دراسة على الفئران تكشف طريقة لتسريع التجدد الذاتي للكبد

دراسة على الفئران تكشف طريقة لتسريع التجدد الذاتي للكبد
TT

دراسة على الفئران تكشف طريقة لتسريع التجدد الذاتي للكبد

دراسة على الفئران تكشف طريقة لتسريع التجدد الذاتي للكبد

يُعرف الكبد بقدرته على التجدد؛ إذ يمكنه إعادة نمو نفسه تمامًا حتى بعد إزالة ثلثي كتلته جراحيًا. لكن الضرر الناجم عن الأدوية أو تعاطي الكحول أو السمنة يمكن أن يؤدي في النهاية إلى فشل الكبد. وحاليًا، العلاج الفعال الوحيد لمرض الكبد في المرحلة النهائية هو الزرع. مع ذلك، هناك ندرة في الأعضاء المتاحة للزرع؛ فقد يضطر المرضى إلى الانتظار من 30 يومًا إلى أكثر من 5 سنوات لتلقي الكبد للزراعة في الولايات المتحدة. ومن بين أكثر من 11600 مريض على قائمة الانتظار لتلقي عملية زرع كبد في عام 2021، تلقى ما يزيد قليلاً على 9200 مريض. لكن ماذا لو (بدلاً من زراعة الكبد) كان هناك دواء يمكن أن يساعد الكبد على تجديد نفسه؟
فوفق بحث منشور بقيادة الدكتور ساتدارشان مونجا أستاذ علم الأمراض والطب بجامعة بيتسبرغ للعلوم الصحية المدير المؤسس لمركز «بيتسبرغ» لأبحاث الكبد مدير مختبر لدراسة تجديد الكبد والسرطان، وجد أن تنشيط بروتين معين بدواء جديد يمكن أن يساعد في تسريع التجديد والإصلاح بعد إصابة الكبد الشديدة أو الإزالة الجراحية الجزئية في الفئران، وذلك حسبما نشر موقع «ساينس إليرت» العلمي المتخصص، نقلا عن «The Conversation».

اللاعبون الرئيسيون في تجديد الكبد

يؤدي الكبد أكثر من 500 وظيفة رئيسية في جسمك، بما في ذلك إنتاج البروتينات التي تحمل الدهون عبر الجسم وتحويل الغلوكوز الزائد إلى غليكوجين للتخزين وتحطيم السموم مثل الأمونيا وغيرها.
وتتولى خلايا الكبد هذه المهام العديدة من خلال استراتيجية «فرّق تسد» وتسمى أيضًا تقسيم المناطق. وهذا الأمر يقسّم الكبد إلى ثلاث مناطق بمهام مختلفة. ويتم توجيه الخلايا لأداء وظائف متخصصة عن طريق تشغيل جينات معينة نشطة في كل منطقة. ومع ذلك، فإن ما يتحكم بالضبط في التعبير عن هذه الجينات لم يُفهم جيدًا.
وعلى مدى العقدين الماضيين، حدد فريق الدراسة والمختبرات الأخرى مجموعة واحدة من 19 بروتينًا تسمى «Wnts» تلعب دورًا مهمًا في التحكم بوظائف الكبد وتجديده.
وبينما يعرف الباحثون أن بروتينات «Wnt» تساعد بتنشيط عملية الإصلاح في خلايا الكبد التالفة والتي تتحكم فعليًا بتقسيم المناطق وتجديدها بالإضافة إلى موقعها الدقيق في الكبد، فقد كان ذلك لغزًا.
ولتحديد هذه البروتينات ومن أين أتت، استخدم الفريق تقنية جديدة تسمى «رسم الخرائط الجزيئية» لتحديد مدى قوة وأين ينشط 100 جين من وظائف الكبد.
وأوضح فريق الدراسة «وجدنا أن اثنين فقط من 19 جينًا Wnt ، Wnt2 و Wnt9b، كانا موجودين وظيفيًا في الكبد. وجدنا أيضًا أن Wnt2 و Wnt9b موجودان في الخلايا البطانية المبطنة للأوعية الدموية في المنطقة 3 من الكبد، وهي منطقة تلعب دورًا بعدد من وظائف التمثيل الغذائي. ولدهشتنا، أدى القضاء على هذين الجينين Wnt إلى أن جميع خلايا الكبد تعبر فقط عن جينات تقتصر عادةً على المنطقة 1 ، ما يحد بشكل كبير من وظيفة الكبد الكلية. وتشير هذه النتيجة إلى أن خلايا الكبد تعاني من دفع وسحب مستمر في تنشيط الجينات التي يمكن أن تعدل وظائفها، وأن Wnt هو المنظم الرئيسي لهذه العملية. كما أدى القضاء على جيني Wnt من الخلايا البطانية إلى إيقاف انقسام خلايا الكبد تمامًا وبالتالي تجديدها بعد الاستئصال الجراحي الجزئي للكبد».

تجديد الكبد بعد جرعة زائدة من «تايلينول»

قرر الفرق بعد ذلك اختبار ما إذا كان دواء جديد يمكن أن يساعد في استعادة منطقة الكبد وتجديده. حيث يشترك هذا الدواء (وهو جسم مضاد يسمى FL6.13) بوظائف مماثلة مع بروتينات Wnt، بما في ذلك تنشيط وتجديد الكبد.
يقول الفريق «على مدار يومين، أعطينا هذا الدواء لفئران معدلة وراثيًا لتفتقر إلى Wnt2 و Wnt9b في خلايا الكبد البطانية. ووجدنا أن الدواء كان قادرًا على استعادة وظائف خلايا الكبد بشكل كامل تقريبًا وإصلاح وظائفها».
ويضيف الفريق «أخيرًا أردنا اختبار مدى نجاح هذا الدواء في إصلاح الكبد بعد تناول جرعة زائدة من تايلينول. Tylenol ، أو acetaminophen (هو دواء بدون وصفة طبية يستخدم عادة لعلاج الحمى والألم)».
ومع ذلك، فإن جرعة زائدة من تايلينول يمكن أن تسبب تلفًا حادًا في الكبد. ومن دون عناية طبية فورية يمكن أن يؤدي إلى فشل الكبد والوفاة؛ حيث يعد التسمم بتايلينول أحد الأسباب الأكثر شيوعًا لإصابة الكبد الشديدة التي تتطلب زراعة الكبد في الولايات المتحدة. وعلى الرغم من ذلك، لا يوجد حاليًا سوى دواء واحد متاح لعلاجه، وهو قادر فقط على منع تلف الكبد إذا تم تناوله بعد جرعة زائدة بوقت قصير.
ويبيّن فريق الدراسة «اختبرنا عقارنا الجديد على الفئران المصابة بتلف في الكبد بسبب الجرعات السامة من تايلينول. ووجدنا أن جرعة واحدة كانت قادرة على تقليل المؤشرات الحيوية لإصابة الكبد (البروتينات التي يطلقها الكبد عند الإصابة) في الدم وتقليل موت أنسجة الكبد. وتشير هذه النتائج إلى حدوث إصلاح لخلايا الكبد وتجديد الأنسجة».

تقليل الحاجة للزرع

تتمثل إحدى طرق معالجة النقص بزراعة الكبد في تحسين علاجات أمراض الكبد. في حين أن الأدوية الحالية يمكن أن تعالج بشكل فعال التهاب الكبد C (وهو عدوى فيروسية تسبب التهاب الكبد)، إلا أن أمراض الكبد الأخرى لم تشهد نفس التقدم.
ونظرًا لوجود عدد قليل جدًا من العلاجات الفعالة المتاحة لأمراض مثل مرض الكبد الدهني غير الكحولي ومرض الكبد الكحولي، فإن العديد من المرضى يتفاقمون وينتهي بهم الأمر إلى الحاجة إلى زراعة الكبد. من أجل ذلك يعتقد فريق الدراسة «ان تحسين قدرة الكبد على إصلاح نفسه يمكن أن يساعد في الالتفاف على الحاجة إلى الزرع. قد تساعد الدراسة الإضافية للعقاقير التي تعزز تجديد الكبد في الحد من عبء أمراض الكبد في جميع أنحاء العالم».


مقالات ذات صلة

التثاؤب... هل يعني أن أدمغتنا لا تحصل على الأكسجين الكافي؟

يوميات الشرق التثاؤب يحدث عندما يكون الناس في حالة انتقالية مثلاً بين النوم والاستيقاظ (رويترز)

التثاؤب... هل يعني أن أدمغتنا لا تحصل على الأكسجين الكافي؟

يشعر معظمنا بقرب عملية التثاؤب. تبدأ عضلات الفك بالتقلص، وقد تتسع فتحتا الأنف، وقد تذرف أعيننا الدموع عندما ينفتح فمنا.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
يوميات الشرق الدعم المُرتكز على التعاطف مع المريض يعادل تناول الدواء (جامعة تكساس)

المكالمات الهاتفية المُرتكزة على التعاطف تُحسّن السيطرة على السكري

المكالمات الهاتفية المُرتكزة على التعاطف مع مرضى السكري من أفراد مدرّبين على القيام بذلك، أدَّت إلى تحسينات كبيرة في قدرتهم على التحكُّم في نسبة السكر بالدم.

«الشرق الأوسط» (القاهرة )
صحتك لا يستطيع بعضنا النوم في بعض الأحيان رغم شعورنا بالتعب والإرهاق الشديدين (رويترز)

لماذا لا يستطيع البعض النوم ليلاً رغم شعورهم بالتعب الشديد؟

أحياناً لا يستطيع بعضنا النوم رغم شعورنا بالتعب والإرهاق الشديدين، الأمر الذي يعود إلى سبب قد لا يخطر على بال أحد وهو الميكروبات الموجودة بأمعائنا.

«الشرق الأوسط» (لندن)
صحتك هناك 323 قارورة من فيروسات معدية متعددة اختفت من المختبر (أ.ف.ب)

اختفاء عينات فيروسات قاتلة من أحد المختبرات بأستراليا

أعلنت حكومة كوينزلاند، الاثنين، عن اختفاء مئات العينات من فيروسات قاتلة من أحد المختبرات في أستراليا.

«الشرق الأوسط» (سيدني)
صحتك الدماغ يشيخ ويتقدم في السن بسرعة في 3 مراحل محددة في الحياة (رويترز)

3 مراحل بالحياة يتقدم فيها الدماغ في السن

كشفت دراسة جديدة أن الدماغ يشيخ ويتقدم في السن بسرعة في 3 مراحل محددة في الحياة.

«الشرق الأوسط» (بكين)

التثاؤب... هل يعني أن أدمغتنا لا تحصل على الأكسجين الكافي؟

التثاؤب يحدث عندما يكون الناس في حالة انتقالية مثلاً بين النوم والاستيقاظ (رويترز)
التثاؤب يحدث عندما يكون الناس في حالة انتقالية مثلاً بين النوم والاستيقاظ (رويترز)
TT

التثاؤب... هل يعني أن أدمغتنا لا تحصل على الأكسجين الكافي؟

التثاؤب يحدث عندما يكون الناس في حالة انتقالية مثلاً بين النوم والاستيقاظ (رويترز)
التثاؤب يحدث عندما يكون الناس في حالة انتقالية مثلاً بين النوم والاستيقاظ (رويترز)

يشعر معظمنا بقرب عملية التثاؤب. تبدأ عضلات الفك بالتقلص، وقد تتسع فتحتا الأنف، وقد تذرف أعيننا الدموع عندما ينفتح فمنا.

والتثاؤب عبارة عن رد فعل معقد، يمكن أن يحدث تلقائياً، أو أن يكون معدياً، عندما نرى أو نسمع حتى نفكر في الأمر في بعض الأحيان، فإننا عادة ما نتثاءب، بحسب تقرير لصحيفة «واشنطن بوست».

ومع ذلك، قال الخبراء إن فكرة أننا نتثاءب لأن أدمغتنا تحتاج إلى مزيد من الأكسجين هي خرافة. فقد أفادت دراسة أجريت في ثمانينات القرن العشرين أن استنشاق الأكسجين النقي أو الغازات التي تحتوي على نسبة عالية من ثاني أكسيد الكربون ليس له تأثير كبير على التثاؤب.

التثاؤب هو سلوك بشري غير مفهوم إلى حد ما. «يظل الدماغ صندوقاً أسود»، هكذا قال مارك أندروز، رئيس قسم علم وظائف الأعضاء في كلية الطب العظمي بجامعة دوكين بالولايات المتحدة.

لكن الباحثين لديهم نظريات متعددة حول التثاؤب.

يبدو أن التثاؤب يحدث عندما يكون الناس في حالة انتقالية، وخاصة انتقالات النوم والاستيقاظ، عندما يستيقظون أو عندما يكونون ضمن حالة من النعاس ومستعدين للنوم. قد يتثاءبون عندما يشعرون بالملل، أو يعانون من ضائقة نفسية خفيفة مثل القلق.

ومع ذلك، يحدث التثاؤب أيضاً بتردد عالٍ خلال الفترات التي يكون فيها الناس متحمسين للغاية، أو يكون هناك قدر كبير من الترقب، كما شرح أندرو جالوب، أستاذ علم الأحياء السلوكي بجامعة جونز هوبكنز. وأوضح أن هناك تقارير قصصية تفيد بأن الرياضيين الأولمبيين يميلون إلى التثاؤب قبل المنافسة، كما يفعل المظليون قبل القفزة الأولى، والموسيقيون قبل أي أداء.

التثاؤب وتحفيز الدماغ

يرتبط التثاؤب بزيادة الإثارة واليقظة، وقد يساعد الدماغ على الاستيقاظ أو البقاء مستيقظاً أثناء الأنشطة المملة.

تقول إحدى النظريات إنه من خلال تحريك العضلات في الوجه والرقبة، يحفز التثاؤب الشرايين في الرقبة، ما يزيد من تدفق الدم إلى الدماغ ويوقظه.

بالإضافة إلى ذلك، أفادت دراسة أجريت عام 2012 أن معدل ضربات القلب وحجم الرئة وتوتر عضلات العين تزداد أثناء التثاؤب أو بعده مباشرة.

قال أندروز: «إنه جزء من تمدد العضلات. مع التثاؤب، هناك اتصالات مع أنشطة عضلية أخرى، لذلك فهو يجعلك تستيقظ وتتحرك».

التثاؤب وتبريد الدماغ

عندما ترتفع درجات الحرارة في الدماغ فوق خط الأساس - بسبب الزيادة في المعالجة العقلية أثناء التركيز على مهمة أو ممارسة الرياضة أو الشعور بالقلق أو الإثارة، على سبيل المثال - يبدأ الدماغ في آليات التبريد، بما في ذلك التثاؤب، كما أشار جالوب، الذي درس النظرية.

يعتقد بعض الباحثين أن تنظيم الحرارة هذا يحدث بطريقين. أولاً، يزيد التثاؤب من تدفق الدم إلى المخ، ويعزز تدفق الدم إلى القلب. ثانياً، يُعتقد أن استنشاق الهواء بعمق أثناء التثاؤب يعمل على تبريد الدم في الأوعية الدموية في الأنف والفم. واقترحت إحدى الدراسات أن هاتين العمليتين تعملان معاً على استبدال الدم الساخن بدم أكثر برودة.

ومع ذلك، لا يوجد إجماع حول ما يسبب التثاؤب التلقائي، أو ما الذي يحققه.