بعد ما يقرب من شهر من بدء الاحتجاجات في جميع أنحاء البلاد، تحمل أجزاء من إيران الآن بصمات مناطق القتال، حيث تشتعل نيران الأسلحة في السماء، وتنتشر أصوات إطلاق النار في الأرجاء، وسط تداول مقاطع فيديو دامية على مواقع التواصل تظهر قمع المتظاهرين بالقوة.
واندلعت الاحتجاجات لأول مرة بوفاة الشابة الكردية الإيرانية مهسا أميني (22 عاماً) في 16 سبتمبر (أيلول) بعد ثلاثة أيام على توقيفها من قبل شرطة الأخلاق في طهران بسبب مخالفتها قواعد اللباس الصارمة بالبلاد، لكن المتظاهرين تجمعوا منذ ذلك الحين حول مجموعة من المظالم تجاه النظام الحاكم، لتتحول هذه الاحتجاجات إلى «انتفاضة وطنية»، بحسب وصف النشطاء والخبراء.
https://twitter.com/aawsat_News/status/1571810078889590787?s=20&t=Y_pJwuVALfrxoz2oIj0OkQ
وقال روهام ألفاندي، أستاذ التاريخ المشارك في كلية لندن للاقتصاد، لشبكة «سي إن إن» الأميركية: «هذا ليس احتجاجاً من أجل الإصلاح. هذه انتفاضة تطالب برحيل النظام الإيراني. وهذا شيء مختلف تماماً عما رأيناه من قبل».
والشهر الماضي، استهدف المتظاهرون الإيرانيون المراكز الاقتصادية والسياسية الهامة للنظام. وأظهرت مقاطع فيديو أشخاصاً يرشقون الشرطة بالحجارة في وسط طهران. وشوهدت قوات الأمن وهي تهرب من المتظاهرين في سوق العاصمة. حتى في المدن المحافظة مثل مشهد وقم -اللتين تعدان أساس قاعدة القوة للنظام الإيراني- يظهر المتظاهرون بشكل متكرر.
علاوة على ذلك، تحولت بعض مصافي الغاز والنفط إلى مواقع احتجاجات واسعة في جنوب غربي البلاد. وقال مجلس عمال مقاولي النفط في البلاد إنه من المحتمل أن يدعو إلى إضراب ويوقف إنتاج النفط.
وصناعة البترول هي شريان الحياة للاقتصاد الإيراني، الذي كان ينهار تحت وطأة العقوبات الأميركية التي فرضتها إدارة الرئيس السابق دونالد ترمب في عام 2018. ومن ثم فإن إضراب العمال ووقف إنتاج النفط سيشكلان أزمة ضخمة للنظام الإيراني.
وأشار مقطع فيديو إلى أن المظاهرات في المصافي بدأت على شكل احتجاجات على الأجور، لكنها تحولت بعد ذلك إلى احتجاجات مناهضة للنظام، حيث هتف العمال «الموت للديكتاتور»، في إشارة إلى المرشد علي خامنئي. وفي جميع أنحاء البلاد، يضغط المتظاهرون من أجل إضرابات اقتصادية، وقد حققوا بعض النجاح في هذا الخصوص.
ففي المناطق ذات الأغلبية الكردية، حيث يُعتقد أن الاحتجاجات أكثر تنظيماً من أي مكان آخر في البلاد، أظهرت مقاطع فيديو على وسائل التواصل الاجتماعي إغلاق عدد هائل من المتاجر.
وفي سوق طهران، أغلقت أبواب عدد كبير من المتاجر في الأيام الأخيرة، رغم أن العديد من التجار يقولون إنهم فعلوا ذلك لحماية متاجرهم من الاحتجاجات والقمع التي تلت ذلك. فإن هذا الأمر في النهاية يؤثر على اقتصاد البلاد. ويقول الخبراء إن احتجاج العمال والتجار على نطاق واسع قد يمثل تصعيداً آخر في الاحتجاجات.
وقال ألفاندي: «إن حدوث إضراب عام على مستوى البلاد سيشل الدولة تماماً ويظهر عجزها في مواجهة الاحتجاجات المتزايدة». ويبدو أن خوف الدولة من هذه النتيجة أدى إلى استخدامها المفرط للعنف تجاه المتظاهرين في محاولة لقمعهم بسرعة. ويبدو هذا القمع للمظاهرات قاسياً، خصوصاً في مدينة سنندج عاصمة محافظة كردستان، حيث استخدمت السلطات كما تقول منظمات حكومية، أسلحة ثقيلة في أحياء محددة.
وانتشرت على مواقع التواصل الاجتماعي صور ومقاطع فيديو تظهر مشاهد من القمع والعنف من قبل قوات الأمن تجاه متظاهري سنندج، رغم فرض قطع الإنترنت بشكل شبه كامل في البلاد.
وأظهر مقطع فيديو، تم تصويره على ما يبدو من فوق أسطح أحد المنازل، ما بدا أنه اشتباكات بين متظاهرين شباب وقوات أمن مدججة بالسلاح. وأشعلت نيران سماء الليل وغطت سحابة من الغبار والدخان المدينة.
https://twitter.com/PAKenglishh/status/1579579153640468481?s=20&t=Y_pJwuVALfrxoz2oIj0OkQ
وأظهرت مقاطع فيديو أخرى تم تصويرها من الشوارع متظاهرين يرشقون الشرطة بالحجارة، وضباط يتحركون في موكب من الدراجات النارية، ويبدو أنهم يطلقون النار على الحشد.
https://twitter.com/aawsat_News/status/1578667174843105280?s=20&t=Y_pJwuVALfrxoz2oIj0OkQ
بالإضافة إلى ذلك، فقد أظهر فيديو آخر سائقاً في المدينة ممدداً ميتاً مصاباً بعيار ناري كبير في وجهه، وقال نشطاء إنه كان يطلق بوق سيارته تضامناً مع المتظاهرين.
واتهم نشطاء في سنندج السلطات بضرب المتظاهرين بشكل عشوائي، قائلين إن أعداداً كبيرة من "الحرس الثوري" الإيراني تشارك في الحملة القمعية بالإضافة إلى الشرطة المحلية.
وبحسب منظمة هينغاو الكردية الحقوقية، ومقرها أوسلو، فقد توفي صبي يبلغ من العمر 7 سنوات بين ذراعي والدته يوم الأحد بعد أن أطلقت قوات الأمن النار على حشد من المتظاهرين.
وفي حين أنه من المستحيل التحقق بشكل مستقل من عدد القتلى من مثل هذه الاشتباكات، فإن الصور المروعة المنتشرة على الإنترنت، وشهادات شهود العيان التي جمعتها «سي إن إن»، وكذلك الجماعات الحقوقية، تشير إلى إراقة واسعة للدماء.
https://twitter.com/aawsat_News/status/1579119687333445632?s=20&t=Y_pJwuVALfrxoz2oIj0OkQ
وقال أحد المتظاهرين في رسالة بالفيديو إلى شبكة «سي إن إن»، حيث كان يرتدي نظارة داكنة ويغطي وجهه بوشاح أسود لإخفاء هويته: «أنا أسجل هذا الفيديو عن الوضع في سنندج. في الليلة الماضية أطلقت قوات الأمن النار باتجاه المنازل. كانوا يستخدمون رصاصاً عسكرياً لم أسمع صوت مثل صوته من قبل. كان الناس خائفين حقاً».
وقال متظاهر آخر في رسالة فيديو أيضاً: «إنهم يطلقون النار على الصغار والكبار على حدٍ سواء. الجرحى لا يذهبون إلى المستشفيات لأنهم إذا ذهبوا إلى هناك بملابس مدنية فسوف تعتقلهم الشرطة».
وأضاف المتظاهر: «نحن نحتج من أجل الحرية في إيران. للأسرى والمحكومين... لشعب إيران. نطالب النظام بالرحيل. الكل يريد أن يرحل هذا النظام».
يذكر أنه منذ وفاة أميني يوم 16 سبتمبر، قُتل 108 أشخاص على الأقل في قمع الاحتجاجات، حسب منظمة حقوق الإنسان الإيرانية. كما اعتقل مئات الأشخاص.
كيف تحولت احتجاجات إيران إلى انتفاضة وطنية؟
كيف تحولت احتجاجات إيران إلى انتفاضة وطنية؟
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة