ألمانيا: استياء من دعم شولتس مشروع استثمار صيني في هامبورغ

الاستخبارات حذّرت من «تهديد بكين»... والمستشار الألماني يزور العملاق الآسيوي الشهر المقبل

المستشار الألماني لدى حضوره جلسة في «البوندستاغ» الخميس (د.ب.أ)
المستشار الألماني لدى حضوره جلسة في «البوندستاغ» الخميس (د.ب.أ)
TT

ألمانيا: استياء من دعم شولتس مشروع استثمار صيني في هامبورغ

المستشار الألماني لدى حضوره جلسة في «البوندستاغ» الخميس (د.ب.أ)
المستشار الألماني لدى حضوره جلسة في «البوندستاغ» الخميس (د.ب.أ)

وصف رئيس المخابرات الألمانية الداخلية توماس هالدفنغ، قبل يومين، روسيا بأنها «العاصفة»، والصين بأنها «التغير المناخي». وكان هالدفنغ يتحدث أمام البرلمانيين في «البوندستاغ»، محذّراً من تأثير الصين التي قال إنها تشكّل «تهديداً أكبر بكثير على ألمانيا من روسيا»، ومنتقداً استثمارات الصين الكبيرة في البنى التحتية في بلاده.
وليس واضحاً ما إذا كان المستشار الألماني أولاف شولتس، قد سمع هذا التحذير، ولكن حتى الآن لا شيء يدل على أنه يأخذه على محمل الجد، فبعد يوم واحد على تحذير رئيس جهاز المخابرات من زيادة تأثير الصين، نشرت قناة «إن دي آر» التابعة للقناة الألمانية الأولى، تقريراً يكشف عن أن مكتب المستشار يتجه للموافقة على مشروع شراء شركة صينية مملوكة من الدولة، هي «كوسكو»، لجزء من محطة حاويات في مرفأ هامبورغ رغم اعتراض 6 وزراء في حكومته ينتمون للحزبين الشريكين؛ «الخضر» و«الليبراليين».
وقد تمت الموافقة على أن تستحوذ الشركة الصينية على 35 في المائة من محطة الحاويات العام الماضي، ولكن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من الحكومة الفيدرالية قبل التوقيع النهائي. وعاد تسليط الضوء على المشروع، مع استعداد المستشار الألماني لزيارة الصين مطلع نوفمبر (تشرين الثاني)، ودفاعه عن الاستثمارات الصينية الضخمة في ألمانيا في الأيام الأخيرة، رغم التحذيرات الاستخباراتية بعدم استبدال الصين بروسيا.
ولعقود، ظلت المستشارة السابقة أنجيلا ميركل، تدافع عن الاتفاقية المتزايدة مع روسيا لتزويد ألمانيا بالغاز بأسعار منخفضة، وتقول إنها اتفاقيات اقتصادية بحتة، وإن موسكو لن تستخدم الغاز ورقة سياسية، ولكن روسيا قطعت الغاز عن ألمانيا التي كانت تعتمد عليها لاستيراد قرابة 60 في المائة من حاجاتها من الغاز، رداً على اصطفاف برلين مع كييف. ويبدو الآن أن شولتس، الذي انتقد سياسات ميركل السابقة مع روسيا، يكرر الخطأ نفسه مع الصين. ويبدو فعلاً أن هذا المزاج السائد داخل حكومته، فقد حذر أوميد نوريبور، زعيم حزب «الخضر» المشارك في الحكومة بوزارات مهمة، منها الخارجية والاقتصاد، من موافقة الحكومة على مشروع الصين في مرفأ هامبورغ. وقال إن «هذا ليس جيداً، لا لاقتصادنا ولا لأمننا». وحذّر نائب من «الخضر»، هو أنتون هوفرايتر، من «ارتكاب نفس الأخطاء التي ارتُكبت مع روسيا في السنوات العشرين الماضية، هذه المرة مع الصين».
ويعتمد حزب «الخضر» منذ ما قبل دخوله إلى السلطة، لهجة متشددة تجاه الصين وروسيا. وقد كررت وزيرة الخارجية أنالينا بيربوك، التي تنتمي لـ«الخضر»، هذه السياسة قبل بضعة أيام. وقالت بيربوك في مقابلة مع صحيفة «تسودويتشه تزايتونغ»، في إشارة إلى الصين، إنه يجب أن «نتعلم من سياسة ألمانيا مع روسيا، أنه لا يمكن أن نسمح لأنفسنا بأن نكون معتمدين على دولة أخرى لا تشاركنا قيمنا».
وانتقدت كذلك المتحدثة باسم السياسة الخارجية لدى «الليبراليين»، الحزب الذي يتسلم حقيبة المالية في الحكومة، المشروع. وقالت العضو في «البوندستاغ» ماري-أغنيس شتراك-زمرمان: «ما الذي يجب أن يحصل في العالم بعدُ حتى تفهم ألمانيا الواقع، وتتوقف عن وضع نفسها بين أيدي معادي الديمقراطية؟». وأضافت: «بيع بنى تحتية أساسية للصين هو خطأ فادح يجب وقفه».
وبدأت وزارة الاقتصاد التي يرأسها روبرت هابيك، من حزب «الخضر»، مراجعة المشروع لكونه يتعلق بالبنى التحتية الأساسية، في وقت بدأ الوقت ينفد أمام الحكومة لإصدار قرارها حول وقف المشروع الذي سيدخل حيز التنفيذ نهاية شهر أكتوبر (تشرين الأول)، في حال لم تتفق الحكومة على وقفه.
وبحسب تحقيق قناة «إن دي آر»، فإن الشركة الصينية لن تستحوذ فقط على 35 في المائة من أسهم محطة الحاويات، بل سيكون لها ممثل في مجلس الإدارة، وتشارك في اتخاذ القرارات. وقال التحقيق إن هذا يفتح الباب أمام «ابتزاز محتمل» من قبل الصين لألمانيا، كما حصل مع روسيا وخط أنابيب «نورد ستريم».
وذكر موقع «بوليتيكو»، أن سعي شركة «كوسكو» لاستحواذ أسهم في مرفأ هامبورغ، هو جزء من خططها ضمن استراتيجية أوسع للاستحواذ على بنى تحتية أساسية لمشروع «خط الحرير»، الذي يصل الصين بالغرب عبر محطات قطارات ومرافئ. وأشار الموقع إلى أن «كوسكو» تمتلك أسهماً أصلاً في مرفأين أوروبيين كبيرين، هما مرفأ روتردام في هولندا، وأنتوورب في بلجيكا، إضافة إلى أسهم في مرفأ أصغر في اليونان هو مرفأ بيرايوس في أثينا. كما أن الشركة، بحسب «بوليتيكو»، تقف وراء مخطط لتوسيع محطة سكة حديدية داخلية في دوسبيرغ بألمانيا، حيث يلتقي نهرا الرو والراين في نقطة محورية للشحن البري القادم من الصين. وأضاف الموقع أن الاستحواذ على جزء من مرفأ هامبورغ، «هو قطعة أخرى في هذه الأحجية».
وقبل أن يصبح مستشار ألمانيا، كان شولتس عمدة لمدينة هامبورغ حتى عام 2018 عندما انتقل إلى برلين ليصبح نائب المستشارة ميركل. وفي أيام حكمه للمدينة، ارتفع حجم التجارة بين المدينة والصين بشكل كبير، مستفيداً من مرفأ هامبورغ الضخم الذي يُعد ثالث أكبر مرفأ في أوروبا. وحتى الآن، ما زال شولتس يؤمن بأن الشراكة التجارية مع الصين ضرورية، ولا يؤمن بضرورة تخفيضها، وقال في مؤتمر للأعمال منتصف الشهر: «ليس علينا أن نفكّ ارتباطنا ببعض الدول، بل علينا أن نستمر بالتجارة معها، وسأسمي هنا تحديداً الصين».


مقالات ذات صلة

ألمانيا تسحب قواتها من مالي... وتؤكد أنها «باقية»

العالم ألمانيا تسحب قواتها من مالي... وتؤكد أنها «باقية»

ألمانيا تسحب قواتها من مالي... وتؤكد أنها «باقية»

عشية بدء المستشار الألماني أولاف شولتس زيارة رسمية إلى أفريقيا، هي الثانية له منذ تسلمه مهامه، أعلنت الحكومة الألمانية رسمياً إنهاء مهمة الجيش الألماني في مالي بعد 11 عاماً من انتشاره في الدولة الأفريقية ضمن قوات حفظ السلام الأممية. وعلى الرغم من ذلك، فإن الحكومة الألمانية شددت على أنها ستبقى «فاعلة» في أفريقيا، وملتزمة بدعم الأمن في القارة، وهي الرسالة التي يحملها شولتس معه إلى إثيوبيا وكينيا.

راغدة بهنام (برلين)
العالم ألمانيا لتعزيز حضورها في شرق أفريقيا

ألمانيا لتعزيز حضورها في شرق أفريقيا

منذ إعلانها استراتيجية جديدة تجاه أفريقيا، العام الماضي، كثفت برلين نشاطها في القارة غرباً وجنوباً، فيما تتجه البوصلة الآن شرقاً، عبر جولة على المستوى الأعلى رسمياً، حين يبدأ المستشار الألماني أولاف شولتس، الخميس، جولة إلى منطقة القرن الأفريقي تضم دولتي إثيوبيا وكينيا. وتعد جولة المستشار الألماني الثانية له في القارة الأفريقية، منذ توليه منصبه في ديسمبر (كانون الأول) عام 2021. وقال مسؤولون بالحكومة الألمانية في إفادة صحافية، إن شولتس سيلتقي في إثيوبيا رئيس الوزراء آبي أحمد والزعيم المؤقت لإقليم تيغراي غيتاتشو رضا؛ لمناقشة التقدم المحرز في ضمان السلام بعد حرب استمرت عامين، وأسفرت عن مقتل عشرات

العالم ألمانيا تشن حملة أمنية كبيرة ضد مافيا إيطالية

ألمانيا تشن حملة أمنية كبيرة ضد مافيا إيطالية

في عملية واسعة النطاق شملت عدة ولايات ألمانية، شنت الشرطة الألمانية حملة أمنية ضد أعضاء مافيا إيطالية، اليوم (الأربعاء)، وفقاً لوكالة الأنباء الألمانية. وأعلنت السلطات الألمانية أن الحملة استهدفت أعضاء المافيا الإيطالية «ندرانجيتا». وكانت السلطات المشاركة في الحملة هي مكاتب الادعاء العام في مدن في دوسلدورف وكوبلنتس وزاربروكن وميونيخ، وكذلك مكاتب الشرطة الجنائية الإقليمية في ولايات بافاريا وشمال الراين - ويستفاليا وراينلاند – بفالتس وزارلاند.

«الشرق الأوسط» (برلين)
الرياضة مدير دورتموند: لن أخوض في نقاش ضربة الجزاء غير المحتسبة أمام بوخوم

مدير دورتموند: لن أخوض في نقاش ضربة الجزاء غير المحتسبة أمام بوخوم

لا يرغب هانز يواخيم فاتسكه، المدير الإداري لنادي بوروسيا دورتموند، في تأجيج النقاش حول عدم حصول فريقه على ركلة جزاء محتملة خلال تعادله 1 - 1 مع مضيفه بوخوم أول من أمس الجمعة في بطولة الدوري الألماني لكرة القدم. وصرح فاتسكه لوكالة الأنباء الألمانية اليوم الأحد: «نتقبل الأمر.

«الشرق الأوسط» (ميونيخ)
شؤون إقليمية الاتحاد الأوروبي يطالب طهران بإلغاء عقوبة الإعدام بحق مواطن ألماني - إيراني

الاتحاد الأوروبي يطالب طهران بإلغاء عقوبة الإعدام بحق مواطن ألماني - إيراني

قال الاتحاد الأوروبي إنه «يدين بشدة» قرار القضاء الإيراني فرض عقوبة الإعدام بحق المواطن الألماني - الإيراني السجين جمشيد شارمهد، وفقاً لوكالة «الأنباء الألمانية». وأيدت المحكمة العليا الإيرانية يوم الأربعاء حكم الإعدام الصادر بحق شارمهد.

«الشرق الأوسط» (بروكسل)

الأمم المتحدة: الأسوأ آتٍ بسبب أشد موجة جفاف في أفريقيا منذ قرن

الأمم المتحدة: الأسوأ آتٍ بسبب أشد موجة جفاف في أفريقيا منذ قرن
TT

الأمم المتحدة: الأسوأ آتٍ بسبب أشد موجة جفاف في أفريقيا منذ قرن

الأمم المتحدة: الأسوأ آتٍ بسبب أشد موجة جفاف في أفريقيا منذ قرن

حذّرت الأمم المتحدة من أن الجفاف القياسي الذي أتلف المحاصيل في الجنوب الأفريقي وتسبب بتجويع ملايين الأشخاص ودفع 5 دول لإعلان كارثة وطنية، دخل الآن أسوأ مراحله.

وذكر برنامج الأغذية العالمي التابع للأمم المتحدة أنه يتوقع زيادة عدد الأشخاص الذين يكافحون لتأمين الطعام.

وصرحت المديرة الإقليمية لبرنامج الأغذية العالمي بالوكالة في أفريقيا الجنوبية لولا كاسترو لوكالة الصحافة الفرنسية في جوهانسبرغ، الجمعة، أن «الفترة الأسوأ مقبلة الآن. لم يتمكن المزارعون من حصاد أي شيء والمشكلة هي أن الحصاد المقبل في أبريل (نيسان) 2025».

بعد مالاوي وناميبيا وزامبيا وزيمبابوي أصبحت ليسوتو قبل أسبوعين آخر دولة تعلن حال الكارثة الوطنية في أعقاب الجفاف المرتبط بظاهرة النينيو.

وأضافت كاسترو أن دولاً أخرى مثل أنغولا وموزمبيق قد تحذو قريباً حذوها أو تبلغ عن وجود فجوة بين الغذاء المتوفر وما يحتاجون إليه.

وأشارت إلى أن بعض التقديرات تفيد بأن الجفاف هو الأسوأ في المنطقة منذ قرن.

وقالت كاسترو، الجمعة، من مكتب برنامج الأغذية العالمي في جوهانسبرغ، إن ما لا يقل عن 27 مليون شخص تضرروا في منطقة يعتمد الكثيرون فيها على الزراعة.

وأضافت أن الجفاف أتلف 70 في المائة من المحاصيل في زامبيا و80 في المائة في زيمبابوي، ما أدى إلى تراجع كبير في الطلب وارتفاع أسعار المواد الغذائية.

وقالت كاسترو: «الذرة جافة تماماً ورقيقة ونموها ضعيف ويسأل المزارعون عما عليهم فعله ليتمكنوا من إطعام أسرهم».

حتى لو تراجعت ظاهرة النينيو، فإن آثارها لا تزال قائمة.

أطفال من قبيلة الماساي يركضون أمام حمار وحشي قال السكان المحليون إنه نفق بسبب الجفاف (أ.ب)

وأضافت: «لا يمكننا التحدث عن مجاعة لكنّ الأشخاص عاجزون عن شراء وجبات كافية أو استهلاك عدد كافٍ من السعرات الحرارية يومياً. بدأ الأطفال يخسرون الوزن والسكان يعانون».

يشجع برنامج الأغذية العالمي المزارعين على زراعة محاصيل أكثر مقاومة للجفاف مثل الذرة الرفيعة والدخن والكسافا لمواجهة فترات الجفاف مستقبلاً.

وقالت كاسترو إن برنامج الأغذية العالمي، الذي وجه نداء للحصول على 409 ملايين دولار لتوفير الغذاء وغير ذلك من مساعدات لنحو ستة ملايين شخص في المنطقة، لم يتلقَّ حتى الآن سوى 200 مليون دولار.