النائب العام الليبي يحبس مسؤولاً بالبعثة الدبلوماسية في المغرب

التحقيق مع موظفين حاليين وسابقين بمصرف تجاري بتهمة «التربح»

المستشار الصديق الصور النائب العام الليبي (المكتب الإعلامي للنائب العام)
المستشار الصديق الصور النائب العام الليبي (المكتب الإعلامي للنائب العام)
TT

النائب العام الليبي يحبس مسؤولاً بالبعثة الدبلوماسية في المغرب

المستشار الصديق الصور النائب العام الليبي (المكتب الإعلامي للنائب العام)
المستشار الصديق الصور النائب العام الليبي (المكتب الإعلامي للنائب العام)

كثّف النائب العام الليبي، المستشار الصديق الصور، من وتيرة التحقيقات في البلاغات المرفوعة إلى مكتبه، بشأن شبهات الاعتداء على المال العام بالبلاد، حيث أمر بحبس القائم بمهام المراقب المالي بالسفارة الليبية في المملكة المغربية، مؤكداً أنه «سيواصل دون انقطاع إجراءات ملاحقة المعتدين على حرمة الأموال العامة».
وقال مكتب النائب العام، في بيان مساء أمس، إن النيابة بدأت التحقيق في التقارير المرفوعة إليها «بعدما تثبتت من وجود وقائع انتفاع القائمين على العمل الإداري والمالي لدى المغرب بالأموال العامة بالمخالفة للقانون»، مشيراً إلى أن وكيل النيابة بمكتب النائب العام استهل التحقيق «بالنظر فيما تضمنته تقارير الجهة الرقابية من أدلة، فتم إخضاع القائم بمهام المراقب المالي بالبعثة للاستجواب».
وأوضح مكتب النائب العام، أنه «تكشف لدى النيابة العامة عملية الاجتراء على القواعد التي تجرّم الحصول على منافع مادية بالمخالفة للتشريعات، ما تسبب في إلحاق ضرر عمدي جسيم بالمال العام».
وتابع النائب العام أن المتهم «تعمد تزوير مستندات رسمية بقصد تحقيق منافع مادية بلغت نحو 228 ألف يورو»، فأمر المُحقق بحبسه احتياطياً على ذمة القضية، واستيفاء بقية الإجراءات؛ بما في ذلك «إجبار الغائبين على الامتثال إليها».
وقال مصدر بالنيابة العامة، لـ«الشرق الأوسط» في تصريح سابق، إنها «لن تتغافل عن أي بلاغ يصل إليها للتحقيق في شبهات تربح من المال العام»، لافتاً إلى أن «السطو على أموال الدولة لا يسقط بالتقادم، لذا ستظل تواجه الجميع متى توافرت الأدلة على ذلك».
وفتح النائب العام الليبي، «ملفات الفساد» في السفارات الخارجية، وفقاً لما تضمنه التقرير الأخير الذي أصدره ديوان المحاسبة وتناول التطاول على المال العام في غالبية قطاعات الدولة. وسبق له الأمر بحبس رئيس بعثة ليبيا لدى جمهورية أوغندا السابق لاتهامه بـ«تبديد المال العام»، كما أمر بضبط رئيس بعثة ليبيا في جنوب أفريقيا وسلفه، وحبس المراقب المالي بالبعثة احتياطياً، بتهمة «الفساد المالي، والتآمر للحصول على أموال من النقد الأجنبي بالمخالفة لأوجه صرف مخصصات البعثة».
وتعاني ليبيا بشكل عام من تغوّل الفساد بكل صنوفه منذ سنوات في غالبية القطاعات الحكومية، كما طال وزراء ومسؤولين كباراً في الدول، أُدخل بعضهم السجن بتهمة التربح وتبديد المال العام.
في السياق ذاته، أمرت النيابة العامة الليبية بحبس مسؤولين مصرفيين حاليين وسابقين بمصرف الصحارى بمنطقة «عين زارة» (إحدى ضواحي مدينة طرابلس غرب البلاد)، مشيرة إلى أن وكيل النيابة بنيابة «مكافحة الفساد» في دائرة محكمة استئناف طرابلس، تولى مباشرة إجراءات التحقيق في «العمليات المصرفية المشبوهة» التي تضمنها البلاغ المرفوع من الممثل القانوني للمصرف، في مواجهة عدد من العاملين.
وأوضح وكيل النيابة أن المتهمين «أتوا سلوكاً لا ينسجم مع موجبات الوظيفة؛ فألحقوا ضرراً جسيماً بالمصلحة العامة ترتب عن تعمدهم تزوير القيودات المحاسبية، وإجراء تحويلات مالية بقيمة مليون وخمسمائة ألف دينار إلى حسابات مفتوحة بمصارف أخرى، بالإضافة إلى الاتجار في هذه القيمة لدى السوق الموازية».
وكشفت النيابة أن «زوجة أحد المتهمين (رئيس قسم الخزينة السابق بالمصرف) استفادت من نقد مسيل تسلمته خارج المصرف المرسل إليه بلغ مليوناً وخمسمائة ألف دينار، في الوقت الذي حُرم فيه زبائن المصرف من الحصول على النقد المعادل لقيمة مدخراتهم ومرتباتهم التي يدين لهم المصرف بها».
ونوهت النيابة بأنه «أمام قيام الأدلة الكافية على صحة الوقائع، وتجريم الأفعال التي ارتكبها المتهمون، انتهى المحقق إلى الأمر بحبس المتهمين الثلاثة الماثلين احتياطياً على ذمة القضية، وهم مدير سابق لوكالة مصرف الصحارى بعين زارة، وموظف قائم على إدارة المقاصّة الإلكترونية ورئاسة قسم الحسابات الجارية، ورئيس قسم الحوالات بالإدارة العامة للمصرف حالياً، ومراجع مالي سابق، بالإضافة إلى رئيس قسم الخزينة السابق».
واحتلت ليبيا، في تقرير العام الماضي، المرتبة 173 من أصل 180 متراجعة 5 مراكز مقارنة مع عام 2019 الذي كانت تحتل فيه المرتبة 168. وتتنوع أشكال الفساد من التربح من المال العام، والحصول على عمولات، والازدواج الوظيفي، بشكل وصف بأنه «موجات عاتية تستهدف التربح بشكل غير مسبوق».



المدارس الأهلية في صنعاء تحت وطأة الاستقطاب والتجنيد

الحوثيون يجبرون طلاب المدارس على المشاركة في أنشطة تعبوية (إعلام حوثي)

جانب من استهداف حوثي لطلبة المدارس في ضواحي صنعاء (فيسبوك)
الحوثيون يجبرون طلاب المدارس على المشاركة في أنشطة تعبوية (إعلام حوثي) جانب من استهداف حوثي لطلبة المدارس في ضواحي صنعاء (فيسبوك)
TT

المدارس الأهلية في صنعاء تحت وطأة الاستقطاب والتجنيد

الحوثيون يجبرون طلاب المدارس على المشاركة في أنشطة تعبوية (إعلام حوثي)

جانب من استهداف حوثي لطلبة المدارس في ضواحي صنعاء (فيسبوك)
الحوثيون يجبرون طلاب المدارس على المشاركة في أنشطة تعبوية (إعلام حوثي) جانب من استهداف حوثي لطلبة المدارس في ضواحي صنعاء (فيسبوك)

كثفت الجماعة الحوثية من استهداف قطاع التعليم الأهلي ومنتسبيه في العاصمة اليمنية المختطفة صنعاء، من خلال إجبار الطلبة والمعلمين في عدد من المدارس الأهلية على المشاركة فيما تسميه الجماعة «تطبيقات عسكرية ميدانية»؛ بغية تجنيدهم للدفاع عن أجندتها ذات البعد الطائفي.

وبحسب مصادر تربوية يمنية تحدثت لـ«الشرق الأوسط»، دشنت الجماعة الحوثية خلال الأيام القليلة الماضية حملات تجنيد للطلاب والكادر التربوي من أجل استقطاب مقاتلين جدد إلى صفوفها.

الانقلابيون أخضعوا طلاباً وتربويين في صنعاء للتعبئة الفكرية والعسكرية (إكس)

ويفرض الانقلابيون الحوثيون على مديري المدارس الخاصة في صنعاء اختيار 15 طالباً و10 تربويين من كل مدرسة في صنعاء؛ لإلحاقهم بدورات تعبوية وعسكرية. كما تتوعد الجماعة - طبقاً للمصادر - الرافضين لتلك التوجيهات بعقوبات مشددة تصل إلى حد الإغلاق وفرض غرامات مالية تأديبية.

وأثار الاستهداف الحوثي الأخير للمدارس موجة غضب ورفض في أوساط الطلبة والمعلمين وأولياء الأمور، فيما اتهم التربويون الجماعة بالمضي في استغلال مؤسسات التعليم بعد تجريفها للحشد والتجنيد.

واشتكى أولياء الأمور في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، من استهداف أطفالهم بعد أخذهم عنوة من فصول الدراسة دون معرفتهم إلى أماكن مجهولة لتدريبهم على القتال وغسل أدمغتهم بالأفكار المتطرفة، تمهيداً للزج بهم إلى الجبهات.

ونتيجة لذلك الاستهداف، شهد عدد من المدارس الأهلية في صنعاء غياباً ملحوظاً للطلبة والمعلمين الذي رفضوا استمرار الحضور، جراء ما يقوم به الانقلابيون من إجبار على الالتحاق بالدورات القتالية.

وأفادت مصادر تربوية في صنعاء بأن عدداً كبيراً من أولياء الأمور منعوا أبناءهم من الذهاب للمدارس، خصوصاً تلك المستهدفة حالياً من قبل الجماعة، وذلك خوفاً عليهم من الخضوع القسري للتجنيد.

تعبئة مستمرة

أجبر الانقلابيون الحوثيون مديري مدارس «التواصل» و«منارات» و«النهضة» «ورواد»، وهي مدارس أهلية في صنعاء، على إيقاف الدراسة ليوم واحد بحجة عقد اجتماعات معهم. كما ألزمت الجماعة من خلال تلك الاجتماعات المدارس بتوفير ما لا يقل عن 25 طالباً وتربوياً من كل مدرسة للمشاركة فيما تسميه الجماعة «تطبيقات عسكرية ميدانية».

وشهدت إحدى المناطق في ضواحي صنعاء قبل يومين تدريبات عسكرية ختامية لدفعة جديدة تضم أكثر من 250 طالباً ومعلماً، جرى اختيارهم من 25 مدرسة في مديرية الحيمة الداخلية بصنعاء، وإخضاعهم على مدى أسابيع لدورات قتالية ضمن ما تسميه الجماعة «المرحلة الخامسة من دورات (طوفان الأقصى)».

اتهامات لجماعة الحوثي بإجبار مدارس على تقديم مقاتلين جدد (إعلام حوثي)

ونقلت وسائل إعلام حوثية عن قيادات في الجماعة تأكيدها أن الدورة ركزت على الجانب التعبوي والقتالي، استجابةً لتوجيهات زعيم الجماعة عبد الملك الحوثي؛ استعداداً لما يسميه «مواجهة الأعداء وتحرير الأقصى».

يتزامن هذا التحرك الانقلابي مع استمرار معاناة عشرات الآلاف من المعلمين والتربويين في كافة المناطق تحت سيطرة الجماعة؛ بسبب انقطاع رواتبهم منذ عدة سنوات، مضافاً إليها ارتكاب الجماعة سلسلة لا حصر لها من الانتهاكات التي أدت إلى تعطيل العملية التعليمة بعموم مناطق سيطرتها.

وكانت الجماعة الحوثية أخضعت في أواخر أغسطس (آب) الماضي، أكثر من 80 معلماً وتربوياً في مديرية الصافية في صنعاء لدورات تعبوية وقتالية، كما أرغمت المدارس الأهلية في صنعاء، في حينها، على إحياء مناسبات ذات منحى طائفي، تُضاف إلى أنشطة تعبوية سابقة تستهدف أدمغة وعقول الطلبة بهدف تحشيدهم إلى الجبهات.

وتتهم عدة تقارير محلية وأخرى دولية جماعة الحوثي بأنها لم تكتفِ بتدمير قطاع التعليم في مناطق سيطرتها، من خلال نهب مرتبات المعلمين واستهداف وتفجير المدارس وإغلاق بعضها وتحويل أخرى لثكنات عسكرية، بل سعت بكل طاقتها لإحلال تعليم طائفي بديل يحرض على العنف والقتل والكراهية.