هبة طوجي لـ «الشرق الأوسط» : لم أعمل يوماً للعالمية رغم أن مذاقها جميل

«لو نبقى سوا»... جديدها مع الفنان لويس فونسي

هبة طوجي لـ «الشرق الأوسط» : لم أعمل يوماً للعالمية رغم أن مذاقها جميل
TT

هبة طوجي لـ «الشرق الأوسط» : لم أعمل يوماً للعالمية رغم أن مذاقها جميل

هبة طوجي لـ «الشرق الأوسط» : لم أعمل يوماً للعالمية رغم أن مذاقها جميل

تأسرك هبة طوجي في الحديث عن مشروعاتها الحالية والمستقبلية بتلقائية عُرفت بها. فهي تنقط حماساً وشغفاً بالفن من رأسها حتى أخمص قدميها. عرفت خلال مسيرتها التي يبلغ عمرها اليوم نحو 15 عاماً، نجاحات متتالية لم تأتِ من عبث. ومع مدير أعمالها الموسيقي أسامة الرحباني، استطاعا أن يحدثا فرقاً على الساحة الفنية. ولأن تطلعاتهما رؤيوية وحدودها السماء، أنجزا أعمالاً موسيقية وغنائية لا تشبه غيرها. وكانت العالمية واحدة من الآفاق الواسعة التي يرنوان إليها. فأسامة آمن بموهبة طوجي. وانطلقا يحلقان بأحلامهما، بدءاً من لبنان، مروراً بالسعودية وفرنسا، وصولاً إلى الصين. واليوم يعيش أسامة وهبة واحدة من محطات النجاح، بعد انضمام طوجي إلى شركة «يونيفرسال أرابيك ميوزك» العالمية، بحيث يكون الإشراف والإنتاج الفنيان لأسامة الرحباني.


أسامة الرحباني وهبة طوجي

وافتتحت طوجي هذا التعاون بأغنية فردية بعنوان «لو نبقى سوا» (que sera sera). والأغنية تجمعها بالفنان البورتوريكي العالمي لويس فونسي، صاحب الأغنية الشهيرة «ديسباسيتو». ويعد هذا الـ«سينغل» مقدمة لأغاني ألبومها الجديد الذي سيُطرح قريباً في الأسواق مع شركة «يونيفرسال».
كتب أسامة الرحباني كلام «لو نبقى سوا» بالعربية، ولويس فونسي كتبها بالإسبانية. وشاركت طوجي في تلحينها إلى جانب فليبي سالديفا، وفريدي مارش، وفريديريك سافيو. تولّى الأخير مهمة توزيعها الموسيقي، بينما وقّع عملية الميكس ماني ماروكين.
وأغدقت هبة على جمهورها بكميات كبيرة من موهبتها الفذّة، من خلال هذه الأغنية التي صورت في ميامي الأميركية. فكانت نجمة عالمية بامتياز، إن بصوتها وأدائها وإن بحضورها وإيقاعها الاستعراضي الراقص.
فماذا أضافت العالمية لهبة الفتاة الموهوبة الحالمة؟ وبماذا تحلم بعد؟ ترد طوجي في حديث لـ«الشرق الأوسط»: «العالمية كلمة كبيرة جداً، وهي في رأيي نسبية، ولم أعمل يوماً لهذا الهدف أو للانتشار والشهرة رغم مذاقهما الجميل. ولكن ما وصلت إليه اليوم هو نتيجة تحدٍّ وعمل دؤوب كان يشبهني لأنني مقتنعة به. وتأتي أغنيتي مع فونسي تكملة لمشواري. فاليوم نعيش الانفتاح والعولمة، وكان من الجميل أن نمزج بين الثقافات الموسيقية التي تتجلى في هذا العمل. باتت الأغنية اليوم مسموعة في أميركا اللاتينية كما في لبنان والعالم العربي. ولطالما حملتُ داخلي حباً للموسيقى على جميع أنواعها. فلا أحب أن أحصر نفسي في نوع معيّن؛ لأن مزيج الثقافات يجذبني. والطابع العالمي الذي أتحدث عنه ينطبق على مستوى العمل ومحتواه الفني أولاً».
تؤكد طوجي أنها لا تزال تحلم بالتأكيد «ولا مرة أجد نفسي اكتفت». إن توقف الإنسان عن الحلم فكأنه يتخلى عن كل ما يمكن أن يحفّزه ليشعر بأنه لا يزال شخصاً منتجاً ينبض بالحياة، بغض النظر عن طبيعة أحلامه.
للعالمية مذاق خاص، إلا أن طوجي تعتبر المشوار طويلاً. وترى أن المشروعات التي خاضتها هي ثمرة الانفتاح. فكيف تفسر طعم العالمية؟ ترد: «هو شعور الفنان أولاً بالرضا الشخصي كثمرة لمجهوده. هذا الشعور -على الرغم من لذته- يبقى محفوفاً بالقلق أمام سؤال يراودني: ماذا بعد؟ من المهم جداً، أن يخطو الفنان دائماً خطوة إلى الوراء، ويحاسب نفسه. والأهم هو أن يكون محاطاً بأشخاص يعرفون كيف يوجهونه ويدعمونه بموضوعية متفانية».
وبالفعل، منذ بداياتها كانت طوجي محاطة بواحد من الخبراء الفنيين الذين لهم باعهم الطويل في الموسيقى، لا سيما أنه ابن بيت فني عريق، ألا وهو أسامة الرحباني. وجاء زواجها من الموسيقي العالمي إبراهيم معلوف ليكمل هذه الدائرة. وتعلق: «لا يستطيع الفنان وحده أن يبني نجاحات طويلة الأمد. وجهده الشخصي لا يكفي. وأنا أعي تماماً أسباب الامتنان الذي يغمرني. فهناك أشخاص يسهمون في نجاحك. وأسامة هو أول شخص آمن بموهبتي. فقمنا بعمل حفلات وألبومات غنائية ضمن رؤية موحدة وأفكار متشابهة، وأحلام كبيرة. وكان حريصاً على أن أقدم أفضل ما عندي، وهو ما ولّد لدي التحدي ومسؤولية كبيرة، كي أكون عند حسن ظن موسيقي عبقري. أما مع زوجي إبراهيم معلوف، الموسيقي العالمي، وصاحب الخبرات المتراكمة، والإبداعات التي لا تعد، والعبقرية الفذة، فإن وجوده إلى جانبي لطالما شكّل دعماً من نوع آخر. فأنا أستشيره وأقف على آرائه في أعمالي، والعكس صحيح. صحيح أننا شخصان مستقلان في ممارسة أعمالنا، ولكننا نتبادل الآراء. وأحب أن أستشيره لأنه شريك حياتي الطبيعية، ومن أكثر منه سيخاف علي ويدعمني؟ ومن دون هذه العناية التي تلاقينها من أشخاص بهذا المستوى، لا يمكنك أن تذهبي بأحلامك إلى أماكن بعيدة».


تبدلت أولويات طوجي بعد الأمومة

أغنيتها «لو نبقى سوا» وضعتها على تماس مباشر مع الثقافة اللاتينية، كون شريكها فيها ينتمي إلى تلك الحضارة. وهو ما ولّد بينهما حالة تبادل ثقافات غير مباشرة، لا سيما أن الشعبين اللبناني واللاتيني يعدّان من الشعوب الحاضنة التي تتمتع بدفء المشاعر. «كنا على اتصال مباشر بعضنا مع بعض، بفعل تشاورنا حول الأغنية. وكنت أترجم له معانيها العربية كي يستلهم منها ما سيكتبه بالإسبانية. ولا بد من أن أشير هنا إلى أنه شخص متواضع جداً، ودقيق وجدّي في العمل، تماماً مثلي. تحادثنا في أمور كثيرة عن الانفتاح الذي نحققه في عملنا المشترك. وتطرقنا أحياناً إلى حياتنا العائلية. كل هذه الأجواء انعكست إيجاباً وتناغماً خلال تصوير الكليب، وكأني أعرفه من زمن بعيد».
«لو نبقى سوا»، أول أغنية من ألبومها الجديد الذي تنوي طوجي إصداره قريباً، مع شركة «يونيفرسال» العالمية. وستلحقه أغنيتان فرديتان، واحدة مصرية وأخرى لبنانية. فهي شاركت أيضاً في كتابة بعض أغاني الألبوم، وتطرقت إلى موضوع تمكين المرأة. وكذلك كتبت موضوعات أخرى من بينها الرومانسية. وقد أنجزت تصوير الكليبات الخاصة بهما بين لبنان وفرنسا. «في كل كليب من أغنياتي الثلاث هذه، وأقصد مع (لو نبقى سوا)، سيكتشف الناس طاقاتٍ جديدة عندي قد يجهلها البعض؛ خصوصاً أنها بعيدة عن التكرار، وأقدم فيها جديداً».
وعن تعاونها مع شركة «يونيفرسال» تقول: «منذ عام 2007 حتى اللحظة، عملت وأسامة بجهد فردي من دون شركة إنتاج داعمة. واليوم جاءتنا فرصة التعاون مع (يونيفرسال) التي آمنت بمسيرتنا. والأهم أنها حافظت على جوهر هويتنا الفنية. فبعض الشركات تفضل أخذك إلى خط لا يشبهك من أجل ركوب موجة فنية رائجة. وضعنا ثقتنا بهذه الشركة، لا سيما أنها رائدة ولديها خبرات عالية. كما أن المنتج العالمي وسيم صليبي -وهو أحد المديرين فيها- فتح أمامنا آفاقاً جديدة واحتضن مشروعنا».
وتؤكد طوجي أن العالمية لا يمكن أن تسرقها من الساحتين اللبنانية والعربية. «الذي ينسى أصله لا يمكن أن يصل إلى أي مكان. وأنا أفتخر بلبنانيتي وعروبتي، وهمي الأول يبقى متعلقاً بهاتين الساحتين. والبقية بمنزلة تكملة واستمرارية لمشوار بدأ بالفعل من هناك».
يتحكم الوقت في حياتنا، فنشعر كأننا نسابقه باستمرار لإنجاز مهماتنا وتحقيق أحلامنا. فهل هبة تنتمي إلى هذه الشريحة من الناس اليوم؟ أم أن الأمومة غيّرت أولوياتها؟ ترد: «لطالما شعرت بأنني أتسابق مع الزمن، وأن الوقت يركض، وأمامي بعدُ الكثير لإنجازه. ولكن مع دخول نائل ابني حياتي، صرت أكثر نضجاً، وأعرف كيف أرتب أولوياتي وأنظمها. فأوفق بين أموري الشخصية والفنية، بحيث أعطي وقتي لمن يستحقه بشكل أكبر. صرت أحسب الأشياء من منظار آخر، كي أوفق بين عملي وعائلتي، وهو تحدٍّ من نوع آخر يواجهني».
قريباً تحيي هبة طوجي حفلاً في دبي، ينظمه مركز سرطان الأطفال، يشاركها فيه لويس فونسي. ومن ثَمّ ستقدم حفلات أخرى تتوزع بين فرنسا ودول عربية، وربما لبنان. وألبومها الجديد الذي يشرف عليه أسامة الرحباني تعاونت فيه مع شعراء وملحنين جدد من لبنان وخارجه. وهو يجمع أنماطاً موسيقية وموضوعات متنوعة، مع الحفاظ على هويتها الفنية.
تستخلص هبة اليوم العبر من مشوارها الفني، بحيث صارت تعرف ماذا تريد. وتختم: «بت مقتنعة بأنه يجب ألا أحمل همّ إرضاء الجميع؛ لأن هذا الأمر يفقدك شخصيتك الحقيقية وهويتك الفنية. في الماضي لم أكن أملك الشجاعة أو الخبرة الشخصية اللتين تخولانني لتقديم ما أرغب فيه، خوفاً من ألا يتقبله الجميع. ولكنني أدركت مع الوقت أن هذا الرضا الجماعي ليس أساسياً في المشوار المهني. أحترم آراء الجميع من دون شك، ولكنني أتمسك بقناعاتي، فأقدم ما لا يشبه أعمالاً أخرى».



تجميد الجثث أملاً في إحيائها مستقبلاً لم يعد يقتصر على الخيال العلمي

إميل كيندزورا أحد مؤسسي شركة «توموروو بايوستيتس» (على اليمين) داخل مركز تخزين الجثث في سويسرا (أ.ف.ب)
إميل كيندزورا أحد مؤسسي شركة «توموروو بايوستيتس» (على اليمين) داخل مركز تخزين الجثث في سويسرا (أ.ف.ب)
TT

تجميد الجثث أملاً في إحيائها مستقبلاً لم يعد يقتصر على الخيال العلمي

إميل كيندزورا أحد مؤسسي شركة «توموروو بايوستيتس» (على اليمين) داخل مركز تخزين الجثث في سويسرا (أ.ف.ب)
إميل كيندزورا أحد مؤسسي شركة «توموروو بايوستيتس» (على اليمين) داخل مركز تخزين الجثث في سويسرا (أ.ف.ب)

قررت بيكا زيغلر البالغة 24 عاماً، تجميد جثتها في برّاد بعد وفاتها عن طريق مختبر في برلين، على أمل محدود بإعادة إحيائها مستقبلاً.

وقّعت هذه المرأة الأميركية التي تعيش وتعمل في العاصمة الألمانية، عقداً مع شركة «توموروو بايوستيتس» الناشئة المتخصصة في حفظ الموتى في درجات حرارة منخفضة جداً لإعادة إحيائهم في حال توصّل التقدم العلمي إلى ذلك يوماً ما.

وعندما تتوفى زيغلر، سيضع فريق من الأطباء جثتها في حوض من النيتروجين السائل عند حرارة 196 درجة مئوية تحت الصفر، ثم ينقلون الكبسولة إلى مركز في سويسرا.

وتقول زيغلر، وهي مديرة لقسم المنتجات في إحدى شركات التكنولوجيا في كاليفورنيا، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «بشكل عام، أحب الحياة ولدي فضول لمعرفة كيف سيبدو عالمنا في المستقبل».

ولم يعد علم حفظ الجسم بالتبريد الذي ظهر في ستينات القرن العشرين، مقتصراً على أصحاب الملايين أو الخيال العلمي كما ظهر في فيلم «ذي إمباير سترايكس باك» الذي تم فيه تجميد هان سولو، وفيلم «هايبرنيتس» حين يعود رجل تحرر من الجليد القطبي، إلى الحياة.

توفّر شركات في الولايات المتحدة هذه الخدمة أصلاً، ويُقدّر عدد الأشخاص الذي وُضعت جثثهم في التبريد الأبدي بـ500 فرد.

50 يورو شهرياً

تأسست «توموروو بايوستيتس» عام 2020 في برلين، وهي الشركة الأولى من نوعها في أوروبا.

وفي حديث إلى «وكالة الصحافة الفرنسية»، يقول إميل كيندزورا، أحد مؤسسي الشركة، إن أحد أهدافها «هو خفض التكاليف حتى يصبح تبريد الجثة في متناول الجميع».

إميل كيندزورا أحد مؤسسي «توموروو بايوستيتس» يقف داخل إحدى سيارات الإسعاف التابعة للشركة خارج مقرها في برلين (أ.ف.ب)

ولقاء مبلغ شهري قدره 50 يورو (نحو 52.70 دولار) تتقاضاه من زبائنها طيلة حياتهم، تتعهد الشركة الناشئة بتجميد جثثهم بعد وفاتهم.

يضاف إلى الـ50 يورو مبلغ مقطوع قدره 200 ألف يورو (نحو 211 ألف دولار) يُدفع بعد الوفاة - 75 ألف يورو (نحو 79 ألف دولار) لقاء تجميد الدماغ وحده - ويمكن أن يغطيه نظام تأمين على الحياة.

ويقول كيندزورا (38 سنة) المتحدر من مدينة دارمشتات في غرب ألمانيا، إنه درس الطب وتخصص في الأبحاث المتعلقة بالسرطان، قبل أن يتخلى عن هذا الاختصاص بسبب التقدم البطيء في المجال.

وتشير «توموروو بايوستيتس» إلى أنّ نحو 700 زبون متعاقد معها. وتقول إنها نفذت عمليات تبريد لأربعة أشخاص بحلول نهاية عام 2023.

ويلفت كيندزورا إلى أنّ غالبية زبائنه يتراوح عمرهم بين 30 و40 سنة، ويعملون في قطاع التكنولوجيا، والذكور أكثر من الإناث.

عندما يموت أحد الزبائن، تتعهد «توموروو بايوستيتس» بإرسال سيارة إسعاف مجهزة خصيصاً لتبريد المتوفى باستخدام الثلج والماء. يتم بعد ذلك حقن الجسم بمادة «حفظ بالتبريد» ونقله إلى المنشأة المخصصة في سويسرا.

دماغ أرنب

في عام 2016، نجح فريق من العلماء في حفظ دماغ أرنب بحال مثالية بفضل عملية تبريد. وفي مايو (أيار) من هذا العام، استخدم باحثون صينيون من جامعة فودان تقنية جديدة لتجميد أنسجة المخ البشري، تبين أنها تعمل بكامل طاقتها بعد 18 شهراً من التخزين المبرد.

لكنّ هولغر رينش، الباحث في معهد «آي إل كاي» في دريسدن (شرق ألمانيا)، يرى أنّ الآمال في إعادة شخص متجمد إلى الحياة في المستقبل القريب ضئيلة جداً.

ويقول لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «نشكّ في ذلك. أنصح شخصياً بعدم اللجوء إلى مثل هذا الإجراء».

ويتابع: «في الممارسة الطبية، إنّ الحدّ الأقصى لبنية الأنسجة التي يمكن حفظها بالتبريد هو بحجم وسمك ظفر الإبهام، والوضع لم يتغير منذ سبعينات القرن العشرين».

ويقرّ كيندزورا بعدم وجود ضمانات، ويقول: «لا نعرف ما إذا كان ذلك ممكناً أم لا. أعتقد أن هناك فرصة جيدة، لكن هل أنا متأكد؟ قطعاً لا».

بغض النظر عما يمكن أن يحدث في المستقبل، تقول زيغلر إنها متأكدة من أنها لن تندم على قرارها. وتضيف: «قد يبدو الأمر غريباً، لكن من ناحية أخرى، البديل هو أن يضعوك داخل تابوت وتأكلك الديدان».