ليبيا: حفتر يحتوي بوادر تمرد عسكري ويعيد عقيدًا للعمل في الجيش بشروط

مظاهرات في المنطقة الشرقية لرفض التمديد للبرلمان ودمج الميليشيات

جندي ليبي في نقطة تفتيش في منطقة الصابري ببنغازي (أ.ف.ب)
جندي ليبي في نقطة تفتيش في منطقة الصابري ببنغازي (أ.ف.ب)
TT

ليبيا: حفتر يحتوي بوادر تمرد عسكري ويعيد عقيدًا للعمل في الجيش بشروط

جندي ليبي في نقطة تفتيش في منطقة الصابري ببنغازي (أ.ف.ب)
جندي ليبي في نقطة تفتيش في منطقة الصابري ببنغازي (أ.ف.ب)

بينما شهدت عدة مدن في شرق ليبيا مظاهرات مناوئة لمحاولة سحب صلاحيات القائد الأعلى للجيش الليبي من مجلس النواب، طبقا لخطة بعثة الأمم المتحدة التي ترعى محادثات سلام في مدينة الصخيرات المغربية لتشكيل حكومة توافق وطني في ليبيا، تزامنت هذه التطورات مع الإعلان عن احتواء ما وصفته مصادر عسكرية بتمرد عسكري محدود، مشيرة إلى عودة العقيد فرج البرعصي للعمل مجددا بالمؤسسة العسكرية عقب اجتماع عقده صالح عقيلة، رئيس مجلس النواب والقائد الأعلى للجيش الليبي، مع الفريق خليفة حفتر، القائد العام للجيش.
وقالت مصادر عسكرية إنه تم الاتفاق على عودة البرعصي للعمل تحت إمرة العميد عبد السلام الحاسي، قائد مجموعة عمليات «عمر المختار» بشرق ليبيا. وكان حفتر قد سجل عدة ملاحظات قاسية بحق البرعصي، وأعلن تمسكه بعزله من منصبه ورفض عودته للعمل بالجيش مجددا. لكن الوساطات القبلية والاجتماعية دفعت حفتر إلى تغيير قراره في هذا الصدد. وأعلن المتظاهرون في مدن طبرق وبنغازي والمرج والبيضاء بالمنطقة الشرقية عن رفضهم المساس بالمؤسسة العسكرية، حيث تظاهر مئات السكان الموالين للسلطات الشرعية الممثلة في مجلس النواب وحكومته. كما أعرب متظاهرون في مدينة البيضاء، التي تتخذها الحكومة الانتقالية برئاسة عبد الله الثني مقرا مؤقتا لها، عن رفضهم لمسودة مبعوث الأمم المتحدة برناردينو ليون، وتعديلات مجلس النواب عليها، وحملوا أعضاء المجلس المسؤولية الكاملة عما وصفوه بتضييع تضحيات الشهداء ورجال الجيش. وقال البيان إن المتظاهرين يرفضون أي تمديد لمجلس النواب، بالإضافة إلى اعتراضهم على دمج أي ميليشيا مدنية داخل المؤسسة العسكرية أو مؤسسة الشرطة.
وقال مسؤول ليبي لـ«الشرق الأوسط» إن عبد الله الثني، رئيس الحكومة الانتقالية، سيتقدم باستقالته فور الإعلان عن تشكيل حكومة وحدة وطنية في ختام ماراثون المفاوضات التي ترعاها بعثة الأمم المتحدة. ونفى المسؤول الذي طلب عدم تعريفه ما تردد عن احتمال بقاء بعض وزراء حكومة الثني في الحكومة الجديدة، مشيرا إلى أن الحكومة المنتظرة ستضم مسؤولين محسوبين على جماعة الإخوان المسلمين. لكن العقبة الرئيسية على ما يبدو أمام هذه المساعي هي صلاحيات مجلس الدولة الجديد المزمع إنشاؤه، حيث اعترض مجلس النواب على منح غالبية مقاعد المجلس الجديد للمؤتمر الوطني العام (البرلمان) السابق، حيث نصت مسودة ليون الأخيرة على تشكيل مجلس دولة بصلاحيات تشريعية مهمة من 120 عضوا، منهم 90 من أعضاء البرلمان السابق، بينما يحصل البرلمان الشرعي على 30 مقعدا فقط. وينص مقترح الأمم المتحدة على جعل مجلس النواب بمثابة الهيئة التشريعية الرئيسية، كما يدعو إلى حكومة وفاق وطني لمدة عام، بحيث تكون لمجلس وزراء يرأسه رئيس الوزراء ونائبان سلطة تنفيذية. كما تتناول مسودة الاتفاق شروط وقف إطلاق النار ونزع سلاح الجماعات المسلحة وانسحابها من المنشآت النفطية والمدن.
وقال عضو لجنة الحوار بمجلس النواب أبو بكر بعيرة إن البرلمان السابق يحاول إضفاء صفة تشريعية على مجلس الدولة، موضحا أنه لن تكون هناك أي مشكلة في وضع القائد الأعلى للجيش الليبي على اعتبار أنها من صلاحيات مجلس النواب. كما نفى بعيرة، في تصريحات لوكالة الأنباء الرسمية، ما تردد عن أنه يبحث عن مصلحة شخصية معينة بحيث يتم ترشيحه لمنصب رئاسة الحكومة بعد انتهاء جلسات الحوار.
في المقابل، أعلن البرلمان السابق أن فريق الحوار المفوض منه لتمثيله في الحوار السياسي عقد اجتماعا بمقر إقامته بمدينة الصخيرات المغربية مع برناردينو ليون، رئيس بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا، تناول أفق إنجاح الحوار السياسي الليبي في ضوء المسودة الأخيرة التي عرضها ليون في الجولة السابقة واعتبار المؤتمر لها أنها تضمنت أفكارا ومقترحات إيجابية يمكن أن تكون أساسا لحل سياسي. وأوضح البرلمان المسيطر على العاصمة طرابلس لكنه لا يحظى بالاعتراف الدولي أن الاجتماع تناول أيضا التعديلات التي يراها المؤتمر الوطني ضرورية، والتي تضمن احترام الإعلان الدستوري وحكم الدائرة الدستورية بالمحكمة العليا.
وكان رئيس وفد مؤتمر برلمان طرابلس صالح المخزوم قد أعلن في وقت سابق أن هناك احتمالا كبيرا لأن يتوصل الفرقاء الليبيون في الجولة السادسة من المحادثات السياسية المنعقدة حاليا إلى توافق وأرضية مشتركة بشأن مسودة الاتفاق النهائي التي تقدمت بها بعثة الأمم المتحدة إلى ليبيا. وكشف النقاب عن أن بعثة الأمم المتحدة بليبيا طالبت بشكل مكتوب رئيس المؤتمر الوطني بأن تتم موافاتها بأسماء القادة العسكريين والأمنيين وقادة الثوار الذين سيتم الجلوس معهم في الترتيبات الأمنية بحيث يسهل وقف إطلاق النار واتخاذ ترتيبات أمنية أخرى تسند الحوار السياسي. وتقول مصادر حكومية ليبية إن البرلمان السابق لا يزال يتمسك بكونه هو صاحب الشرعية الوحيدة في البلاد، استنادا إلى قرار المحكمة العليا في دائرتها الدستورية والذي يقضي بحل مجلس النواب.
ويريد وفد طرابلس تعديلات لضمان احترام حكم المحكمة العليا الذي صدر في نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي وقضى بأن انتخابات مجلس النواب غير دستورية. وكانت الأمم المتحدة قد أعلنت في المقابل أن المناقشات الجارية في مدينة الصخيرات المغربية حول الاتفاق السياسي الذي يهدف إلى وضع حد للنزاع في ليبيا قد وصلت إلى مراحلها الأخيرة. وتراهن بعثة الأمم المتحدة على أن تتجاوز أطراف الأزمة الليبية خلافاتها بشأن النقاط العالقة في مسودة مشروع الاتفاق النهائي والتوافق على نص نهائي يفضي إلى تحقيق تسوية شاملة للأزمة الليبية.
وبعد أربع سنوات من انتفاضة أطاحت بمعمر القذافي، تسعى قوى غربية وإقليمية إلى إنهاء القتال بين الحكومتين المتنافستين على السيطرة على الدولة الواقعة بشمال أفريقيا وثروتها النفطية. ويدور الصراع على عدة جبهات، ويعقده متشددو تنظيم داعش الذين اكتسبوا نفوذا بسبب الفوضى، لكن اتفاقات لوقف إطلاق النار في مناطق معينة أبرمت مما قد يخفف حدة التوتر.
ويدور الصراع بين تحالفين فضفاضين والجماعات المسلحة المتحالفة معهما والتي تتكون من معارضين سابقين حاربوا في السابق القذافي. وهناك حكومة معلنة من جانب واحد يدعمها تحالف من معارضين سابقين من مدينة مصراتة بصفة أساسية ومقاتلون لهم ميول إسلامية سيطروا على العاصمة الصيف الماضي. وفي شرق ليبيا، توجد حكومة رئيس الوزراء عبد الله الثني المعترف بها دوليا، ومجلس النواب المنتخب الذي يدعمه تحالف فضفاض من قوات الجيش تحت راية الجيش الوطني الليبي.



مصر تتابع التطورات في اليمن وتثمن التعامل البنّاء للسعودية والإمارات

العاصمة المصرية القاهرة (الشرق الأوسط)
العاصمة المصرية القاهرة (الشرق الأوسط)
TT

مصر تتابع التطورات في اليمن وتثمن التعامل البنّاء للسعودية والإمارات

العاصمة المصرية القاهرة (الشرق الأوسط)
العاصمة المصرية القاهرة (الشرق الأوسط)

قال بيان للمتحدث باسم وزارة الخارجية المصرية، اليوم (الثلاثاء)، إن القاهرة تتابع باهتمام بالغ الأوضاع الأخيرة على الساحة اليمنية، وذلك من خلال الاتصالات المكثفة التي تجريها على أعلى المستويات وعلى مدار الساعة مع الأطراف المعنية كافة.

وأضاف البيان أن مصر تؤكد ثقتها التامة في حرص الأشقاء في كل من المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة على التعامل بحكمة مع التطورات الحالية في اليمن، وذلك في إطار إعلاء قيم الأخوة بين البلدين الشقيقين، وصون وحدة الصف والمصير العربي المشترك في هذه المرحلة الدقيقة التي يمر بها اليمن الشقيق والمنطقة.

وتعرب جمهورية مصر العربية في هذا السياق عن تقديرها البالغ لحكمة القيادتين السعودية والإماراتية في التعامل البنّاء مع تطورات الأوضاع في اليمن، والحرص على تحقيق الاستقرار في اليمن، والحفاظ على سيادته ومصالح شعبه الشقيق.

وتؤكد جمهورية مصر العربية أنها لن تألو جهداً في مواصلة اتصالاتها المستمرة مع الأشقاء في المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة، ومع الجانب اليمني، وباقي الأطراف الإقليمية والدولية المعنية؛ للعمل على خفض التصعيد، وبما يمهد إلى التوصل لتسوية سياسية شاملة في اليمن، تحقق طموحات وتطلعات الشعب اليمني الشقيق المشروعة في مستقبل آمن ومزدهر وتدعم الأمن والاستقرار في المنطقة.


العليمي: فرض الأمر الواقع في أراضينا يهدد الدولة ومكافحة الإرهاب ليست ذريعة سياسية

اجتماع العليمي مع سفراء الدول الراعية للعملية السياسية في اليمن (سبأ)
اجتماع العليمي مع سفراء الدول الراعية للعملية السياسية في اليمن (سبأ)
TT

العليمي: فرض الأمر الواقع في أراضينا يهدد الدولة ومكافحة الإرهاب ليست ذريعة سياسية

اجتماع العليمي مع سفراء الدول الراعية للعملية السياسية في اليمن (سبأ)
اجتماع العليمي مع سفراء الدول الراعية للعملية السياسية في اليمن (سبأ)

حذّر الرئيس الدكتور رشاد محمد العليمي، رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني، من خطورة التحركات العسكرية الأحادية في المحافظات الشرقية، مؤكداً أنها تُمثل تهديداً مباشراً لوحدة القرار العسكري والأمني، وتقويضاً للمركز القانوني للدولة، وإعادة إنتاج لمنطق السلطات الموازية الذي يرفضه المجتمع الدولي.

جاء ذلك خلال لقائه، الثلاثاء، سفراء الدول الراعية للعملية السياسية في اليمن، بحضور وزير الخارجية وشؤون المغتربين الدكتور شائع الزنداني، حيث خُصص اللقاء لاستعراض آخر مستجدات الأوضاع المحلية، وفي مقدمتها التطورات في محافظتي حضرموت والمهرة، الأمر الذي استدعى اتخاذ حزمة من القرارات والإجراءات الدستورية والقانونية الحازمة، حمايةً لأمن المواطنين، وصوناً لوحدة اليمن وسيادته واستقراره وسلامة أراضيه.

وفي مستهل اللقاء، رحّب الرئيس بالسفراء، مثمّناً وحدة مواقف دولهم الداعمة للشعب اليمني في أصعب مراحله، سياسياً وإنسانياً واقتصادياً، ومؤكداً أن ما تشهده المحافظات الشرقية لا يندرج في إطار خلاف سياسي داخلي، بل يُشكّل مساساً خطيراً بأسس الدولة ووحدة مؤسساتها.

وأوضح الرئيس العليمي أن القيادة اليمنية بذلت خلال الفترة الماضية جهوداً مكثفة للتهدئة وخفض التصعيد، واحتواء تداعيات الإجراءات العسكرية الأحادية التي اتخذها المجلس الانتقالي الجنوبي خارج مرجعيات المرحلة الانتقالية، ودون موافقة مجلس القيادة الرئاسي أو التنسيق مع قيادة تحالف دعم الشرعية، غير أن هذه المساعي قوبلت - حسب تعبيره - بالتعطيل والإصرار على فرض الأمر الواقع.

وأشار إلى أنه بصفته القائد الأعلى للقوات المسلحة، وجّه صراحة بمنع أي تحركات عسكرية خارج إطار الدولة، وتمت الموافقة على خطة إعادة تموضع تدريجية لقوات «درع الوطن» من ثلاث مراحل، نُفذت مرحلتان منها بالفعل. كما كشف عن تشكيل لجنة تواصل رفيعة المستوى لاحتواء التصعيد وفتح قنوات الحوار، إلا أن تلك الجهود لم تلقَ استجابة.

وشدّد الرئيس العليمي على أن المشكلة لم تكن يوماً نقصاً في الحلول، بل تعطيلها المتعمد، مفنداً في الوقت ذاته ما وصفها بالسرديات المضللة التي تحاول تبرير فرض الأمر الواقع بالقوة تحت لافتة مكافحة الإرهاب. وقال إن مكافحة الإرهاب «قرار دولة ومؤسسات شرعية، وليست ذريعة سياسية»، مذكّراً بالإنجازات التي حققتها المؤسسات العسكرية والأمنية اليمنية، بدعم شركائها، في تفكيك الخلايا الإرهابية، وتجفيف مصادر تمويلها، وتأمين المدن والممرات الحيوية.

وفي ملف القضية الجنوبية، جدّد الرئيس العليمي التأكيد على الموقف المبدئي والثابت من معالجتها، وفق أي خيارات تقررها الإرادة الشعبية الحرة، مع رفض قاطع لفرض أي حلول بقوة السلاح أو الأمر الواقع.

وعدّ أن اختزال القضية الجنوبية في تمثيل حصري أو تحركات عسكرية يسيء إلى عدالتها ويقوّض فرص الحل السياسي المستدام، ويلحق الضرر بأبناء الجنوب قبل غيرهم، لافتاً إلى أن هذا الموقف يتطابق مع ما أكدته المملكة العربية السعودية من أن القضية الجنوبية لا تُحل إلا عبر الحوار وفي إطار تسوية سياسية شاملة.

وحذّر رئيس مجلس القيادة الرئاسي من أن وجود ميليشيات لا تأتمر لأوامر الدولة يعرّض أولويات المجتمع الدولي ومصالحه في المنطقة للخطر، فضلاً عن تطلعات الشعب اليمني للأمن والاستقرار والعيش الكريم.

وأكد أن أي اضطراب في حضرموت والمهرة سينعكس مباشرة على تصدير النفط، ودفع المرتبات، ويعمّق الأزمة الإنسانية، ويقوّض الثقة مع مجتمع المانحين.

وتطرق الرئيس العليمي إلى الدور الإماراتي في التطورات الأخيرة، مؤكداً أن اليمن لا ينكر ما قدمته دولة الإمارات من أدوار ومساهمات في مراحل سابقة، لكنه شدد على أن المرحلة الراهنة تتطلب وضوحاً كاملاً، والنأي بالنفس عن دعم أي مكون خرج على آليات التوافق التي رعتها الإمارات نفسها ضمن تحالف دعم الشرعية. وقال إن أي ضغوط لدفع قوات محلية إلى تحركات عسكرية تشكل تهديداً للأمن القومي اليمني والسعودي، وتتعارض مع الأسس التي قام عليها التحالف.

وأضاف أن المطالبة بمغادرة القوات التي خرجت عن تلك الأسس «مطلب سيادي طبيعي»، لا يستهدف العلاقات الثنائية ولا ينكر التاريخ، بل يهدف إلى حماية فكرة التحالف ذاتها.

وفي ختام اللقاء، دعا رئيس مجلس القيادة الرئاسي الدول الراعية للعملية السياسية إلى موقف دولي موحد وصريح يرفض الإجراءات الأحادية، ويدعم قرارات الدولة اليمنية وجهود التهدئة التي تقودها المملكة العربية السعودية، مع ممارسة ضغط سياسي وقانوني لتمكين الحكومة الشرعية من ممارسة سلطاتها الحصرية، وترجمة ذلك داخل مجلس الأمن والمحافل الدولية وفق القانون الدولي.

وختم الرئيس العليمي بالتأكيد على أن سقوط منطق الدولة في اليمن يعني غياب أي استقرار يمكن البناء عليه أو الاستثمار فيه، محذراً من تحويل اليمن إلى نموذج جديد لتفكك الدول، ومشدداً على أن الشعب اليمني يستحق فرصة حقيقية للسلام والحياة الكريمة.


اليمن يعلن حالة الطوارئ ويطلب خروج القوات الإماراتية خلال 24 ساعة

المجلس الانتقالي الجنوبي حاول إخضاع شرق اليمن بالقوة المسلحة (رويترز)
المجلس الانتقالي الجنوبي حاول إخضاع شرق اليمن بالقوة المسلحة (رويترز)
TT

اليمن يعلن حالة الطوارئ ويطلب خروج القوات الإماراتية خلال 24 ساعة

المجلس الانتقالي الجنوبي حاول إخضاع شرق اليمن بالقوة المسلحة (رويترز)
المجلس الانتقالي الجنوبي حاول إخضاع شرق اليمن بالقوة المسلحة (رويترز)

أعلن رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني، رشاد العليمي، الثلاثاء، إلغاء اتفاقية الدفاع المشترك مع الإمارات، مع إلزام قواتها بالانسحاب الكامل من الأراضي اليمنية خلال 24 ساعة، في إطار جهود الحكومة اليمنية للحفاظ على سيادة البلاد ووحدتها إزاء تمرد المجلس الانتقالي الجنوبي وتصعيده في حضرموت والمهرة، ومواجهة انقلاب الحوثيين المستمر منذ عام 2014.

وجاء في نص القرار الذي صدر عن العليمي، أن إلغاء الاتفاقية يستند إلى الصلاحيات الدستورية الممنوحة لرئيس المجلس الرئاسي، وبمقتضى القرار رقم (9) لسنة 2022، مؤكداً على أهمية حماية المواطنين وسلامة الأراضي اليمنية. كما نص القرار على تسليم المعسكرات كافة في محافظتي حضرموت والمهرة إلى قوات «درع الوطن».

وفي خطوة متزامنة، أصدر الرئيس اليمني قراراً بإعلان حالة الطوارئ في أنحاء اليمن كافة لمدة 90 يوماً قابلة للتمديد. القرار يستند إلى الصلاحيات الدستورية نفسها، ويستهدف مواجهة الانقلاب على الشرعية والفوضى الداخلية التي قادتها عناصر عسكرية، قالت الحكومة اليمنية إنها تلقت أوامر من الإمارات بالتحرك ضد المحافظات الشرقية بهدف تقسيم البلاد.

الدخان يتصاعد في أعقاب غارة جوية شنها التحالف بقيادة السعودية استهدفت شحنة عسكرية غير قانونية (رويترز)

وتضمنت إجراءات حالة الطوارئ، وفقاً للقرار الرسمي، فرض حظر شامل على الحركة الجوية والبحرية والبرية في جميع المواني والمنافذ لمدة 72 ساعة، باستثناء الحالات المصرح بها رسمياً من قيادة تحالف دعم الشرعية، الذي تمثله المملكة العربية السعودية. كما منح القرار محافظي حضرموت والمهرة صلاحيات كاملة لإدارة شؤون محافظتيهما، والتعاون مع قوات «درع الوطن» حتى تسلُّم المعسكرات.

أشار القرار إلى أن جميع القوات العسكرية في حضرموت والمهرة مطالبة بالعودة فوراً إلى مواقعها ومعسكراتها الأساسية، والتنسيق التام مع قيادة التحالف العربي بقيادة السعودية، دون أي اشتباك، لضمان استقرار الوضعين العسكري والمدني في المحافظتين.

توضيح الموقف

في سياق بيان الموقف، أكد رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني رشاد العليمي الالتزام بحماية المدنيين، وصون المركز القانوني للدولة، ووحدة قرارها العسكري والأمني، محذّراً من خطورة التصعيد الذي يقوده «المجلس الانتقالي الجنوبي» في محافظتَي حضرموت والمهرة، ومندداً بما وصفه بتورط دولة الإمارات في دعم هذا التمرد، وتقويض مؤسسات الدولة الشرعية.

وقال العليمي، في بيان وجّهه إلى الشعب اليمني، إن التطورات الأخيرة في المحافظات الشرقية، وما رافقها من انتهاكات جسيمة بحق المدنيين «تأتي في توقيت بالغ الحساسية، بينما يخوض اليمن معركته المصيرية ضد الميليشيات الحوثية المدعومة من إيران، ويكابد واحدة من أسوأ الأزمات الإنسانية في العالم». وشدد على أن أي انزلاق إلى صدامات داخلية أو فتح جبهات استنزاف جديدة لن يخدم سوى أعداء اليمن، ويقوّض فرص السلام.

مناصرون للمجلس الانتقالي الجنوبي الداعي للانفصال عن اليمن (إ.ب.أ)

وخاطب رئيس مجلس القيادة أبناء المحافظات الجنوبية، مؤكداً أن قضيتهم العادلة كانت ولا تزال في صلب مشروع الدولة الوطنية، وأن حقوقهم السياسية والاقتصادية والإدارية محل التزام كامل ضمن مرجعيات المرحلة الانتقالية، وبما يضمن شراكة مسؤولة تحفظ الكرامة، وتؤسس لاستقرار دائم. وفي الوقت نفسه حذّر من احتكار تمثيل القضية الجنوبية أو توظيفها لتحقيق أهداف سياسية غير مشروعة على حساب وحدة الدولة وسيادتها.

وأوضح العليمي أنه، ومن موقعه الدستوري بصفته قائداً أعلى للقوات المسلحة، أصدر توجيهات واضحة بمنع أي تحركات عسكرية أو أمنية خارج إطار الدولة أو دون أوامر صريحة من القيادة العليا «حرصاً على حقن الدماء ومنع الانزلاق إلى مواجهات داخلية». غير أن هذه التوجيهات، وفق البيان، قوبلت بالتجاهل، حيث مضت التشكيلات التابعة لـ«المجلس الانتقالي» في تنفيذ تحركات أحادية، تعدّ تمرداً على مؤسسات الدولة الشرعية.

تأييد مجلس الدفاع الوطني

أعلنت مؤسسات الدولة اليمنية، وفي مقدمها مجلس الدفاع الوطني، والحكومة الشرعية، والسلطة المحلية في محافظة حضرموت ووزارة الدفاع وهيئة الأركان، اصطفافها الكامل خلف قرارات العليمي، الهادفة إلى مواجهة تمرد المجلس الانتقالي الجنوبي، وإنهاء الوجود الإماراتي ضمن تحالف دعم الشرعية، إلى جانب إعلان حالة الطوارئ في عموم البلاد.

في ضوء هذا الاصطفاف، ترأس العليمي اجتماعاً لمجلس الدفاع الوطني، ضم أعضاء مجلس القيادة، ورؤساء السلطات التشريعية والتنفيذية، وقيادات عسكرية وأمنية، إلى جانب محافظ حضرموت؛ لمناقشة التطورات الخطيرة في محافظتي حضرموت والمهرة، وانعكاساتها على الأمن والاستقرار ووحدة القرار السيادي للدولة.

اجتماع لمجلس الدفاع الوطني اليمني برئاسة العليمي (سبأ)

وجدَّد مجلس الدفاع الوطني توصيفه لهذه التحركات بَعدّها «تمرداً صريحاً» على مؤسسات الدولة الشرعية، وتقويضاً لوحدة القرار العسكري والأمني، وتهديداً مباشراً للسلم الأهلي، محذراً من أن تداعيات هذا التصعيد تصبّ في مصلحة ميليشيا الحوثي المدعومة من إيران، عبر تفجير الجبهة الداخلية، وتشتيت الجهد الوطني في مرحلة بالغة الحساسية.

وحسب الإعلام الرسمي، بارك المجلس قرارات العليمي المتضمنة إعلان حالة الطوارئ، وإنهاء الوجود العسكري الإماراتي في اليمن، عادَّاً أنها تجسد المسؤوليات الدستورية لقيادة الدولة في حماية المدنيين، وصون مؤسساتها الوطنية ومركزها القانوني، مؤكداً الرفض المطلق لأي محاولات لفرض أمر واقع بالقوة أو استخدام السلاح لتحقيق مكاسب سياسية.

ترحيب حكومي

أعلنت الحكومة اليمنية تأييدها المطلق لقرارات العليمي، عادّة إعلان حالة الطوارئ إجراءً دستورياً مشروعاً تفرضه الضرورة الوطنية لمواجهة التمرد المسلح، وحماية السلم الأهلي، ومنع الانزلاق نحو الفوضى وتقويض مؤسسات الدولة.

ورحَّبت الحكومة اليمنية في بيان بالإجراءات التي اتخذتها قيادة القوات المشتركة، بما في ذلك تنفيذ ضربة جوية محدودة ودقيقة استهدفت دعماً عسكرياً خارجياً غير مشروع في ميناء المكلا؛ بهدف حماية المدنيين ومنع عسكرة المواني والسواحل.

رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني رشاد العليمي (سبأ)

وفي امتداد لاصطفاف مؤسسات الدولة اليمنية خلف قرارات رئيس مجلس القيادة الرئاسي، أعلنت قيادة وزارة الدفاع ورئاسة هيئة الأركان العامة تأييدهما الكامل ومباركتهما للقرارات، عادَّتين أنها جاءت في «لحظة مفصلية» من تاريخ البلاد، واستجابة لتطلعات الشعب اليمني، وإنفاذاً للواجبات الدستورية والصلاحيات المنصوص عليها في الدستور ومرجعيات المرحلة الانتقالية.

وأكد بيان صادر عن قيادة وزارة الدفاع وهيئة الأركان أن القوات المسلحة اليمنية بمختلف تشكيلاتها تتمتع بروح معنوية عالية وجاهزية قتالية كاملة، تخولها تنفيذ مهامها الدستورية والوطنية في جميع الظروف، مشدداً على الالتزام التام بتنفيذ القرارات والإجراءات الصادرة عن القيادة العليا، بوصفها التعبير الشرعي عن وحدة القرار السيادي للدولة.

بدورها، أعلنت السلطة المحلية في محافظة حضرموت تأييدها الكامل لقرارات القيادة السياسية، واستعدادها للتنسيق مع قوات «درع الوطن» لتسلم المعسكرات والمواقع الحيوية، وضمان انتقال سلس وآمن للمسؤوليات العسكرية، داعيةً أبناء المحافظة والقوات المسلحة والأمن إلى الالتفاف حول القيادة الشرعية؛ حفاظاً على أمن حضرموت واليمن.