كيف تشتري عقارك البريطاني بالمزاد؟

الاستعانة بالخبرة وتدبير التمويل أهم وسائل النجاح

الشراء بالمزاد قد يوفر فرصا استثمارية جيدة
الشراء بالمزاد قد يوفر فرصا استثمارية جيدة
TT

كيف تشتري عقارك البريطاني بالمزاد؟

الشراء بالمزاد قد يوفر فرصا استثمارية جيدة
الشراء بالمزاد قد يوفر فرصا استثمارية جيدة

من أهم مزايا شراء العقارات بالمزاد في بريطانيا هو إنهاء سلسلة طويلة من الإجراءات بسرعة والتأكد من الحصول على الصفقة في اليوم نفسه بلا مخاوف من دخول آخرين بعروض أعلى. ولكن مزايا المزادات تتخطى ذلك وتشمل إمكانية الحصول على عقارات بأسعار معقولة في أسواق ملتهبة وسرعة بيعها بعد إجراء إصلاحات فيها وتحقيق الربح. ولكن مزايا المزادات مرتبطة بالخبرة ومعرفة كيفية اختيار العقار الملائم بالإضافة إلى ضرورة تدبير التمويل قبل التوجه إلى المزاد.
أما المخاطر المتعلقة بالمزادات فهي أنها أحيانا تجذب العقارات ذات العيوب الهيكلية التي تحتاج إلى ترميم أو إصلاحات، ولهذا يتعين على المشتري أن يجري الفحوصات اللازمة قبل الإقبال على هذه الخطوة. ويقول خبراء المزاد بأن على المشتري أن يحضر جلسة مزاد واحدة على الأقل قبل الإقبال على الشراء من أجل التعرف على كيفية سير المزايدات.
وهناك عشرات الشركات التي تقيم مزادات عقارية دورية سواء في لندن أو في أنحاء بريطانيا الأخرى. وأهم هذه الشركات «ألسوب» و«برنارد ماركوس» و«باريت» و«بروان أند كو» و«كونتري وايد» و«فوكس أند سونز» و«غريفث أند تشارلز».
تقام في لندن هذا الشهر الكثير من مزادات العقار التي تعتقد مصادر السوق أنها توفر أفضل الفرص للمشتري. من النماذج المعروضة في مزادات هذا الشهر شقة في شرق لندن ثمنها المقدر هو 165 ألف إسترليني (247 ألف دولار) ومنزل في منطقة أوكسبردج بسعر 250 ألف إسترليني (367 ألف دولار)، ومنزل في منطقة باترسي تقدر شركة برنارد ماركوس ثمنه بأكثر من مليون إسترليني (1.5 مليون دولار). وتقيم الشركة عدة مزادات هذا العام شهريا ما عدا شهر أغسطس (آب) ويمكن الاطلاع على العقارات قبل أسبوعين من عرضها بالمزاد.
ويمكن لبعض المشترين الحصول على عقارات ذات مزايا كامنة في المزادات على شرط ترتيب أوضاعهم المالية قبل دخول المزاد. وتأتي الكثير من العقارات المعروضة في المزاد من مصادر متعددة تشمل الأفراد والشركات ومؤسسات عامة ومجالس محلية وجمعيات خيرية. كما تتاح الكثير من العقارات التي تبيعها البنوك تسديدا للديون المتراكمة على أصحابها.
وهناك الكثير من العقارات التي تقدم فرصا تجارية مثل المنازل المقسمة إلى شقق، حيث يمكن شراؤها كوحدة واحدة مع السكن في جزء منها وتأجير الجزء الآخر. وتبيع شركة ألسوب منزلا شرقي لندن مقسوما إلى شقتين إحداهما مكونة من غرفتين والثانية من ثلاث غرف. ويصل السعر المتوقع للعقار كله نحو 600 ألف إسترليني.
ويدخل السوق كذلك الكثير من المستثمرين الذين يبحثون عن عقارات توفر إيجارات جيدة أو قطع أراضي توفر فرص بناء عقارات ذات تصميم حديث. وتعرض شركة برنارد ماركوس هذا الشهر قطعة أرض شاغرة في منطقة هامتون القريبة من لندن يبلغ سعرها المتوسط نحو 100 ألف إسترليني (150 ألف دولار).
كما تعرض شركة مزاد اسمها اندروز أند روبرتسون منزلا من أربع غرف في منطقة كامبرويل يملكه المجلس المحلي في المنطقة بسعر لا يزيد عن 475 ألف إسترليني. وقد تزيد أو تقل هذه الأسعار أثناء المزاد الفعلي.
ولا تقتصر العقارات المعروضة في بيوت المزاد في لندن هذا الشهر على عقارات لندن وإنما تشمل أيضا عقارات ريفية تشرف عليها شركات متخصصة مثل شركة كلايف ايمسون التي تتخصص في مناطق كنت وساسكس وهامشير، وشركة هيب في منطقة ميدلاند. وتعرض شركة برنارد ماركوس عقارا في مدينة بريستون في مقاطعة لانكشير لا يزيد سعره عن 125 ألف إسترليني (187 ألف دولار). وهو يمثل فرصة استثمارية جيدة وإن كانت بعيدة عن العاصمة.
وفي عالم المزاد يعد الوقت حيويا في كل الظروف، فالمزاد يعقد بعد أسبوعين أو ثلاثة من إرسال كتيبات المعلومات للمشترين. وخلال هذا الوقت يتعين على المشتري أن يعاين العقار ويفحص نوعية البناء عن طريق مهندس مختص، وأن يستعين بمحام لتناول إجراءات الشراء بالإضافة إلى ترتيب التمويل أو القرض العقاري اللازم للشراء. ويتحمل المشتري هذه التكاليف من دون ضمان أن المزاد سوف يرسو عليه. ولكن في حالة الشراء الفعلي من المزاد يتعين على المشتري أن يدفع نسبة 10 في المائة من السعر فورا وأن يلتزم بإتمام الصفقة قانونيا في غضون فترة قصيرة لا تزيد في الغالب عن أربعة أسابيع.
وهناك الكثير من العقارات المتنوعة والمنافذ التجارية والأراضي الشاغرة التي تبدأ أسعارها أحيانا من نحو 50 ألف إسترليني، بينما قد تزيد أسعار بعض العقارات الأخرى في وسط لندن عن المليون إسترليني. وبعض هذه العقارات المعروضة تحتاج إلى إصلاحات جذرية بينما بعضها الآخر في حالة جيدة ولا يحتاج إلا لبعض الديكورات الشكلية.
وتوضح نشرات المزادات حالة كل عقار على حدة كما تنصح المشتري بضرورة المعاينة الميدانية للعقار وإجراء مسح عقاري عليه قبل التقدم للشراء عبر المزاد. وينصح خبير عقاري المشترين بالاستعداد ماليا لدخول المزاد لأن تبادل الوثائق يتم فوريا ويعد ملزما قانونيا.
وهو يقول: إن المزادات تناسب المشترين الذين باعوا عقاراتهم للتو ويبحثون عن عقارات بديلة أو هؤلاء الذين رتبوا حجم قروضهم قبل خوض المزاد. وفور رسو المزاد على المشتري تعتبر الصفقة نافذة قانونيا ويمكن أن يتعرض المشتري الذي لا يستطيع الوفاء بالتزاماته إلى المساءلة القانونية والغرامة علاوة على فقدان المقدم الذي دفعه بعد المزايدة على العقار.
هناك أيضا بعض العقارات التي تباع أثناء وجود مستأجرين فيها. وعلى المشتري أن يعرف نوعية التعاقد الذي حصل عليه المستأجر، لأن هناك تعاقدات قصيرة المدى تنتهي بعد 12 شهرا وأخرى مضمونة وطويلة المدى وتشبه الملكية ولا حدود زمنية لها طالما أن الساكن ملتزم بدفع إيجاره الشهري الذي لا يتغير إلا وفق ضوابط معينة.
وهناك عشرات العقارات التي تعرض للبيع هذا الشهر بالمزاد كان من بينها بيت في منطقة كامبرويل في وسط لندن بسعر 475 ألف إسترليني وهو رخيص بمعايير هذا الموقع. كما بيعت الكثير من العقارات الساحلية بأسعار تراوحت بين 250 وحتى 620 ألف إسترليني. وتنشط المزادات خلال فترتي الربيع والصيف. ولا توجد مقاييس دقيقة لأسعار العقار النهائية فبعض العقارات تباع بأكثر من تقديراتها بينما يتم سحب بعضها الآخر من المزاد لعدم وجود الطلب الكافي ولفشل العقارات في تحقيق معدلاتها الأدنى. ويؤكد خبراء العقار أن تسعير المزادات للعقارات المعروضة فيها يكون في الغالب بأسعار أقل من مستوى السوق من أجل تشجيع الجمهور على الحضور والمشاركة في المزادات. والنصيحة التي يوجهونها هي أن يبحث المشتري عن القيمة الحقيقية لكل عقار قبل الشراء وأن يضع لنفسه حدا أقصى للسعر الذي يرغب في دفعه، ولا يتخطاه.
وفي بريطانيا ارتفع في العام الأخير عدد العقارات التي بيعت بالمزاد بنسبة 20 في المائة، إلى نحو 36 ألف عقار. وكان هذا المعدل لا يزيد عن 15 ألف عقار قبل عدة سنوات.
وبلغ من جاذبية المزادات أنها تشمل الآن العقارات جميع أنواع العقارات ومنها العقارات الجيدة وأيضا الصعبة التي كانت تستبعد في الماضي. وكانت هذه العقارات الصعبة تعرض على قطاعات متخصصة في السوق، تقبل عليها بأسلوب المظاريف المغلقة التي يقدم المضاربون فيها أسعارا نهائية لا تقبل النقاش بحيث يقبل بها البائع أو يرفضها. وينظر هؤلاء المقاولون إلى العقارات الصعبة، مثل محطة قطارات مهجورة أو أطلال قديمة، كنوع من الاستثمار بحيث يجري إزالتها واستثمار الأرض في مشروعات أخرى.
ولعل أحد أبرز مزايا استخدام المزاد في عمليات البيع العقاري أن كلا من البائع والمشتري يتأكد فورا من بيع العقار وشرائه في يوم المزاد نفسه، إذا ما تخطى السعر الحد الأدنى المطلوب في العقار. وهذا يختلف جذريا عن أسلوب البيع العادي في السوق الذي يستغرق في بريطانيا عدة أسابيع يسودها القلق من الطرفين بسبب احتمال انسحاب أحد طرفي الصفقة في اللحظة الأخيرة قبل تبادل التعاقد القانوني أو دخول طرف ثالث للشراء بثمن أعلى. في حالات البيع بالمزاد تتم الصفقات فورا وبلا شروط. فحينما تدق مطرقة مندوب المزاد إيذانا بإتمام الصفقة، تصبح نافذة قانونيا. وتقول مؤسسات المزاد البريطانية بأن الأسعار المعلنة في الكتيبات ليست إلا مؤشرات للأسعار التي يمكن أن تباع بها العقارات. وهي تؤكد أن المزادات لم تعد الحل الأخير للتخلص من العقارات الصعبة وبيعها بأي ثمن، بل إن المزادات الآن تعتبر الاختيار الأول لتحقيق معدلات أسعار تفوق أحيانا المتوسط السائد في السوق. وهي تحقق للبائع عملية بيع فورية تتيح له اتخاذ قراراته الاستثمارية الأخرى بسرعة وتوفر له أيضا سيولة سريعة من العقار لا يتيحها أي مصدر آخر.

* نصائح للمشتري من المزاد:
لا تدخل مبكرا في سباق رفع السعر!
* الخبرة: لا تكون أول المتنافسين على رفع السعر. والأفضل تقديم عرض الشراء في المراحل النهائية للمزاد. كما أن من الأفضل للمشتري غير المتمرس أن يمثله خبير مزادات يعرف الإجراءات ومجريات المزاد، وفقا للاتفاق على السعر النهائي مع المشتري وبلا انفعال أو عاطفة نحو الصفقات.
* التمويل: عملية التمويل يجب أن تسبق دخول المزاد. فالشراء بالمزاد معناه دفع نسبة 10 في المائة من الثمن فورا، ودفع بقية المبلغ خلال 28 يوما. ويجب أن يذهب المشتري إلى المزاد ومعه عرض مصرفي بالموافقة على التمويل.
* المعرفة: لا بد للمشتري بالمزاد أن يتسلح بالمعرفة ويقوم بأبحاث عن العقار الذي يرغب في شرائه بالمزاد، وذلك لأن رسو المزاد عليه يجبره قانونيا على الشراء. وتوفر بعض المزادات مسحا هيكليا للعقار المعروض للبيع، ويمكن الاطلاع عليه لقاء رسوم لدار المزاد.
* مسار المزادات: يباع العقار في المزاد بعدما يتخطى السعر الاحتياطي الذي يضعه البائع كحد أدنى مقبول للبيع، ولذلك لا أهمية بالمرة للعروض الأولية الرخيصة، التي تقدم فقط لجس النبض. وهناك بعض العبارات التي يستخدمها وكيل المزاد للإشارة إلى أن الثمن تخطى الحد الأدنى المطلوب، مثل عبارة «بيع العقار أصبح جديا وفوريا» وهنا يشتد الصراع للحصول على الصفقة بين المتنافسين.
* الثقة ضرورية في استخدام مؤشرات واضحة للجميع في المزايدة، لأنها توضح لوكيل المزاد وبقية الحاضرين أنك تعني ما تقول وأنك لن تتراجع، وهذا أيضا قد يبعد الآخرين عن منافستك.
* لا يجب تخطي الحد الأقصى، ولا بد من وجود خطة أو سيناريو للمشاركة في المزاد حتى لا يقع المشتري في محاذير الاندفاع ورفع السعر عشوائيا إلى أعلى من قدرته على الدفع.



«المنازل الذكية»... طريق الحياة الجديدة باستخدام التقنية

المنازل الذكية تستعد للانضمام إلى القطاعات التي يمكن التحكم بها عن طريق الأجهزة الذكية (الشرق الأوسط)
المنازل الذكية تستعد للانضمام إلى القطاعات التي يمكن التحكم بها عن طريق الأجهزة الذكية (الشرق الأوسط)
TT

«المنازل الذكية»... طريق الحياة الجديدة باستخدام التقنية

المنازل الذكية تستعد للانضمام إلى القطاعات التي يمكن التحكم بها عن طريق الأجهزة الذكية (الشرق الأوسط)
المنازل الذكية تستعد للانضمام إلى القطاعات التي يمكن التحكم بها عن طريق الأجهزة الذكية (الشرق الأوسط)

تبرز المنازل الذكية خياراً جديداً في أسلوب الحياة مع التسارع الذي تشهده التقنيات المنزلية؛ مما يعتقد أنها تجعل الحياة أسهل من خلال التحكم في مرافق المنازل عبر الهاتف المحمول، الأمر الذي يضم هذا الاستخدام ضمن استخدامات كثيرة عبر تلك الأجهزة المحمولة.
ويمكن الآن التحكم بكل شيء في المنزل وفق طرق سهلة، سواء كان ذلك تشغيل الإضاءة أو فتح الستائر، أو تشغيل الواي فاي، أو تعديل درجة الحرارة، وفتح وإغلاق قفل الباب الأمامي، وحتى إشعال وإطفاء الموقد، حيث يقضي معظم الأفراد أغلب أوقاته في المنزل أكثر من أي مكان آخر، ومع ذلك التفكير بالتكنولوجيا عندما التواجد في المنزل يكون أقل مقارنة بالخارج فيما عدا تقنية الواي فاي.
غدت الصورة عن المنزل التي تتمثل بأنه مكان خالٍ من التكنولوجيا على وشك التغيير، فحان وقت النظر إلى الأجهزة الكثيرة المتناثرة في أنحاء المنزل، سواء كان التلفزيون في غرفة المعيشة، أو الثلاجة في المطبخ، أو المكيّف في غرف النوم، أو حتى جهاز تسخين المياه في الحمامات. وأصبح الأفراد محاطين بالإلكترونيات التي يتم وصفها بالأجهزة الذكية بشكل متزايد كل يوم، فهي تملك أجهزة استشعار تمكّنها من تسجيل البيانات ومشاركتها عبر الإنترنت. ويوجد اليوم نحو 31 مليار جهاز متصل بالإنترنت، ومن المفترض أن يرتفع هذا العدد إلى 75.4 مليار بحلول عام 2025، وفقاً لتقديرات وكالة الأبحاث «ستسيتا».
ولا شك بأن السؤال الذي يسيطر في الوقت الحالي هو، متى ستصبح المنازل أكثر ذكاءً عبر وصل جميع هذه الأجهزة بمركز واحد، ليتم التمكن من القياس والتحكم بكل شيء داخل المنازل. وتتجاوز رؤية المنزل الذكي مفهوم الراحة، حيث ستكون التقنيات الجديدة ذات تأثير عميق وإيجابي على الصحة من خلال مراقبة النظام الغذائي وظروف البيئة المحيطة في الأشخاص ورفاهيتهم بشكل عام. وسيتمكن الأطباء بفضل التكنولوجيا من معرفة حالة الأشخاص بالوقت الفعلي كما سيكون تاريخهم الطبي في متناول اليد قبل حتى إخبار الأطباء به. وعلاوة على ذلك، ستمكن المنازل الذكية العاملين في الرعاية الصحية من علاج الأمراض بشكل استباقي.
وسيمتد تأثير التكنولوجيا أيضاً إلى طريقة التعليم والتعلُّم عند وصل أجهزة التعلم الخاصة بالأطفال بأجهزة معلميهم، لتعزيز التفاعل والتعليم المخصص، وسيزداد التركيز على التدريس عبر الوسائط المتعددة، حيث سنتمكن من تحقيق فكرة غرف الدراسة الافتراضية على أرض الواقع، وسيتمكن البالغون أيضاً من إكمال دراستهم من النقطة التي توقفوا عندها، وذلك عبر الدورات التي تم تطويرها للتعلّم المنزلي والتي يمكن بثها على شاشات الأجهزة.
وتعد البيئة المحرك الأهم لتقنيات المنزل الذكي، وخاصة بما يتعلق بتأثير الأشخاص عليها، حيث تستطيع الأتمتة المنزلية الذكية أن تخفّض استهلاك الطاقة والمياه في المباني إلى حد كبير. وصحيح بأن المستهلك سيستخدم المزيد من الأجهزة التي تعمل بالطاقة الكهربائية، إلا أن حلول المنزل الذكي المدعمة بالذكاء الصناعي تستطيع أن تتعرف على سلوك من يعيشون في المنزل وتشغيل الأجهزة أو إيقافها استناداً إلى الروتين اليومي للمستخدم. وسنتمكن مع هذه الحلول الذكية عبر نظرة واحدة على الهواتف المحمولة من معرفة مقدار الطاقة والمياه المستهلكة وتكلفتها. وبالنظر إلى ارتفاع تكلفتهما بشكل مستمر، سيضطر أصحاب المنازل والمرافق والحكومات إلى البحث عن طرق أفضل وأكثر فاعلية للحد من التلوث البيئي، وجعل الحياة أكثر استدامة.
وقد تبدو هذه الأفكار التقنية بعيدة التحقيق، إلا أنها حالياً في مراحل التصميم في مشاريع مثل «نيوم»، المبادرة التي تبلغ تكلفتها 500 مليار دولار، والتي تعد حجر الأساس في «رؤية السعودية 2030»، كما أنها وصفت كأضخم مشروع حضري في العالم اليوم. وستعيد هذه المبادرة تعريف طريقة العيش وستركز في جزء كبير منها على المنازل.
وقال نجيب النعيم، رئيس مجلس إدارة العمليات في «شنايدر إلكتريك» السعودية: «سيكون لمبادرة (نيوم) تأثير غير مباشر على المنطقة بشكل عام، وينبغي أن تصبح المنازل الذكية القاعدة السائدة في الشرق الأوسط بحلول عام 2030. ويبدو لنا أن المنازل الذكية ستستمر في النمو مستقبلاً؛ مما يعني أن طريقة عيشنا اليومية ستتغير بشكل كبير». وبدأت الشركة الاستثمار في أتمتة المنزل الذكي منذ عقود من الزمن، ويعتقد النعيم بأن طريقة عيشنا «ستكون مختلفة بشكل جذري في المستقبل».

التطورات في تقنيات المنزل الذكي
تتطور التكنولوجيا اليوم بوتيرة متسارعة وتقنيات المنزل الذكي ليست استثناءً، والتساؤل يتمحور في معنى هذا التطور من حيث الأداء العملي، وكيف يمكن أن تؤثر البيوت الذكية على الحياة.
الذكاء الصناعي: سيكون الذكاء الصناعي في صميم التقنيات في المنازل المستقبلية، وستتمكن المنازل الذكية من تتبع موقع الأشخاص داخل المنزل، إما عن طريق جهاز استشعار إلكتروني يتم تركيبه على الملابس أو أجهزة استشعار إلكترونية داخل المنزل. وسيمتلك المنزل القدرة على تحديد هوية الأشخاص وأماكنهم، وسيستخدم هذه المعلومات لتلبية الاحتياجات وتوقعها أيضاً. وسيكون المنزل قادراً على ضبط كل شيء بدءاً من التدفئة والتبريد إلى الموسيقى والإضاءة، وكل ذلك حسب احتياجات الشخص الذي سيدخل من باب المنزل.
الإضاءة الذكية: ستُحدث الإضاءة الذكية ثورة في طريقة إضاءة المنازل، فهي تعمل على ضبط نفسها تلقائياً من خلال الكشف عن وجود الأشخاص في الغرفة، وحال خروجهم من هناك، تصبح الأنوار خافتة أو يتم إطفاؤها تماماً. كما يمكن أن تطبق الإضاءة الذكية على نشاطات الأشخاص؛ فعلى سبيل المثال، يمكن لأجهزة استشعار الضغط إطفاء الأنوار عند الاستلقاء في السرير بعد وقت معين، وستكتشف المستشعرات استيقاظ الأفراد لاستخدام الحمام وتقوم بتشغيل الإنارة. وتضبط الإضاءة درجة سطوعها تلقائياً وفقاً لفترات اليوم، وسيتذكر المنزل الذكي الروتين الخاص بالمستخدم ليتمكن من تخصيص كل جهاز في منزلك حسب الرغبة.
الأقفال الذكية: يمكن أيضاً برمجة الأقفال الذكية وفقاً لاحتياجات الأفراد، فيمكن السماح للزوار بالدخول أو منعهم بناءً على سمات تعريفية محددة. كما يمكنك السماح بالدخول لشخص ما، مثل حامل البريد عن بُعد. ويمكن إرسال رموز فتح الأقفال الافتراضية عبر تطبيق إلكتروني وفتح الباب عبر استخدام الهاتف المحمول.
مراقبة المنزل: تستطيع الأنظمة الأمنية الذكية مراقبة المنزل بشكل مستقل، والإبلاغ عن أي حوادث غير مسبوقة لمالك المنزل، وإبلاغ خدمات الطوارئ إذا لزم الأمر. وتستطيع المنازل الذكية أيضاً مراقبة كبار السن الذين يعيشون بمفردهم، فتقدم لهم يد المساعدة كتذكيرهم بتناول أدويتهم وضمان إتمامهم للمهام اليومية بنجاح وأمان. وفي حالات الطوارئ كالسقوط أو الحوادث، سيتمكن نظام المنزل الذكي من إخطار خدمات الطوارئ والسماح لهم بالدخول تلقائياً.
نظام التكييف: يعد التكييف من الضروريات الأساسية في دول الخليج، وعلى الرغم من ذلك لن يتغير قريباً، فإن الحلول المنزلية الذكية يمكن أن تقلل استهلاك الطاقة التي نستخدمها لتشغيل أنظمة التبريد لدينا في الصيف وأنظمة التدفئة في الشتاء بشكل كبير. فمن خلال التعلم الذاتي لسلوك واحتياجات الأسرة بالنسبة لتدفئة وتبريد المنزل مع مرور الوقت وإقران تلك المعلومات مع درجة الحرارة داخل المنزل وخارجه، يستطيع منظم الحرارة الذكي تقليص قيمة فواتير استهلاك الطاقة بنسبة 15 في المائة أو أكثر؛ مما سيختصر على الوالدين تأنيب الأطفال للتوقف عن العبث بمفتاح الطاقة.
طريقة دمج الأجهزة الذكية بنظام المنزل الذكي: يملك كل واحد منا الكثير من الأجهزة الذكية في المنزل والتي يمكن وصلها بشبكة الإنترنت. وما يحتاج إليه معظم الأشخاص هو وسيلة بسيطة بأسعار معقولة لإيصال جميع هذه الأجهزة بنظام واحد. ويؤمن نجيب النعيم من شركة «شنايدر إلكتريك» بأن تطبيق ويزر الذي أطلقته الشركة ومفهوم المنزل المتصل المتطور (سكوير دي) ربما يكون الحل المثالي لمن يبحثون عن تقنية المنزل الذكي الرائدة اليوم.
وقال النعيم «سيتطلب تحقيق ذلك شركة ذات خبرة بالطاقة والكهرباء والخدمات الرقمية والأجهزة والبرامج لتنشئ جهاز تحكم المنزل الذكي الذي نحتاج إليه جميعاً. ويعمل تطبيق (ويزر) من جهاز واحد نحمله بيدنا دائماً هو الهاتف المتحرك. ومن خلال وصل كل جهاز لدينا في المنزل بالإنترنت والتحكم به عبر (ويزر) سنتمكن من مراقبة كافة أجهزتنا والتحكم بها بطريقة آمنة ومن جهاز واحد».
وتهدف «شنايدر» على المدى الطويل إلى إضافة مستشعرات في جميع المعدات الكهربائية في المنزل لتتيح قياس استهلاك الطاقة والتحكم بالأجهزة، إما مباشرة أو من خلال الذكاء الصناعي، ومساعدة أصحاب المنازل والمباني على إنشاء «شبكات كهربائية صغيرة» من خلال دمج البطاريات وأجهزة الطاقة المتجددة مثل الألواح الشمسية. وبهذا قد تصبح الأسلاك الكهربائية والمقابس والقواطع الخاصة بك العمود الفقري الذكي لمنزلك المستقبلي.
«شنايدر» هي من المشاركين في مبادرة «موطن الابتكار» التابعة لشركة «سابك»، وهي مشروع يهدف إلى إنشاء منزل تجريبي متكامل بأثاثه لتوفير تجربة عيش حديثة ومريحة ومستدامة، وإلى رفد السعودية بالمشاريع المستدامة. ويعرض مشروع «موطن الابتكار» ما يمكن تحقيقه عندما تتعاون الشركات العالمية مع رواد الأبحاث مثل «سابك» لابتكار أفكار جديدة من شأنها أن تثير اهتمام السعوديين وتُطلعهم على ما ستبدو عليه منازلهم في المستقبل.
وقال النعيم: «لم تتغير منازلنا كثيراً على الرغم من كمية التقنيات المحيطة بنا. وأصبح ذلك على وشك التغيير، فسنستذكر مستقبلاً الماضي بعد عقد من الزمن، ونتساءل لماذا لم نختر مفهوم المنزل الذكي في وقت أبكر. وسيحدث ذلك ثورة في طريقة راحتنا وعملنا ولعبنا. وأعتقد أن السعودية ستقود مسيرة التطور التقني في المنازل الذكية بفضل مشاريعها الرائدة مثل (نيوم)».