اتفاق ترسيم الحدود اللبنانية-الإسرائيلية في محطته الأخيرة

عون تسلم من هوكشتاين الرسالة الرسمية

عون وهوكشتاين يحملان الرسالة الاميركية الرسمية لاتفاق ترسيم الحدود البحرية (إ.ب.آ))
عون وهوكشتاين يحملان الرسالة الاميركية الرسمية لاتفاق ترسيم الحدود البحرية (إ.ب.آ))
TT

اتفاق ترسيم الحدود اللبنانية-الإسرائيلية في محطته الأخيرة

عون وهوكشتاين يحملان الرسالة الاميركية الرسمية لاتفاق ترسيم الحدود البحرية (إ.ب.آ))
عون وهوكشتاين يحملان الرسالة الاميركية الرسمية لاتفاق ترسيم الحدود البحرية (إ.ب.آ))

بلغ مسار اتفاق ترسيم الحدود البحرية بين لبنان وإسرائيل بوساطة أميركية محطته النهائية، اليوم (الخميس)، مع وصول الوسيط الأميركي آموس هوكشتاين إلى القصر الجمهوري في بعبد اللقاء الرئيس اللبناني، ميشال عون، حيث سلمه الرسالة الأميركية الرسمية، بحضور أعضاء الوفد المفاوض مع الجانب الأميركي.
وتلا المسؤول الإعلامي لرئاسة الجمهورية رفيق شلالا أمام الإعلاميين من القصر الجمهوري برنامج توقيع اتفاق ترسيم الحدود، وقال: «المنسقة الخاصة للأمم المتحدة في لبنان ستكون موجودة في الناقورة، وستتسلم من لبنان الإحداثيات المتعلقة بترسيم الحدود البحرية فوراً في نفس اللحظة التي تُسلم فيها الرسالة اللبنانية إلى هوكشتاين».
ووصل إلى قصر بعبدا كل من نائب رئيس مجلس النواب، إلياس بو صعب ووزير الخارجية والمغتربين في حكومة تصريف الأعمال، عبد الله بوحبيب، ومدير عام الأمن العام، اللواء عباس إبراهيم.

بو صعب

وقال بو صعب للصحافيين من بعبدا: «هوكشتاين سلم عون الرسالة الأميركية الرسمية لاتفاق الترسيم، وهي نفسها التي نُشرت سابقاً، إنما أصبحت رسمية اليوم، وقد وافق لبنان على مضمونها».
وأوضح أن وزير خارجية لبنان وقَّع رسالة موجهة إلى الأمم المتحدة مع المنسقين الجدد للحدود البحرية مع إسرائيل، كما أشار إلى أن «الرئيس عون كلف وفداً باسمه لتسليم الرسالة إلى هوكشتاين في الناقورة، وستكون هناك رسالة أيضاً للأمم المتحدة من قبل الخارجية اللبنانية».
وأضاف: «عهد جديد قد بدأ بعد توقيع اتفاق الحدود البحرية مع إسرائيل».


هوكشتاين

أما هوكشتاين، فقال: «عقدتُ عدة اجتماعات هنا، وكنتُ أقول دائماً إنني متفائل وأنا ممتن لوصولنا إلى هذا اليوم التاريخي ولتحقيق الاتفاق. المهم اليوم هو ما سيحصل بعد الاتفاق، وأعتقد أنه سيكون نقطة تحول اقتصادية للبنان ولنهوضه».
وأكد أنه «لا شيء في هذا الاتفاق سيعرقل أو يؤخر العمل من الجهة اللبنانية، وهو يسمح ببدء التنقيب، ولا شيء سيأخذ عائدات النفط من اللبنانيين»، لافتاً إلى أن «أهم ما في الاتفاق هو أنه في خدمة الفريقين وليس من مصلحة البلدين خرقه، وإذا خرق أي طرف الاتفاق فلن يكون هذا لصالحهما».
وأشار هوكشتاين إلى أن توقيع اتفاق ترسيم الحدود البحرية بين لبنان وإسرائيل من شأنه إحداث الاستقرار في المنطقة، وأن الاتفاق سيسمح ببدء العمل من قبل شركة «توتال للتطوير والاستكشاف»، ولا شيء سيعيق هذه الأعمال في لبنان، ولا شيء سيأخذ عائدات النفط والغاز من اللبنانيين.

التوقيع
ويضم الوفد اللبناني الذي كلفه عون للتوجه إلى الناقورة مدير عام رئاسة الجمهورية أنطوان شقير والعميد الركن منير شحادة، مفوض الحكومة لدى القوات الدولية، ووسام شباط عضو هيئة إدارة النفط، وأحمد العرفة رئيس مركز الاستشارات القانونية.
وأكدت أوساط القصر الجمهوري، بحسب «الوكالة المركزية» المحلية، أن «لا توقيع في الناقورة على اتفاق الترسيم، بل تسليم للرسالة التي ستوقع في بعبدا، ولكن لم يتحدد بعد مَن سيوقعها».
كما أفاد مصدر رسمي لمحطة «إم تي في» المحلية، بأن «الرسالة التي ستوجه إلى الجانب الأميركي من 5 أسطر تتضمن نوعاً من الشكر والتأكيد على التزام لبنان ببنود الاتفاق».
يُشار إلى أن الرسالة التي قد يوقعها وزير الخارجية تتضمن الإحداثيات الموجهة إلى الأمم المتحدة، وستسلم مباشرة إلى ممثلة الأمين العام في الناقورة، ما يعني أن الاتفاق سيصبح ساري المفعول عند الثالثة والنصف من بعد ظهر اليوم.
إلى ذلك، ستكون المنسقة الخاصة للأممم المتحدة في لبنان، يوانا فرونتسكا، موجودة في الناقورة وستتسلم من لبنان الإحداثيات المتعلقة بترسيم الحدود البحرية فوراً في اللحظة ذاتها التي تسلم فيها الرسالة اللبنانية إلى آموس هوكشتاين.
وأمس، أفاد مصدران بأن شركة «توتال إنرجيز» والحكومة اللبنانية توصلا إلى اتفاق يمنح شركة النفط الفرنسية الكبرى سيطرة موقتة على منطقة بحرية للتنقيب عن الغاز، ويمهد الطريق أمام مفاوضات مع قطر للحصول على حصة في المشروع.
وتنازعت «توتال إنرجيز» والحكومة اللبنانية بشأن مصير حصة مجموعة «نوفاتك» الروسية البالغة 20 في المائة، بعد أن أعلنت بيروت في سبتمبر (أيلول) الماضي أن الشركة الروسية ستخرج من المشروع.

وأشار المصدران إلى أنه بإمكان «توتال إنرجيز» الآن المضي في محادثات لإيجاد شريك جديد فيما يجب أن يكون كونسورتيوم ثلاثياً قد تحصل فيه الدولة اللبنانية على نصيب من أي أرباح مالية استثنائية.
أعطت إسرائيل الإذن، أمس (الأربعاء)، باستخراج الغاز من حقل «كاريش»، وذلك قبل يوم من توقيع اتفاق ترسيم الحدود البحرية الذي توصلت إليه مع لبنان بوساطة أميركية، ويفترض التوقيع عليه اليوم.
وأعلنت شركة «إنرجين»، أمس، عن بدء إنتاج الغاز في حقل كاريش البحري الذي تضمنه اتفاق لترسيم الحدود البحرية بين إسرائيل ولبنان الذي سيتم توقيعه اليوم. وقالت الشركة في بيان: «يسرنا أن نعلن إنتاج أولى كميات الغاز من حقل كاريش قبالة سواحل إسرائيل بأمان... يتزايد تدفق الغاز باطراد».



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».