عون يدفع باتجاه حل شامل للأزمة ويلوح بـ«الفيدرالية»

قوى 8 آذار تتحدث عن فشل «الطائف».. وتيار «المستقبل» يحث على تطبيق بنوده

عون يدفع باتجاه حل شامل للأزمة ويلوح بـ«الفيدرالية»
TT

عون يدفع باتجاه حل شامل للأزمة ويلوح بـ«الفيدرالية»

عون يدفع باتجاه حل شامل للأزمة ويلوح بـ«الفيدرالية»

لم يعد قسم كبير من الفرقاء في لبنان يبحث في دستوره عن مخارج جزئية للأزمات التي تتخبط فيها البلاد، بل هو على ما يبدو وبعد تمادي الفراغ في سدة الرئاسة لأكثر من عام، قرر الدفع باتجاه تغيير النظام وإسقاط اتفاق الطائف الذي يسيّر الحياة السياسية في لبنان منذ العام 1989. حتى أن بعضهم بات يطالب علنا بالفيدرالية.
فبعد أن كان أمين عام حزب الله حسن نصر الله أول من طرح في العام 2012 عقد مؤتمر تأسيسي لوضع أسس جديدة للدولة، خرج أخيرا الزعيم المسيحي النائب ميشال عون بدعوة صريحة للبحث عن نظام جديد بعدما أثبت النظام القائم، برأيه، فشله في أكثر من استحقاق ولوّح مطلع الشهر الحالي بالفيدرالية في حال عدم انتخاب الزعيم الأقوى مسيحيا رئيسا للجمهورية.
وتلاقي معظم قوى 8 آذار عون بموقفه القائل بعدم جدوى استمرارية اتفاق الطائف، ورأت مصادر في هذه القوى أن «اتفاق الطائف سقط ولم يعد هناك أي جدوى بالبحث والنقاش بالموضوع»، لافتة إلى أن «نظاما جديدا ينتظر البلاد قد يشبه ما يتحضر للمنطقة، أو يكون فريدا من نوعه». وأضافت المصادر في تصريح لـ«الشرق الأوسط»: «نحن حاليا نعيش في مرحلة فراغ لا يمكن بعدها العودة إلى الوراء.. الطائف أصبح وراءنا وسنكون على موعد مع نظام جديد لم تتضح معالمه بعد». ويربط عون بين مطالبته بإسقاط اتفاق الطائف وعدم انتخابه رئيسا للجمهورية باعتبار أنّه يمتلك أكبر كتلة نيابية. ووضع على طاولة البحث في الفترة الماضية أكثر من طرح لحل الأزمة الرئاسية وقرر أخيرا التلويح بالفيدرالية.
وأشار القيادي في تيار عون، أنطوان نصر الله، إلى أن «الإشكالية الأساسية التي ينطلق منها العماد عون لطرح الفيدرالية أو غيرها من الحلول، هي فشل اتفاق الطائف بآلياته الحالية في إيجاد مخارج للأزمات المتراكمة، ما يجعله غير قابل للحياة»، لافتا إلى أن «ما نسعى إليه هو تطوير النظام وليس الانقلاب عليه، وقد يكون من المفيد الانطلاق بتطبيق اللامركزية الإدارية الموسعة التي ينص عليها الطائف، أما الفيدرالية فلا شيء يمنع من تطبيقها في حال كان هناك توافق من كل اللبنانيين حولها».
واعتبر نصر الله في تصريح لـ«الشرق الأوسط» أن «الحلول الجزئية للأزمات الحالية لم تعد نافعة باعتبار أنّها أزمات مترابطة، فكيف ينتخب مجلس نواب ممدد لنفسه رئيسا للبلاد؟» مستغربا «تعبير البعض عن مخاوفهم من الفيدرالية التي بالتأكيد لا تعني التقسيم»، وقال: «ألسنا نعيش بإطار لامركزية مناطقية وطائفية مبطنة؟».
ويقف تيار «المستقبل» في صفوف الأحزاب الرافضة لطرح تغيير النظام، لاعتباره أن سلاح حزب الله قد يدفع باتجاه فرض نظام جديد على اللبنانيين بقوة هذا السلاح.
وشدّد النائب في تيار «المستقبل» سمير الجسر على أنه «ليس الوقت المناسب على الإطلاق للمساس باتفاق الطائف، خاصة أننا لم نطبق كامل بنوده»، لافتا إلى أن تياره «لا يتعاطى لا مع هذا الاتفاق ولا مع غيره على أنه مقدس ولا يجوز المساس به، إنما يدرك تماما أن الطائف أوجد الحلول المناسبة التي وضعت حدا لصراع دام سنوات طويلة».
وقال الجسر لـ«الشرق الأوسط»: «المشكلة الحقيقية التي نرزح تحتها هي أن مواد الدستور وبنود الطائف تحولت إلى وجهة نظر، فكل فريق يرتئي تفسير هذه المواد بما تقتضيه مصلحته الخاصة بعيدا عن مضمونها الحقيقي».
ولفت الجسر إلى أن «ما طرحه العماد عون أخيرا يستدعي دراسة معمقة باعتبار أنه لم يطرح تغيير النظام أو تعديله إنما نسفه بالكامل»، وأضاف: «إذا كان ما يروج له عون هو الكونفدرالية ذلك يعني أن ذلك يكون مقدمة للتقسيم».
ورأى الجسر أن «الأزمة التي تشهدها البلاد لا تستدعي حلولا جذرية مماثلة بل العودة للأصول وللدستور، على أن يبدأ ذلك بنزول النواب إلى البرلمان لإتمام واجباتهم وانتخاب رئيس جديد للجمهورية».
ولم تتطرق «ورقة إعلان النوايا» التي وقعها الزعيمان المسيحيان رئيس حزب «القوات» سمير جعجع والعماد عون أخيرا والتي نصت على سلسلة مبادئ للتعاطي مع الأزمة الراهنة، لاقتراح عون باعتماد الفيدرالية نظاما جديدا للبنان.
وأشار مستشار جعجع، العميد المتقاعد وهبة قاطيشا إلى أن «كل ما يطرح أخيرا من أنظمة جديدة وطروحات لحل الأزمة، قابلة للنقاش تحت سقف الدستور، أي تحت قبة البرلمان فإما يتم تبنيها أو رفضها»، لافتا إلى أن حزبه يؤيد أي طرح يخفف على المواطن الأعباء الإدارية. وقال لـ«الشرق الأوسط»: «هناك دول كبرى كألمانيا والولايات المتحدة الأميركية تعتمد الفيدرالية وهي دول قوية ومتطورة».
وأوضح قاطيشا أن «النظام الفيدرالي يعطي صلاحيات موسعة للإدارات المحلية ما يعزز ارتباط المواطن بالوطن ويضع حدا للفساد».
وفيما يتمسك قسم كبير من اللبنانيين برفض العبث بالنظام القائم حاليا خوفا من انهيار الدولة بشكل كامل في ظل الصراعات المحتدمة التي تشهدها المنطقة، يرى الرئيس السابق لحزب «الكتائب» والوزير السابق كريم بقرادوني أن «الحل ليس بالفيدرالية أو اللامركزية المتمادية التي تهدد بتفكك لبنان وبضرب صيغة العيش المشترك، إنما بمؤتمر وطني يتم خلاله إعادة النظر باتفاق الطائف والدفع باتجاه اللامركزية الإدارية – الإنمائية».



تقارير حقوقية توثّق انتهاكات الحوثيين في 3 محافظات يمنية

تجمع لمسلحين حوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)
تجمع لمسلحين حوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)
TT

تقارير حقوقية توثّق انتهاكات الحوثيين في 3 محافظات يمنية

تجمع لمسلحين حوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)
تجمع لمسلحين حوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)

سلطت أحدث التقارير الحقوقية في اليمن الضوءَ على آلاف الانتهاكات التي ارتكبتها الجماعة الحوثية ضد المدنيين في 3 محافظات، هي العاصمة المختطفة صنعاء، والجوف، والحديدة، بما شملته تلك الانتهاكات من أعمال القمع والقتل والخطف والتجنيد والإخضاع القسري للتعبئة.

وفي هذا السياق، رصد مكتب حقوق الإنسان في صنعاء (حكومي) ارتكاب جماعة الحوثيين نحو 2500 انتهاك ضد المدنيين في صنعاء، خلال عامين.

بقايا منازل فجرها الحوثيون في اليمن انتقاماً من ملاكها (إكس)

وتنوّعت الانتهاكات التي طالت المدنيين في صنعاء بين القتل والاعتداء الجسدي والاختطافات والإخفاء القسري والتعذيب ونهب الممتلكات العامة والخاصة وتجنيد الأطفال والانتهاكات ضد المرأة والتهجير القسري وممارسات التطييف والتعسف الوظيفي والاعتداء على المؤسسات القضائية وانتهاك الحريات العامة والخاصة ونهب الرواتب والتضييق على الناس في سُبل العيش.

وناشد التقرير كل الهيئات والمنظمات الفاعلة المعنية بحقوق الإنسان باتخاذ مواقف حازمة، والضغط على الجماعة الحوثية لإيقاف انتهاكاتها ضد اليمنيين في صنعاء وكل المناطق تحت سيطرتها، والإفراج الفوري عن المخفيين قسراً.

11500 انتهاك

على صعيد الانتهاكات الحوثية المتكررة ضد السكان في محافظة الجوف اليمنية، وثق مكتب حقوق الإنسان في المحافظة (حكومي) ارتكاب الجماعة 11500 حالة انتهاك سُجلت خلال عام ضد سكان المحافظة، شمل بعضها 16 حالة قتل، و12 إصابة.

ورصد التقرير 7 حالات نهب حوثي لممتلكات خاصة وتجارية، و17 حالة اعتقال، و20 حالة اعتداء على أراضٍ ومنازل، و80 حالة تجنيد للقاصرين، أعمار بعضهم أقل من 15 عاماً.

عناصر حوثيون يستقلون سيارة عسكرية في صنعاء (أ.ف.ب)

وتطرق المكتب الحقوقي إلى وجود انتهاكات حوثية أخرى، تشمل حرمان الطلبة من التعليم، وتعطيل المراكز الصحية وحرمان الموظفين من حقوقهم وسرقة المساعدات الإغاثية والتلاعب بالاحتياجات الأساسية للمواطنين، وحالات تهجير ونزوح قسري، إلى جانب ارتكاب الجماعة اعتداءات متكررة ضد المناوئين لها، وأبناء القبائل بمناطق عدة في الجوف.

ودعا التقرير جميع الهيئات والمنظمات المحلية والدولية المعنية بحقوق الإنسان إلى إدانة هذه الممارسات بحق المدنيين.

وطالب المكتب الحقوقي في تقريره بضرورة تحمُّل تلك الجهات مسؤولياتها في مناصرة مثل هذه القضايا لدى المحافل الدولية، مثل مجلس حقوق الإنسان العالمي، وهيئات حقوق الإنسان المختلفة، وحشد الجهود الكفيلة باتخاذ موقف حاسم تجاه جماعة الحوثي التي تواصل انتهاكاتها بمختلف المناطق الخاضعة لسيطرتها.

انتهاكات في الحديدة

ولم يكن المدنيون في مديرية الدريهمي بمحافظة الحديدة الساحلية بمنأى عن الاستهداف الحوثي، فقد كشف مكتب حقوق الإنسان التابع للحكومة الشرعية عن تكثيف الجماعة ارتكاب مئات الانتهاكات ضد المدنيين، شمل بعضها التجنيد القسري وزراعة الألغام، والتعبئة الطائفية، والخطف، والتعذيب.

ووثق المكتب الحقوقي 609 حالات تجنيد لمراهقين دون سن 18 عاماً في الدريهمي خلال عام، مضافاً إليها عملية تجنيد آخرين من مختلف الأعمار، قبل أن تقوم الجماعة بإخضاعهم على دفعات لدورات عسكرية وتعبئة طائفية، بغية زرع أفكار تخدم أجنداتها، مستغلة بذلك ظروفهم المادية والمعيشية المتدهورة.

الجماعة الحوثية تتعمد إرهاب السكان لإخضاعهم بالقوة (إ.ب.أ)

وأشار المكتب الحكومي إلى قيام الجماعة بزراعة ألغام فردية وبحرية وعبوات خداعية على امتداد الشريط الساحلي بالمديرية، وفي مزارع المواطنين، ومراعي الأغنام، وحتى داخل البحر. لافتاً إلى تسبب الألغام العشوائية في إنهاء حياة كثير من المدنيين وممتلكاتهم، مع تداعيات طويلة الأمد ستظل تؤثر على اليمن لعقود.

وكشف التقرير عن خطف الجماعة الحوثية عدداً من السكان، وانتزاعها اعترافات منهم تحت التعذيب، بهدف نشر الخوف والرعب في أوساطهم.

ودعا مكتب حقوق الإنسان في مديرية الدريهمي المجتمع الدولي إلى التدخل العاجل لإيقاف الانتهاكات التي أنهكت المديرية وسكانها، مؤكداً استمراره في متابعة وتوثيق جميع الجرائم التي تواصل ارتكابها الجماعة.