التحالف يستهدف «نقطة مراقبة» الحوثيين في صنعاء والمقاومة تنصب الكمائن للمتمردين

الحكومة اليمنية تحذر من «إبادة جماعية»

التحالف يستهدف «نقطة مراقبة» الحوثيين في صنعاء والمقاومة تنصب الكمائن للمتمردين
TT

التحالف يستهدف «نقطة مراقبة» الحوثيين في صنعاء والمقاومة تنصب الكمائن للمتمردين

التحالف يستهدف «نقطة مراقبة» الحوثيين في صنعاء والمقاومة تنصب الكمائن للمتمردين

يعيش اليمن على وقع تطورات أمنية يومية مهمة في ظل مزيد من التطورات العسكرية في مختلف المحافظات، وذلك في سياق التصدي الذي تقوم به المقاومة الشعبية للميليشيات الحوثية؛ فقد شهدت العاصمة صنعاء أمس انفجارين؛ الأول في «جولة أية»، قرب الطريق المؤدي إلى محافظة مأرب. وتشير المعلومات إلى أن التفجير استهدف «نقطة مراقبة» يستخدمها الحوثيون في ذلك «الدوار» الذي يتحكم بعدد من الطرق. وأشارت المعلومات إلى سقوط قتلى وجرحى من عناصر الميليشيات الحوثية في نقطة المراقبة تلك، في حين قالت مصادر حوثية إن التفجير لم يسفر عن خسائر بشرية. أما الانفجار الآخر، فقد وقع في «سوق عنقاد»، قرب صنعاء القديمة. وقالت ما تدعى «وزارة الداخلية» في سلطة الحوثيين إن الانفجار وقع نتيجة أحد المقذوفات المضادة للطيران، التي تتساقط على المواطنين في صنعاء منذ شهر مارس (آذار) الماضي بسبب الإفراط في استخدامها من قبل ميليشيات الحوثيين وقوات صالح، دون أن تحقق أي نتيجة في إصابة أهدافها. وقد أشارت مصادر محلية إلى أن سبب الاستخدام المفرط لمضادات الطيران، يرجع إلى قيام الضباط والجنود ببيع المقذوفات الفارغة في «سوق النحاس». ويعد هذا هو الحادث الثاني من نوعه في غضون أسبوع، بعد انفجار عبوة ناسفة أمام وكالة الأنباء اليمنية الرسمية «سبأ» التي يسيطر عليها الحوثيون. وذهب ضحية الانفجار جندي من حراسة الوكالة وأصيب عدد من زملائه، في حين أعلنت القوات الموالية للرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي تبنيها عددا من الهجمات في صنعاء وذمار باستثناء التفجيرات الكبيرة التي شهدتها العاصمة، قبل عدة أيام.
وتعمل المقاومة على صد عناصر ميليشيا الحوثي والقوات الموالية للمخلوع علي عبد الله صالح، من خلال الكمائن. وفي مديرية البرح، غرب محافظة تعز، قتل وجرح عدد من المسلحين الحوثيين والقوات الموالية لصالح، في كمين نصبته المقاومة الشعبية لتعزيزات عسكرية كانت في طريقها من محافظة الحديدة إلى مدينة تعز. وذكر شهود عيان أن اشتباكات عنيفة اندلعت بين الجانبين عقب الكمين، وأن التعزيزات الحوثية، التي كانت عبارة عن ثلاثة أطقم وناقلة جنود، اضطر قسم منها إلى الانتشار في المنطقة، بعد أن منيت بخسائر بشرية كبيرة.
وفي حادث مماثل، نصبت المقاومة الشعبية في محافظة إب، فجر أمس، كمينا لتعزيزات عسكرية تابعة للحوثيين والمخلوع صالح، كانت في طريقها من صنعاء إلى محافظة تعز، التي تشهد مواجهات عنيفة. وقال شهود عيان في إب، إن الكمين نصب في منطقة السحول وأسفر عن سقوط قتلى وجرحى في صفوف الرتل العسكري التابع للمتمردين.
وعلى صعيد آخر، جددت الحكومة اليمنية مطلبها من المجتمع الدولي للتحرك السريع لحماية الشعب اليمني، محذرة من «حرب إبادة» يمارسها الحوثيون. وأفادت الحكومة، التي يترأسها خالد بحاح نائب الرئيس اليمني، بوجود «حرب إبادة» ممنهجة يمارسها الحوثيون والموالون لصالح، تتطلب تحركا جادا وعاجلا من المجتمع الدولي. وشددت الحكومة في بيان لها على ضرورة التحرك الفوري لوقف نزف الدم اليمني ووضع حد للانتهاكات الإنسانية التي تمارسها جماعة الحوثيين. ومن جهة أخرى، أفاد قيادي في المقاومة الشعبية اليمنية الموالية للرئيس عبد ربه منصور هادي أمس بأن المقاومة أعدت آلاف المقاتلين لطرد مسلحي الحوثي من محافظة تعز وسط البلاد.
وذكر القيادي الذي طلب عدم ذكر اسمه لوكالة الأنباء الألمانية أن المقاومة تواصل هذه الأيام تدريب آلاف المقاتلين الشباب الذين قدموا إلى مدينة تعز عاصمة المحافظة من عدة مديريات فيها. وأضاف أنه «يتم تدريبهم على استخدام مختلف أنواع الأسلحة ليتم إضافتهم إلى المقاومة الشعبية خلال الفترة القليلة المقبلة من أجل سرعة الحسم في المحافظة ودحر الحوثيين وقوات الرئيس اليمني السابق علي صالح».
وأشار إلى أن معظم المقاتلين من فئة الشباب الذين لا تزيد أعمارهم على 30 عاما، وأن من بينهم عسكريين من الجيش الموالي لشرعية الرئيس هادي والرافض للوجود الحوثي في المحافظة. وبيّن أن المقاومة تلقت طلبات كثيرة من قبل كثير من المواطنين من أجل السماح لهم بالالتحاق في صفوفها لقتال الحوثيين، إلا أن الإمكانيات حالت دون استيعاب الكم الهائل منهم.
وفي ما يتعلق بخطة حسم المعركة في مدينة تعز، قال القيادي في المقاومة الشعبية اليمنية إنه سيتم في البداية تأمين الطريق الذي يربط المدينة بمنطقة المخاء القريبة من الممر البحري الدولي «باب المندب»، ومن ثم الانتقال إلى مرحلة أخرى عن طريق تطهير طرق أخرى تربط المدينة بمحافظات أخرى من أجل قطع الإمدادات للحوثيين، والاستمرار في تأمين مختلف الطرق والأحياء في المحافظة «حتى يتم التحرير النهائي».
وحول الخسائر البشرية التي تعرضت لها المقاومة الشعبية منذ بداية المواجهات مع مسلحي الحوثي، أفاد المصدر بأن «خسائر المقاومة الشعبية قليلة مقارنة بخسائر الحوثيين الذين قتلوا منهم المئات بالإضافة إلى إصابة أعداد كبيرة منهم».



الحوثيون يكثّفون حملة الاعتقالات في معقلهم الرئيسي

جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
TT

الحوثيون يكثّفون حملة الاعتقالات في معقلهم الرئيسي

جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)

أطلقت الجماعة الحوثية سراح خمسة من قيادات جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في مناطق سيطرتها، بضمانة عدم المشاركة في أي نشاط احتجاجي أو الاحتفال بالمناسبات الوطنية، وفي المقابل كثّفت في معقلها الرئيسي، حيث محافظة صعدة، حملة الاعتقالات التي تنفّذها منذ انهيار النظام السوري؛ إذ تخشى تكرار هذه التجربة في مناطق سيطرتها.

وذكرت مصادر في جناح حزب «المؤتمر الشعبي» لـ«الشرق الأوسط»، أن الوساطة التي قادها عضو مجلس حكم الانقلاب الحوثي سلطان السامعي، ومحافظ محافظة إب عبد الواحد صلاح، أفضت، وبعد أربعة أشهر من الاعتقال، إلى إطلاق سراح خمسة من أعضاء اللجنة المركزية للحزب، بضمانة من الرجلين بعدم ممارستهم أي نشاط معارض لحكم الجماعة.

وعلى الرغم من الشراكة الصورية بين جناح حزب «المؤتمر» والجماعة الحوثية، أكدت المصادر أن كل المساعي التي بذلها زعيم الجناح صادق أبو راس، وهو عضو أيضاً في مجلس حكم الجماعة، فشلت في تأمين إطلاق سراح القادة الخمسة وغيرهم من الأعضاء؛ لأن قرار الاعتقال والإفراج مرتبط بمكتب عبد الملك الحوثي الذي يشرف بشكل مباشر على تلك الحملة التي طالت المئات من قيادات الحزب وكوادره بتهمة الدعوة إلى الاحتفال بالذكرى السنوية للإطاحة بأسلاف الحوثيين في شمال اليمن عام 1962.

قيادات جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في صنعاء يتعرّضون لقمع حوثي رغم شراكتهم الصورية مع الجماعة (إكس)

في غضون ذلك، ذكرت وسائل إعلام محلية أن الجماعة الحوثية واصلت حملة الاعتقالات الواسعة التي تنفّذها منذ أسبوعين في محافظة صعدة، المعقل الرئيسي لها (شمال)، وأكدت أنها طالت المئات من المدنيين؛ حيث داهمت عناصر ما يُسمّى «جهاز الأمن والمخابرات»، الذين يقودهم عبد الرب جرفان منازلهم وأماكن عملهم، واقتادتهم إلى معتقلات سرية ومنعتهم من التواصل مع أسرهم أو محامين.

300 معتقل

مع حالة الاستنفار التي أعلنها الحوثيون وسط مخاوف من استهداف قادتهم من قبل إسرائيل، قدّرت المصادر عدد المعتقلين في الحملة الأخيرة بمحافظة صعدة بنحو 300 شخص، من بينهم 50 امرأة.

وذكرت المصادر أن المعتقلين يواجهون تهمة التجسس لصالح الولايات المتحدة وإسرائيل ودول أخرى؛ حيث تخشى الجماعة من تحديد مواقع زعيمها وقادة الجناح العسكري، على غرار ما حصل مع «حزب الله» اللبناني، الذي أشرف على تشكيل جماعة الحوثي وقاد جناحيها العسكري والمخابراتي.

عناصر من الحوثيين خلال حشد للجماعة في صنعاء (إ.ب.أ)

ونفت المصادر صحة التهم الموجهة إلى المعتقلين المدنيين، وقالت إن الجماعة تسعى لبث حالة من الرعب وسط السكان، خصوصاً في محافظة صعدة، التي تستخدم بصفتها مقراً أساسياً لاختباء زعيم الجماعة وقادة الجناح العسكري والأمني.

وحسب المصادر، تتزايد مخاوف قادة الجماعة من قيام تل أبيب بجمع معلومات عن أماكن اختبائهم في المرتفعات الجبلية بالمحافظة التي شهدت ولادة هذه الجماعة وانطلاق حركة التمرد ضد السلطة المركزية منذ منتصف عام 2004، والتي تحولت إلى مركز لتخزين الصواريخ والطائرات المسيّرة ومقر لقيادة العمليات والتدريب وتخزين الأموال.

ومنذ سقوط نظام الرئيس السوري بشار الأسد وانهيار المحور الإيراني، استنفرت الجماعة الحوثية أمنياً وعسكرياً بشكل غير مسبوق، خشية تكرار التجربة السورية في المناطق التي تسيطر عليها؛ حيث نفّذت حملة تجنيد شاملة وألزمت الموظفين العموميين بحمل السلاح، ودفعت بتعزيزات كبيرة إلى مناطق التماس مع القوات الحكومية خشية هجوم مباغت.

خلق حالة رعب

بالتزامن مع ذلك، شنّ الحوثيون حملة اعتقالات شملت كل من يُشتبه بمعارضته لسلطتهم، وبررت منذ أيام تلك الحملة بالقبض على ثلاثة أفراد قالت إنهم كانوا يعملون لصالح المخابرات البريطانية، وإن مهمتهم كانت مراقبة أماكن وجود قادتها ومواقع تخزين الأسلحة في صنعاء.

وشككت مصادر سياسية وحقوقية في صحة الرواية الحوثية، وقالت إنه ومن خلال تجربة عشرة أعوام تبيّن أن الحوثيين يعلنون مثل هذه العمليات فقط لخلق حالة من الرعب بين السكان، ومنع أي محاولة لرصد تحركات قادتهم أو مواقع تخزين الصواريخ والمسيرات.

انقلاب الحوثيين وحربهم على اليمنيين تسببا في معاناة ملايين السكان (أ.ف.ب)

ووفق هذه المصادر، فإن قادة الحوثيين اعتادوا توجيه مثل هذه التهم إلى أشخاص يعارضون سلطتهم وممارساتهم، أو أشخاص لديهم ممتلكات يسعى قادة الجماعة للاستيلاء عليها، ولهذا يعمدون إلى ترويج مثل هذه التهم التي تصل عقوبتها إلى الإعدام لمساومة هؤلاء على السكوت والتنازل عن ممتلكاتهم مقابل إسقاط تلك التهم.

وبيّنت المصادر أن المئات من المعارضين أو الناشطين قد وُجهت إليهم مثل هذه التهم منذ بداية الحرب التي أشعلتها الجماعة الحوثية بانقلابها على السلطة الشرعية في 21 سبتمبر (أيلول) عام 2014، وهي تهم ثبت زيفها، ولم تتمكن مخابرات الجماعة من تقديم أدلة تؤيد تلك الاتهامات.

وكان آخرهم المعتقلون على ذمة الاحتفال بذكرى الإطاحة بنظام حكم أسلافهم في شمال اليمن، وكذلك مالك شركة «برودجي» التي كانت تعمل لصالح الأمم المتحدة، للتأكد من هوية المستفيدين من المساعدات الإغاثية ومتابعة تسلمهم تلك المساعدات؛ حيث حُكم على مدير الشركة بالإعدام بتهمة التخابر؛ لأنه استخدم نظام تحديد المواقع في عملية المسح، التي تمت بموافقة سلطة الحوثيين أنفسهم