السوداني يسعى لتشكيل الحكومة العراقية... وعينه على الشارع والصدر

بروز الخلافات بين الكتل السياسية الداعمة له

رئيس الوزراء العراقي المكلف (يسار) مع نائب رئيس مجلس النواب يوم الخميس (أ.ف.ب)
رئيس الوزراء العراقي المكلف (يسار) مع نائب رئيس مجلس النواب يوم الخميس (أ.ف.ب)
TT

السوداني يسعى لتشكيل الحكومة العراقية... وعينه على الشارع والصدر

رئيس الوزراء العراقي المكلف (يسار) مع نائب رئيس مجلس النواب يوم الخميس (أ.ف.ب)
رئيس الوزراء العراقي المكلف (يسار) مع نائب رئيس مجلس النواب يوم الخميس (أ.ف.ب)

يواجه رئيس الوزراء العراقي المكلف، محمد شياع السوداني، مهمة صعبة تتمثل في اختلاف الأولويات بين الكتل السياسية التي رشحته لهذا المنصب؛ ففي الوقت الذي يريد فيه بعض هذه الكتل منح السوداني حرية مشروطة لاختيار وزرائه بنفسه، هناك كتل أخرى تريد حصر ترشيح الشخصيات التي تشغل الوزارات، عن طريق اختيار عدد محدود لكل منصب مع ترك الحرية لرئيس الوزراء للاختيار من بينهم، دون أن يكون له خيار رفضهم في حال لم يقتنع بأي منهم. كما أن هناك كتلاً سياسية لا تعارض فكرة أن يكون المرشحون للوزارات من التكنوقراط والمستقلين؛ وإن بشروط، وهناك كتل أخرى تطالب بأن يكون الوزير شخصية سياسية وقيادية في الحزب أو الكتلة التي ترشحه لكي يكون صاحب قرار في وزارته.
من جهته، يدرس رئيس الوزراء كل هذه الخيارات وعينه على الشارع وعلى زعيم «التيار الصدري» مقتدى الصدر. فالشارع الذي يستعد للخروج بمظاهرات كبيرة في 25 أكتوبر (تشرين الأول) الحالي رفضاً للمحاصصة وبالتالي عدم الموافقة على الحكومة المزمع تشكيلها، يمكن أن يشكل أحد التحديات التي تواجه السوداني في حال لم يتمكن من نيل ثقة البرلمان، ولو لجزء من مجلس الوزراء على أن يستكمل باقي الحقائب فيما بعد. أما زعيم «التيار الصدري»؛ الذي أعلن التبرؤ من الحكومة المزمع تشكيلها طالباً من أنصاره عدم المشاركة فيها، فإنه بات يمثل الهاجس الأكبر بالنسبة إلى السوداني الذي كان يأمل إما مشاركة الصدريين بصورة مباشرة، وإما ترشيح أسماء ربما يكون مرضياً عنهم من قبل الصدر، وهو ما لم يحدث بعد تغريدة من الصدر بهذا الإعلان.
وبشأن ما يمكن أن يترتب على تغريدة زعيم «التيار الصدري» مقتدى الصدر، قال غالب الدعمي، أستاذ الإعلام في «جامعة أهل البيت» في الكوفة، لـ«الشرق الأوسط»، إن «موقف (التيار الصدري) واضح جداً، وهو رفض هذه الحكومة؛ ليس فقط من حيث المشاركة فيها أو عدمه؛ بل رفضها بالكامل». وأضاف أن «ما صدر عن زعيم (التيار الصدري) مؤخراً إنما هو تفسير وتوضيح لآلية الرفض، حيث إنها لا تتطابق مع ما يريد من تشكيل حكومة أغلبية أو حكومة إصلاح طبقاً لنهج (التيار الصدري)». وأوضح الدعمي أن «ما بعد هذه التغريدة لجهة كيف يمكن أن يعمل (التيار الصدري) بما يمتلكه من قوة لمعارضة هذه الحكومة، صعب الآن التكهن به؛ لكن ما يمكن قوله هو أن الصدر لا يصبر طويلاً عن البقاء بعيداً عن المشهد السياسي».
من جهة أخرى، أكد «ائتلاف الوطنية» بزعامة رئيس الوزراء الأسبق إياد علاوي أن مهمة أي حكومة مقبلة تكمن في التهيئة لانتخابات مبكرة وتفكيك العقد التي خلفتها الأزمات السابقة. ودعا «الائتلاف»، في بيان يوم الأحد، إلى «تدارك الأخطاء التي وقعت فيها الحكومات السابقة، والإسراع في تهيئة المناخ المناسب لإقامة انتخابات مبكرة»، موضحاً أن أمر «التهيئة لانتخابات نزيهة بقانون جديد ومفوضية جديدة لتلافي جميع الأخطاء التي رافقت الانتخابات الماضية، ينبغي أن يكون في مقدمة أولويات أي حكومة مقبلة».
وتابع الائتلاف: «بالتزامن مع ذلك؛ ينبغي تواصل الجهود لإطلاق حوار وطني بنّاء ينصب في إطار تعديل الدستور، وتجاوز الإخفاقات السابقة وتفكيك الأزمات التي خلّفتها، وبحضور الأمم المتحدة وجامعة الدول العربية، فضلاً عن إشراف مجلس القضاء الأعلى والمحكمة الاتحادية». كما شدد «الائتلاف» في بيانه على «ضرورة تعديل وإنفاذ قانون الأحزاب، وتفعيل عمل الهيئات واللجان الرقابية لمحاسبة المفسدين، فضلاً عن جملة مقترحات أخرى تهدف لتعزيز التماسك المجتمعي والتخفيف من معاناة أهلنا وتدارك أي ثغرة يمكن أن تعود بالأوضاع إلى ما هي عليه الآن».



«الجبهة الوطنية»... حزب مصري جديد يثير تساؤلات وانتقادات

مصريون بمحافظة القاهرة يشاركون في حملة جمع توكيلات لحزب «الجبهة الوطنية» الجديد (صفحة الحزب - فيسبوك)
مصريون بمحافظة القاهرة يشاركون في حملة جمع توكيلات لحزب «الجبهة الوطنية» الجديد (صفحة الحزب - فيسبوك)
TT

«الجبهة الوطنية»... حزب مصري جديد يثير تساؤلات وانتقادات

مصريون بمحافظة القاهرة يشاركون في حملة جمع توكيلات لحزب «الجبهة الوطنية» الجديد (صفحة الحزب - فيسبوك)
مصريون بمحافظة القاهرة يشاركون في حملة جمع توكيلات لحزب «الجبهة الوطنية» الجديد (صفحة الحزب - فيسبوك)

ما زال حزب «الجبهة الوطنية» المصري الجديد يثير انتقادات وتساؤلات بشأن برنامجه وأهدافه وطبيعة دوره السياسي في المرحلة المقبلة، خاصة مع تأكيد مؤسسيه أنهم «لن يكونوا في معسكر الموالاة أو في جانب المعارضة».

وكان حزب «الجبهة الوطنية» مثار جدل وتساؤلات في مصر، منذ الكشف عن اجتماعات تحضيرية بشأنه منتصف الشهر الماضي، انتهت بإعلان تدشينه في 30 ديسمبر (كانون الأول) الماضي.

وتمحورت التساؤلات حول أسباب ظهوره في هذه المرحلة، وهل سيكون بديلاً لحزب الأغلبية في البرلمان المصري (مستقبل وطن)، لا سيما أن مصر مقبلة على انتخابات برلمانية نهاية العام الجاري.

هذه التساؤلات حاول اثنان من مؤسسي الحزب الإجابة عنها في أول ظهور إعلامي مساء السبت، ضمن برنامج «الحكاية» المذاع على قناة «إم بي سي»، وقال وكيل مؤسسي حزب «الجبهة الوطنية» ووزير الإسكان المصري السابق عاصم الجزار، إن «الحزب هو بيت خبرة هدفه إثراء الفكر وإعادة بناء الوعي المصري المعاصر»، مؤكداً أن الحزب «لا يسعى للأغلبية أو المغالبة، بل يستهدف التأثير النوعي وليس الكمي».

وأضاف: «هدفنا تشكيل تحالف من الأحزاب الوطنية القائمة، إذ لن نعمل وحدنا»، معلناً استعداد الحزب الجديد، الذي لا يزال يستكمل إجراءات تأسيسه رسمياً، للتحالف مع «أحزاب الأغلبية مستقبل وطن وحماة وطن والمعارضة والمستقلين أيضاً بهدف خدمة المصلحة الوطنية»، مستطرداً: «لن نكون أداة لتمرير قرارات، بل أداة للإقناع بها».

وشدد الجزار على أن «الحزب لا ينتمي لمعسكر الموالاة أو للمعارضة»، وإنما «نعمل لمصلحة الوطن».

وهو ما أكده رئيس «الهيئة العامة للاستعلامات» بمصر وعضو الهيئة التأسيسية لحزب «الجبهة الوطنية»، ضياء رشوان، الذي قال: «سنشكر الحكومة عندما تصيب ونعارضها عندما تخطئ»، مشيراً إلى أن «مصر ليس لها حزب حاكم حتى يكون هناك حديث عن موالاة ومعارضة».

الانتقادات الموجهة للحزب ارتبطت بتساؤلات حول دوره في ظل وجود نحو 87 حزباً سياسياً، وفق «الهيئة العامة للاستعلامات»، منها 14 حزباً ممثلاً في البرلمان الحالي، يتصدرها حزب «مستقبل وطن» بأغلبية 320 مقعداً، يليه حزب «الشعب الجمهور» بـ50 مقعداً، ثم حزب «الوفد» بـ39 مقعداً، وحزب «حماة الوطن» بـ27 مقعداً، وحزب «النور» الإسلامي بـ11 مقعداً، وحزب «المؤتمر» بـ8 مقاعد.

ورداً على سؤال للإعلامي عمرو أديب، خلال برنامج «الحكاية»، بشأن ما إذا كان الحزب «طامحاً للحكم ويأتي بوصفه بديلاً لحزب الأغلبية»، قال رشوان: «أي حزب سياسي يسعى للحكم، لكن من السذاجة أن نقول إن حزباً يعمل على إجراءات تأسيسه اليوم سيحصد الأغلبية بعد 8 أو 10 أشهر»، مشيراً إلى أن «الحزب لن يعيد تجارب (الهابطين من السماء)». واستطرد: «لن نسعى للأغلبية غداً، لكن قد يكون بعد غد».

وأضاف رشوان أن «الحزب يستهدف في الأساس إعادة بناء الحياة السياسية في مصر بعد فشل تجربة نظام الحزب الواحد في مصر منذ عام 1952»، مشيراً إلى أن «الحزب يستهدف إحياء تحالف 30 يونيو (حزيران)»، لافتاً إلى أن «التفكير فيه هو ثمرة للحوار الوطني الذي أثار زخماً سياسياً».

طوال ما يزيد على ساعة ونصف الساعة حاول الجزار ورشوان الإجابة عن التساؤلات المختلفة التي أثارها إعلان تدشين الحزب، والتأكيد على أنه «ليس سُلمة للوصول إلى البرلمان أو الوزارة»، وليس «بوابة للصعود»، كما شددا على أن «حزب الجبهة يضم أطيافاً متعددة وليس مقصوراً على لون سياسي واحد، وأنه يضم بين جنباته المعارضة».

وعقد حزب «الجبهة الوطنية» نحو 8 اجتماعات تحضيرية على مدار الأسابيع الماضي، وتعمل هيئته التأسيسية، التي تضم وزراء ونواباً ومسؤولين سابقين، حالياً على جمع التوكيلات الشعبية اللازمة لإطلاقه رسمياً.

ويستهدف الحزب، بحسب إفادة رسمية «تدشين أكبر تحالف سياسي لخوض الانتخابات البرلمانية المقبلة، عبر صياغة تفاهمات سياسية واسعة مع الأحزاب الموجودة»، إضافة إلى «لمّ الشمل السياسي في فترة لا تحتمل التشتت».

ومنذ إطلاق الحزب تم ربطه بـ«اتحاد القبائل والعائلات المصرية» ورئيسه رجل الأعمال إبراهيم العرجاني، حتى إن البعض قال إن «الحزب هو الأداة السياسية لاتحاد القبائل». وعزز هذه الأحاديث إعلان الهيئة التأسيسية التي ضمت رجل الأعمال عصام إبراهيم العرجاني.

وأرجع الجزار الربط بين الحزب والعرجاني إلى أن «الاجتماعات التحضيرية الأولى للحزب كانت تجري في مكتبه بمقر اتحاد القبائل؛ كونه أميناً عاماً للاتحاد»، مؤكداً أن «الحزب لا علاقة له باتحاد القبائل». وقال: «العرجاني واحد من عشرة رجال أعمال ساهموا في تمويل اللقاءات التحضيرية للحزب». وأضاف: «الحزب لا ينتمي لشخص أو لجهة بل لفكرة».

وحول انضمام عصام العرجاني للهيئة التأسيسية، قال رشوان إنه «موجود بصفته ممثلاً لسيناء، ووجوده جاء بترشيح من أهل سيناء أنفسهم».

وأكد رشوان أن «البعض قد يرى في الحزب اختراعاً لكتالوج جديد في الحياة السياسية، وهو كذلك»، مشيراً إلى أن «الحزب يستهدف إعادة بناء الحياة السياسية في مصر التي يقول الجميع إنها ليست على المستوى المأمول».

بينما قال الجزار: «نحن بيت خبرة يسعى لتقديم أفكار وحلول وكوادر للدولة، ونحتاج لكل من لديه القدرة على طرح حلول ولو جزئية لمشاكل المجتمع».

وأثارت تصريحات الجزار ورشوان ردود فعل متباينة، وسط تساؤلات مستمرة عن رؤية الحزب السياسية، التي أشار البعض إلى أنها «غير واضحة»، وهي تساؤلات يرى مراقبون أن حسمها مرتبط بالانتخابات البرلمانية المقبلة.

كما رأى آخرون أن الحزب لم يكن مستعداً بعد للظهور الإعلامي.

بينما أشار البعض إلى أن «الحزب ولد بمشاكل تتعلق بشعبية داعميه»، وأنه «لم يفلح في إقناع الناس بأنه ليس حزب موالاة».

وقال مستشار مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية الدكتور عمرو الشوبكي لـ«الشرق الأوسط» إن «الحزب قدم حتى الآن كلاماً عاماً دون تصور أو رؤية واضحة للإصلاح التدريجي»، موضحاً أنه «من حيث المبدأ من حق أي جماعة تأسيس حزب جديد».

وبينما أكد الشوبكي أن ما عرضه المسؤولون عن الحزب الجديد بشأن «عدم طموحه للحكم لا يختلف عن واقع الحياة السياسية في مصر الذي يترك للدولة تشكيل الحكومة»، مطالباً «بتفعيل دور الأحزاب في الحياة السياسية»، فالمشكلة على حد تعبيره «ليست في إنشاء حزب جديد، بل في المساحة المتاحة للأحزاب».