تفجير الكويت: وقع المحذور

انقسام سياسي وطائفي غير مسبوق في بلد يقع بمرمى العاصفة الإقليمية

تفجير الكويت: وقع المحذور
TT

تفجير الكويت: وقع المحذور

تفجير الكويت: وقع المحذور

قبل أقل من شهر أطلق أمير الكويت، الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح صرخة تحذير من مخاطر الانزلاق للفتنة الطائفية، في الوقت الذي تواجه الكويت صعودًا غير مسبوق في التوترات السياسية والطائفية وسط محيط إقليمي ملتهب.
خطاب أمير الكويت جاء مستحضرًا التفجير الإرهابي الذي ضرب مسجدًا في القطيف في 22 مايو (أيار) الماضي، وذلك خلال كلمته الافتتاحية أمام اجتماع مجلس وزراء خارجية منظمة التعاون الإسلامي الذي عقد في الكويت. حيث طالب بوقفة «جادة نظرا للاحتقان الطائفي الذي بات يعصف بكيان أمتنا ويفتتها»، معتبرًا أن «هذه العصبية هي الأخطر على وجود الأمة».
تحذير أمير الكويت، ليس هو الأول، فلا أحد في الكويت لا يتحسس الأزمة المستعرة هناك والتي باتت تهدد الكيان برمته. وسط شعور عميق بالتحديات المحدقة بالبلاد، بعضها يأتي من الخارج لكن أكثر تلك التحديات تأتي من الداخل، حيث وصل الانقسام السياسي والطائفي إلى مستويات غير مسبوقة، وتضع البلاد في فوهة البركان. فالكويت تعاني من انقسامات حادة في الداخل، يصل بعضها لبيئة الحكم، وينعكس فورا على الشارع، وتعاني من انقسام اجتماعي، وطائفي، وطبقي، كما تعاني كغيرها من الدول، من إفرازات الربيع العربي وما أنتجه من صعود لموجة الإرهاب ونمو دور جماعات الإسلام السياسي.
وتقع الكويت في مرمى العاصفة الإقليمية، فهي تتأثر بالصراعات في منطقة الخليج، وقد دفعت البلاد ثمنا باهظا نتيجة وقوعها كدولة ثرية وضعيفة في مرمى الدول المحيطة، كان أبرز مثال على ذلك تهديدات العراق بضم الكويت في الستينات، واجتياحها بالكامل وتشريد أهلها في عام 1990. وتلعب هذه التجاذبات دورا في تأجيج الوضع الداخلي، مثلما تمثل عامل قلق دائم للحكومة في أن ترتفع وتيرة الصراعات الداخلية بشكل تقحم الخارج في الأوضاع الداخلية للإمارة الصغيرة.
ويوم أمس سعت النخبة السياسية في الكويت، ممثلة بالأمير وولي عهده ورئيس مجلس النواب ورئيس الحكومة وعدد من الوزراء والنواب لتطويق الجريمة الإرهابية التي ضربت مسجد الإمام الصادق ومنع انبعاثها كفتنة تهدد السلم الأهلي، حيث وصل أمير الكويت إلى موقع التفجير بعد دقائق من حدوثه مطمئنًا على سلامة المصلين، كما زار المكان ولي العهد ورئيس مجلس الأمة، ودعي لاجتماع موسع يضم الحكومة والمجلس، وصدرت تصريحات منددة بالجريمة، وتناشد الجميع التمسك بالسلم الوطني.
لكن جريمة تفجير المسجد، تشير إلى أن ما كان الجميع يحذره قد وقع. ففورة السجالات المذهبية التي انتشرت في الكويت متأثرة من الأحداث السياسية في العراق وسوريا بشكل خاص، كانت في كل مرة توشك على الانفجار الأمني لولا يقظة الأمن، وصرامة الحكومة في تطبيق قانون حماية الوحدة الوطنية.
خطر الصراع الطائفي على دولة صغيرة مثل الكويت، تقع في مرمى التجاذبات الإقليمية، يراه مفكر قومي عريق هو الدكتور أحمد الخطيب أبعد من صراعات سياسية، فهو قال لـ«الشرق الأوسط» في لقاء سابق: «أشعر بالخوف على الكيان الكويتي، لأن الصراع الطائفي السني- الشيعي حاد للغاية. والكويت تحت خط الجذب الإقليمي. وبالتالي، فإن هذا الصراع حين يصل إلى نهايته، قد يؤدي إلى تقسيم المنطقة جغرافيا على أساس طائفي»، وأضاف: «أمام هذه التحدي فإن الدول الكبيرة كالعراق وسوريا لديها القدرة على تحمل مثل هذه التقسيمات، أما الدول الصغيرة كالكويت لا تتحمل التقسيم». و«هذا النوع من الصراع قد يؤدي لزوال الكيان، ولذلك أشعر بالخوف عليه».
في حين قال الأكاديمي والمحلل السياسي الكويتي الدكتور عايد المناع: «الفتنة الطائفية هي أخطر أنواع الفتن لأنها صراع مسلح ودموي باسم الدين وبحجة إقامة شعائره». وحذر من خطورة «الانسياق وراء الدعوات المذهبية لأنها تعزز النهج المتطرف وتدفع المواطنين إلى مواجهة بعضهم بعضا».
ورغم أن التجربة النيابية والتشريعية في الكويت ضاربة في القدم، فإنها بقيت على الدوام معرضة للامتحان، بين الديمقراطية والاستقرار، فقد شهدت البلاد منذ الثمانينات من القرن الماضي أحداثًا أمنية عاصفة، كما شهدت احتلالاً عراقيًا في أغسطس (آب) 1990. وعرفت الكويت أول دستور مكتوب ومجلس شورى في عام 1921. وكان الكويتيون أول شعب خليجي يشكل مجلسا تشريعيا بالانتخاب وذلك في عام 1938، كما عرفت الكويت بنظامها البرلماني، وفي عهد الشيخ عبد الله السالم الصباح، تم إقرار الدستور، أول وثيقة من نوعها في الخليج. وصدر الدستور الكويتي الحالي بعد الاستقلال، في 11 نوفمبر (تشرين الثاني) 1962. وبدأ العمل به رسميا في 29 يناير (كانون الثاني) 1963. ويتبنى الدستور الكويتي النظام الديمقراطي، حيث تنص المادة السادسة بأن: «نظام الحكم في الكويت ديمقراطي، السيادة فيه للأمة مصدر السلطات جميعا».



«اعتدال» يرصد أسباب مهاجمة «الفكر المتطرف» الدول المستقرّة

يضطلع «اعتدال» بمهام منها رصد وتحليل المحتوى المتعاطف مع الفكر المتطرف (الشرق الأوسط)
يضطلع «اعتدال» بمهام منها رصد وتحليل المحتوى المتعاطف مع الفكر المتطرف (الشرق الأوسط)
TT

«اعتدال» يرصد أسباب مهاجمة «الفكر المتطرف» الدول المستقرّة

يضطلع «اعتدال» بمهام منها رصد وتحليل المحتوى المتعاطف مع الفكر المتطرف (الشرق الأوسط)
يضطلع «اعتدال» بمهام منها رصد وتحليل المحتوى المتعاطف مع الفكر المتطرف (الشرق الأوسط)

أوضح «المركز العالمي لمكافحة الفكر المتطرّف (اعتدال)» أن استقرار الدول «يفيد التفرغ والتركيز على التنمية؛ خدمة لمصالح الناس الواقعية، وحاجياتهم الحيوية الملموسة»، متهماً «التصورات المتطرفة» بالمراهنة على تطلعات آيديولوجية تبرر التضحية بطموحات الشعوب في سبيل مشروعات ترى التدمير إنجازاً والتنمية تهمة.

وأشار «اعتدال»، الذي يتّخذ من الرياض مقرّاً له، في تقرير نشر عبر حسابه الرسمي على منصة «إكس»، الأربعاء، إلى عدد من الأسباب التي تدفع الفكر المتطرّف إلى مهاجمة الدول المستقرة، لافتاً إلى اعتبارات متطرّفة عدة مقابل ما يقدّمه الاستقرار للتنمية والأمن والمستقبل.

الأزمات «لحظات عابرة»

الدول المستقرّة، وفقاً للتقرير، تعدّ كل أزمة «لحظةً عابرة» ينبغي تجاوزها للعودة إلى مهامها الأساسية القائمة على العناية بجودة الحياة وضمان الأمن، بينما تُعدّ الأزمات «جزءاً من عقيدة التطرف بمختلف مشاربه»، وبيّن أن الاستقرار «محك واقعي لمدى صدق الوعود والعهود التي يطلقها المتطرفون عبر خطابهم الترويجي والاستقطابي»، وللاستدلال على أن «المتطرّفين» لا يملكون أي مشروع حقيقي غير الدعوة إلى التدمير والصراع، أوضح «اعتدال» أن خُلُو العالم من الأزمات، وشيوع الاستقرار بين الدول، «سيحرمهم لا محالة من الوضع المعلق الذي تخلقه الصراعات».

وضمن الأسباب التي تدفع الفكر المتطرف إلى مهاجمة الدول المستقرة، يرى التقرير أن «الاستقرار يُمَتَّنُ حالة الولاء بين المجتمعات وبين الدول»، عادّاً أن ذلك يحول دون «تنامي المشاعر السلبية والانفعالات المريضة والحاقدة بين الناس، مما يُعدّ حرماناً للمتطرفين من مادتهم الأساسية».

ويعتقد يوسف الرميح، وهو مستشار أمني سعودي، أن الفكر المتطرّف «يحاول استهداف الدول المستقرة والدول المضطربة على حدٍّ سواء».

دوافع واختلافات

ويرى الرميح أن «الدول المستقرة ليس لديها هامش للأفكار المضطربة، مما يدفع بالمتطرفين إلى محاولة الاصطياد في الماء العكر واختراق المجتمعات عبر استهداف مواطنين، خصوصاً الشباب، ومؤسسات المجتمع المدني، والمؤسسات العامة، من خلال وسائل التواصل الاجتماعي؛ بهدف خلخلة هذا النظام العام في المجتمع».

يذكر أن «اعتدال» يضطلع بمهام رصد وتحليل المحتوى المتعاطف مع الفكر المتطرف، وحجب منافذه بمختلف أشكالها وتعطيل مصادر تغذيتها. وقد دُشّن من قِبل خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز، وعدد من قادة الدول خلال في مايو (أيار) عام 2017 بالرياض.