المناطق القبلية الباكستانية أصبحت مركزاً للعنف والإرهاب بشكل متزايد

عمليات قتل استهدفت علماء الدين وقادة الأمن والشباب

عناصر من الجيش الباكستاني خلال دورية وسط طريق يؤدي إلى أحد السجون (رويترز)
عناصر من الجيش الباكستاني خلال دورية وسط طريق يؤدي إلى أحد السجون (رويترز)
TT

المناطق القبلية الباكستانية أصبحت مركزاً للعنف والإرهاب بشكل متزايد

عناصر من الجيش الباكستاني خلال دورية وسط طريق يؤدي إلى أحد السجون (رويترز)
عناصر من الجيش الباكستاني خلال دورية وسط طريق يؤدي إلى أحد السجون (رويترز)

تخطّت حالات القتل المستهدف في المناطق القبلية في العام الحالي الخمسين، مما يشير إلى ارتفاع مستوى العنف والاعتداءات الإرهابية في منطقة الحدود الباكستانية الأفغانية المضطربة.
وبحسب مسؤولين، ضمَّت قائمة القتلى زعماء القبائل، وفاعلي الخير، وعلماء الدين، وقادة الأمن والشباب. وشهدت المناطق الحدودية الباكستانية الأفغانية، المعروفة سابقاً باسم «المناطق القبلية» قبل اندماجها مع المناطق المستقرة في باكستان، مستويات متزايدة من العنف وزعزعة الاستقرار منذ انتصار «طالبان» في كابل، في أغسطس (آب) 2021.
وقامت حركة «طالبان باكستان» بإحياء نشاطها العنيف في المناطق القبلية فور انتصار طالبان في كابل، رغم أنها بدأت في تتبع طريق العودة إلى الأراضي الباكستانية قبل وقت طويل من أغسطس 2021.
وعقب عملية عسكرية عام 2014، في شمال وزيرستان، فر قادة حركة «طالبان باكستان»، عبر الحدود، إلى أفغانستان، حيث اختبأوا هناك منذ ذلك العام. ومع ذلك، بدأ جنود «طالبان» في تتبع طريق العودة إلى باكستان في عام 2020، بعد أن بات واضحاً أن الأميركيين سينسحبون من أفغانستان.
وقال خبراء أمنيون إن حركة «طالبان باكستان» بدأت تدريجياً في تعزيز وجودها في المناطق القبلية في عام 2020، حيث ازداد العنف تدريجياً منذ ذلك العام في المناطق القبلية، بحسب «المعهد الباكستاني لدراسات السلام»، وقع 207 اعتداءات إرهابية في باكستان في عام 2021، بزيادة بلغت 42 في المائة، مقارنة بعام 2020، حيث قتل 335 شخصاً في هذه الهجمات. ويشير المعهد إلى أن «طالبان باكستان» وحدها مسؤولة عن 87 اعتداء، بزيادة بلغت 84 في المائة مقارنة بعام 2020. وأعلنت الحركة ذاتها مسؤوليتها عن 282 اعتداء في عام 2021، وقالت إنها قتلت أكثر من 500 من أفراد إنفاذ القانون، وأعلنت عن وقوع 42 اعتداء إضافياً في يناير (كانون الثاني) 2022.
في ذروة عنفها بين عامي 2007 و2014، طالت اعتداءات «طالبان باكستان» مختلف مناطق باكستان. ومع ذلك، منذ أغسطس 2021، تركزت أنشطتها العنيفة بشكل أكبر في المناطق الحدودية الباكستانية التي كانت تُعرف سابقاً باسم المناطق القبلية.
وفيما كانت الأنشطة العنيفة لحركة «طالبان» الباكستانية في المناطق القبلية في تصاعد، كان هناك تطور سياسي غريب يحدث في كواليس السلطة في إسلام آباد، حيث أعلنت الحكومة الباكستانية عن إجراء محادثات سلام مع الحركة تحت رعاية حركة «طالبان» الأفغانية في كابل، حيث تم إرسال مسؤول عسكري كبير إلى كابل للتفاوض مع «طالبان». وبدأت النخبة السياسية الباكستانية جنباً إلى جنب الاحتفال بمحادثات السلام، وما تلاها من وقف إطلاق النار الذي لم يعلنه أي من الجانبين.
وواصل الجيش الباكستاني عمليته المتواضعة لمكافحة العنف في المناطق القبلية حيث تشن الوحدات العسكرية غارات يومية على مخابئ المسلحين، مما أسفر عن مقتل العشرات منهم. تم القبض على العديد من المسلحين التابعين لحركة «طالبان» الباكستانية خلال هذه المداهمات، وتم العثور على مخبأ كبير للأسلحة والذخيرة. وبالمثل، استمرت الأنشطة العنيفة التي شنتها حركة «طالبان باكستان» على أهداف عسكرية خلال وقف إطلاق النار غير المنضبط.
وظهر تقارب بين حركة «طالبان باكستان» مع «طالبان الأفغانية» على السطح عندما أعربت قيادة حركة «طالبان باكستان» عن ولائها لقادة «طالبان الأفغانية» في بيانات عامة، ووصفت «طالبان باكستان» بأنها فرع من «طالبان الأفغانية». منذ ذلك الحين، أصبحت الحكومة الفيدرالية الباكستانية أقل حماساً للمحادثات مع «طالبان باكستان». ومع ذلك، تواصل حكومة ولاية خيبر بختونخوا بحماس متابعة محادثات السلام مع الحركة ذاتها.
ويرى المراقبون أن هناك فرصة ضئيلة في أن تتمكن حركة «طالبان باكستان» من السيطرة على أي جزء من الأراضي في مناطق الحدود الباكستانية الأفغانية، حيث يوجد انتشار كثيف لقوات الجيش الباكستاني. تتمركز قوات الجيش الباكستاني في مناطق قبلية منذ العمليات العسكرية في 2014.
ومع ذلك، يقول الخبراء إنه في حالات تمرُّد مثل هذه يمكن الحكم على انتصار الجماعات المتشددة من خلال مواصلتها العمل في المجتمعات المضيفة. فبحسب غلام داستاغير، صحافي وخبير في شؤون حركة «طالبان باكستان»: «إذا استمروا في العمل في المجتمعات المضيفة، فهذا يعني أنهم يحققون انتصارات». ويقول الخبراء كذلك إن «طالبان» ما زالت تحتفظ بالقدرة على تعطيل الحياة المدنية في المناطق القبلية الباكستانية والمراكز الحضرية.
وتكمن مشكلة الحكومة الباكستانية في أن اهتمامها ينصبّ على قضايا ملحَّة أخرى مثل الأزمة السياسية والانهيار الاقتصادي والصراع السياسي بين النخب السياسية. ولذلك تبدو الفرص ضعيفة في استعادة الحكومة الباكستانية تركيزها لمعالجة التشدد في الأسابيع والأشهر المقبلة. ولا يبدو أن هناك فرصة لأن تصحح الحكومة الباكستانية خطأها الاستراتيجي المتمثل في احتضان «طالبان أفغانستان» ومحاربة «طالبان باكستان». ويقول الخبراء إن باكستان قد تدفع ثمناً باهظاً لهذا الخطأ الاستراتيجي.



تركيا تُعلن استعدادها «لتقديم الدعم اللازم للبنان»

لبنانيون يسيرون بجانب السيارات في شوارع بيروت (رويترز)
لبنانيون يسيرون بجانب السيارات في شوارع بيروت (رويترز)
TT

تركيا تُعلن استعدادها «لتقديم الدعم اللازم للبنان»

لبنانيون يسيرون بجانب السيارات في شوارع بيروت (رويترز)
لبنانيون يسيرون بجانب السيارات في شوارع بيروت (رويترز)

أعلنت تركيا، الأربعاء، أنها «مستعدة لتقديم الدعم اللازم للبنان» بعد ساعات من دخول اتفاق وقف إطلاق النار مع إسرائيل حيّز التنفيذ.

وقالت وزارة الخارجية التركية في بيان إنها «ترحب بالنتيجة الإيجابية للمفاوضات بشأن وقف إطلاق النار في لبنان، وتأمل أن يكون دائماً».

وأضافت: «على المجتمع الدولي أن يضغط على إسرائيل للاحترام الصارم لوقف إطلاق النار، والتعويض عن الأضرار التي سببتها في لبنان»، معربة عن «دعم» أنقرة لهذا المسار، من دون مزيد من التوضيحات، وفقاً لما ذكرته الـ«وكالة الصحافة الفرنسية».

وأشار بيان الخارجية: «بهذه المناسبة، نودُّ أن نذكر بأنه من أجل ضمان السلام والاستقرار في المنطقة، يجب إعلان وقف دائم وشامل لإطلاق النار في غزة في أسرع وقت ممكن، ويجب وضع حد لسياسات إسرائيل العدوانية».

دخل اتفاق وقف إطلاق النار بين إسرائيل وجماعة «حزب الله» حيّز التنفيذ في الساعة الرابعة فجر الأربعاء بالتوقيت المحلي للبنان. ووسّعت إسرائيل حربها التي تشنّها على قطاع غزة، لتشمل لبنان في الفترة الماضية، وقتلت عدداً من كبار قادة جماعة «حزب الله» التي تتبادل معها إطلاق النار منذ أكتوبر (تشرين الأول) 2023.

وكان الرئيس الأميركي جو بايدن قد ذكر تركيا، الثلاثاء، «إلى جانب مصر وقطر وإسرائيل وغيرها»، خلال تعداده الدول الوسيطة للتوصل إلى وقف لإطلاق النار في غزة، وإطلاق سراح الرهائن الذين تحتجزهم «حماس».

وقال الرئيس التركي رجب طيب إردوغان، اليوم، إن تركيا مستعدة للمساعدة بأي طريقة ممكنة للتوصل لوقف إطلاق نار دائم في قطاع غزة، وعبّر عن ارتياحه لاتفاق وقف إطلاق النار الذي دخل حيّز التنفيذ في لبنان.

وكانت حركة «حماس» قد أعلنت اليوم أنها «جاهزة لاتفاق وقف إطلاق النار وصفقة جادة لتبادل الأسرى» مع إسرائيل، موضحة أنها أبلغت الوسطاء في مصر وقطر وتركيا بذلك.

وقال الرئيس الأميركي، جو بايدن، أمس الثلاثاء، إن الولايات المتحدة ستدفع مرة أخرى باتجاه التوصل إلى وقف إطلاق نار في غزة «مع تركيا ومصر وقطر وإسرائيل ودول أخرى».