. تحوّل إلى نوع من تحصيل الحاصل والواجب الذي لا بد منه حتى لا يتوقف عن الحدوث عوض أن يحمل رسالات أخرى أو تطويراً.
في الأعوام الثلاثة الأخيرة تم تركيبه على خط السكة الصحيحة من جديد لكنه ما زال في عصر متلاطم من الأفكار بحاجة إلى نهج تجديدي أو تطوّر فعلي يستعيد به أهميّته الإعلامية على الأقل.
تتمثل السينما التونسية في فيلمين مشاركين في مسابقة الأفلام الروائية الطويلة هما «تحت الشجرة» لأريح السهيري و«وحلة» لنادر الرجموني... يرقب الفيلم الأول ما يحصل عند موسم قطف التين بين الشبان والشابات اللذين يقومون بالمهمّة وفي البال تحليل عواطفهم حيال الآخرين. علاقات في بداياتها مرشحة للتطوّر وأخرى في بداياتها ونهاياتها أيضاً.
الفيلم الثاني هو أيضاً عن اكتشاف المشاعر ولو أن الفيلم يعد بأن يكون أكثر عمقاً درامياً من سابقه. حكاية رجل يجد نفسه في أزمة علاقة لا مع المرأة التي يحبها فقط، بل مع ماضيه العائلي كذلك.
المجتمع مدان في القرية وفي المدينة تبعاً لأحداث الفيلم الجزائري «الحياة ما بعد». إنه حول امرأة تترك القرية التي عاشت فيها مع ابنها الوحيد بعدما تعرضت لحملة تشويه أخلاقية. هي متهمة بعلاقة بريئة منها وقرارها اللجوء إلى المدينة أمر يبدو لا مهرب منه. لكن هناك أيضاً، تجد نفسها عرضة للتحرشات وشهوات الرجال في الوقت الذي قد يفلت ابنها من رعايتها تبعاً لحياة جديدة ومختلفة عن تلك السابقة.
من العراق فيلم «وراء الباب» لعدي مانع. حكاية مجرم حرب فار إلى خارج البلاد يجد نفسه مدافعاً عن امرأة لجأت إليه هرباً من جريمة لم ترتكبها.
الغالب (ونحن لم نشاهد هذه الأفلام بعد) أن المسألة هي توارد خواطر لكن الفيلم الإيراني «وراء الجدران» (الذي شوهد في مهرجان «فينيسيا») هو عن رجل يأوي امرأة متهمة بجريمة لم ترتكبها أيضاً.
من سوريا فيلم جديد لعبد اللطيف عبد الحميد عنوانه «الطريق» حول طالب طردته المدرسة فقرر جدّه استكمال تعليمه. عادة ما ينجح هذا المخرج في تحويل خيوط بسيطة إلى أعمال إنسانية بدلالات شخصية واجتماعية.
الفيلم العربي السادس والأخير هو «العبد» لعبد الإله الجوهري الذي يوفر قصّة شاب اسمه إبراهيم يصل إلى بلدة ويتقدم إلى سوقها عارضاً نفسه للبيع لمن يشتري. وراء ذلك أسباب دفينة يكشفها الفيلم بعد إحداث الصدمة المرجوّة.

مشاريع
هناك فكرة لا نستطيع أن نحكم عليها الآن، سلباً أو إيجاباً (ولو أنها تبدو غريبة بحد ذاتها) وهي الجمع بين شخصية وايد (كما أدّاها الممثل بيرت رينولدز في Deadpool مرّتين) وبين شخصية وولفرين (كما لعبها هيو جاكمن في سلسة X‪ - ‬Men ومشتقاتها). غرابة الفكرة هي أن كلتا الشخصيّتين مختلفتان في كل خصوصية من خصوصياتهما. ‬
مفهوم أن الجمع بين سوبرمان وباتمان قائم على لقاء شخصيّتين من «السوبرهيروز» يتماثلان قوّة وميادين عمل وقدرات.
لكن الأمر يختلف هنا من حيث إن وايد يلعب شخصية «سوبرمانية» أخرى بينما يأتي جاكمن من كنه شخصية قواها ليست من هذه الفئة، بل تتمثل في قدرته على التحوّل من رجل إلى ذئب. لا بد أن صانعي الفيلم الجديد (الجزء الثالث من Deadpool) سيجدون طريقة لكن ذلك يبدو الآن كالجمع بين توم كروز وفان ديزل أو أسوأ.
داعبت الفكرة الممثل رينولدز بعدما بوشر البحث عن تطوير جديد للسلسلة التي جمعت نحو مليار و400 مليون دولار من الأسواق العالمية. من ناحيته لم يمانع هيو جاكمن العودة إلى مخالبه الحديدية التي تبرز - بمقتضى شخصيته وولفرين، من بين أصابع يديه. الآن على السيناريو زن يجد المبرر والقصّة التي ستتوازى بين الشخصيّتين المختلفتين وتمنح كل ممثل ما ينشده من حضور.
هذه هي المرّة العاشرة التي يؤدي فيها هيو جاكمن دوره المذكور.
كان الممثل أعلن اعتزاله هذه الشخصية قبل عدة سنوات رافضاً تجديد عقده في هذا المجال. تحوّل بالفعل إلى بعض المشاريع البعيدة عن سينما القوى الخارقة إلى أن قرر قبول العرض الذي سيتيح له استعادة نجاحه السابق.


مقالات ذات صلة

عُدي رشيد لـ«الشرق الأوسط»: لم أقرأ نصاً لغيري يستفزني مخرجاً

يوميات الشرق المخرج عدي رشيد مع بطل فيلمه عزام أحمد علي (الشرق الأوسط)

عُدي رشيد لـ«الشرق الأوسط»: لم أقرأ نصاً لغيري يستفزني مخرجاً

قال المخرج العراقي عُدي رشيد المتوج فيلمه «أناشيد آدم» بجائزة «اليسر» لأفضل سيناريو من مهرجان «البحر الأحمر» إن الأفلام تعكس كثيراً من ذواتنا.

انتصار دردير (جدة)
يوميات الشرق مريم شريف في لقطة من فيلم «سنو وايت» (الشركة المنتجة)

بطلة «سنو وايت»: الفيلم يُنصف قِصار القامة ويواجه التنمر

رغم وقوفها أمام عدسات السينما ممثلة للمرة الأولى؛ فإن المصرية مريم شريف تفوّقت على ممثلات محترفات شاركن في مسابقة الأفلام الطويلة بـ«مهرجان البحر الأحمر».

انتصار دردير (القاهرة )
يوميات الشرق وجوه من فيلم «السادسة صباحاً» (غيتي)

من طهران إلى كابل... حكايات نساء يتحدّيْن الظلم في «البحر الأحمر»

«السادسة صباحاً» و«أغنية سيما» أكثر من مجرّد فيلمين تنافسيَّيْن؛ هما دعوة إلى التأمُّل في الكفاح المستمرّ للنساء من أجل الحرّية والمساواة.

أسماء الغابري (جدة)
يوميات الشرق جوني ديب لفت الأنظار بحضوره في المهرجان (تصوير: بشير صالح)

اختتام «البحر الأحمر السينمائي» بحفل استثنائي

بحفل استثنائي في قلب جدة التاريخية ، اختم مهرجان «البحر الأحمر السينمائي الدولي» فعاليات دورته الرابعة، حيث أُعلن عن الفائزين بجوائز «اليُسر». وشهد الحفل تكريمَ

أسماء الغابري (جدة)
يوميات الشرق ياسمين عبد العزيز في كواليس أحدث أفلامها «زوجة رجل مش مهم» (إنستغرام)

«زوجة رجل مش مهم» يُعيد ياسمين عبد العزيز إلى السينما

تعود الفنانة المصرية ياسمين عبد العزيز للسينما بعد غياب 6 سنوات عبر الفيلم الكوميدي «زوجة رجل مش مهم».

داليا ماهر (القاهرة )

شاشة الناقد: تضحيات صحافيين وانتهاكات انظمة

 «موعد مع بُل بوت» (سي د ب)
«موعد مع بُل بوت» (سي د ب)
TT

شاشة الناقد: تضحيات صحافيين وانتهاكات انظمة

 «موعد مع بُل بوت» (سي د ب)
«موعد مع بُل بوت» (سي د ب)

RENDEZ‪-‬VOUS AVEC POL‪-‬POT ★★★

* إخراج: ريثي بَنه (فرنسا/ كمبوديا)

يأتي فيلم «موعد مع بُل بوت» في وقت تكشف فيه الأرقام سقوط أعداد كبيرة من الصحافيين والإعلاميين قتلى خلال تغطياتهم مناطق التوتر والقتال حول العالم. ويُذكّر الفيلم أن الصحافة في تاريخها العريق، دائماً ما وجدت نفسها أمام مسؤوليات وتحديات عديدة. في هذا الفيلم الذي أخرجه ريثي بَنه عن الأحداث التي عصفت في بلاده سنة 1978 اقتباسات عن كتاب الصحافية إليزابيث بَكَر (Becker) وعن تجربتها بصفتها واحدة من 3 صحافيين دُعوا لمقابلة بُل بوت، رئيس وزراء كمبوديا وأحد قادة منظمة «الخمير الحمر» (Khmer Rouge) المتهمة بقتل ما لا يقل عن مليون و500 كمبودي خلال السبعينات. الصحافيان الآخران هما الأميركي ريتشارد دودمان، والأسكوتلندي مالكوم كالدويل.

لا يبدو أن المخرج اتّبع خُطى الكتاب كاملةً بل تدخّل بغايةِ ولوج الموضوع من جانب الحدث الذي وضع حياة الثلاثة في خطر بعدما جاءوا للتحقيق ومقابلة بُل بوت. في الواقع دفع الأميركي حياته ثمناً لخروجه عن جدول الأعمال الرسمي والتقاطه صوراً تكشف عن قتلٍ جماعي. وفي الفيلم لحظة مختصرة لكنها قاسية التأثير عندما يَلقى الصحافي حتفه غرقاً في نهر دُفع إليه.

الفرنسية إيرين جاكوب التي تؤدي شخصية الكاتبة بَكَر تُعايش بدورها الوضع بكل مأساته. تُفصل عن زميلها ولم تعد تعرف عنه شيئاً، وتمر بدورها بتجربة مخيفة لم تكن تعلم إذا ما كانت ستخرج منها حية.

في باطن هذا الفيلم الجيد على تواضع إنتاجه، تُطرح أسئلة فيما إذا كان الصحافي يستطيع أن يقبل التحوّل إلى جزءٍ من البروباغاندا. وهل هو أداة لنقل الرأي الرسمي بغياب حرية التعبير؟ وماذا لو فعل ذلك وماذا لو لم يفعل؟

هو ليس بالفيلم السّهل متابعته من دون معرفة ذلك التاريخ ودلالاته حول العلاقة بين النُّظم الفاشية والإعلام. والحرية التي لا تُمنح لصحافيين محليين هي نفسها التي لا تُمنح كذلك للأجانب ما دام عليهم نقل ما يُقال لهم فقط.

* عروض: موسم الجوائز ومهرجان «آسيا وورلد فيلم فيستيڤال».

‪THE‬ WRESTLE‪R‬ ★★

* إخراج: إقبال حسين شودهوري (بنغلاديش).

يقترب الرجل المسن موجو (ناصر أودين خان) وسط أشجار ليست بعيدة عن شاطئ البحر وينتقل من واحدة لأخرى ماداً يديه إليها كما لو كان يريد أن يدفعها بعيداً أو أن يُزيحها من مكانها. ومن ثَمّ يتركها ويركض صوب أخرى ليقوم بالفعل نفسه قبل أن يعود إليها. يبعث هذا المشهد على تكراره سخرية غير مقصودة. قد تكون طريقة قديمة لممارسة تمارين المصارعة أو التدريب الوحيد المُتاح في تلك القرية، لكن موجو جادٌ في محاولته لدفع الأشجار إلى الخلف أو تغيير مواقعها، استعداداً لملاقاة مصارع أصغر منه سنّا وأكبر حجماً في المباراة المقبلة.

«المصارع» (أبلبوكس فيلمز)

هناك كثير مما يتأمله المخرج شودهوري بطيئاً قبل تلك المباراة وما بعدها. بعضُ المشاهد لديها نسبة معقولة من الشِّعر الناتج عن تصوير الطبيعة (ماء، أشجار، حياة... إلخ) وبعضها الآخر لا يفضي إلى تقدير خاص. في نصف الساعة الأولى يعكس المخرج شغفاً ما بتصوير شخصياته من الخلف. عندما يتخلى المخرج عن هذه العادة لاحقاً، يستبدل بتلك اللقطات سلسلة من المشاهد البعيدة عن شخصياته في الغالب. هنا يتحسّن تأطير اللقطات على نحوٍ نافع ولو أن شغله على الدراما يبقى غير ذي مكانة.

يطرح الفيلم مشكلة رجلٍ لا يريد الاعتراف بالواقع ويتحدى من هو أكثر قوّة منه. يحقّق طموحه بلقاء المصارع الآخر ويخفق في التغلب عليه. في الواقع يسقط أرضاً مغشياً ومن ثمّ نراه لاحقاً في بيت العائلة قبل أن يعود إلى تلك الأشجار ليصارعها. المخرج (ثاني فيلم له) طموح، لكن أدواته التّعبيرية وإمكانياته التي تفرض نفسها على السيناريو وحجم الفيلم بأسره، محدودة.

* عروض: موسم الجوائز ومهرجان «آسيا وورلد فيلم فيستيڤال».

ONE OF THOSE DAYS WHEN HEMME DIES ★★★

* إخراج: مراد فرات أوغلو (تركيا).

قرب نهاية الفيلم يبدأ الشاب أيوب مراجعة ما مرّ به طوال اليوم. لقد انطلق غاضباً من المُشرِف على العمل عندما شتم أمّه. يعمل أيوب في حقلٍ لتجفيف الطاطم. ويعرف المخرج كيف يوظّف المكان، درامياً (سهل منبطح تحت شمس حامية وصعوبة العمل)، وجمالياً (تلك الثمار المقطوعة إلى نصفين والملقاة فوق شراشف على مد النظر).

«أحد تلك الأيام التي مات فيها هيمي» (مهرجان مراكش)

نقطة الخلاف أن أيوب يُطالب بأتعابه، لكن المُشرف على العمل لم يتقاضَ المال بعد ليدفع له، مما يؤجّج غضب أيوب فينشب شجار بينهما. يركب دراجته النارية وينطلق صوب بلدته. في منزله مسدسٌ سيتسلّح به وفي البال أن يعود لينتقم. معظم الفيلم هو رحلة على الدراجة التي تتعطل مرّتين قبل إصلاحها عند المساء. الأحداث التي تقع على الطريق وفي القرية الصغيرة تُزيّن الموضوع بشخصيات تدخل وتخرج من الحدث الرئيسي الماثل. في أحد هذه الأحداث الثانوية يُساعد أيوب رجلاً عجوزاً اشترى بطيخة ولا يستطيع حملها، فيوصله والبطيخة إلى داره. وفي مشهد آخر يستمع لتوبيخ زوج شقيقته لأنه كان عرض عليه العمل في شركته ورفض. لا يقول لنا الفيلم لماذا رفض ما ينتقص من بنية الموضوع وأسباب عزوف أيوب على تنفيذ وعده لنفسه بالانتقام.

اعتمد المخرج هذين المشهدين وسواهما لملء الوقت الممتد بين عزم أيوب على الانتقام وعزوفه عن ذلك. لكنه هذه المشاهد ضرورية رغم أن الفيلم ينتهي من دون أن يبني حجة دامغة لقرار أيوب النهائي. هذا الفيلم دراما مصوّرة جيداً ومكتوبة بدراية، رغم الهفوات المذكورة.

* عروض حالياً في مهرجان «مراكش»

★ ضعيف | ★★: وسط| ★★★: جيد | ★★★★ جيد جداً | ★★★★★: ممتاز