الشتاء يعقد المهمات القتالية للطرفين في أوكرانيا

الدول الغربية تدرج ملابس للشتاء في مساعداتها العسكرية لكييف

أشخاص يقدمون وثائقهم أثناء توزيع المساعدات الإنسانية في منطقة زاباروجيا (أ.ب)
أشخاص يقدمون وثائقهم أثناء توزيع المساعدات الإنسانية في منطقة زاباروجيا (أ.ب)
TT

الشتاء يعقد المهمات القتالية للطرفين في أوكرانيا

أشخاص يقدمون وثائقهم أثناء توزيع المساعدات الإنسانية في منطقة زاباروجيا (أ.ب)
أشخاص يقدمون وثائقهم أثناء توزيع المساعدات الإنسانية في منطقة زاباروجيا (أ.ب)

مع اقتراب الشتاء في أوكرانيا، ستؤدي الوحول والثلوج والبرد إلى تعقيد مهمة القوات الأوكرانية والجيش الروسي في الأشهر المقبلة. ولدى الجيش الأوكراني الذي شن هجوماً لاستعادة الأراضي التي احتلتها موسكو، ما يخسره أكثر من الجيش الروسي من توقف مؤقت في عملياته؛ لأنه يريد الاستفادة من مكاسبه الأخيرة قبل حلول فصل الشتاء.
وقال وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن، الأسبوع الماضي، في بروكسل: «أتوقع أن تواصل أوكرانيا بذل كل ما في وسعها خلال الشتاء لاستعادة الأراضي، وتظل فعالة في ساحة المعركة»، مشيراً إلى أن «الشتاء يمثل دائماً تحدياً على صعيد القتال».
والرأي نفسه عبَّر عنه مارك كانسيان، من مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية (سي إس آي إس)، الذي يذكِّر في الوقت نفسه بأن الحرب بدأت في فبراير (شباط)، في منتصف الشتاء، وبالتالي فإن المتحاربين لديهم خبرة في هذا النوع من القتال.
وقال لوكالة الصحافة الفرنسية: «أظن اننا سنشهد قريباً تباطؤاً عندما تبدأ الوحول في الظهور».
وأضاف أنه بعد ذلك «سيستأنف القتال خلال الشتاء»، ولكن ربما لن يكون بالمستوى الذي كان عليه في أيام الصحو، على حد قوله. في الواقع، لن يكون القتال سهلاً في أوج الشتاء. فالجنود سيشعرون بالبرد وسيكون من الصعب صيانة أسلحتهم وآلياتهم لتبقى في حالة جيدة، وستغطي الثلوج الألغام، ما يجعل اكتشافها أصعب.
ويقول مايكل أوهانلون، من مركز «بروكينغز للأبحاث»، إنه من الصعب «الاستمرار في ساحة المعركة والحفاظ على المعدات (...) وتشغيل الآليات عندما تنخفض درجات الحرارة».
ويضيف أن «هذه الحقائق لا تمنع إمكانية القتال، لكنها بالتأكيد تحد منها».
ويرى كانسيان، الكولونيل السابق في مشاة البحرية الأميركية، أنه يمكن أن يتركز القتال حول القرى بسبب الملاجئ التي تؤمنها للقوات التي تسيطر عليها. وتؤمنُ المعدات، التي يقدمها الحلفاء للقوات الأوكرانية من ملابس دافئة ومعدات خاصة بالبرد الشديد، لأوكرانيا تفوقاً على روسيا، التي تواجه مشاكل لوجيستية منذ بداية الحرب.
ووعدت كندا بتقديم 500 ألف قطعة من الملابس الشتوية، بما في ذلك سترات وسراويل وأحذية وقفازات وسترات، بينما تقوم ليتوانيا بتجهيز 25 ألف جندي أوكراني بالكامل لفصل الشتاء.
وقدمت ألمانيا مئات الآلاف من القبعات والسترات والسراويل إلى مدينة كييف.
وأدرجت الولايات المتحدة وبريطانيا أيضاً ملابس للشتاء في مساعداتها العسكرية الأخيرة لأوكرانيا.
لكن من المهم للقوات الأوكرانية أن تتحرك بسرعة بعد النجاحات الأخيرة في ساحة المعركة، ليس فقط بسبب اقتراب فصل الشتاء. فقد شهدت التعبئة في روسيا بعض الإخفاقات منذ أكثر من شهر، لكنها بدأت تؤتي ثمارها بالفعل مع وصول قوات جديدة إلى ساحة المعركة.
وقال كانسيان إن روسيا تراهن على أن «التعبئة والطقس سيؤديان إلى استقرار الخطوط الأمامية».
وأضاف أن موسكو تعتقد أن بإمكانها بعد ذلك إطالة أمد الحرب على أمل أن يتضاءل الدعم الأوروبي لأوكرانيا مع ارتفاع أسعار الطاقة وانخفاض درجات الحرارة، معتبراً أن هذه الاستراتيجية ستفشل.
وشنت روسيا ضربات مدمرة على المدن والبنى التحتية الأوكرانية؛ مما عزز الضغط على السكان. وقال كانسيان إن الأوكرانيين «يواجهون محناً و(...) يقدمون تضحيات، لكنهم بعيدون عن الانهيار، ولا أعتقد بأن أي شخص يتوقع انهيار الروح المعنوية الأوكرانية».
ورأى جان جنتيلي، المؤرخ العسكري في مؤسسة «راند كوبروريشن»، أن المرونة التي أظهرها السكان الأوكرانيون يمكن أن تساعد جيش البلاد على القتال هذا الشتاء.
وقال: «إنهم يعتبرون أنهم يقاتلون من أجل وجودهم. إنهم يظهرون قوة قتالية، وهذا لا ينطبق على ما يبدو على القوات الروسية».
وأكد أنه «عامل نفسي يمكن أن (...) يساعد في تحمل البرد والطقس السيئ».



السوداني يظل «محايداً» وسط التطورات السورية

السوداني يلتقي رئيس تيار الحكمة الوطني عمار الحكيم (رئاسة الوزراء)
السوداني يلتقي رئيس تيار الحكمة الوطني عمار الحكيم (رئاسة الوزراء)
TT

السوداني يظل «محايداً» وسط التطورات السورية

السوداني يلتقي رئيس تيار الحكمة الوطني عمار الحكيم (رئاسة الوزراء)
السوداني يلتقي رئيس تيار الحكمة الوطني عمار الحكيم (رئاسة الوزراء)

اختار أحمد الشرع، قائد «هيئة تحرير الشام»، رئيس الوزراء العراقي، محمد شياع السوداني، أول زعيم يوجه له رسالة هاتفية، فيما يلتزم السوداني الصمت حيال طلبات الجولاني.

في الوقت الذي اختار فيه القائد الفعلي لسوريا وقائد «هيئة تحرير الشام»، أحمد الشرع، رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني، كأول زعيم عربي وعالمي يوجِّه له رسالة هاتفية، حتى قبل سقوط نظام الرئيس بشار الأسد وهروبه، لا يزال السوداني يلتزم الصمت حيال ما طلبه منه الجولاني.

وانشغل السوداني بالوضع السوري؛ سواء من خلال زيارته الخاطفة إلى عمان، أو إجراء العديد من الاتصالات الهاتفية مع عدد من زعماء المنطقة والعالم، كان آخرها مساء السبت من الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، معبراً عن دعمه للتغيير الذي حدث في سوريا.

وفي الوقت نفسه، يسعى السوداني إلى إبعاد الساحة العراقية عن أن تصبح ساحة لتصفية الحسابات، بالإضافة إلى محاولاته لموازنة الوضع الجديد في سوريا، والانخراط العراقي في الجهود الدبلوماسية العربية والدولية. كما يسعى إلى إبعاد إيران، التي تمتلك أذرعاً قوية في العراق، عن الشأن السوري.

وأكد السوداني لرئيس «تيار الحكمة الوطني»، عمار الحكيم، أن موقف العراق يركز على عدم التدخل في الشأن السوري. وناقشا «الأوضاع العامة في البلاد، وجهود الحكومة في تنفيذ برنامجها الحكومي بجميع مستهدفاته، التي تهدف إلى تطوير الخدمات المقدَّمة والارتقاء بالواقع الاقتصادي للبلاد، بما يحقق التنمية الاقتصادية والاجتماعية»، حسب بيان لرئاسة الوزراء.

وتناول اللقاء الأحداث الجارية في سوريا؛ حيث تم التأكيد على موقف العراق الثابت بعدم التدخل في الشأن السوري، بالإضافة إلى التأكيد على أهمية ضم مختلف المكونات في إدارة المرحلة الانتقالية هناك. كما تمَّت مناقشة جهود الحكومة في تعزيز قدرات القوات الأمنية والعسكرية، وتعزيز حماية الحدود ضد أي تهديدات أمنية، بما يضمن سلامة الأراضي العراقية.

وكان السوداني قد تلقى اتصالاً هاتفياً من الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، السبت، حيث تم بحث مستجدَّات الأوضاع في المنطقة، لا سيما التطورات الأخيرة في سوريا.

وأفادت رئاسة الوزراء العراقية، في بيان، بأن السوداني أكد لماكرون «أهمية تضافر جميع الجهود لمساعدة السوريين في تحقيق تطلعاتهم وإعادة بناء دولتهم، مع ضرورة عدم التدخل في شؤونهم الداخلية». وأضاف السوداني أنه يجب التأسيس لمرحلة انتقالية من خلال عملية سياسية شاملة تضمن حقوق جميع مكونات الشعب السوري، مع التأكيد على سلامة ووحدة الأراضي السورية، وهو أمر حيوي لأمن المنطقة واستقرارها.

من جانبه، أكد الرئيس الفرنسي «التزام بلاده بأمن واستقرار العراق، والوقوف إلى جانبه في مواجهة مختلف التحديات؛ خصوصاً في مكافحة الإرهاب»، مشيراً إلى «دور العراق المحوري في المنطقة».

وفي تصريحات صحافية، اليوم (الأحد)، أوضح فادي الشمري، المستشار السياسي للسوداني، أن «بغداد تسعى، من خلال تحركاتها الدبلوماسية المكوكية، إلى رسم رؤية إقليمية ودولية مشتركة بشأن سوريا، تهدف إلى دعم استقرارها والعمل على إقامة نظام سياسي ديمقراطي يحترم التعددية الاجتماعية وحقوق جميع مكونات الشعب السوري».

كما أشار إلى أن «العراق قد اتخذ خطوات استباقية سياسياً وأمنياً وعسكرياً لحماية مصالحه الوطنية، مع التأكيد على أهمية استقرار دول الجوار، وعدم إغفال الملف الفلسطيني، الذي يعاني شعبه من مجازر بشريّة على يد آلة الحرب الإسرائيلية».

أمنياً، أكد وزير الداخلية العراقي عبد الأمير الشمري سلامة الحدود العراقية مع سوريا، مشيراً إلى أن الجهات الأمنية العراقية لا تزال تتحسَّب للمخاطر المحتملة، في حال تم تهريب الآلاف من عناصر تنظيم «داعش»، لا سيما من «مخيم الهول» وسجون سورية أخرى.

وأوضح الشمري، في بيان، أن «الوضع في الشريط الحدودي مطمئن»، لافتاً إلى أنه «ترأَّس اجتماع هيئة رأي الوزارة، بحضور معظم أعضائها، لمناقشة جدول الأعمال المطروح واتخاذ القرارات المناسبة بشأنه».

وأكد الوزير على «تكثيف الجهود الاستخبارية في جميع قواطع المسؤولية»، مشدداً على «ضرورة الاهتمام بملف الحدود الدولية، خاصة أن الوضع في الشريط الحدودي يظل مطمئناً».

في غضون ذلك، رحَّب الزعيم الكردي، مسعود بارزاني، رئيس الحزب الديمقراطي الكردستاني، بالتصريحات التي أدلى بها الشرع بشأن الأكراد في سوريا.

ووجَّه بارزاني، اليوم (الأحد)، رسالة إلى الجولاني، تعقيباً على التصريح الذي ظهر فيه الجولاني بمقطع فيديو يصف فيه الأكراد في سوريا بأنهم «جزءٌ من الوطن وشريكٌ في سوريا المستقبل».

وقال بارزاني في رسالته: «إن هذه الرؤية تجاه الأكراد ومستقبل سوريا موضع سرور وترحيب من قِبَلنا، ونأمل أن تكون بداية لتصحيح مسار التاريخ وإنهاء الممارسات الخاطئة والمجحفة التي كانت تُرتَكَب بحق الشعب الكردي في سوريا».

وأضاف بارزاني: «مثل هذا المنظور يمثل منطلقاً يمهّد لبناء سوريا قوية»، مؤكداً أنه «يجب على الأكراد والعرب وجميع مكونات سوريا الأخرى اغتنام هذه الفرصة للمشاركة معاً في بناء سوريا مستقرة، حرة وديمقراطية».