122 حالة انتحار سجلتها مناطق سيطرة الحوثيين خلال 6 أشهر

انعدام سبل العيش وأساليب القمع والإفقار للمجتمع

طفلة يمنية تعاني مع أسرتها من آثار الحرب التي أشعلتها الميليشيات الحوثية (الأمم المتحدة)
طفلة يمنية تعاني مع أسرتها من آثار الحرب التي أشعلتها الميليشيات الحوثية (الأمم المتحدة)
TT

122 حالة انتحار سجلتها مناطق سيطرة الحوثيين خلال 6 أشهر

طفلة يمنية تعاني مع أسرتها من آثار الحرب التي أشعلتها الميليشيات الحوثية (الأمم المتحدة)
طفلة يمنية تعاني مع أسرتها من آثار الحرب التي أشعلتها الميليشيات الحوثية (الأمم المتحدة)

على وقع سياسات الإفقار التي تتبعها الميليشيات الحوثية، وانعدام سبل العيش، وتوقف الرواتب وأعمال القمع، تصاعدت حالات الانتحار في مناطق سيطرة الميليشيات، وصولاً إلى 122 حالة خلال ستة أشهر، بحسب ما اعترفت به أجهزة الجماعة نفسها.
ويتهم مختصون اجتماعيون الميليشيات الحوثية بأن سلوكها قاد إلى إصابة ملايين السكان باليأس، ما أجبر العشرات منهم من مختلف الأعمار على إنهاء حياتهم؛ بفعل ما أصابهم من بؤس وإحباط على مدى ثمانية أعوام ماضية.
وكانت مدن عدة واقعة تحت سيطرة الميليشيات من بينها العاصمة صنعاء وإب والحديدة، شهدت في الأيام والأسابيع القليلة الماضية تسجيل حالات انتحار من خلال قيام الضحايا إما بالقفز من أماكن مرتفعة وإما شنقاً وإما بإطلاق الرصاص على أنفسهم أو من خلال وسائل أخرى مكّنتهم من قتل أنفسهم هرباً من حدة الضغوط المعيشية.
واعترفت أجهزة الميليشيات الحوثية بوقوع ما يزيد على 122 حادثة انتحار سجلت بعموم مناطق سيطرتها خلال ستة أشهر، منها 5 حالات فشلت بالانتحار، فيما أودت بقية الحوادث بحياة 117 شخصاً، بينهم 19 طفلاً و34 امرأة، والبقية من الذكور تتراوح أعمارهم بين 18 و45 عاماً.
وتصدرت محافظة إب القائمة -كعادتها كل مرة- بواقع 33 حالة انتحار، تلتها صنعاء بواقع 23 حادثة، ثم الحديدة بـ12 حالة، وعمران بـ10 حالات، ثم محافظة ذمار بـ8 حالات، في حين توزعت بقية الحالات على محافظات صعدة وحجة، والمحويت، وريمة.
وسبق للجماعة الحوثية أن اعترفت في تقرير سابق صادر عن الأجهزة الخاضعة لها بصنعاء، بتسجيل نحو 340 حادثة انتحار من مختلف الأعمار في 10 مدن تحت سيطرتها خلال عام 2020، في وقت قدر فيه مراقبون أن العدد الحقيقي للمنتحرين يفوق ما ذكرته تقارير الميليشيات.
وفي محافظة إب (192 كلم جنوب صنعاء)، وثق ناشطون حقوقيون حالات انتحار عدة، قالوا إن قرى ومناطق متفرقة من المحافظة شهدتها على مدى الأسابيع القليلة الماضية.
وكشف ثلاثة ناشطين في إب لـ«الشرق الأوسط»، عن تسجيل المحافظة نحو 7 حالات انتحار جديدة خلال أقل من أسبوع ونصف أسبوع ماضيين، منها انتحار شابين وطفل وامرأتين في مديريات: ريف إب، وحزم العدين، وذي السفال، وحبيش.
ويأتي تزايد حالات الانتحار في أوساط السكان من مختلف الأعمار بالمحافظة ذات الكثافة السكانية المرتفعة متزامناً مع ما تشهده حالياً من انفلات وفوضى أمنية عارمة وارتفاع بمعدلات الجريمة.
وبحسب المصادر، تمثلت آخر الحوادث بإقدام شاب يدعى هشام البعداني على الانتحار شنقاً داخل صالون الحلاقة التابع له في مدينة إب القديمة نتيجة تردي وضعه المعيشي، حيث كان يشكو الشاب من عجزه عن إعالة أفراد أسرته بعد تراجع مستوى الدخل لديه، وتراجع إقبال الشباب على صالونه ولجوئهم بسبب أوضاعهم المالية إلى الحلاقة في منازلهم.
وجاءت تلك الحادثة بعد أيام قليلة من إقدام شاب وامرأة على الانتحار بحادثين منفصلين في مديرية حزم العدين غرب إب، نتيجة تدهور أوضاعهما المعيشية.
وكان شاب عشريني أقدم على الانتحار في عزلة «المجاهدة» بمديرية حزم العدين، أرجعت المصادر أن الأوضاع الاقتصادية المتردية كانت هي الدافع الرئيسي وراء تلك الحادثة.
وسبق ذلك حوادث أخرى مشابهة، منها إقدام امرأة على الانتحار بعد عشرة أيام من ولادتها في عزلة «جبل حريم» بحزم العدين، وانتحار أخرى في منطقة «السارة» بمديرية العدين، والتي تزامنت مع انتحار فتاة عشرينية في مديرية ذي السفال جنوب المحافظة.
إلى ذلك، أقدم شاب في صنعاء قبل أيام على الانتحار بشنق نفسه في أحد الفنادق؛ بسبب حرمان الميليشيات له ولأسرته من الحصول على مساعدات غذائية.
وذكر شهود في صنعاء أن الشاب ترك ورقة قبل انتحاره ذكر فيها أن أحد مشرفي الميليشيات أوقف صرف السلة الغذائية التي تقدمها لأسرته إحدى المنظمات، بعد الاستحواذ عليها والتحكم في عملية الصرف.
ولم تكن محافظة الحديدة الخاضعة للانقلاب هي الأخرى بمنأى عن ذلك؛ إذ أفصحت مصادر محلية عن قيام شاب في جامعة الحديدة بمحاولة الانتحار برمي نفسه من سطح مبنى رئاسة الجامعة.
وذكرت المصادر أن الشاب اعتلى سطح الجامعة معلناً قرار إنهاء حياته بسبب انقطاع مرتبه، لكن زملاءه وطلاباً في الجامعة نجحوا بالإمساك به قبل سقوطه، في حين كان يصرخ بأعلى صوته بأن أبناءه يتضورون جوعاً، ولم يستطع منذ أيام توفير الطعام لهم.
وفي الوقت الذي قدرت فيه تقارير محلية أن شخصاً ينتحر كل يومين في مدن يمنية عدة، معظمها تحت سيطرة الجماعة بسبب جرائم التعسف والإذلال والإفقار الممنهجة، قالت «منظمة الصحة العالمية»، في تقرير حديث لها إن 8 ملايين يمني يعانون من مشاكل نفسية، جراء النزاع المستمر منذ ثماني سنوات.
وأفادت بأن الأمراض النفسية تعد من أكثر الحالات الصحية شيوعاً في اليمن، بفعل «النزاع المسلح منذ ثماني سنوات والاقتصاد المنهار»، والذي أدى إلى شل المرافق الصحية وتفاقم الأمراض النفسية التي تؤثر على جميع فئات المجتمع».
وأشارت إلى أن «المرافق القليلة المتوفرة التي تقدم خدمات الصحة العقلية والخدمات النفسية والاجتماعية، تعاني من نقص حاد في التمويل، مقارنة بالحاجة الماسة لخدماتها».


مقالات ذات صلة

ماذا ينتظر اليمن في عهد ترمب؟

تحليل إخباري الجماعة الحوثية استقبلت انتخاب ترمب بوعيد باستمرار الهجمات في البحر الأحمر وضد إسرائيل (غيتي)

ماذا ينتظر اليمن في عهد ترمب؟

ينتظر اليمنيون حدوث تغييرات في السياسات الأميركية تجاه بلادهم في ولاية الرئيس المنتخب دونالد ترمب.

وضاح الجليل (عدن)
العالم العربي رئيس الحكومة اليمنية أحمد عوض بن مبارك (سبأ)

وعود يمنية بإطلاق عملية شاملة لإعادة بناء المؤسسات الحكومية

وعد رئيس الحكومة اليمنية، أحمد عوض بن مبارك، بإطلاق عملية شاملة لإعادة بناء المؤسسات، ضمن خمسة محاور رئيسة، وفي مقدمها إصلاح نظام التقاعد.

«الشرق الأوسط» (عدن)
العالم العربي مسلحون حوثيون خلال حشد في صنعاء دعا إليه زعيمهم (إ.ب.أ)

الحوثيون يحولون المنازل المصادرة إلى معتقلات

أفاد معتقلون يمنيون أُفْرج عنهم أخيراً بأن الحوثيين حوَّلوا عدداً من المنازل التي صادروها في صنعاء إلى معتقلات للمعارضين.

محمد ناصر (تعز)
العالم العربي بوابة البنك المركزي اليمني في صنعاء الخاضع لسيطرة الجماعة الحوثية (أ.ف.ب)

تفاقم معاناة القطاع المصرفي تحت سيطرة الحوثيين

يواجه القطاع المصرفي في مناطق سيطرة الجماعة الحوثية شبح الإفلاس بعد تجريده من وظائفه، وتحولت البنوك إلى مزاولة أنشطة هامشية والاتكال على فروعها في مناطق الحكومة

وضاح الجليل (عدن)
الخليج جاسم البديوي الأمين العام لمجلس التعاون لدول الخليج العربية (مجلس التعاون)

إدانة خليجية للاعتداء الغادر بمعسكر قوات التحالف في سيئون اليمنية

أدان جاسم البديوي، الأمين العام لمجلس التعاون لدول الخليج العربية، الاعتداء الغادر في معسكر قوات التحالف بمدينة سيئون بالجمهورية اليمنية.

«الشرق الأوسط» (الرياض)

نيجيريا تقترب من توقيع اتفاقيات عسكرية مع السعودية لتعزيز الأمن ومكافحة الإرهاب

وزير الدولة النيجيري ونائب وزير الدفاع السعودي في الرياض (واس)
وزير الدولة النيجيري ونائب وزير الدفاع السعودي في الرياض (واس)
TT

نيجيريا تقترب من توقيع اتفاقيات عسكرية مع السعودية لتعزيز الأمن ومكافحة الإرهاب

وزير الدولة النيجيري ونائب وزير الدفاع السعودي في الرياض (واس)
وزير الدولة النيجيري ونائب وزير الدفاع السعودي في الرياض (واس)

كشف وزير الدولة لشؤون الدفاع النيجيري، الدكتور بلو محمد متولي، لـ«الشرق الأوسط»، عن اقتراب بلاده من توقيع اتفاقيات عسكرية مع السعودية، بشأن برامج التدريب المشتركة، ومبادرات بناء القدرات، لتعزيز قدرات القوات المسلحة، فضلاً عن التعاون الأمني ​​الثنائي، بمجال التدريب على مكافحة الإرهاب، بجانب تبادل المعلومات الاستخبارية.

وقال الوزير إن بلاده تعمل بقوة لترسيخ الشراكة الاستراتيجية بين البلدين، «حيث ركزت زيارته إلى السعودية بشكل أساسي، في بحث سبل التعاون العسكري، والتعاون بين نيجيريا والجيش السعودي، مع وزير الدفاع السعودي الأمير خالد بن سلمان».

الدكتور بلو محمد متولي وزير الدولة لشؤون الدفاع النيجيري (فيسبوك)

وأضاف قائلاً: «نيجيريا تؤمن، عن قناعة، بقدرة السعودية في تعزيز الاستقرار الإقليمي والتزامها بالأمن العالمي. وبالتالي فإن الغرض الرئيسي من زيارتي هو استكشاف فرص جديدة وتبادل الأفكار، وسبل التعاون وتعزيز قدرتنا الجماعية على معالجة التهديدات الأمنية المشتركة».

وعن النتائج المتوقعة للمباحثات على الصعيد العسكري، قال متولي: «ركزت مناقشاتنا بشكل مباشر على تعزيز التعاون الأمني ​​الثنائي، لا سيما في مجال التدريب على مكافحة الإرهاب وتبادل المعلومات الاستخبارية»، وتابع: «على المستوى السياسي، نهدف إلى ترسيخ الشراكة الاستراتيجية لنيجيريا مع السعودية. وعلى الجبهة العسكرية، نتوقع إبرام اتفاقيات بشأن برامج التدريب المشتركة ومبادرات بناء القدرات التي من شأنها أن تزيد من تعزيز قدرات قواتنا المسلحة».

وتابع متولي: «أتيحت لي الفرصة لزيارة مقر التحالف الإسلامي العسكري لمحاربة الإرهاب في الرياض أيضاً، حيث التقيت بالأمين العام للتحالف الإسلامي العسكري لمكافحة الإرهاب، اللواء محمد بن سعيد المغيدي، لبحث سبل تعزيز أواصر التعاون بين البلدين، بالتعاون مع الدول الأعضاء الأخرى، خصوصاً في مجالات الأمن ومكافحة الإرهاب».

مكافحة الإرهاب

في سبيل قمع الإرهاب وتأمين البلاد، قال متولي: «حققنا الكثير في هذا المجال، ونجاحنا يكمن في اعتماد مقاربات متعددة الأبعاد، حيث أطلقنا أخيراً عمليات منسقة جديدة، مثل عملية (FANSAN YAMMA) التي أدت إلى تقليص أنشطة اللصوصية بشكل كبير في شمال غربي نيجيريا».

ولفت الوزير إلى أنه تم بالفعل القضاء على الجماعات الإرهابية مثل «بوكو حرام» و«ISWAP» من خلال عملية عسكرية سميت «HADIN KAI» في الجزء الشمالي الشرقي من نيجيريا، مشيراً إلى حجم التعاون مع عدد من الشركاء الدوليين، مثل السعودية، لتعزيز جمع المعلومات الاستخبارية والتدريب.

وحول تقييمه لمخرجات مؤتمر الإرهاب الذي استضافته نيجيريا أخيراً، وتأثيره على أمن المنطقة بشكل عام، قال متولي: «كان المؤتمر مبادرة مهمة وحيوية، حيث سلّط الضوء على أهمية الجهود الجماعية في التصدي للإرهاب».

وزير الدولة النيجيري ونائب وزير الدفاع السعودي في الرياض (واس)

وتابع الوزير: «المؤتمر وفر منصة للدول لتبادل الاستراتيجيات والمعلومات الاستخبارية وأفضل الممارسات، مع التأكيد على الحاجة إلى جبهة موحدة ضد شبكات الإرهاب، حيث كان للمؤتمر أيضاً تأثير إيجابي من خلال تعزيز التعاون الأعمق بين الدول الأفريقية وشركائنا الدوليين».

ويعتقد متولي أن إحدى ثمرات المؤتمر تعزيز الدور القيادي لبلاده في تعزيز الأمن الإقليمي، مشيراً إلى أن المؤتمر شدد على أهمية الشراكات الاستراتيجية الحيوية، مثل الشراكات المبرمة مع التحالف الإسلامي العسكري لمكافحة الإرهاب (IMCTC).

الدور العربي ـ الأفريقي والأزمات

شدد متولي على أهمية تعظيم الدور العربي الأفريقي المطلوب لوقف الحرب الإسرائيلية على فلسطين ولبنان، متطلعاً إلى دور أكبر للعرب الأفارقة، في معالجة الصراع الإسرائيلي الفلسطيني، على العرب الأفارقة أن يعملوا بشكل جماعي للدعوة إلى وقف إطلاق النار، وتقديم الدعم والمساعدات الإنسانية للمواطنين المتضررين.

وأكد متولي على أهمية استغلال الدول العربية الأفريقية أدواتها في أن تستخدم نفوذها داخل المنظمات الدولية، مثل «الأمم المتحدة» و«الاتحاد الأفريقي»؛ للدفع بالجهود المتصلة من أجل التوصل إلى حل عادل.

وحول رؤية الحكومة النيجيرية لحل الأزمة السودانية الحالية، قال متولي: «تدعو نيجيريا دائماً إلى التوصل إلى حل سلمي، من خلال الحوار والمفاوضات الشاملة التي تشمل جميع أصحاب المصلحة في السودان»، مقراً بأن الدروس المستفادة من المبادرات السابقة، تظهر أن التفويضات الواضحة، والدعم اللوجيستي، والتعاون مع أصحاب المصلحة المحليين أمر بالغ الأهمية.

وأضاف متولي: «حكومتنا مستعدة للعمل مع الشركاء الإقليميين والدوليين، لضمان نجاح أي مبادرات سلام بشأن الأزمة السودانية، وبوصفها رئيسة للجماعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا والاتحاد الأفريقي، تدعم نيجيريا نشر الوسطاء لتسهيل اتفاقات وقف إطلاق النار والسماح بوصول المساعدات الإنسانية».

وفيما يتعلق بفشل المبادرات المماثلة السابقة، وفرص نجاح نشر قوات أفريقية في السودان؛ للقيام بحماية المدنيين، قال متولي: «نجاح نشر القوات الأفريقية مثل القوة الأفريقية الجاهزة (ASF) التابعة للاتحاد الأفريقي في السودان، يعتمد على ضمان أن تكون هذه الجهود منسقة بشكل جيد، وممولة بشكل كافٍ، ومدعومة من قِبَل المجتمع الدولي».

ولفت متولي إلى تفاؤل نيجيريا بشأن هذه المبادرة بسبب الإجماع المتزايد بين الدول الأفريقية على الحاجة إلى حلول بقيادة أفريقية للمشاكل الأفريقية، مبيناً أنه بدعم من الاتحاد الأفريقي والشركاء العالميين، فإن هذه المبادرة لديها القدرة على توفير الحماية التي تشتد الحاجة إليها للمدنيين السودانيين، وتمهيد الطريق للاستقرار على المدى الطويل.