مطاعم مصرية تجتذب روادها بشعار «لا للتطوير»

بعضها علامات تجارية تحظى بشهرة واسعة

زبائن مطعم «زيزو» تجذبهم تجربة المأكولات الشرقية في الهواء الطلق (صفحة المطعم على فيسبوك)
زبائن مطعم «زيزو» تجذبهم تجربة المأكولات الشرقية في الهواء الطلق (صفحة المطعم على فيسبوك)
TT

مطاعم مصرية تجتذب روادها بشعار «لا للتطوير»

زبائن مطعم «زيزو» تجذبهم تجربة المأكولات الشرقية في الهواء الطلق (صفحة المطعم على فيسبوك)
زبائن مطعم «زيزو» تجذبهم تجربة المأكولات الشرقية في الهواء الطلق (صفحة المطعم على فيسبوك)

إذا كان الفنان المصري عادل إمام، قد أسهم من خلال فيلمه «التجربة الدنماركية»، في الترويج الكبير لمطعمي «زيزو» و«بحة»، اللذين جاء تسميتهما ضمن الأحداث على سبيل الدعابة بـ«زيزو نتانة» و«بحه بتاع الناصرية»، إلا أن المطعمين المتخصصين في الأكل الشرقي رفضا التطوير والتغيير رغم الشهرة الكبيرة للغاية التي لحقت بهما بسبب «إفيه الزعيم» على مدار 20 عاما.
فخلافا لأفكار التسويق الإبداعية التي تلجأ إليها المطاعم لزيادة مبيعاتها، وبعيداً عن التسابق للظهور بديكورات مبتكرة يرتدي المطعم بها حلة جديدة تكون بمثابة أيقونة مميزة بين نظرائه، وبعكس التطوير الذي يشغل دوما أصحاب المطاعم لتقديم تجربة تناول طعام راقية لا تنسى، لم تنشغل محال أخرى بالتفكير في كل تلك الوسائل الترويجية التي تعمل على جذب الزبائن، مفضلة أن تكون على هيئتها وتقليديتها التي وصلت بها إلى شهرتها، وشعارها في ذلك المثل الشعبي القائل: «من فات قديمه تاه».
وتكتسب مطاعم بعينها شهرة كبيرة في مصر، تحمل في الغالب الصفة الشعبية، بل إنها تتخطى الحدود المصرية لتجتذب روادها من خارجها، ورغم ذلك تحافظ على طلتها القديمة وسيرتها الأولى التي عرفت بها منذ خطواتها الأولى، ومن ناحية أخرى تحافظ على قائمة طعامها الذي اشتهرت به، رافضة تغيير جلدها في «الشكل والمضمون»، في محاولة للحفاظ على تميمة النجاح، والحفاظ في الوقت نفسه على هوامش ربحهم.
وسواء كنت في العاصمة القاهرة، التي تزخر بآلاف المطاعم، أو في عروس المتوسط الإسكندرية التي تجتذب آلاف الزوار يومياً لمأكولاتها، نجد نماذج متعددة لتلك النوعية من المطاعم، التي تجذب بأجوائها «غير المتطورة» روادها من مختلف الفئات الاجتماعية والأعمار، ووراءها يكمن «سر» المطعم.

«الكبدة» علامة مميزة لدى مطعم «على بركة الله»  -  مطعم «الجحش» يقدم الفول والفلافل وخدمة تتسم بالبساطة

عودة إلى مطعمي «زيزو» و«بحة»؛ نجد أنه منذ نشأة الأول في حي الجمالية والثاني في حي السيدة زينب، منذ عقود مضت، إلا أنهما بقيا على حالهما ولم يتم تغيير شيء بهما، كما رفضا التطور والانتشار رافعين شعار: «لا توجد لنا فروع أخرى»، ورغم ذلك يجتذب المطعمان السفراء والسائحين الأجانب طمعا لتذوق «التجربة المصرية» في الطعام، فإلى جانب المصريين يجلس الجميع على الطاولات المنتشرة بالشارع، في الهواء الطلق، بما يزيد من خصوصية التجربة الشعبية. في حي السيدة أيضا يكتسب مطعم «الجحش» للفول والفلافل شهرة كبيرة رغم هيئة المطعم الشعبية، كما أن الخدمة تتسم بالبساطة دون التكلف، والزبائن تفترش الشارع من أمامه، الذين لا ينتمون إلى طبقة معينة، حيث له الزبائن من جميع الطبقات، سواء الشعبية أو الأغنياء، ورغم بعض التعليقات التي تعكسها تقييمات رواد موقع TripAdvisor (تريب أدفايزر) العالمي للسياحة والسفر، والتي لا تصب في صالح المطعم من حيث النظافة، إلا أن المطعم يقصده المشاهير والأجانب الراغبون في تذوق المأكولات الشعبية المصرية على أصولها.
على بعد خطوات من ميدان رمسيس القاهري، تجذب لافتة «على بركة الله» أنظار المارة، لتتوقف أعينهم لترصد ذلك المطعم ذا الديكورات البسيطة والذي تصطف أمامه طوابير الزبائن في مشهد مستمر على مدار الساعة، حيث يجتذب زواره لتذوق ساندويتشات الكبدة والسجق، رخيصة الثمن وذات المذاق المحبب، والذي جعلته يشتهر بأنه «ملك الكبدة الأصلي». يعود تأسيس المطعم إلى ثمانينات القرن الماضي، ومنذ نشأته تقوم فلسفته على خفض السعر، ليتمكن من تحقيق أكبر قدر من الربح، ولا نبالغ إذا قلنا إن سعر ساندويتشات الكبدة لديه هو الأرخص سعراً في مصر.
على العكس من ذلك، نجد نماذج لمطاعم غيرت من جلدها فلم تلاق النجاح المطلوب، ومنها مطعم أبو رامي للمشويات، الذي فقد كثيرا من جمهوره بعد التطور.
بالاتجاه إلى الإسكندرية؛ نجد أن الحالة ذاتها تمتد إلى مطاعم عديدة بـ«عروس المتوسط»، لاسيما مطاعم المأكولات البحرية، ومن أبرزها مطعم «شعبان بتاع السمك اللي بيقولوا عليه»، بمنطقة المنشية، الذي يتسم بالبساطة في أجوائه، بداية من اسمه الفكاهي الموضوع على واجهة سيراميكية، ومرورا بالطاولات الخشبية المخصصة لاستقبال الزبائن، وحتى أطباقه المقدمة بخلطات مميزة والرخيصة نوعا ما.
يكتسب المطعم شعبية كبيرة بين زوار الإسكندرية، وعلى الرغم من انتشار مطاعم المأكولات البحرية في المدينة، خاصة المطلة على البحر مباشرة بطول الكورنيش، فإن زبائن شعبان يقصدونه في الحارة الضيقة الموجود بها للاستمتاع بمذاقات أطباقه على الطريقة الشعبية. ويحافظ مسؤولو المطعم على شكله التقليدي، إلا أن التطوير كان مع تدشين فرع جديد له بمنطقة المكس، الذي يستهدف جذب شريحة مختلفة عن زبائن المطعم القديم. ينافس «شعبان» في شعبيته وأسماكه مطعم «حوده دونجل»، الموجود في حارة ضيقة في منطقة الأزاريطة، ورغم ذلك يعرف عشاق المأكولات البحرية الطريق إليه، تجذبهم إليه احتراف طهيها وأسعارها المناسبة للغاية، غاضين الطرف عن عشوائية المكان وعدم تكلفه.
تقليدية الشكل أيضا تمتد إلى مطعم «قلعة اللول» أو أسماك «اللول»، يقع المطعم على الرمال في منطقة المكس على البحر مباشرة أمام فنار المكس، لذا يرفع المطعم شعار «البحر جوه (داخل) المطعم»، وهو مبني بالكامل من الأخشاب، والتجربة بأكملها تشعرك بالروح المصرية الشعبية، بداية من ديكوراته البسيطة ومقاعدة الخشبية الريفية إلى طريقة الطهي المنزلية للأسماك، ومع استقبالك بروح «ولاد البلد» من السيدة «أم ميادة» المسؤولة عن إدارة المطعم، نهاية بكوب الشاي بالنعناع، الذي يفضله كثيرون بعد تناول الأكل الدسم. حول رفض بعض المطاعم التطوير من نفسها والمحافظة على تقليديتها في الشكل أو في نوع الطعام؛ يقول محمد يسري، مدير تسويق إلكتروني لعدد من المطاعم بالقاهرة، لـ«الشرق الأوسط»: بالفعل يوجد هذا الرفض للتطوير من جانب بعض المطاعم، وذلك يعود إلى أن 95 في المائة من أصحابها يكونون متقدمين في العمر، وغير مقتنعين بأهمية الجديد أو التغيير وما فرضته (السوشيال ميديا) التي جعلت الزبائن تأكل بأعينها قبل أفواهها، وقد يعود إلى أنهم غير قادرين على مواكبة التطور لأنهم لا يملكون العقلية التي تساعدهم على ذلك، أو لديهم التخوف من الانتقال للحداثة لذا يحافظون على مصدر رزقهم كما هو، في المقابل نجد أن النسبة الباقية 5 في المائة هم من يفكرون في التطور ومواكبة تغير السوق الذي يدفعهم ويفرض عليهم هذا التغيير.
ولا يتفق خبير التسويق مع ما يروج له البعض من أن الأجواء «غير المتطورة» تكون عامل جذب للجمهور أحيانا، مبينا أن عامل الجذب هذا ما هو إلا راحة نفسية لدى زبائن المطعم بحكم التعود فقط، لذا نجد من ينجذب إليها في الغالب من شرائح كبار السن أو متوسطي العمر، أما أجيال الشباب فهي تبحث دائما عن التطوير، مضيفا: «المطاعم التي تعتمد على هذه الفلسفة في إدارتها هم أول من يكونون مهددين بالغلق أو التواري عن الأنظار حتى إن طالت فترة شهرتها، فرغم المحافظة على تقليديتها فإن الوقت سيمُر وستظهر أسماء أقوى تنافسها وتسحب البساط من تحتها تدريجيا، فالتسويق يرى أن عدم اهتمام المطاعم بالتطور أو تحديث نفسها بمثابة نقطة ضعف وعامل مؤثر للغاية يهدد أكبر الأسماء».
ويؤكد يسري أن «القاعدة التسويقية تقول إن الجمهور دائماً يحب التجديد، وأمام تأثر الأجيال الجديدة بالسوشيال ميديا لابد من بحث المطاعم بشكل دائم عن التغيير والتطوير، وتلبية احتياجات العملاء الذين يستهدفهم المطعم، فالمطاعم المتمسكة بالقديم معتمدة على نجاحها الحالي دون وجود رؤية للمستقبل أو عدم وضوح ما تطمح إليه، سوف تخسر هذه الأجيال إن لم تطور من نفسها، وبالتالي سيكون الاستمرار والمنافسة في السوق صعبا عليها».


مقالات ذات صلة

البطاطا الحلوة... وصفات جديدة لمواجهة برودة الطقس

مذاقات غلاش محشو بالبطاطا الحلوة من الشيف أميرة حسن (الشرق الأوسط)

البطاطا الحلوة... وصفات جديدة لمواجهة برودة الطقس

البطاطا الحلوة بلونها البرتقالي، تُمثِّل إضافةً حقيقيةً لأي وصفة، لا سيما في المناسبات المختلفة. إذ يمكنك الاستمتاع بهذا الطبق في جميع الأوقات

نادية عبد الحليم (القاهرة)
مذاقات برغر دجاج لشيف أحمد إسماعيل (الشرق الأوسط)

كيف تحصل على برغر صحي ولذيذ في المنزل؟

عندما نفكر في الوجبات السريعة، تكون تلك الشريحة اللذيذة من اللحم التي تضمّها قطعتان من الخبز، والممتزجة بالقليل من الخضراوات والصلصات، أول ما يتبادر إلى أذهاننا

نادية عبد الحليم (القاهرة)
مذاقات فطور مصري (إنستغرام)

«ألذ»... أكل بيت مصري في مطعم

ألذ الأطباق هي تلك التي تذكرك بمذاق الأكل المنزلي، فهناك إجماع على أن النَفَس في الطهي بالمنزل يزيد من نكهة الطبق

جوسلين إيليا (لندن)
مذاقات 
شوكولاته مع الفراولة (الشرق الأوسط)

ودّع العام بوصفات مبتكرة للشوكولاته البيضاء

تُعرف الشوكولاته البيضاء بقوامها الحريري الكريمي، ونكهتها الحلوة، وعلى الرغم من أن البعض يُطلِق عليها اسم الشوكولاته «المزيفة»

نادية عبد الحليم (القاهرة)
مذاقات طاولة العيد مزينة بالشموع (إنستغرام)

5 أفكار لأطباق جديدة وسريعة لرأس السنة

تحتار ربّات المنزل ماذا يحضّرن من أطباق بمناسبة أعياد الميلاد ورأس السنة؛ فهي مائدة يجب أن تتفوّق بأفكارها وكيفية تقديمها عن بقية أيام السنة.

فيفيان حداد (بيروت)

ما قصة «الفوندو» وأين تأكله في جنيف؟

ديكورات جميلة وتقليدية (الشرق الاوسط)
ديكورات جميلة وتقليدية (الشرق الاوسط)
TT

ما قصة «الفوندو» وأين تأكله في جنيف؟

ديكورات جميلة وتقليدية (الشرق الاوسط)
ديكورات جميلة وتقليدية (الشرق الاوسط)

إذا كنت من محبي الأجبان فستكون سويسرا من عناوين الأكل المناسبة لك؛ لأنها تزخر بأنواع تُعد ولا تُحصى من الأجبان، بعضها يصلح للأكل بارداً ومباشرة، والأصناف الأخرى تُؤكل سائحة، ولذا يُطلق عليها اسم «فوندو» أو «ذائبة».

من أشهر الأجبان السويسرية: «الفاشرين» Vacherin، و«الغرويير»، و«الراكليت»، و«الإيمينتال»، ويبقى طبق «الفوندو» الأشهر على الإطلاق، لا سيما في فصل الشتاء؛ لأنه يلمّ شمل العائلة حوله، وترتكز فكرته على المشاركة، والنوع الأفضل منه يُطلق عليه اسم «مواتييه مواتييه»، ويعني «نصف - نصف»، وهذه التسمية جاءت من مزج نصف كمية من جبن «الفاشرين»، والنصف الآخر من جبن «الإيمينتال»، يُؤكل ذائباً بعد وضعه في إناء خاص على نار خافتة، يتناوله الذوّاقة عن طريق تغميس مكعبات لذيذة من الخبز الطازج وبطاطس مسلوقة صغيرة الحجم في الجبن إلى جانب البصل والخيار المخلل.

جلسة خارجية تناسب فصل الصيف (الشرق الاوسط)

عندما تزور مدينة جنيف لا بد أن تتوجه إلى القسم العتيق منها حيث تنتشر المقاهي والمطاعم المعروفة فيها، وبالقرب من الكاتدرائية لن يغفل عنك مطعم «ليه أرمور» Les Armures، المعروف كونه أقدم المطاعم السويسرية في جنيف، ويقدّم ألذ الأطباق التقليدية، على رأسها: «الراكليت»، و«الفوندو»، واللحم المجفف، و«الروستي» (عبارة عن شرائح بطاطس مع الجبن).

يستوقفك أولاً ديكور المطعم الذي يأخذك في رحلة تاريخية، بدءاً من الأثاث الخشبي الداكن، ومروراً بالجدران الحجرية النافرة، والأسقف المدعّمة بالخشب والمليئة بالرسومات، وانتهاء بصور الشخصيات الشهيرة التي زارت المطعم وأكلت فيه، مثل: الرئيس السابق بيل كلينتون، ويُقال إنه كان من بين المطاعم المفضلة لديه، وقام بتجربة الطعام فيه خلال إحدى زياراته لجنيف في التسعينات.

جانب من المطعم الاقدم في جنيف (الشرق الاوسط)

يعود تاريخ البناء إلى القرن السابع عشر، وفيه نوع خاص من الدفء؛ لأن أجواءه مريحة، ويقصده الذوّاقة من أهل المدينة، إلى جانب السياح والزوار من مدن سويسرية وفرنسية مجاورة وأرجاء المعمورة كافّة. يتبع المطعم فندقاً من فئة «بوتيك»، يحمل الاسم نفسه، ويحتل زاوية جميلة من القسم القديم من جنيف، تشاهد من شرفات الغرف ماضي المدينة وحاضرها في أجواء من الراحة. ويقدّم المطعم باحة خارجية لمحبي مراقبة حركة الناس من حولهم، وهذه الجلسة يزيد الطلب عليها في فصل الصيف، ولو أن الجلوس في الداخل قد يكون أجمل، نسبة لتاريخ المبنى وروعة الديكورات الموجودة وقطع الأثاث الأثرية. ويُعدّ المطعم أيضاً عنواناً للرومانسية ورجال الأعمال وجميع الباحثين عن الأجواء السويسرية التقليدية والهدوء.

ديكور تقليدي ومريح (الشرق الاوسط)

ميزة المطعم أنه يركّز على استخدام المواد محلية الصنع، لكي تكون طازجة ولذيذة، تساعد على جعل نكهة أي طبق، ومهما كان بسيطاً، مميزة وفريدة. الحجز في المطعم ضروري خصوصاً خلال عطلة نهاية الأسبوع. أسعاره ليست رخيصة، وقد تتناول «الفوندو» بسعر أقل في مطعم آخر في جنيف، ولكن يبقى لـ«Les Armures» سحره الخاص، كما أنه يتميّز بالخدمة السريعة والجيدة.

فوندو الجبن من أشهر الاطباق السويسرية (الشرق الاوسط)

ما قصة «الفوندو» السويسري؟

«الفوندو» السويسري هو طبق تقليدي من أطباق الجبن المميزة التي يعود أصلها إلى المناطق الجبلية والريفية في جبال الألب السويسرية، ويُعد اليوم رمزاً من رموز المطبخ السويسري. يعتمد هذا الطبق على فكرة بسيطة، ولكنها فريدة؛ إذ تتم إذابة الجبن (عادة مزيج من عدة أنواع مثل «غرويير» و«إيمينتال») في قدر خاص، يُدعى «كاكلون» Caquelon، ويُوضع فوق موقد صغير للحفاظ على حرارة الجبن. يُغمس الخبز في الجبن المذاب باستخدام شوكات طويلة، مما يمنح كل قطعة خبز طعماً دافئاً وغنياً.

مبنى "ليه أرمور" من الخارج (الشرق الاوسط)

كان «الفوندو» يُعد حلاً عملياً لمواجهة ظروف الشتاء القاسية، حيث كانت الأسر السويسرية تعتمد بشكل كبير على الأجبان والخبز غذاء أساساً، ومع قسوة الشتاء وندرة المؤن، كانت الأجبان القديمة التي أصبحت صلبة وإعادة استخدامها بتلك الطريقة تُذاب. وقد أضاف المزارعون لاحقاً قليلاً من النبيذ الأبيض وبعض التوابل لتحسين الطعم وتسهيل عملية إذابة الجبن.

مع مرور الوقت، ازداد انتشار «الفوندو» ليصبح طبقاً سويسرياً تقليدياً ورمزاً وطنياً، خصوصاً بعد أن روّج له الاتحاد السويسري لتجار الجبن في ثلاثينات القرن العشرين. جرى تقديم «الفوندو» في الفعاليات الدولية والمعارض الكبرى، مثل «المعرض الوطني السويسري» عام 1939؛ مما ساعد في التعريف به دولياً. أصبح «الفوندو» في منتصف القرن العشرين جزءاً من الثقافة السويسرية، وجذب اهتمام السياح الذين يبحثون عن تجربة الطهي السويسرية التقليدية.

من أقدم مطاعم جنيف (الشرق الاوسط)

هناك أنواع مختلفة من «الفوندو»، تعتمد على المكونات الأساسية:

• «فوندو الجبن»: الأكثر شيوعاً، ويُستخدم فيه عادة خليط من أنواع الجبن السويسري، مثل: «غرويير»، و«إيمينتال»، والقليل من جوزة الطيب.

• «فوندو الشوكولاته»: نوع حلو تتم فيه إذابة الشوكولاته مع الكريمة، ويُقدّم مع قطع من الفواكه أو قطع من البسكويت.

• «فوندو اللحم» (فوندو بورغينيون): يعتمد على غمر قطع اللحم في قدر من الزيت الساخن أو المرق، وتُغمس قطع اللحم بعد طهيها في صلصات متنوعة.

اليوم، يُعد «الفوندو» تجربة طعام اجتماعية مميزة؛ حيث يلتف الأصدقاء أو العائلة حول القدر الدافئ، ويتبادلون أطراف الحديث في أثناء غمس الخبز أو اللحم أو الفواكه؛ مما يعزّز من روح المشاركة والألفة.