النيابة العامة الليبية تصعد في مواجهة «الفساد»

أمرت بحبس مسؤولين ببعثات خارجية وقطاعات مصرفية

النائب العام الليبي الصديق الصور (المكتب الإعلامي للنائب العام)
النائب العام الليبي الصديق الصور (المكتب الإعلامي للنائب العام)
TT

النيابة العامة الليبية تصعد في مواجهة «الفساد»

النائب العام الليبي الصديق الصور (المكتب الإعلامي للنائب العام)
النائب العام الليبي الصديق الصور (المكتب الإعلامي للنائب العام)

عقب سنوات طويلة، تلت سقوط النظام السابق، كانت فيها إجراءات التحقيق في عديد الجرائم معطلة، يستيقظ الليبيون كل صباح هذه الأيام، على أمر من النائب العام المستشار الصديق الصور، بحبس مسؤول أو موظف، بتهمة «اختلاس المال العام»، مع وعد بـ«تعقب جميع من طالت يده أموال الشعب».
وصعدت النيابة العامة الليبية خلال الأشهر الماضية في مواجهة «شبهات فساد» اتهم فيها بعض المسؤولين والموظفين العمومين في مؤسسات داخلية أو خارجية تابعة للبلاد، من بينها قطاع المصارف، والبعثات الدبلوماسية.
وفي أحدث عملية، أجرت النيابة العامة، تحقيقاً مساء أمس، في وقائع «فساد» شابت نشاط مسؤولي فرع مصرف الجمهورية بمنطقة صرمان (غرب طرابلس العاصمة)، انتهت بحبس مديره احتياطياً لاتهامه باختلاس 300 ألف دينار.
وأوضح مكتب النائب العام، في بيانه، أن «محصلة التحقيقات التي أجرتها النيابة في القضية جاءت منسجمة مع النتائج التي تضمنها تقرير ديوان المحاسبة الليبية لأداء فرع المصرف»، حيث كشفت النيابة عن «ضلوع إحدى موظفات فرع المصرف باختلاس المبلغ المالي؛ وتمويه مصدره وذلك عبر تحويله إلى حسابات مصرفية يديرها أقرباؤها، وقيامها بعد ذلك بسحب المبلغ نقداً عقب تسييل صكوك مصدقة واردة إلى الفرع».
وأفادت النيابة أنها «وقفت على مسؤولية مدير الفرع، عن الضرر الجسيم الذي لحق بالمال العام بتعمده التخلي عن مفاتيح الدخول إلى المنظومة لصالح المتهمة، وإعراضه عن تبليغ الجهات الضبطية بالواقعة المجرمة رغم ظهور المبالغ المالية أمامه على عكس طبيعتها».
وانتهت النيابة إلى حبس مدير الفرع احتياطياً على ذمة التحقيق، وأمرت بضبط وإحضار المتهمة ومن شاركها في الجريمة الاعتداء على أموال المودعين.
وقبل ساعات من حبس مدير فرع مصرف الجمهورية بصرمان، كانت النيابة العامة حركت دعوى جنائية ضد مسؤولي فرع مصرف الوحدة، بمنطقة العجيلات (شمال غربي البلاد).
وضمت الدعوى مدير فرع المصرف، ونائبه، ورئاسة قسم الحسابات الجارية؛ لاقترافهم عمليات مصرفية غير مشروعة على حسابات العملاء، من خلال تزوير صكوك مصرفية.
وانتهت النيابة العامة إلى الأمر بحبس المتهمين ستة أيام احتياطياً على ذمة القضية؛ ومضت في تنفيذ تدبير إخضاع فرع المصرف للمحاسبة الجنائية الرامية إلى تدقيق وفحص قيودات العمل جميعها.
وفي إطار التحقيقات التي تجريها النيابة الليبية في بلاغات ضد مسؤولين بالضلوع في عمليات فساد، سبق لها الأمر بحبس مسؤولين وموظفين في بعثاتها الدبلوماسية، بتهم تبديل واختلاس المال العام، وإنفاقه في غير مقصده.



ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.