ينطلق في الأسبوع المقبل في جميع أنحاء العالم، الفيلم الجديد «بلاك آدم» للمخرج جوام كولِت - سيرا وبطولة دواين جونسن.
كولِت - سيرا ليس بالاسم المميّز في أفلام (السوبرهيرو)، وهو النوع الذي ينتمي إليه هذا الفيلم المأخوذ عن شخصية كوميكس لم تُطلق منفصلة من قبل. لكن شركة «وورنر» بعد سلسلة مرموقة من نجاحات المخرج شملت أفلام «Non - Stop» و«The Shallows» و«Run All Night» وآخرها، «Jungle Cruise». هذا الأخير كان من بطولة دواين جونسون أيضاً الذي لا يفتأ يبحث عن تحديات جديدة لتثبيت صورته كبطل «أكشن» أول في السينما الحالية.
بدنياً لديه المطلوب. طويل. عريض. على بعض الوسامة. رياضي القوام. جماهيرياً، لديه شعبية كبيرة وحضور جيد في كل أفلامه، مما يرفع من إيراداتها.
شركة «وورنر» تراهن على «بلاك آدم» لرفع إيراداتها فيما تبقى من أشهر في العام الحالي، لكن «هوليوود» بأسرها تراهن عليه للغاية نفسها. هو واحد من حفنة من الأفلام التي قد ترفع من مستوى الإيرادات المعتدل الذي طغى على السوق السينمائية مباشرة بعد أفلام الصيف التي قادها «Top Gun: Maverick».
نجم وحيد
ذلك الفيلم كان مقدّراً له النجاح، لكن ما لم يكن بالحسبان هو أن يأتي هذا النجاح ضخماً إلى حد تسجيله ملياراً و180 مليون دولار من عروضه العالمية. رؤساء إدارات شركة باراماونت لم يذوقوا طعم النوم قبيل إطلاق هذا الفيلم العسكري (نكهة ونوعاً) في منتصف شهر مايو (أيار) الماضي.
كانت الشركة ضخّت فيه 170 مليون دولار وراقبت خط سير تنفيذه من عام 2019 عندما بوشر بتصويره إلى حين إتمام عملياته التقنية الأخيرة قبيل إرساله للاشتراك، خارج المسابقة، في مهرجان «كان» الدولي حيث شوهد أول مرّة.
من «بلاك آدم»
تعرّض الفيلم إلى مشاكل أدّت إلى إيقاف تصويره بضع مرّات تبعاً لوباء «كورونا» الذي قيل إنه أصاب توم كروز، والمخرج جوزيف كوزينسكي. كلاهما لم يتناول اللقاح وكروز أنكر أن توعكه كان بسبب الـ«كورونا». بعد زوال الجائحة إلى حد كافٍ في أواخر العام الماضي، استكمل التصوير ومن ثَم نُقل ما صُوّر على جناح السرعة إلى مرحلة التوليف وعمليات ما بعد التصوير.
الخوف الآخر، لا علاقة له بـ«كورونا» ومشاكلها التي أصابت قطاعات سينمائية عديدة بالشلل. إنه في الحقيقة أن «توب غن: ماڤيريك» ما هو إلا جزء ثانٍ من جزء سابق أُطلق قبل 30 سنة. السؤال الذي دار بحدة قبل إطلاق هذا الجزء هو ما إذا كان الجمهور سيكترث لفيلم شاهده الجيل السابق وأعجبوا به.
الجواب تشكّل على هيئة الإيراد الضخم الذي حققه. هذا يجرنا للحديث عن وجه آخر تميّز العام الحالي بعد الجائحة: بين كل الممثلين الذين خرجت أفلامهم للسوق الأميركية والعالمية، امتلك توم كروز وحده ما يعرف بـ«سُلطة النجم» أو «The Star Power». فيلمان لبراد بيت (هما The Lost City وBullet Train) بالكاد حققا المأمول منهما في السوق.
مثله روبرت باتنسن في «The Batman»، ونيكولاس كايج «The Unbearable Weight of Massive Talent»، وآدم ساندلر «Hustle»، وسيلفستر ستالون «Samaritan» عن (سوبر هيرو منسي يعود إلى الواجهة)، وتوم هانكس (Elvis)، وإينان هوك «The Black Phone». هؤلاء وسواهم لم يشهدوا نجاحاً يناسب ما حققوه سابقاً، علماً بأن بعض أفلامهم العام الحالي، عُرضت على المنصّات، مما يعكس ضعف القوّة الشرائية في الأسواق الرئيسية.
مشهد من «أفاتار- طريق الماء»
أعلى المراتب
رهان «هوليوود» الحالي ليس وقفاً على فيلم دواين جونسون الذي هو الوحيد بين نجوم الشاشة القادر على زج توم كروز في هذا العرين. هناك ثلاثة أفلام أخرى (على الأقل) ستنطلق تباعاً خلال الأسابيع المقبلة وحتى قبيل آخر السنة، وكل منها يحتوي على ما يلزم من عناصر وأعتدة ليواجه احتمالات النجاح الكبير.
أول هذه الأفلام تُطلق اليوم الجمعة. إنه «Halloween Ends» لشركة «يونيفرسال»، الذي يعرض بمناسبة عيد هالووين. هو، كما يعرف الجميع، جزء من سلسلة «هالووين» التي باشرها في أواخر السبعينات المنتج والمخرج مصطفى العقاد واستكملها ابنه مالك العقاد بعد رحيله سنة 2005.
قصّة نجاح هذه السلسلة مثيرة بقدر أي من أفلامها: أنتج العقاد الفيلم الأول، وتكلّف ما يوازي مصروف يوم تصوير لأي فيلم كبير حينها، أو اليوم إذ بلغت ميزانيّته 325 ألف دولار فقط. إيراداته كانت بمثابة اكتشاف الذهب إذ تجاوزت 147 مليون دولار.
مجمل ما جنته السلسلة من إيرادات من حينها إلى اليوم 558 مليون و866 ألف دولار، هذا يضعه في أعلى مراتب الأفلام المنتمية إلى سينما الرعب نجاحاً. مما يجعل احتمالات نجاح جديد لهذا الجزء الـ12 من المسلسل عالية، هو أنه يحمل عنواناً يدل على أن القاتل الشرس، مايكل مايرز، سيُقتل بطريقة أو بأخرى. سيواجه نهايته الحتمية بعد كل تلك المحاولات غير المجدية لقتله في 10 أفلام سابقة (الجزء الثالث اختلف في قصّته كلياً). كيف؟ هي كلمة السر التي من أجلها سيؤمه ملايين المشاهدين.
سيليه، كما ذكرت، «بلاك آدم». الفيلم الثالث في حوزة «هوليوود» هو «بلاك بانثر 2» والرهان عليه يعود إلى ثلاثة عوامل:
1 - النجاح الكبير الذي حققه الفيلم السابق سنة 2018 (كان أول فيلم تعرضه صالات السعودية بعد إعادة افتتاحها).
2 - حقيقة أنه من شخصيات مجلات الكوميكس التي تنتجها (Marvel) بالتعاون مع «ديزني ستديو» والتي نافست شخصياتها (مثل «ذا أفنجرز» و«فلاش غوردون» و«آيرون مان» و«ثور») تلك التي بحوزة شركة «DC” التي تموّلها شركة وورنر وتضم، فيمن تضم، «باتمان» و«سوبرمان» و«بلاك آدم» من بين أخرى.
3 - السبب الثالث هو أنه فيلم الكوميكس الوحيد الذي تسود فيه البطولة السوداء التي كانت سبباً في تسويق ديزني الحذر آنذاك. الآن وبعد أن حقق الفيلم السابق مليار و348 مليون دولار تطلق «ديزني» الجزء الثاني بثقة.
الفيلم الرابع هو «Avatar: The Way of Water»، الذي قُرر له النزول إلى ساحة المعارك التجارية في 16 ديسمبر (كانون الأول) المقبل. «أفاتار: طريق الماء» (أو «أفاتار 2») سيحاول اللحاق بنجاح الجزء الأول بعد 13 سنة من إطلاق ذلك الجزء. «هوليوود» تتوقع نجاحاً كبيراً له، لكنها لا تتوقع أن يتجاوز هذا النجاح ما أنجزه الفيلم السابق. تعداد التذاكر والدولارات هنا سيتوزع على عامين فعلياً، فبما أن الفيلم سيعرض قبل أسبوعين فقط من نهاية العام، سيكون الفيلم الكبير الوحيد الذي سينتقل من عامنا الحالي إلى العام المقبل 2023. هذا لا يهم كثيراً إلا أنه من ناحية إحصائية لن يستطع الوصول إلى قمة الإيرادات لعام 2022 بسبب أن مدخوله في السنة الحالية سيكون جزئياً وليس كاملاً، لكنه سيحقق مليار دولار سهلة خلال هذين العامين.
خارج المنافسة
الأفلام الأخرى التي ستُعرض في الفترة الممتدة من الآن وحتى نهاية العام الحالي، لن تكون قادرة على منافسة هذه الأفلام مطلقاً. بعضها سجل حضوراً مقبولاً لكنه متواضع مثل «The Fabelmans» لستيفن سبيلبرغ (يونيفرسال)، و«She Said» لماريا شرادر (يونيفرسال)، و«Armageddon Times» لجيمس غراي (فوكاس إنترتينمنت).
هذه ثلاثة من الأفلام التي تنوي طرح نفسها على منصّة الأوسكار. فيلمان منها، لسبيلبرغ وغراي، هما من السيرة الذاتية كذلك شأن فيلم «باردو» لأليخاندرو غونزاليز إيناريتو. أيضاً على موجة الأوسكارات، ولكن من دون الزاوية الشخصية «The Whale» لدارن أرونوفسكي (توزيع A24) و«Women Talking” لساره بولي (أورايون بيكتشرز).
هذه الأفلام التي لن تستطيع منافسة تلك الأعمال الضخمة المذكورة آنفاً ستجد نفسها في منافسة صعبة أيضاً حين يدخل «أفاتار 2» و«Black Panther 2» الحلبة نفسها.
وبينما خيوط النجاح الأوسكاري بيد جيش من المصوّتين أعضاء أكاديمية العلوم والفنون السينمائية، فإن نجاح الأفلام الأربعة التي تراهن «هوليوود» عليها في قبضة يد جمهور لا يزال من الصعب معرفة توجهاته بدقة. أي خلل في الإقبال على أي من هذه الأفلام الكبيرة سيخل بمدخول «هوليوود» لهذه السنة الذي هو أعلى من مدخولها في العام الماضي بنسبة 50 في المائة، لكنه وحتى الآن أقل من إيراداتها سنة 2019.