الكوليرا تتفشى في سوريا... وتحذيرات من كارثة صحية

سورية مع طفلها المصاب بالكوليرا في مستشفى بدير الزور 29 سبتمبر (أ.ب)
سورية مع طفلها المصاب بالكوليرا في مستشفى بدير الزور 29 سبتمبر (أ.ب)
TT

الكوليرا تتفشى في سوريا... وتحذيرات من كارثة صحية

سورية مع طفلها المصاب بالكوليرا في مستشفى بدير الزور 29 سبتمبر (أ.ب)
سورية مع طفلها المصاب بالكوليرا في مستشفى بدير الزور 29 سبتمبر (أ.ب)

يشكل تفشي مرض الكوليرا خطراً كبيراً في عموم المناطق السورية على اختلاف القوى المسيطرة، ولو أن مناطق النظام تتصدر المشهد بتفشي الوباء. وما يثير المخاوف هو انتشار الوباء في المخيمات المكتظة بالنازحين، حيث لا تتوفر مقومات الحياة، إضافة إلى قلة مياه الشرب النقية.
وأظهرت الإحصائيات الرسمية لوزارة الصحة في دمشق استحواذ محافظتي حلب ودير الزور شمال سوريا وشرقها على العدد الأكبر من إصابات الكوليرا التي تواصل انتشارها، إن في مناطق سيطرة النظام أو في «الإدارة الذاتية» والمعارضة، في وقت تواصل حكومة النظام فرض إجراءات مشددة، في محاولة للسيطرة على تفشي المرض.
وارتفع عدد الوفيات في مناطق سيطرة النظام إلى 44 حالة والإصابات إلى 908، بحسب تقارير وزارة الصحة في دمشق.
كما سجلت وزارة الصحة في دمشق، 558 إصابة بمحافظة حلب، و165 في دير الزور، و68 في الحسكة، و33 في الرقة، و28 في اللاذقية و19 إصابة في السويداء، و11 في دمشق، و10 في حماة، و7 في حمص، و5 في درعا، و2 في ريف دمشق، وإصابة واحدة في كل من القنيطرة وطرطوس.
في المقابل، أفادت شبكة «الإنذار المبكر والأوبئة» بتسارع انتشار الوباء في المناطق الخارجة عن سيطرة النظام في شمال سوريا وشرقها، التي بلغت نحو 14844 حتى يوم الخميس و1755 في شمال غرب البلاد و374 إصابة في منطقة «نبع السلام».
وأكدت وزارة الصحة في «الحكومة المؤقتة»، وفاة شخصين جراء الإصابة بالكوليرا في مناطق شمال شرقي سوريا، داعية العاملين في قطاع الصحة إلى الإبلاغ عن الحالات المشتبه فيها في المنشآت والمجتمع وتقديم تسهيلات التحقق.
أما في إدلب، فقد أصدرت «مديرية صحة إدلب» بياناً، أعلنت فيه «دق ناقوس الخطر» بعد ثبات انتشار الكوليرا في مناطق النظام و«قوات سوريا الديمقراطية» (قسد).
وأشار البيان إلى الظروف الإنسانية الكارثية التي يعيشها الأهالي في منطقة شمال غرب سوريا؛ حيث الكثافة السكانية الكبيرة وانتشار المخيمات وصعوبة تأمين مياه الشرب النظيفة، ووجود مجاري الصرف الصحي بالقرب من المخيمات.
وحذرت نائبة مبعوث الأمم المتحدة إلى سوريا، نجاة رشدي، أمس (الجمعة)، من أن وضع الكوليرا في سوريا «يمكن أن يصبح كارثياً»، وذلك خلال ترؤسها اجتماع فريق العمل الإنساني، الذي عقد في جنيف. وقالت رشدي: «هناك حاجة إلى مساعدات عاجلة، والوصول المستدام من دون معوقات إلى المجتمعات المتضررة أمر حتمي».
ولفتت مصادر في مناطق الشمال الخارجة عن سيطرة النظام إلى تسارع انتشار الكوليرا في شرق وشمال غرب سوريا، والحاجة الماسة إلى مساعدات طبية طارئة. وقالت إن السبب الرئيسي في تسارع انتشار الكوليرا هو المياه الملوثة، وعدم توافر مستلزمات النظافة والعناية الصحية، مشيرة إلى أن النسب الأعلى لانتشار الكوليرا في المناطق الفقيرة والضعيفة.
وتسعى «وحدة تنسيق الدعم» إلى رفع مشروع برنامج لقاح إلى منظمة الصحة العالمية، دون أن يتم التعويل على النجاح في ذلك، كون اللقاح مكلفاً وهو يؤمن حماية من الإصابة الفردية لكنه لا يقضي على الوباء، على اعتبار أن الأسباب تتعلق بالبيئة الملوثة لا سيما المياه ودرجة الوعي البيئي والصحي في المجتمع وأيضاً بالمستوى المعيشي. إذ بات الحصول على المياه النظيفة منهكاً للأسر السورية الفقيرة؛ حيث يبلغ سعر برميل مياه الشرب أكثر من عشرين ألف ليرة. وبحسب المصادر، فإن هذا انعكس سلباً على سلوكيات النظافة.
وكان المتحدث الرسمي باسم الأمين العامّ للأمم المتحدة ستيفان دوجاريك أفاد، في وقت سابق، بأن زيادة حالات الإصابة بالكوليرا ترجع إلى نقص المياه الحادّ في جميع أنحاء سوريا، بسبب انخفاض منسوب المياه في نهر الفرات والظروف الشبيهة بالجفاف.
ولا بد من الإشارة إلى أن أولى حالات إصابة الكوليرا في مناطق ريف دير الزور، سُجلت نتيجة تلوث مياه نهر الفرات؛ حيث تشير التقارير إلى أن أكثر من 5 ملايين شخص في سوريا يعتمدون على نهر الفرات للحصول على مياه الشرب.
وقال إن المنظمات الشريكة للأمم المتحدة تواجه نقصاً في مستلزمات مكافحة الكوليرا، كالأدوية والمياه والصرف الصحي ومستلزمات النظافة، مشيراً إلى أن تدمير البنية التحتية للمياه أو إتلافها، جعل الناس يعتمدون على مصادر المياه غير الآمنة.
اليونيسف
وحذرت منظمة «اليونيسف» من أنه مع انتشار تفشي هذا المرض، فإنه يهدد أيضاً صحة الأطفال. وكانت «اليونيسف» قامت منذ الإعلان عن تفشي الكوليرا في 10 سبتمبر (أيلول) الماضي، بتوزيع 60 مجموعة من أدوات علاج الإسهال المائي الحاد في المحافظات الأكثر تضرراً لدعم العلاج في المرافق الصحية وعلى مستوى المجتمع المحلي.
وخلال الأسبوعين الماضيين، تم توزيع 408 أطنان من هيبوكلوريت الصوديوم لزيادة جرعات الكلور وتركيزه لمنع – والحد من – انتشار المرض، خاصة في المجتمعات الهشة والضعيفة للغاية، ما يتيح لعشرة ملايين شخص في جميع أنحاء البلاد الحصول على مياه آمنة ونظيفة.
وفي بيان، أشارت «اليونيسف» إلى أن الإمدادات شملت مجموعات أدوات الإسهال المائي الحاد لدعم المرافق الصحية والمجتمعات في علاج 36 ألف حالة إصابة بالإسهال المائي الحاد، وأقراص تنقية المياه لمساعدة 350 ألف شخص على معالجة المياه لتلبية احتياجات المنازل.


مقالات ذات صلة

أطعمة تقلل من خطر الإصابة بـ14 نوعاً مختلفاً من السرطان

صحتك استهلاك الأطعمة التي تحتوي على «أوميغا 3» و«أوميغا 6» مثل الأسماك الزيتية يقلل معدل خطر الإصابة بالسرطان (جمعية الصيادين الاسكوتلنديين)

أطعمة تقلل من خطر الإصابة بـ14 نوعاً مختلفاً من السرطان

وجدت دراسة أن استهلاك «أوميغا 3» و«أوميغا 6»، وهي الأحماض الدهنية التي توجد في الأطعمة النباتية والأسماك الزيتية، قد يؤثر على معدل خطر الإصابة بالسرطان.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
يوميات الشرق الغضب لا يزال يشكل حافزاً مهماً للنجاح في العالم الحديث (رويترز)

الأشخاص الغاضبون «أكثر ميلاً للنجاح»... كيف؟

كشف أحد علماء الأعصاب أن الأشخاص الغاضبين أكثر ميلاً للنجاح، وقال الدكتور جاي ليشزينر إن الشعور بالغضب قد يكون «محركاً مهماً» للنجاح في العالم الحديث.

«الشرق الأوسط» (لندن)
العالم صورة تحت المجهر الإلكتروني والتي قدمها المعهد الوطني للحساسية والأمراض المعدية في عام 2024 لجزيئات فيروس جدري القردة باللون البرتقالي الموجودة داخل الخلايا المصابة باللون الأخضر (أ.ب)

كندا ترصد أول إصابة بسلالة فرعية من جدري القردة

أكدت وكالة الصحة العامة الكندية أمس (الجمعة) رصد أول حالة إصابة بالسلالة الفرعية 1 من جدري القردة في كندا لدى شخص في مانيتوبا.

«الشرق الأوسط» (مونتريال)
المشرق العربي فلسطيني يحمل طفلة صغيرة مصابة داخل مستشفى كمال عدوان في قطاع غزة (أ.ف.ب)

وزارة الصحة: كل مستشفيات غزة ستتوقف عن العمل خلال 48 ساعة

حذرت وزارة الصحة في قطاع غزة من توقف جميع مستشفيات القطاع عن العمل أو تقليص خدماتها خلال 48 ساعة بسبب نقص الوقود، إذ ترفض إسرائيل دخوله للقطاع.

«الشرق الأوسط» (غزة)
صحتك سمنة البطن مع وزن طبيعي للجسم... مشكلة صحية تستدعي الاهتمام

سمنة البطن مع وزن طبيعي للجسم... مشكلة صحية تستدعي الاهتمام

تعتمد الأوساط الطبية بالعموم في تحديد «مقدار وزن الجسم» على عدد الكيلوغرامات بوصفه «رقماً»

د. حسن محمد صندقجي (الرياض)

انتهاكات حوثية تستهدف قطاع التعليم ومنتسبيه

إجبار طلبة المدارس على المشاركة في فعاليات حوثية طائفية (إعلام حوثي)
إجبار طلبة المدارس على المشاركة في فعاليات حوثية طائفية (إعلام حوثي)
TT

انتهاكات حوثية تستهدف قطاع التعليم ومنتسبيه

إجبار طلبة المدارس على المشاركة في فعاليات حوثية طائفية (إعلام حوثي)
إجبار طلبة المدارس على المشاركة في فعاليات حوثية طائفية (إعلام حوثي)

ارتكبت جماعة الحوثيين في اليمن موجةً من الانتهاكات بحق قطاع التعليم ومنتسبيه شملت إطلاق حملات تجنيد إجبارية وإرغام المدارس على تخصيص أوقات لإحياء فعاليات تعبوية، وتنفيذ زيارات لمقابر القتلى، إلى جانب الاستيلاء على أموال صندوق دعم المعلمين.

وبالتوازي مع احتفال الجماعة بما تسميه الذكرى السنوية لقتلاها، أقرَّت قيادات حوثية تتحكم في العملية التعليمية بدء تنفيذ برنامج لإخضاع مئات الطلبة والعاملين التربويين في مدارس صنعاء ومدن أخرى للتعبئة الفكرية والعسكرية، بحسب ما ذكرته مصادر يمنية تربوية لـ«الشرق الأوسط».

طلبة خلال طابور الصباح في مدرسة بصنعاء (إ.ب.أ)

ومن بين الانتهاكات، إلزام المدارس في صنعاء وريفها ومدن أخرى بإحياء ما لا يقل عن 3 فعاليات تعبوية خلال الأسبوعين المقبلين، ضمن احتفالاتها الحالية بما يسمى «أسبوع الشهيد»، وهي مناسبة عادةً ما يحوّلها الحوثيون كل عام موسماً جبائياً لابتزاز وقمع اليمنيين ونهب أموالهم.

وطالبت جماعة الحوثيين المدارس المستهدفة بإلغاء الإذاعة الصباحية والحصة الدراسية الأولى وإقامة أنشطة وفقرات تحتفي بالمناسبة ذاتها.

وللأسبوع الثاني على التوالي استمرت الجماعة في تحشيد الكوادر التعليمية وطلبة المدارس لزيارة مقابر قتلاها، وإرغام الموظفين وطلبة الجامعات والمعاهد وسكان الأحياء على تنفيذ زيارات مماثلة إلى قبر رئيس مجلس حكمها السابق صالح الصماد بميدان السبعين بصنعاء.

وأفادت المصادر التربوية لـ«الشرق الأوسط»، بوجود ضغوط حوثية مُورِست منذ أسابيع بحق مديري المدارس لإرغامهم على تنظيم زيارات جماعية إلى مقابر القتلى.

وليست هذه المرة الأولى التي تحشد فيها الجماعة بالقوة المعلمين وطلبة المدارس وبقية الفئات لتنفيذ زيارات إلى مقابر قتلاها، فقد سبق أن نفَّذت خلال الأعياد الدينية ومناسباتها الطائفية عمليات تحشيد كبيرة إلى مقابر القتلى من قادتها ومسلحيها.

حلول جذرية

دعا المركز الأميركي للعدالة، وهو منظمة حقوقية يمنية، إلى سرعة إيجاد حلول جذرية لمعاناة المعلمين بمناطق سيطرة جماعة الحوثي، وذلك بالتزامن مع دعوات للإضراب.

وأبدى المركز، في بيان حديث، قلقه إزاء التدهور المستمر في أوضاع المعلمين في هذه المناطق، نتيجة توقف صرف رواتبهم منذ سنوات. لافتاً إلى أن الجماعة أوقفت منذ عام 2016 رواتب موظفي الدولة، بمن في ذلك المعلمون.

طفل يمني يزور مقبرة لقتلى الحوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)

واستحدث الحوثيون ما يسمى «صندوق دعم المعلم» بزعم تقديم حوافز للمعلمين، بينما تواصل الجماعة - بحسب البيان - جني مزيد من المليارات شهرياً من الرسوم المفروضة على الطلبة تصل إلى 4 آلاف ريال يمني (نحو 7 دولارات)، إلى جانب ما تحصده من عائدات الجمارك، دون أن ينعكس ذلك بشكل إيجابي على المعلم.

واتهم البيان الحقوقي الحوثيين بتجاهل مطالب المعلمين المشروعة، بينما يخصصون تباعاً مبالغ ضخمة للموالين وقادتهم البارزين، وفقاً لتقارير حقوقية وإعلامية.

وأكد المركز الحقوقي أن الإضراب الحالي للمعلمين ليس الأول من نوعه، حيث شهدت العاصمة اليمنية المختطفة صنعاء إضرابات سابقة عدة قوبلت بحملات قمع واتهامات بالخيانة من قِبل الجماعة.

من جهته، أكد نادي المعلمين اليمنيين أن الأموال التي تجبيها جماعة الحوثي من المواطنين والمؤسسات الخدمية باسم صندوق دعم المعلم، لا يستفيد منها المعلمون المنقطعة رواتبهم منذ نحو 8 سنوات.

وطالب النادي خلال بيان له، الجهات المحلية بعدم دفع أي مبالغ تحت مسمى دعم صندوق المعلم؛ كون المستفيد الوحيد منها هم أتباع الجماعة الحوثية.