الحوثيون يوقفون خدمة «الجيل الرابع» في معقلهم الرئيس بذريعة مواجهة الانحراف

معدات تابعة للمؤسسة العامة للاتصالات اليمنية لدى نقلها من قبل الحوثيين في صنعاء إلى جهة مجهولة (فيسبوك)
معدات تابعة للمؤسسة العامة للاتصالات اليمنية لدى نقلها من قبل الحوثيين في صنعاء إلى جهة مجهولة (فيسبوك)
TT

الحوثيون يوقفون خدمة «الجيل الرابع» في معقلهم الرئيس بذريعة مواجهة الانحراف

معدات تابعة للمؤسسة العامة للاتصالات اليمنية لدى نقلها من قبل الحوثيين في صنعاء إلى جهة مجهولة (فيسبوك)
معدات تابعة للمؤسسة العامة للاتصالات اليمنية لدى نقلها من قبل الحوثيين في صنعاء إلى جهة مجهولة (فيسبوك)

لم يكتمل شهر واحد على تشغيل خدمة الاتصالات بتقنية 4g في محافظة صعدة اليمنية (شمال)، حتى تم إيقافها بأوامر من قيادي في الميليشيات الحوثية، دون أن يصدر أي تبرير رسمي من الشركة المشغلة للخدمة؛ باستثناء ما روجته الجماعة في أوساط العامة بأن هذا الإجراء تم اتخاذه لمنع فساد المجتمع وانحراف الشباب والفتيات.
وحتى كتابة هذه القصة، تواصل شركة «يمن موبايل» الرسمية التي تخضع لإدارة الحوثيين، منذ أسبوع، قطع خدمة 4g عن محافظة صعدة بعد ثلاثة أسابيع فقط من تشغيلها، وبأوامر مباشرة من القيادي الحوثي أبو عبد الله الحمران، في حين تستمر حملة شعبية عبر وسائل التواصل الاجتماعي في السخرية من الحدث، والمطالبة بإعادة تشغيل الخدمة.
يقول أحد الناشطين من محافظة صعدة على «تويتر»: إذا كانت خدمة 4g خطراً على أخلاق المجتمع وتشجع على الرذيلة، فلماذا يستخدمها مسؤولو الحكومة (يقصد حكومة الانقلاب) ومدير الشركة؟! لماذا يفسدون أخلاقهم وأخلاق أسرهم ويحاولون تجنيب أهالي صعدة وحدهم هذا الفساد؟! ويضيف متهكماً: «إما نفسد كلنا وإما نستقيم كلنا».
وعدّ الكثير من أهالي صعدة تلك التبريرات إساءة مباشرة لكل من يستخدم الخدمة، ومن يرغب في استخدامها، وأن الميليشيات تتهم اليمنيين في أخلاقهم، وتمارس عليهم الوصاية.
يقول أحد مستخدمي «فيسبوك»: «هل يريدون القول إن أهالي بقية المحافظات منحرفون أم أن أهالي صعدة وحدهم المنحرفون والقاصرون»؟! ويضيف: «صاحب القرار يتجنى على كل يمني يستخدم الإنترنت».
ووصف غالبية المشاركين في الحملة نهج الميليشيات الحوثية بـ«الداعشي» و«الطالباني»، وذكّروا بممارسات كثيرة سابقة منذ سيطرة الميليشيات على المحافظة، ومن ذلك منع الأغاني وحفلات الزفاف، وتقييد حركة النساء، والوصاية حتى على الملابس وقصات الشعر.
وتعيش محافظة صعدة وضعاً استثنائياً منذ سيطرة الميليشيات الحوثية عليها قبل 11 عاماً، ومنذ الانقلاب في عام 2014، فرضت الميليشيات الموالية لإيران قيوداً مشددة على الحريات العامة والخاصة، ومنعت كل مظاهر الترفيه، وشدّدت على حركة التنقل داخلها أو منها وإليها، حيث لا يمكن الوصول إلى أي منطقة فيها إلا بإذن مسبق وكفالة.
ونشر حساب باسم «صعدة اليوم» صورة لتغريدة أحد الأهالي اتهم فيها الميليشيات بمنع بناء جامعات أو معاهد تعليمية أو حدائق أو أماكن ترفيهية للأطفال، أو متنزهات طبيعية عامة، ومنع خدمة الإنترنت المركزية للحارات، وحالياً أقدمت على منع خدمة 4g، وأردف: «وأي شيء فيه راحة ومصلحة للمواطن يتم حرمانه منها، وتكريس ما يعزز الجهل».
وعبر أحد المهندسين عن غضبه لفشل مشروعه الذي ظل يخطط لإطلاقه طويلاً في انتظار وصول خدمة 4g، إلا أن قطعها ألحق بمشروعه خسائر كبيرة وتسبب بتوقفه، فرد عليه أحد المغردين: «من يقنع لنا المشرف الحمران أن الفرق بين 3g و4g هي السرعة فقط، لا توجد سرعة صالحة وسرعة فاسدة إلا في عقله».
أحد المغردين وصف مدينة صعدة بالإمارة «الداعشية»، بعد أن زعم مشرفها الحمران أنها مدينة علماء، ولا يجوز نشر واستخدام الإنترنت فيها، فعلق عليه آخر: «في صعدة مشرفون فاسدون على رأسهم الحمران الذي يريد إعادة المدينة 200 عام إلى الوراء».
غير أن الكثير من الناشطين في الحملة ينتمون للميليشيات الحوثية، وبعضهم يملك موقعاً قيادياً وسطياً فيها، وهو ما فسره بعض المشاركين في الحملة بوجود خلافات بين القيادات العليا حول هذا القرار، خصوصاً أن محافظة صعدة هي المعقل الرئيس للميليشيات، ويوجد فيها قيادات عليا وسرية، يجري حمايتها بمستوى عالٍ من الإجراءات.
ووفقاً لأحد مهندسي الاتصالات العاملين في محافظة صعدة لدى إحدى شركات الاتصالات؛ فإن الميليشيات أخضعت الاتصالات في المحافظة لرقابة شديدة بالاستعانة بتقنيات وخبرات حصلت عليها من إيران وحزب الله، وأن هذه التقنيات توفر لقياداتها حماية عالية المستوى ضد أي رصد أو مراقبة أو تجسس.
واستبعد المهندس الذي طلب من «الشرق الأوسط» التحفظ على بياناته، أن تكون الميليشيات اكتشفت أن خدمة 4g وفرت ثغرة تسمح بالوصول إلى قياداتها ورصد تحركاتها؛ لعدة اعتبارات، بينها صعوبة حدوث ذلك، واستخدام هذه القيادات تقنيات حماية شديدة التعقيد في التواصل بينها، وعدم وجود فرق كبير بين هذه الخدمة والخدمة السابقة لها.
إلا أنه أشار إلى احتمالية أن تكون الميليشيات حصلت على ما مفاده بإمكانية أن تزيد سرعة الإنترنت من إفلات المستخدمين من الرقابة المفروضة عليهم، من خلال برامج ووسائل لتجنب التجسس، إضافة إلى أن هذه السرعة مفيدة لنقل البيانات بسرعة للمستخدمين الذين يتنقلون على وسائل نقل سريعة أو في مناطق نائية.
كما اتهم أحد المشاركين في حملة المطالبة بإعادة خدمة الـ4g إلى صعدة، الميليشيات الحوثية بالتربح من إطلاق الخدمة في المحافظة لجمع الأموال من المستخدمين واستخدامها في الاحتفال بالمولد النبوي، وقال إن حرمان المحافظة من هذه الخدمة قرار سابق لإطلاقها فيها، لولا رغبة الميليشيات في جني الأموال قبل المولد النبوي.
ويمثل قطاع الاتصالات مورداً مالياً ولوجيستياً للميليشيات الحوثية لاستمرار نفوذها وهيمنتها وحربها، حيث تسخر الاتصالات في التجسس على المواطنين وخصوصاً المناهضين لها، وانتهاك خصوصياتهم ورصد تنقلاتهم وابتزازهم، وبالمثل تتجسس الميليشيات على قادة الجيش الوطني وتجمع المعلومات عن الخطط والتحركات العسكرية، وتوجه ضربات صاروخية أو عبر الطيران المسير لاغتيال العديد منهم.


مقالات ذات صلة

ماذا ينتظر اليمن في عهد ترمب؟

تحليل إخباري الجماعة الحوثية استقبلت انتخاب ترمب بوعيد باستمرار الهجمات في البحر الأحمر وضد إسرائيل (غيتي)

ماذا ينتظر اليمن في عهد ترمب؟

ينتظر اليمنيون حدوث تغييرات في السياسات الأميركية تجاه بلادهم في ولاية الرئيس المنتخب دونالد ترمب.

وضاح الجليل (عدن)
العالم العربي رئيس الحكومة اليمنية أحمد عوض بن مبارك (سبأ)

وعود يمنية بإطلاق عملية شاملة لإعادة بناء المؤسسات الحكومية

وعد رئيس الحكومة اليمنية، أحمد عوض بن مبارك، بإطلاق عملية شاملة لإعادة بناء المؤسسات، ضمن خمسة محاور رئيسة، وفي مقدمها إصلاح نظام التقاعد.

«الشرق الأوسط» (عدن)
العالم العربي مسلحون حوثيون خلال حشد في صنعاء دعا إليه زعيمهم (إ.ب.أ)

الحوثيون يحولون المنازل المصادرة إلى معتقلات

أفاد معتقلون يمنيون أُفْرج عنهم أخيراً بأن الحوثيين حوَّلوا عدداً من المنازل التي صادروها في صنعاء إلى معتقلات للمعارضين.

محمد ناصر (تعز)
العالم العربي بوابة البنك المركزي اليمني في صنعاء الخاضع لسيطرة الجماعة الحوثية (أ.ف.ب)

تفاقم معاناة القطاع المصرفي تحت سيطرة الحوثيين

يواجه القطاع المصرفي في مناطق سيطرة الجماعة الحوثية شبح الإفلاس بعد تجريده من وظائفه، وتحولت البنوك إلى مزاولة أنشطة هامشية والاتكال على فروعها في مناطق الحكومة

وضاح الجليل (عدن)
الخليج جاسم البديوي الأمين العام لمجلس التعاون لدول الخليج العربية (مجلس التعاون)

إدانة خليجية للاعتداء الغادر بمعسكر قوات التحالف في سيئون اليمنية

أدان جاسم البديوي، الأمين العام لمجلس التعاون لدول الخليج العربية، الاعتداء الغادر في معسكر قوات التحالف بمدينة سيئون بالجمهورية اليمنية.

«الشرق الأوسط» (الرياض)

نيجيريا تقترب من توقيع اتفاقيات عسكرية مع السعودية لتعزيز الأمن ومكافحة الإرهاب

وزير الدولة النيجيري ونائب وزير الدفاع السعودي في الرياض (واس)
وزير الدولة النيجيري ونائب وزير الدفاع السعودي في الرياض (واس)
TT

نيجيريا تقترب من توقيع اتفاقيات عسكرية مع السعودية لتعزيز الأمن ومكافحة الإرهاب

وزير الدولة النيجيري ونائب وزير الدفاع السعودي في الرياض (واس)
وزير الدولة النيجيري ونائب وزير الدفاع السعودي في الرياض (واس)

كشف وزير الدولة لشؤون الدفاع النيجيري، الدكتور بلو محمد متولي، لـ«الشرق الأوسط»، عن اقتراب بلاده من توقيع اتفاقيات عسكرية مع السعودية، بشأن برامج التدريب المشتركة، ومبادرات بناء القدرات، لتعزيز قدرات القوات المسلحة، فضلاً عن التعاون الأمني ​​الثنائي، بمجال التدريب على مكافحة الإرهاب، بجانب تبادل المعلومات الاستخبارية.

وقال الوزير إن بلاده تعمل بقوة لترسيخ الشراكة الاستراتيجية بين البلدين، «حيث ركزت زيارته إلى السعودية بشكل أساسي، في بحث سبل التعاون العسكري، والتعاون بين نيجيريا والجيش السعودي، مع وزير الدفاع السعودي الأمير خالد بن سلمان».

الدكتور بلو محمد متولي وزير الدولة لشؤون الدفاع النيجيري (فيسبوك)

وأضاف قائلاً: «نيجيريا تؤمن، عن قناعة، بقدرة السعودية في تعزيز الاستقرار الإقليمي والتزامها بالأمن العالمي. وبالتالي فإن الغرض الرئيسي من زيارتي هو استكشاف فرص جديدة وتبادل الأفكار، وسبل التعاون وتعزيز قدرتنا الجماعية على معالجة التهديدات الأمنية المشتركة».

وعن النتائج المتوقعة للمباحثات على الصعيد العسكري، قال متولي: «ركزت مناقشاتنا بشكل مباشر على تعزيز التعاون الأمني ​​الثنائي، لا سيما في مجال التدريب على مكافحة الإرهاب وتبادل المعلومات الاستخبارية»، وتابع: «على المستوى السياسي، نهدف إلى ترسيخ الشراكة الاستراتيجية لنيجيريا مع السعودية. وعلى الجبهة العسكرية، نتوقع إبرام اتفاقيات بشأن برامج التدريب المشتركة ومبادرات بناء القدرات التي من شأنها أن تزيد من تعزيز قدرات قواتنا المسلحة».

وتابع متولي: «أتيحت لي الفرصة لزيارة مقر التحالف الإسلامي العسكري لمحاربة الإرهاب في الرياض أيضاً، حيث التقيت بالأمين العام للتحالف الإسلامي العسكري لمكافحة الإرهاب، اللواء محمد بن سعيد المغيدي، لبحث سبل تعزيز أواصر التعاون بين البلدين، بالتعاون مع الدول الأعضاء الأخرى، خصوصاً في مجالات الأمن ومكافحة الإرهاب».

مكافحة الإرهاب

في سبيل قمع الإرهاب وتأمين البلاد، قال متولي: «حققنا الكثير في هذا المجال، ونجاحنا يكمن في اعتماد مقاربات متعددة الأبعاد، حيث أطلقنا أخيراً عمليات منسقة جديدة، مثل عملية (FANSAN YAMMA) التي أدت إلى تقليص أنشطة اللصوصية بشكل كبير في شمال غربي نيجيريا».

ولفت الوزير إلى أنه تم بالفعل القضاء على الجماعات الإرهابية مثل «بوكو حرام» و«ISWAP» من خلال عملية عسكرية سميت «HADIN KAI» في الجزء الشمالي الشرقي من نيجيريا، مشيراً إلى حجم التعاون مع عدد من الشركاء الدوليين، مثل السعودية، لتعزيز جمع المعلومات الاستخبارية والتدريب.

وحول تقييمه لمخرجات مؤتمر الإرهاب الذي استضافته نيجيريا أخيراً، وتأثيره على أمن المنطقة بشكل عام، قال متولي: «كان المؤتمر مبادرة مهمة وحيوية، حيث سلّط الضوء على أهمية الجهود الجماعية في التصدي للإرهاب».

وزير الدولة النيجيري ونائب وزير الدفاع السعودي في الرياض (واس)

وتابع الوزير: «المؤتمر وفر منصة للدول لتبادل الاستراتيجيات والمعلومات الاستخبارية وأفضل الممارسات، مع التأكيد على الحاجة إلى جبهة موحدة ضد شبكات الإرهاب، حيث كان للمؤتمر أيضاً تأثير إيجابي من خلال تعزيز التعاون الأعمق بين الدول الأفريقية وشركائنا الدوليين».

ويعتقد متولي أن إحدى ثمرات المؤتمر تعزيز الدور القيادي لبلاده في تعزيز الأمن الإقليمي، مشيراً إلى أن المؤتمر شدد على أهمية الشراكات الاستراتيجية الحيوية، مثل الشراكات المبرمة مع التحالف الإسلامي العسكري لمكافحة الإرهاب (IMCTC).

الدور العربي ـ الأفريقي والأزمات

شدد متولي على أهمية تعظيم الدور العربي الأفريقي المطلوب لوقف الحرب الإسرائيلية على فلسطين ولبنان، متطلعاً إلى دور أكبر للعرب الأفارقة، في معالجة الصراع الإسرائيلي الفلسطيني، على العرب الأفارقة أن يعملوا بشكل جماعي للدعوة إلى وقف إطلاق النار، وتقديم الدعم والمساعدات الإنسانية للمواطنين المتضررين.

وأكد متولي على أهمية استغلال الدول العربية الأفريقية أدواتها في أن تستخدم نفوذها داخل المنظمات الدولية، مثل «الأمم المتحدة» و«الاتحاد الأفريقي»؛ للدفع بالجهود المتصلة من أجل التوصل إلى حل عادل.

وحول رؤية الحكومة النيجيرية لحل الأزمة السودانية الحالية، قال متولي: «تدعو نيجيريا دائماً إلى التوصل إلى حل سلمي، من خلال الحوار والمفاوضات الشاملة التي تشمل جميع أصحاب المصلحة في السودان»، مقراً بأن الدروس المستفادة من المبادرات السابقة، تظهر أن التفويضات الواضحة، والدعم اللوجيستي، والتعاون مع أصحاب المصلحة المحليين أمر بالغ الأهمية.

وأضاف متولي: «حكومتنا مستعدة للعمل مع الشركاء الإقليميين والدوليين، لضمان نجاح أي مبادرات سلام بشأن الأزمة السودانية، وبوصفها رئيسة للجماعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا والاتحاد الأفريقي، تدعم نيجيريا نشر الوسطاء لتسهيل اتفاقات وقف إطلاق النار والسماح بوصول المساعدات الإنسانية».

وفيما يتعلق بفشل المبادرات المماثلة السابقة، وفرص نجاح نشر قوات أفريقية في السودان؛ للقيام بحماية المدنيين، قال متولي: «نجاح نشر القوات الأفريقية مثل القوة الأفريقية الجاهزة (ASF) التابعة للاتحاد الأفريقي في السودان، يعتمد على ضمان أن تكون هذه الجهود منسقة بشكل جيد، وممولة بشكل كافٍ، ومدعومة من قِبَل المجتمع الدولي».

ولفت متولي إلى تفاؤل نيجيريا بشأن هذه المبادرة بسبب الإجماع المتزايد بين الدول الأفريقية على الحاجة إلى حلول بقيادة أفريقية للمشاكل الأفريقية، مبيناً أنه بدعم من الاتحاد الأفريقي والشركاء العالميين، فإن هذه المبادرة لديها القدرة على توفير الحماية التي تشتد الحاجة إليها للمدنيين السودانيين، وتمهيد الطريق للاستقرار على المدى الطويل.