«المدارس المستقلة» توسع آمال تطوير المناطق الفقيرة في ولاية أريزونا الأميركية

صارت تمثل بديلا آمنا للأسر المتوسطة لتجنب مواجهة مشكلة قصور الدعم

جوليا ميرسون مؤسسة فيستا كولدج في مدينة فينيكس الأميركية تستقبل التلاميذ صباحا (نيويورك تايمز)
جوليا ميرسون مؤسسة فيستا كولدج في مدينة فينيكس الأميركية تستقبل التلاميذ صباحا (نيويورك تايمز)
TT

«المدارس المستقلة» توسع آمال تطوير المناطق الفقيرة في ولاية أريزونا الأميركية

جوليا ميرسون مؤسسة فيستا كولدج في مدينة فينيكس الأميركية تستقبل التلاميذ صباحا (نيويورك تايمز)
جوليا ميرسون مؤسسة فيستا كولدج في مدينة فينيكس الأميركية تستقبل التلاميذ صباحا (نيويورك تايمز)

صارت حركة التوسع في المدارس المستقلة في ولاية أريزونا الأميركية بمثابة بديل آمن للأسر من الطبقات المتوسطة التي تسعى لتجنب مواجهة مشكلة قصور الدعم في مدارس المنطقة. وللمرة الأولى، يجري التوسع في هذا الإجراء في الوقت الحالي في معظم المناطق الفقيرة بالمنطقة، حيث بدأت تجربة ذلك عمليا في التعليم بالمدارس الحضرية.
ويتمثل الهدف من وراء ذلك في افتتاح 25 مدرسة تتسم بالأداء العالي خلال خمس سنوات في مجمع مدراس فينيكس الثانوية (Phoenix Union High School District) البالغ مساحته 220 ميلا مربعا. ويتماشى هذا المجمع مع الاتجاهات الديموغرافية، التي تتوقع أن تتحول الأقليات إلى أغلبية في أريزونا بحلول عام 2020. ويقع المجمع في منطقة جنوب ووسط فينيكس التي يكون معظم سكانها فقراء، مع وجود أغلبية من المجموعات الطلابية اللاتينية التي زادت أعدادها بشكل أسرع من نظيرتها في مجمعات المدارس الأخرى بالولاية.
وجرى وضع الاستراتيجية، من حيث المبدأ، بحيث تكون درجات الاختبار هي أفضل الطرق لقياس مستوى تقدم الطلبة وقدرات المدرسين، وهو الاعتقاد الذي تعتنقه فقط بشكل معقول أغلبية المدارس المستقلة (Charter Schools) في أريزونا. ويعد هذا الأمر أيضا محاولة مدروسة لابتكار حلول لإحدى المصادر الرئيسة للتفرقة في أنظمة المدارس الحضرية عبر البلاد، حيث تتحدد جودة العملية التعليمية لأي مدرسة بشكل كبير من خلال عدد السكان التي تقطن بيوت المنطقة والأطفال الذين يتلقون تعليمهم فيها.
وفي هذا السياق، تشغل إيلين سيغموند منصب الرئيسة التنفيذية ورئيسة مؤسسة أريزونا للمدارس المستقلة، وهي المجموعة المتخصصة التي ابتكرت هذه الخطة. وفي إحدى المقابلات التي أجريت معها تقول سيغموند: «نعتقد أننا نعرف الإجراءات المفيدة والمحققة للجدوى، كما نرى أنه بإمكاننا التوسع في ذلك من حيث المستوى والسعر، وهو ما يعد أمرا واقعيا وعمليا للولايات الأخرى لتنفيذه».
وفي المقابل، ستقوم الولاية بتغطية تكلفة تشغيل هذه المدارس، حيث تقوم الولاية بالفعل بمنح المدارس المستقلة ما يبلغ نحو ضعف التمويل الذي تقدمه لكل تلميذ بالمدارس الحكومية العامة. ويأتي ذلك على الرغم من أن المدارس العامة ترفع المبالغ المالية الإضافية من خلال السندات التي جرى التصويت بالموافقة عليها وكذلك عن طريق إتباع إجراءات أخرى.
وسيسمح ذلك التوسع للمدارس المستقلة باختيار نماذجها التعليمية مع التأكيد على الدروس المليئة بالأفكار الفنية أو العلوم أو الرياضيات أو وجود مزيج من الفصول المدرسية الافتراضية والحقيقية. وتتركز هذه الفلسفة على أحد البرامج التدريبية التي تسدد نسبة كبيرة من تكلفتها من خلال مؤسسة عائلة والتون (Walton Family Foundation)، أحد الممولين البارزين للبرامج التعليمية في البلاد. ويعد هذا البرنامج بمثابة اختبار معملي وممارسة لبناء المهارات لفرق من المدرسين، الذين سيقومون بإدارة المدارس، ومعظمهم من خريجي مؤسسة تيتش فور أميركا (Teach For America).
ومن جانبه، يقول أندرو كولينز، المدير الأول لتنمية المدارس بمؤسسة نيو سكولز فور فينيكس (New Schools for Phoenix): «أخذنا الأمور الجيدة من المدارس الأخرى عبر البلاد، بالإضافة إلى مزجها مع ما لدينا من عناصر للاستفادة منها جميعا». وأوضح المدير الأول للمؤسسة غير الهادفة للربح والتي تشرف على افتتاح المدارس المستقلة، أن «فكرة المدارس التقليدية اندثرت بشكل كامل».
ويعد هذا الاقتراح الخاص بحركة التوسع في المدارس المستقلة بالولاية من الاقتراحات الواعدة حتى الآن. وفي أريزونا، التي تعد واحدة من أول الولايات التي منحت تفويضا للمدارس المستقلة في عام 1995، يكون المعدل القياسي لدرجات اجتياز الاختبارات بالنسبة لطلبة المدارس المستقلة أقل من نظيره في المدارس العامة. ووفقا لإحدى الدراسات الخاصة بمركز أبحاث النتائج التعليمية بجامعة ستانفورد، فعند مقارنة عدد الساعات التي ينبغي على الطلبة الآخرين حضورها في المدارس الحكومية، تنخفض هذه الدرجات في المدارس المستقلة بما يصل إلى 22 يوما من عدد ساعات تعليم القراءة و29 يوما من ساعات تعلم الرياضيات (وفي المتوسط، تكون نسبة فارق الأداء بين طلاب المدارس المستقلة والعامة مماثلة عبر البلاد).
وتقول ليزا غراهام كيغان، المديرة السابقة لإحدى المدارس بأريزونا: «قطعنا على أنفسنا هذا العهد لتطوير المدارس المستقلة اعتمادا على احتياجات مجتمعاتنا، بيد أننا لم نبل بلاء حسنا حيال ذلك بعد». وتضيف كيغان، وهي من أحد المشرعين بالولاية، حيث ساعدت في كتابة قانون المدارس المستقلة بالولاية: «لم نثر مسألة الجودة في الأيام الأولى».
وعلى الرغم من السعي لزيادة التمويل البالغ ثلاثة ملايين دولار لتمويل تدريب المعملين، تعقد المؤسسة والجماعات الأخرى التي تدعم خطة التوسع آمالها على السلطة التشريعية لرفع تمويل التعليم العام في نهاية المطاف. وسيؤدي هذا الأمر إلى تعزيز قدرة المدارس المستقلة على توظيف المدرسين والمديرين من خارج الولاية بصورة أكبر، لأن تلك المدارس ستستطيع، على المستوى النظري، سداد رواتب أعلى. وطبقا للوضع الحالي، لا تمتلك الولاية سوى المدارس المستقلة المحلية الواقعة داخلها. وتوضح كيغان أن من أحد الأسباب الرئيسة وراء ذلك هو أن الإنفاق الذي يتلقاه كل طالب، والذي يعد الأقل داخل البلاد، ليس كافيا لاستقطاب المديرين من الخارج.
وحسبما ذكره تحليل صادر عن معهد موريسون للسياسات العامة بجامعة ولاية أريزونا، تنفق أريزونا على التعليم العام نسبة تقل بمقدار 17 في المائة عن المتوسط القومي، كما أن تقليص التمويل يمثل أعلى نسبة انخفاض حدثت على مستوى البلاد خلال الفترة من عام 2002 إلى 2012، على الرغم من ارتفاع نسبة الالتحاق بمقدار 12 في المائة. ومع ذلك، يعارض الجمهوريون الذين يشكلون الأغلبية في الهيئة التشريعية، بشكل عام زيادة استثمارات مسددي الضرائب في المدارس العامة.
ويقول النائب الجمهوري عن الولاية ستيفن ياربرو: «من غير المهم مدى قوة التأييد الذي قد يجده الشخص تجاه المدارس المستقلة، وبالتأكيد فإنني من المؤيدين لجميع أنواع المدارس، كما أن طلب المزيد من الأموال يبدو أمرا صعبا». ويعد ياربرو أحد المؤيدين منذ فترة طويلة للائتمان الضريبي (دولار مقابل دولار) الذي تقدمه الولاية في مقابل التبرعات الممنوحة للمدارس الخاصة أو العامة.
والجدير بالذكر أن تكلفة تدريب المدرسين والمديرين، بالنسبة لإحدى البرامج التي جرى إعدادها للعامين الماضيين، تصل إلى نحو 120 ألف دولار أميركي لكل فريق سنويا. وقضت أولى هذه الفرق خمسة أشهر لزيارة المدارس المستقلة التي تقدم خدماتها للطلبة اللاتينيين الفقراء في هيوستن ولوس أنجليس بهدف محاولة اكتشاف ما يجري عمله داخل وخارج الفصول المدرسية وما هي الأمور التي يمكنهم استخدامها في المدارس التي سيبدأون عملهم فيها.
وفي المدرسة المستقلة «كامينو نويفو تشارتر أكاديمي» بوسط لوس أنجليس، تتعلم هذه الفرق، أن ورش العمل لأولياء الأمور يكون بها حضور عال في حالة انعقادها في عطلة نهاية الأسبوع. وعلاوة على ذلك، تعلمت هذه الفرق، في هذه الولاية وأماكن أخرى أيضا، أن إرسال الملاحظات إلى منازل الطلبة من خلال وضعها في حقائب الطلبة أو نشرها في لوحة النشرات تكون أفضل في التواصل مع أولياء الأمور عن طريق البريد الإلكتروني، بيد أن الملاحظات تكون أفضل في حال كتابتها باللغة الإسبانية.
وفي نفس السياق، زارت جوليا ميرسون، المؤسسة والمديرة التنفيذية لمدرسة فيستا Vista College Preparatory))، 40 مدرسة مستقلة عالية الأداء عبر البلاد في أماكن مثل ساكرامنتو وناشفيل ونيوارك، وذلك في إطار برنامج وطني أطلق عليه إنشاء مدارس متميزة (Building Excellent Schools). وتعد مدرسة فيستا من إحدى مدارس تدريب الطيارين التي افتتحت في جنوب فينيكس في أغسطس (آب) وتقدم خدماتها لعدد 60 طالبا في رياض الأطفال والصف الأول. وقالت ميرسون إن إتباع روتين صارم على مدار اليوم الدراسي كان من أحد العناصر المحورية في جميع المدارس المستقلة وهو الشيء الذي تؤكد عليه أيضا في مدرستها. ويتمثل الروتين الصارم في «تحية الصباح» التي تنتظرها من الطلاب، الذين تقوم بتحيتهم عند الباب الأمامي للمدرسة، بالإضافة إلى التمارين التي تقودها بعد وجبة الإفطار حينما تختبر الأطفال بشأن التقويم أو تطلب منهم شرح كيفية حل مسألة حسابية.
وفي مدرسة فيستا، يكون اليوم الدراسي أطول، بداية من 7:40 صباحا حتى 4:00 مساء، وتركز نصف هذه الفترة تقريبا على مهارات القراءة والكتابة. وفي صباح أحد الأيام أخيرا، قضى طلاب الصف الأول وقتهم في قراءة قصة «الشقراء والدببة الثلاثة» (Goldilocks and the Three Bears)، ثم أخذ التلاميذ يستخلصون سمات القصة الخرافية. وقالت إحدى البنات المتطوعات «إن نهاية القصة نهاية سعيدة».
وتقول ميرسون عندما بدأ العام الدراسي «لم يكن التلاميذ يعرفون كيفية كتابة أحرف أسمائهم أو الأصوات، فضلا عن عجزهم عن كتابة أسمائهم، حيث كان يتعذر عليهم الإمساك بالقلم للكتابة».
وللمرة الأولى، يجري إخطار المدارس المستقلة التي أخفقت عبر الولاية، حيث من الممكن إغلاق ثلاث منها على أقل تقدير بحلول نهاية هذا العام الدراسي.
وفي هذا السياق، تقول سيغموند، من مؤسسة المدارس المستقلة، إنه من المتوقع أن تسجل المدارس الجديدة درجة «إيه» (A) في بطاقة التقارير الخاصة بها في الأعوام الثلاثة الأولى. وتوضح أنه في حالة تعذر ذلك «سيكون هناك الكثير من النقاط للخروج من هذا الأمر».

* خدمة «نيويورك تايمز»



تحقيق يكشف تردي أوضاع 1500 مدرسة غير مرخصة في لندن

تحقيق يكشف تردي أوضاع 1500 مدرسة غير مرخصة في لندن
TT

تحقيق يكشف تردي أوضاع 1500 مدرسة غير مرخصة في لندن

تحقيق يكشف تردي أوضاع 1500 مدرسة غير مرخصة في لندن

أثار تحقيق تربوي مستقل، صدر منذ أيام، موجة جدل في بريطانيا بعد كشفه عن تردّي أوضاع أكثر من 1500 مدرسة غير مرخصة في مقاطعة هاكني اللندنية.
هذا التحقيق الذي استغرق عاماً من العمل، انتقد سلامة الطلاب والمناهج التعليمية في تلك المدارس اليهودية «المتشددة دينياً»، وأسند معلوماته إلى إثباتات وبيانات من وزارة التعليم، وهيئة تقييم المدارس البريطانية (أوفستيد) إلى جانب شهادات من بلدية هاكني ورابطة المدارس العبرية، ودعا بإلحاح إلى تحرك حكومي.
وقال التقرير إن القوانين البريطانية لا تتعامل بحزم مع المدارس غير المرخصة، معبراً عن استيائه من رد الفعل اللامبالي من الحكومة.
ووفقاً لما نقلته «بي بي سي» على موقعها الجمعة الماضي، فإن القائمين على التحقيق أجروا استفتاءً بين أهالي الجالية اليهودية «المتشددة» لمشاركة تجاربهم، من دون الكشف عن هوياتهم. ووجدوا أنّ التعليم الذي يتلقاه طلاب أبناء الجالية لا يتماشى مع معايير التدريس في البلاد.
وكشفت هيئة «أوفستيد» أنّ نحو 6 آلاف طالب في إنجلترا يدرسون في مؤسسات تعليمية غير مرخصة معظمها مدارس دينية، يهودية ومسيحية وإسلامية.
من جانبها، طالبت بلدية هاكني في العاصمة البريطانية، بتشديد القوانين على تلك المدارس، لكنّ وزارة التعليم في البلاد لم تبد نيّة لإجراء أي تعديلات. ودعا التقرير المستقل بتشديد القوانين على التدريس المنزلي، ومنح البلديات الصلاحية لضمان تعليم ذات جودة تتماشى مع الأسس البريطانية لمرتادي هذه المدارس، ولمن اختار أهلهم تدريسهم في المنزل. كما حثّ البلدية أن تطوّر آلية موحدة للتعامل مع الكم الهائل من مدارسها غير المرخصة التي تزيد من التفرقة الاجتماعية في البلاد، وتؤدي بالتالي إلى إنتاج فكر متشدد.
وهذه ليست المرة الأولى التي تُوضع فيها المدارس الدينية في بريطانيا تحت المجهر، حيث أفاد تقرير لأوفستيد في فبراير (شباط) 2016، بأنّ أداء تلاميذ مدرسة «بيس أهارون» الابتدائية، يُجمعون على فكرة أنّ دور المرأة يقتصر على «الاهتمام بالأطفال وتنظيف المنزل وتحضير الطعام»، منتقداً مستوى التعليم في المدرسة الذي «لا يرقى إلى المستوى المنتظر من مدرسة مستقلة»، ويقدّم «الشعائر الدينية على المعايير التعليمية» المتعارف عليها. واعتبرت الهيئة الحكومية أنّ هذه المدرسة الابتدائية الخاصة التي تكلّف ما يقارب الـ3000 جنيه إسترليني في السنة (أي نحو 4300 دولار أميركي)، لا تحضّر تلاميذها بشكل مناسب للانخراط في «الحياة البريطانية الحديثة».
وفي السياق ذاته، قال مفتشو هيئة «أوفستيد» إن نقاشاتهم مع التلاميذ كشفت أن «معظمهم عبّروا عن آراء في الأدوار التي يلعبها كل من المرأة والرجل في المجتمع، لا تتوافق ومبادئ المجتمع البريطاني الحديث»، كما «فشلوا في إظهار الاحترام والتسامح تجاه أشخاص من ديانات مختلفة»، فضلاً عن أنّ معرفتهم بديانات أخرى وثقافات مغايرة «محدودة للغاية».
يذكر أن الهيئة نفسها كانت قد انتقدت 7 مدارس إسلامية مستقلة في منطقة «تاور هاملتس»، شرق لندن، لفشلها في أداء واجبها لحماية الأطفال من التطرف. وأشارت «أوفستيد» في تقريرها الذي نشر بتاريخ 21 نوفمبر (تشرين الثاني) 2014، إلى تساهل بعض هذه المدارس مع ممارسات قد تعتبر مشجعة للتطرف، وعبرت عن مخاوف جدية تجاه تدابير حماية التلاميذ ورعايتهم من خطر الانجرار وراء الفكر التطرفي، حسبما أفادت «الشرق الأوسط» سابقاً.