«اتفاق تاريخي» بين لبنان وإسرائيل لترسيم الحدود البحرية

عون ينفي أن تكون له أي أبعاد سياسية

عون وهوكستاين يحملان الرسالة الأميركية الرسمية لاتفاق ترسيم الحدود البحرية (إ.ب.أ)
عون وهوكستاين يحملان الرسالة الأميركية الرسمية لاتفاق ترسيم الحدود البحرية (إ.ب.أ)
TT

«اتفاق تاريخي» بين لبنان وإسرائيل لترسيم الحدود البحرية

عون وهوكستاين يحملان الرسالة الأميركية الرسمية لاتفاق ترسيم الحدود البحرية (إ.ب.أ)
عون وهوكستاين يحملان الرسالة الأميركية الرسمية لاتفاق ترسيم الحدود البحرية (إ.ب.أ)

وقّع كل من لبنان وإسرائيل، اليوم (الخميس)، «اتفاقاً تاريخياً» توسطت فيه الولايات المتحدة لترسيم الحدود البحرية بينهما، وصفه الوسيط الأميركي آموس هوكستاين بأنه «سيكون نقطة تحوّل اقتصاديّة للبنان ولنهوضه»، ومن شأنه «إحداث استقرار في المنطقة»، فضلاً عن أنه يفتح الطريق أمام التنقيب عن الطاقة قبالة سواحل البلدين.
ووقع الرئيس اللبناني ميشال عون رسالة بالموافقة على الاتفاق في بعبدا، ثم وقع رئيس الوزراء الإسرائيلي يائير لابيد في القدس، قبل انعقاد مراسم لتبادل الخطابات بحضور وفدين في قاعدة لقوات حفظ السلام التابعة للأمم المتحدة في الناقورة على الحدود.
وفيما أشاد لابيد بالاتفاق ووصفه بأنه «إنجاز هائل»، أكد عون أن «إنجاز ملف ترسيم الحدود البحرية الجنوبية عمل تقني ليست له أي أبعاد سياسية أو مفاعيل تتناقض مع السياسة الخارجية للبنان في علاقاته مع الدول».
وقال كبير المفاوضين اللبنانيين نائب رئيس مجلس النواب إلياس بوصعب إنه يمثل بداية «عهد جديد» بين الجانبين، اللذين لا يزالان رغم ذلك في حالة حرب من الناحية النظرية.
وبعد لقائه مع رئيس مجلس النواب اللبناني نبيه بري، قال الوسيط الأميركي للصحافيين إنه يتوقع استمرار الاتفاق حتى في حالة تغيير قيادة أي من الدولتين.
وكان هوكستاين يشير بذلك إلى كل من الانتخابات المقبلة في إسرائيل في أول نوفمبر (تشرين الثاني) ونهاية فترة عون الرئاسية في 31 أكتوبر (تشرين الأول)، قائلاً إن الاتفاق يجب أن يستمر «بغض النظر عمن سينتخب قريباً جداً رئيساً للبنان».
في حين أعرب كل من لبنان وإسرائيل عن رضاهما عن تسوية النزاع سلمياً، فإن احتمالات تحقيق إنجاز دبلوماسي أوسع نطاقاً تبدو بعيدة.
https://twitter.com/aawsat_News/status/1585625612991037440
وقال لابيد لمجلس وزرائه في تصريحات بثت على التلفزيون: «لا يحدث كل يوم أن تعترف دولة معادية بدولة إسرائيل في اتفاق مكتوب أمام المجتمع الدولي».
وتوجه وفدان يمثلان البلدين إلى الناقورة في جنوب غرب لبنان، لتسليم الإحداثيات. ويضم الوفد اللبناني الذي كلفه الرئيس عون للتوجه إلى الناقورة مدير عام رئاسة الجمهورية أنطوان شقير والعميد الركن منير شحادة مفوض الحكومة لدى القوات الدولية، ووسام شباط عضو هيئة إدارة النفط، وأحمد العرفة رئيس مركز الاستشارات القانونية.



ما فرص الوساطة الكينية - الأوغندية في إنهاء توترات «القرن الأفريقي»؟

اجتماعات مجموعة شرق أفريقيا في تنزانيا (وكالة أنباء الصومال)
اجتماعات مجموعة شرق أفريقيا في تنزانيا (وكالة أنباء الصومال)
TT

ما فرص الوساطة الكينية - الأوغندية في إنهاء توترات «القرن الأفريقي»؟

اجتماعات مجموعة شرق أفريقيا في تنزانيا (وكالة أنباء الصومال)
اجتماعات مجموعة شرق أفريقيا في تنزانيا (وكالة أنباء الصومال)

دخلت مبادرة وساطة كينية - أوغندية على خط محاولات دولية وإقليمية لتهدئة التوترات بين الصومال وإثيوبيا التي نشبت بعد مساعي الأخيرة للحصول على منفذ بحري في إقليم «أرض الصومال» الانفصالي، وسط رفض حكومة مقديشو.

وتدهورت العلاقات بين الصومال وإثيوبيا، إثر توقيع أديس أبابا مذكرة تفاهم مع إقليم «أرض الصومال» الانفصالي بداية العام الحالي، تسمح لها باستخدام سواحل المنطقة على البحر الأحمر لأغراض تجارية وعسكرية، مقابل الاعتراف باستقلال الإقليم، وهو ما رفضته الحكومة الصومالية بشدة.

وعلى هامش اجتماعات قمة رؤساء دول شرق أفريقيا بتنزانيا، أعلن الرئيس الكيني ويليام روتو، السبت، «اعتزامه التوسط بمشاركة نظيره الأوغندي يوري موسيفيني، لحل الخلافات بين الصومال وإثيوبيا». وقال في مؤتمر صحافي، إنه «سيبحث عقد قمة إقليمية تضم زعماء الدول الأربعة (كينيا وأوغندا والصومال وإثيوبيا)، لمعالجة التوترات في منطقة القرن الأفريقي».

وأشار روتو إلى أن «أمن الصومال يُسهم بشكل كبير في استقرار المنطقة». لكن خبراء تحدّثوا لـ«الشرق الأوسط» يرون أن «التدخل الكيني الأوغندي لا يمكن التعويل عليه كثيراً، في ظل عدم استجابة أطراف الخلاف لهذا المسار حتى الآن، بالإضافة إلى عدم وجود دعم إقليمي ودولي».

ومنذ توقيع مذكرة التفاهم، حشد الصومال دعماً دولياً لموقفه ضد إثيوبيا؛ حيث وقّع في فبراير (شباط) الماضي اتفاقية تعاون دفاعي مع تركيا، ووقّع مع مصر بروتوكول تعاون عسكري في أغسطس (آب) الماضي، أرسلت بموجبه القاهرة مساعدات عسكرية إلى مقديشو. كما تعتزم إرسال قوات عسكرية بداية العام المقبل بوصفه جزءاً من قوات حفظ السلام التابعة للاتحاد الأفريقي، وهو ما أثار غضب إثيوبيا، التي اتهمت مقديشو «بالتواطؤ مع جهات خارجية لزعزعة استقرار الإقليم».

والتقى الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود، مع نظيريه الكيني والأوغندي، على هامش اجتماعات مجموعة شرق أفريقيا. وعلى الرغم من أنه لم يتحدث عن وساطة محتملة، نقلت «رويترز» عن وزير الخارجية الصومالي أحمد معلم فقي، أن «القرارات السابقة التي اتخذها زعماء إقليميون لم تلق آذاناً مصغية في أديس أبابا»، مشيراً إلى أنه «يثق بأن جهود الوساطة الجارية من جانب تركيا ستكون مثمرة».

وكانت العاصمة التركية أنقرة قد استضافت جولات من الوساطة بين الصومال وإثيوبيا، لإنهاء الخلاف بين البلدين، كان آخرها في سبتمبر (أيلول) الماضي، غير أن المحادثات دون التوصل لاتفاق.

وبينما تنظر مديرة البرنامج الأفريقي في مركز الأهرام للدراسات الاستراتيجية، أماني الطويل، إلى التدخل الكيني - الأوغندي بـ«إيجابية»، ترى أن «نجاح تلك الوساطة مرهون بأبعاد أخرى تتعلّق بأجندة تحرك الوسطاء ومواقفهم تجاه الخلاف القائم بين مقديشو وأديس أبابا».

وقالت إن «القضية مرتبطة بموقفَي كينيا وأوغندا من السلوك الإثيوبي تجاه الصومال، ومن وحدة الأراضي الصومالية، وإلى أي مدى تؤيّد أو تعارض الاعتراف الإثيوبي بإقليم (أرض الصومال)».

وتعتقد أماني الطويل أن «التحرك الكيني - الأوغندي لا يمكن التعويل عليه كثيراً في حلحلة الخلاف بين الصومال وإثيوبيا، لأن الخلاف بين الطرفين معقد»، مشيرة إلى أن «الإشكالية في نهج الدبلوماسية الإثيوبية التي تركز على أهدافها دون الوضع في الاعتبار الأمن والتعاون الإقليميين».

ورفض الصومال مشاركة إثيوبيا في البعثة الأفريقية الجديدة لحفظ السلام، وأمهل أديس أبابا حتى نهاية العام الحالي، لانسحاب قواتها من البعثة الحالية التي ستنتهي مهامها بنهاية العام الحالي، وقال وزير الخارجية الصومالي، إن «بلاده ستعد وجود قوات إثيوبيا بعد نهاية العام، احتلالاً لأراضيها».

وترى أماني الطويل أن «الوساطة التركية قد تكون أكثر تأثيراً في النزاع بين الصومال وإثيوبيا». وقالت إن «أنقرة لديها تفهم أكثر للخلاف. كما أنها ليست دولة جوار مباشر للطرفين، وبالتالي ليست لديها إشكاليات سابقة مع أي طرف».

وباعتقاد الباحث والمحلل السياسي الصومالي، نعمان حسن، أن التدخل الكيني - الأوغندي «لن يحقّق نتائج إيجابية في الخلاف الصومالي - الإثيوبي»، وقال إن «مبادرة الوساطة يمكن أن تقلّل من حدة الصراع القائم، لكن لن تصل إلى اتفاق بين الطرفين».

وأوضح حسن أن «أديس أبابا لديها إصرار على الوصول إلى ساحل البحر الأحمر، عبر الصومال، وهذا ما تعارضه مقديشو بشدة»، مشيراً إلى أن «العلاقات الكينية - الصومالية ليست في أفضل حالاتها حالياً، على عكس علاقاتها مع إثيوبيا»، ولافتاً إلى أن ذلك «سيؤثر في مسار التفاوض». واختتم قائلاً: إن «نيروبي تستهدف أن يكون لها دور إقليمي على حساب الدور الإثيوبي بمنطقة القرن الأفريقي».