«كوب 27»... مناخ العالم أسير «دبلوماسية الذئب» و«التنفيذ الإضافي»

على وقع الخلافات الصينية - الأميركية

المبعوث الرئاسي الأميركي الخاص للمناخ جون كيري والمبعوث الصيني الخاص لتغير المناخ شيه تشن هوا في اجتماعات سابقة بشنغهاي (أرشيفية)
المبعوث الرئاسي الأميركي الخاص للمناخ جون كيري والمبعوث الصيني الخاص لتغير المناخ شيه تشن هوا في اجتماعات سابقة بشنغهاي (أرشيفية)
TT

«كوب 27»... مناخ العالم أسير «دبلوماسية الذئب» و«التنفيذ الإضافي»

المبعوث الرئاسي الأميركي الخاص للمناخ جون كيري والمبعوث الصيني الخاص لتغير المناخ شيه تشن هوا في اجتماعات سابقة بشنغهاي (أرشيفية)
المبعوث الرئاسي الأميركي الخاص للمناخ جون كيري والمبعوث الصيني الخاص لتغير المناخ شيه تشن هوا في اجتماعات سابقة بشنغهاي (أرشيفية)

على وقع مناخ سياسي عالمي مضطرب، تستضيف مصر بعد أيام قمة المناخ العالمية «كوب 27»، وسط دعوات ناشطين بيئيين إلى تنحية السياسة جانباً، حتى لا تطغى على هذه القضية البيئية.
وتضاءلت الطموحات العالمية بشأن تحقيق القمة اختراقاً كبيراً في مجال المناخ، بعد اندلاع الحرب الروسية الأوكرانية، وما سببته من اضطراب في سوق الطاقة دفع بعض الدول للعودة إلى الفحم، وأزمة مالية عالمية ستؤثر بالقطع على حصول الدول النامية على التمويل اللازم لمشروعات التكيف مع تغيرات المناخ من الدول الغنية والمنظمات الدولية.
لكن على الرغم من هذه الأزمات، يرى خبراء أن عودة التقارب الأميركي - الصيني في ملف المناخ، يمكن أن يجعل هذه القمة تخرج على الأقل ببعض الوعود، انتظاراً لقمة «كوب 28» التي تستضيفها دولة الإمارات العام المقبل.
ودخلت العلاقات بين الولايات المتحدة والصين في أزمة خلال الصيف، عندما قامت نانسي بيلوسي، رئيسة مجلس النواب، بزيارة تايوان، وهي الزيارة التي اعتبرتها بكين التي تدَّعي السيادة على تايوان، استفزازاً كبيراً من قبل واشنطن، وتم على أثر ذلك تجميد بكين العلاقات الدبلوماسية مع واشنطن.
وقبل أيام من قمة المناخ، لا يرى جون كيري، المبعوث الخاص لرئيس الولايات المتحدة بشأن المناخ، أن مثل هذه الخلافات السياسية ينبغي أن تؤثر على العمل المناخي الذي تقوده الدولتان، باعتبارهما الأكبر مسؤولية عن الانبعاثات الكربونية.
وقال كيري في مقابلة خاصة مع صحيفة «الغارديان» البريطانية، نشرت الثلاثاء: «يجب أن تكون المفاوضات بين الدولتين بشأن أزمة المناخ في فقاعة منفصلة عن الاهتمامات الجيوسياسية الأخرى».
وعلى الرغم من هذه الدعوة التي أطلقها كيري للفصل بين السياسة والمناخ، فإنه كان حريصاً على استخدام مصطلحات ذات أبعاد سياسية لوصف الموقف الصيني من قضايا المناخ، منتقداً استخدام الصين ما تعرف بـ«دبلوماسية الذئب» في التعامل مع قضايا المناخ، شأنه شأن القضايا الأخرى.
و«دبلوماسية الذئب» مصطلح غير رسمي اكتسب شعبية؛ خصوصاً بعد أن أصبح شي جينبينغ رئيساً للصين. ويشير لأسلوب الاتصال الأكثر شراسة في المواجهة، الذي تلخصه مقوله شهيرة للرئيس الصيني: «يتعين على المسؤولين والدبلوماسيين الصينيين فك سيوفهم للدفاع عن كرامة الصين».
واعتبر كيري خلال المقابلة أن هذه الدبلوماسية غير مقبولة في قضية المناخ؛ لأننا أمام قضية على حد قوله: «لا تخضع للمنافسة العالمية؛ بل إنها تمثل تهديداً للعالم، ويمكن لأكبر بلدين واقتصادين أن يفيدا العالم من خلال التعاون بينهما».
ودرجت الصين على اتهام أميركا في أكثر من مناسبة بأنها السبب الرئيسي في مشكلة الاحتباس الحراري. وخلال زيارة جون كيري نفسه إلى الصين في أبريل (نيسان) من العام الماضي، قبل قمة (كوب 26) سعياً لتعاون أكبر حول قضية المناخ، قال المتحدث باسم وزارة الخارجية الصينية، تشاو ليجيان، إن «الولايات المتحدة مسؤولة عن تأخير الإنجاز العالمي لأهداف رئيسية لتغير المناخ، بانسحابها من اتفاق باريس في عام 2017، ووقفها تنفيذ المساهمات التي منعت العالم من تحقيق أهداف اتفاق باريس».
وعلى الرغم من هذا المناخ المتوتر الذي عبَّرت عنه تصريحات المتحدث باسم الخارجية الصينية، فاجأ البلدان العالم في (كوب 26) بغلاسكو العام الماضي، بالإعلان المفاجئ عن اتفاقية ثنائية، تتضمن العمل على التكنولوجيا النظيفة والميثان، وطرق أخرى للحد من الانبعاثات.
غير أن التفاؤل العالمي بشأن التقدم في هذا الملف، تضاءل مع الحرب في أوكرانيا، واتجهت الأمور من سيئ إلى أسوأ مع زيارة نانسي بيلوسي، رئيسة مجلس النواب الأميركي لتايوان، التي أثارت غضب الصين، ومع ذلك صك جون كيري مصطلحاً جديداً لدفع العمل المناخي، خلال كلمة ألقاها في 21 فبراير (شباط) من العام الجاري بالجامعة الأميركية بالقاهرة، وكرره في مقابلة «الغارديان» الثلاثاء، وهو «التنفيذ الإضافي».
وقال كيري إن استراتيجية أميركا لـ«كوب 27»، هي «التنفيذ الإضافي» التي تعني أن البلدين يضعان سياسات وتدابير للوفاء بوعودهما الحالية، ويتخذان أهدافاً جديدة عندما تكون الأهداف الحالية ضعيفة للغاية.
وأشار كيري في المقابلة مع «الغارديان»، إلى أن الأبحاث التي أجرتها وكالة الطاقة الدولية أظهرت أنه إذا تم الوفاء بجميع الوعود التي تم التعهد بها في مؤتمر (كوب 26)، فإن العالم سينجح في منع ارتفاع درجة الحرارة العالمية بمقدار 1.8 درجة مئوية. وتم تقديم هذه الوعود من قبل البلدين المسؤولين عن نحو ثلثي الناتج المحلي الإجمالي العالمي. لذلك إذا أمكن تحقيق الثلث المتبقي فسيكون هدف 1.5 درجة مئوية في الأفق.
والأرض الآن أكثر دفئاً بنحو 1.1 درجة مئوية مما كانت عليه قبل الثورة الصناعة، لذلك فإن العالم ليس على المسار الصحيح لتحقيق هدف اتفاقية باريس للمناخ، لمنع درجة الحرارة العالمية من تجاوز 1.5 درجة مئوية فوق مستويات ما قبل الصناعة. ويعتبر هذا الحد الأعلى لتجنب أسوأ التداعيات المحتملة لتغير المناخ.
ويوضح كيري أن استراتيجية «التنفيذ الإضافي» هي الوسيلة لتحقيق ذلك، غير أن هذه الاستراتيجية من المتوقع أن تصطدم بالرفض الصيني لكل ما هو أميركي، وهو بالطبع ما سيترك أثره على البلدان الأخرى، كما يتوقع محمود نادي، باحث التغيرات المناخية في جامعة بون بألمانيا.
ويوضح نادي في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، أنه «إذا كان الهدف من قمم المناخ هو الحصول على تعهدات من بعض الدول غير الملتزمة باتخاذ إجراءات من شأنها التقليل من غازات الاحتباس الحراري، فإن إعلان قوة عظمى مثل الصين عدم التزامها، وما سيترتب على ذلك من إعلان أميركا هي أيضاً عدم التزامها، سيكون مبرراً قوياً للآخرين لعدم الالتزام».
ويضيف: «الدولتان مسؤولتان معاً عن نحو 40 في المائة من انبعاثات غازات الاحتباس الحراري في العالم، لذلك فإن الأمل ضئيل في تجنب الاحتباس الحراري الكارثي، ما لم يحدث اتفاق بين الدولتين».



ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.