هل أصبح برشلونة «صغيراً» في أوروبا؟

جمهور فريق برشلونة (تويتر)
جمهور فريق برشلونة (تويتر)
TT

هل أصبح برشلونة «صغيراً» في أوروبا؟

جمهور فريق برشلونة (تويتر)
جمهور فريق برشلونة (تويتر)

عملاقٌ يتراجع: بعد إقصائه، أمس (الأربعاء)، مبكراً من دور المجموعات في دوري أبطال أوروبا في كرة القدم، للموسم الثاني توالياً، يواصل برشلونة الإسباني حصد خسائر مالية تتزامن مع تصدّع هيبته كأحد أبرز الأندية في القارة العجوز.
رغم انتقالات مترفة في الفترة الصيفية، حقق الفريق الكاتالوني بداية موسم موجعة في دوري الأبطال، مع إقصائه رسمياً، أمس، بخسارة مذلَّة على أرضه ضد بايرن ميونيخ الألماني، الذي ضمن تأهله سابقاً، بثلاثية نظيفة.
كان برشلونة قبل عقد من الزمن في قمة مستوياته، مع أسلوب «تيكي تاكا» المبني على الاستحواذ والتمريرات القصيرة، بقيادة المدرب الفذّ، بيب غوارديولا (2008 - 2012)، وتنفيذ من العبقري الأرجنتيني ليونيل ميسي، ومساعديه أندريس إنييستا وتشافي هرنانديس مدرب الفريق الحالي.
مرّة جديدة، يقع النادي فريسة التراجع إلى البطولة القارية الرديفة «يوروبا ليغ»، باحتلاله المركز الثالث في مجموعته الثالثة مع 4 نقاط فقط في 5 مباريات، مقابل 15 لبايرن و10 لإنتر الإيطالي.
وقال تشافي بعد خسارته ضد بايرن أمس (الأربعاء): «يجب أن نواجه الواقع. قلت إنه يجب أن ننمو، وعلى أساس الخيبات سنتطوّر، واليوم كانت خيبة أمل حقيقية».
وتابع: «لا ينتهي الموسم في أكتوبر (تشرين الأول). هذه ضربة قاسية، لكن هناك المزيد من الألقاب لنطاردها. أتفهم أن يتحدث البعض عن كارثة، لكننا سنقوم بتحليل مختلف. هذه طريقة قاسية للمغادرة، لكن إذا قمنا بتحليل المباريات، أعتقد أننا كنا نستحق ما هو أفضل».
ورغم ذلك، يبقى برشلونة بين أغنى خمسة أندية في العالم، بحسب دراسة دوري المال الأوروبي التي تنشرها شركة «ديلويت»، كل عام، حقق برشلونة إيرادات بلغت 582 مليون يورو في موسم 2020 - 2021، أي أكثر من باريس سان جرمان الفرنسي وليفربول وتشيلسي الإنجليزيين.
ولا يزال ملعبه، «كامب نو»، الأكبر في أوروبا (99 ألف متفرّج)، ويستعد لحملة تجديد جميلة.
ولا يزال مركز تكوين لاعبيه من الأفضل في العالم، وقد تخرّج فيه أخيراً لاعبا الوسط بيدري وغافي البارزين على الساحتين القارية والدولية مع منتخب إسبانيا. بعمر الثامنة عشرة، خاض غافي حتى الآن 12 مباراة دولية وبيدري 14 مباراة بعمر التاسعة عشرة!
مع غريمه ريال مدريد، يُعدّ برشلونة النادي الأكثر متابعة على وسائل التواصل الاجتماعي، مع نحو 260 مليون متابع (نحو 280 مليوناً للفريق الملكي).
لكن حسابات الملعب لم تطابق حسابات الإدارة الجديدة لبرشلونة التي سعت بشتى الطرق إلى موازنة أرقامه المالية وتغطية ديونه.
عقد رعاية هائل مع سبوتيفاي، رهن جميع الأصول وإنفاق 143 مليون يورو في فترة الانتقالات الأخيرة.
لكن بلاوغرانا أقصي مجدداً من دور المجموعات في أغنى البطولات. لم يحصل ذلك في موسمين توالياً منذ 1998 - 1999.
إقرار صريح بالرسوب أمام الغريم التاريخي ريال مدريد الذي هزمه 3 - 1 في كلاسيكو برنابيو الأخير، ويتلذذ بحمله لقبي دوري الأبطال والدوري الإسباني.
يتخوّف برشلونة من الأسوأ بعد العودة من توقف مونديال قطر 20 نوفمبر (تشرين الثاني) - 18 ديسمبر (كانون الأول).
وتأثر برشلونة كثيراً الموسم الماضي من إقصائه الأوروبي المبكر، ورحيل أسطورته ميسي إلى سان جرمان والهزات الاقتصادية التي ضربت أركانه. في الربيع الماضي، خرج من ربع نهائي «يوروبا ليغ» أمام أينتراخت فرانكفورت الألماني (3 - 2 و1 - 1) الذي أحرز اللقب لاحقاً.
بعيداً عن الجانب النفسي، كلّف هذا الإقصاء كثيراً.
في 9 أكتوبر (تشرين الأول)، وخلال الجمعية العمومية، قدّمت الإدارة ميزانية موقتة قياسية قدرها 1.255 مليار يورو. على اعتبار أن الفريق سيبلغ على أقل تقدير ربع نهائي دوري الأبطال.
بالخروج من دور المجموعات، يكون برشلونة قد خسر مكافآت الاستحقاق من الاتحاد الأوروبي (ويفا): 9.6 ملايين يورو للتأهل إلى ثمن النهائي، و10.6 ملايين لبلوغ ربع النهائي. مجموع الربح الماضي يبلغ 20.2 مليون يورو ولن يتم تعويضه حتى بحال التتويج بلقب «يوروبا ليغ» (مجموع جوائز الفائز 14.4 مليون يورو).
ناهيك من الخسائر بسبب النتائج السيئة في دور المجموعات، تراجع حجم بيع التذاكر والمنتجات المشتقة، نظراً للاهتمام الضئيل بمباريات «يوروبا ليغ» مقارنة مع دوري الأبطال.
يصعب تصديق أن يستعيد برشلونة وهجه حتى بحال التتويج بلقب «يوروبا ليغ»، علماً بأنه لا يزال من المحرضين على إطلاق دوري السوبر الأوروبي الانشقاقي عن المسابقة القارية الأولى، دوري الأبطال.



بداية رائعة لليفربول... لكن القادم أصعب

سلوت رفض الخوض في تفاصيل مستقبل صلاح صاحب الهدف الثاني (أ.ب)
سلوت رفض الخوض في تفاصيل مستقبل صلاح صاحب الهدف الثاني (أ.ب)
TT

بداية رائعة لليفربول... لكن القادم أصعب

سلوت رفض الخوض في تفاصيل مستقبل صلاح صاحب الهدف الثاني (أ.ب)
سلوت رفض الخوض في تفاصيل مستقبل صلاح صاحب الهدف الثاني (أ.ب)

بدأت حقبة ليفربول تحت قيادة مديره الفني الجديد أرني سلوت، بشكل جيد للغاية بفوزه بهدفين دون رد على إيبسويتش تاون، الصاعد حديثاً إلى الدوري الإنجليزي الممتاز. كان الشوط الأول محبطاً لليفربول، لكنه تمكّن من إحراز هدفين خلال الشوط الثاني في أول مباراة تنافسية يلعبها الفريق منذ رحيل المدير الفني الألماني يورغن كلوب، في نهاية الموسم الماضي.

لم يظهر ليفربول بشكل قوي خلال الشوط الأول، لكنه قدم أداءً أقوى بكثير خلال الشوط الثاني، وهو الأداء الذي وصفه لاعب ليفربول السابق ومنتخب إنجلترا بيتر كراوتش، في تصريحات لشبكة «تي إن تي سبورتس» بـ«المذهل». وقال كراوتش: «كان ليفربول بحاجة إلى إظهار قوته مع المدير الفني والرد على عدم التعاقد مع أي لاعب جديد. لقد فتح دفاعات إيبسويتش تاون، وبدا الأمر كأنه سيسجل كما يحلو له. هناك اختلافات طفيفة بين سلوت وكلوب، لكن الجماهير ستتقبل ذلك».

لم يستغرق الأمر وقتاً طويلاً حتى أظهر سلوت الجانب القاسي من شخصيته؛ إذ لم يكن المدير الفني الهولندي سعيداً بعدد الكرات التي فقدها الفريق خلال الشوط الأول الذي انتهى بالتعادل السلبي، وأشرك إبراهيما كوناتي بدلاً من جاريل كوانساه مع بداية الشوط الثاني. لم يسدد ليفربول أي تسديدة على المرمى في أول 45 دقيقة، لكنه ظهر أقوى بكثير خلال الشوط الثاني، وسجل هدفين من توقيع ديوغو جوتا ومحمد صلاح، ليحصل على نقاط المباراة الثلاث.

وأصبح سلوت ثاني مدرب يبدأ مشواره بفوزٍ في الدوري مع ليفربول في حقبة الدوري الإنجليزي الممتاز بعد جيرار أولييه، في أغسطس (آب) 1998 عندما تولى تدريب الفريق بالشراكة مع روي إيفانز. وقال سلوت بعد نهاية اللقاء: «لقد توليت قيادة فريق قوي للغاية ولاعبين موهوبين للغاية، لكنَّ هؤلاء اللاعبين يجب أن يفهموا أن ما قدموه خلال الشوط الأول لم يكن كافياً. لقد خسرنا كثيراً من المواجهات الثنائية خلال الشوط الأول، ولم نتعامل مع ذلك بشكل جيد بما يكفي. لم أرَ اللاعبين يقاتلون من أجل استخلاص الكرة في الشوط الأول، وفقدنا كل الكرات الطويلة تقريباً. لكنهم كانوا مستعدين خلال الشوط الثاني، وفتحنا مساحات في دفاعات المنافس، ويمكنك أن ترى أننا نستطيع لعب كرة قدم جيدة جداً. لم أعتقد أن إيبسويتش كان قادراً على مواكبة الإيقاع في الشوط الثاني».

وأصبح صلاح أكثر مَن سجَّل في الجولة الافتتاحية للدوري الإنجليزي الممتاز، وله تسعة أهداف بعدما أحرز هدف ضمان الفوز، كما يتصدر قائمة الأكثر مساهمة في الأهداف في الجولات الافتتاحية برصيد 14 هدفاً (9 أهداف، و5 تمريرات حاسمة). وسجل صلاح هدفاً وقدم تمريرة حاسمة، مما يشير إلى أنه سيؤدي دوراً محورياً مجدداً لأي آمال في فوز ليفربول باللقب. لكن سلوت لا يعتقد أن فريقه سيعتمد بشكل كبير على ثالث أفضل هداف في تاريخ النادي. وأضاف سلوت: «لا أؤمن كثيراً بالنجم الواحد. أؤمن بالفريق أكثر من الفرد. إنه قادر على تسجيل الأهداف بفضل التمريرات الجيدة والحاسمة. أعتقد أن محمد يحتاج أيضاً إلى الفريق، ولكن لدينا أيضاً مزيد من الأفراد المبدعين الذين يمكنهم حسم المباراة».

جوتا وفرحة افتتاح التسجيل لليفربول (أ.ب)

لم يمر سوى 4 أشهر فقط على دخول صلاح في مشادة قوية على الملأ مع يورغن كلوب خلال المباراة التي تعادل فيها ليفربول مع وستهام بهدفين لكل فريق. وقال لاعب المنتخب الإنجليزي السابق جو كول، لشبكة «تي إن تي سبورتس»، عن صلاح: «إنه لائق تماماً. إنه رياضي من الطراز الأول حقاً. لقد مرَّ بوقت مختلف في نهاية حقبة كلوب، لكنني أعتقد أنه سيستعيد مستواه ويسجل كثيراً من الأهداف». لقد بدا صلاح منتعشاً وحاسماً وسعيداً في فترة الاستعداد للموسم الجديد. لكنَّ الوقت يمضي بسرعة، وسينتهي عقد النجم المصري، الذي سجل 18 هدفاً في الدوري الإنجليزي الممتاز الموسم الماضي، خلال الصيف المقبل. وقال سلوت، الذي رفض الخوض في تفاصيل مستقبل صلاح: «يمكنه اللعب لسنوات عديدة أخرى». ويعد صلاح واحداً من ثلاثة لاعبين بارزين في ليفربول يمكنهم الانتقال إلى أي نادٍ آخر في غضون 5 أشهر فقط، إلى جانب ترينت ألكسندر أرنولد، وفيرجيل فان دايك اللذين ينتهي عقداهما خلال الصيف المقبل أيضاً.

سيخوض ليفربول اختبارات أكثر قوة في المستقبل، ويتعيّن على سلوت أن يُثبت قدرته على المنافسة بقوة في الدوري الإنجليزي الممتاز ودوري أبطال أوروبا. لكنَّ المدير الفني الهولندي أدى عملاً جيداً عندما قاد فريقه إلى بداية الموسم بقوة وتحقيق الفوز على إيبسويتش تاون في عقر داره في ملعب «بورتمان رود» أمام أعداد غفيرة من الجماهير المتحمسة للغاية. وقال كول: «إنه فوز مهم جداً لأرني سلوت في مباراته الأولى مع (الريدز). أعتقد أن الفريق سيتحلى بقدر أكبر من الصبر هذا الموسم وسيستمر في المنافسة على اللقب».

لكنَّ السؤال الذي يجب طرحه الآن هو: هل سيدعم ليفربول صفوفه قبل نهاية فترة الانتقالات الصيفية الحالية بنهاية أغسطس؟

حاول ليفربول التعاقد مع مارتن زوبيمندي من ريال سوسيداد، لكنه فشل في إتمام الصفقة بعدما قرر لاعب خط الوسط الإسباني الاستمرار مع فريقه. وقال كول: «لم يحلّ ليفربول مشكلة مركز لاعب خط الوسط المدافع حتى الآن، ولم يتعاقد مع أي لاعب لتدعيم هذا المركز. سيعتمد كثير من خطط سلوت التكتيكية على كيفية اختراق خطوط الفريق المنافس، وعلى الأدوار التي يؤديها محور الارتكاز، ولهذا السبب قد يواجه الفريق مشكلة إذا لم يدعم هذا المركز».