وسط أنباء غير مؤكدة تتحدث عن إمكان ارتفاع مبلغ المال المسروق إلى نحو 10 تريليونات دينار عراقي، بقيت قضية سرقة أموال التأمينات الضريبة والجمركية البالغة 3.7 تريليون دينار (2.5 مليار دولار) تتصدر لائحة الاهتمامات الشعبية والرسمية، بوصفها السرقة الأكبر من نوعها، أو «سرقة القرن» في بلاد تعاني منذ نحو عقدين من عمليات نهب منظم، من دون أن تتمكن أجهزة الدولة الرقابية والقضائية من لجمها، أو الإيقاع بشبكات الفساد المحمية بغطاء سياسي، ما أدى إلى وضع العراق ضمن لائحة الدول الأكثر فساداً في تصنيفات منظمة الشفافية وبقية المنظمات الرقابية الدولية.
وحسب ملف القضية المؤلف من نحو 40 صفحة، وانتشر على نطاق واسع، فإن السرقة الأسطورية التي قامت بها 5 شركات وهمية تمت بتواطؤ بين مجموعة كبيرة من المسؤولين والموظفين في هيئة الضرائب و«مصرف الرافدين»، مع مسؤولين كبار في الدولة ومجلس النواب.
على سبيل المثال لا الحصر، كشف ملف التحقيق عن قيام حسين كاوا عبد القادر، صاحب شركة «رياح بغداد»، وهو شاب كردي لا يتجاوز عمره الـ21 عاماً، وموكله عبد المهدي توفيق، بسحب (سرقة) 624 مليار دينار(نحو 500 مليون دولار) لصالح شركته التي أُسست قبل بضعة أشهر وبرأسمال متواضع مقداره مليون دينار فقط (نحو 750 دولاراً).
وفي آخر تطورات قضية السرقة المهولة، أصدرت محكمة تحقيق الكرخ الثانية المختصة بقضايا النزاهة، الثلاثاء، قراراً باستقدام مدير عام الهيئة العامة للضرائب ومعاونه، والمشرف على القسم المالي والرقابي ووكيل القسم المالي ومدير القسم المالي. وأضاف بيان للقضاء، أن «قرار الاستقدام يأتي وفقاً لأحكام المادة 340 من قانون العقوبات عن تهمة إحداث الضرر العمدي بأموال وزارة المالية بصرف مبالغ الأمانات الضريبية».
وأصدرت المحكمة كذلك «مذكرات اعتقال بحق أصحاب الشركات، ووضع الحجز الاحتياطي على حساباتها التي حررت لصالحها صكوك الأمانات الضريبية، إضافة إلى تشكيل لجنة تدقيق مشتركة من وزارة المالية والهيئة العامة للضرائب ومصرف الرافدين وهيئة النزاهة، لتدقيق المبالغ المصروفة».
بدورها، أصدرت وزارة المالية بياناً مطولاً تحدثت فيه عن قضية أموال هيئة الضرائب المسروقة، وأكدت القبض على بعض المتهمين بتلك السرقات. ومن بين ما ذكرته في إطار مساعيها لحماية المال العام، على حد قولها، هو قيامها بتشكيل لجنة للتحقيق، وفقاً لأوامر وزيرها بالوكالة إحسان عبد الجبار، الذي كشف عن السرقة لأول مرة في العلن قبل نحو أسبوع.
وذكرت الوزارة، أن «هيئة النزاهة والقضاء العراقي أجريا تحقيقاً في الموضوع نفسه، وذلك منذ أغسطس (آب) عام 2022، صدرت قرارات مختلفة تتعلق بإيقاف صرف تلك الأمانات، ووضع اليد على السجلات والمستندات كافة المتعلقة بصرف تلك الأمانات والمعاملات موضوع البحث لغرض التدقيق فيها. وصدرت أوامر قبض بحق المتهمين من الموظفين، وعدد من أصحاب الشركات والمستفيدين من صرف تلك الأموال».
بدورها، ناقشت اللجنة المالية في مجلس النواب، الثلاثاء، حيثيات الأموال المفقودة من أمانات الضرائب، وقالت اللجنة إن «كلاً من وزير المالية، وكالة، هيام نعمت، ووكيل الوزارة طيف سامي ومديرين عن مصرف الرافدين والضريبة، حاضرون في المناقشة».
وأصدرت أصدرت هيئة النزاهة أيضاً بياناً جديداً بشأن أموال الضرائب المفقودة، البالغة قيمتها 3.7 ترليون دينار، قالت فيه إنه «في معـرض إطلاع الجمهـور، ومن منطـلق الشفافيـة في عرض الحـقائق، تبين الهيئة أن المعلـومات التـي وردت إليها عبر وزارة المالية تمت إحالتها إلى القضاء، بعد أن تم تسجيلها كإخبارٍ، وعرضها على محكمة النزاهة التي أصدرت بدورها مذكرات قبضٍ بحق أصحاب الشركات المتهمة بتلك السرقات، ووضع الحجز الاحتياطي على حساباتها التي حُررت لمصلحتها صكوك ضمانات ضريبية».
وأضافت، أنها قامت أيضاً بـ«تدوين أقوال مديري فرع مصرف الرافدين الذين سلموا المبالغ المسروقة، وتأليف لجنة تدقيقية مشتركة تضم هيئة النزاهة الاتحادية ووزارة المالية والهيئة العامة للضرائب ومصرف الرافدين». وتابعت أن «كل ما يتعلق بما تنجزه في قضايا الفساد، وبما يسمح به القانون، وفي الوقت الذي تحذر كل من تسول له نفسه بث أخبارٍ كاذبة أو التصريح بمعلوماتٍ غير دقيقة عن عملها، من التعرض للمساءلة القانـونية».
كانت الممثلة الأممية في العراق جينين بلاسخارت، التي اتهمت الطبقة السياسية بالفساد في آخر إحاطة لها أمام مجلس الأمن الدولي، الأسبوع الماضي، دعت في تغريدة لها، الاثنين الماضي، إلى دعم التحقيقات الحكومية الجارية بشأن سرقة أموال من هيئة الضرائب، وتساءلت: «ماذا يمكن للعراق فعله بمليارات الدولارات المفقودة منه؟ الاستثمار بالمدارس والمستشفيات والطاقة والمياه والطرق وغير ذلك». وأضافت: «استردوا هذه الأموال وأعيدوها لأصحابها الشرعيين. ادعموا الحكومة العراقية في تحقيقاتها. ووفروا الحماية لمن يكشفون الحقائق، اضمنوا المساءلة».
تواصل الاهتمام الشعبي والرسمي بتفاصيل «سرقة القرن» العراقية
القضاء يصدر أوامر توقيف والبرلمان يستضيف وزيرة المالية و«النزاهة» تحقق
تواصل الاهتمام الشعبي والرسمي بتفاصيل «سرقة القرن» العراقية
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة