«لو غران جاردين»... إقامة خاصة في «جزيرة الأساطير»

على بعد 10 دقائق بالقارب من كان الفرنسية

جزيرة سانت مارغريت وفي وسطها يظهر مشروع «لو غران جاردين»
جزيرة سانت مارغريت وفي وسطها يظهر مشروع «لو غران جاردين»
TT

«لو غران جاردين»... إقامة خاصة في «جزيرة الأساطير»

جزيرة سانت مارغريت وفي وسطها يظهر مشروع «لو غران جاردين»
جزيرة سانت مارغريت وفي وسطها يظهر مشروع «لو غران جاردين»

فكرة السفر إلى جنوب فرنسا ورؤية المياه اللازوردية عند ساحل «كوت دازور» تكفي لدغدغة المشاعر وبثّ جرعة من الأندرينالين المحفز على استكشاف هذا القسم المتوسطي الرائع من فرنسا، مرتع الأغنياء ومرسى اليخوت العملاقة وواحة الطعام الفرنسي المطعم بالنكهة الإيطالية، والتعرف أكثر إلى الريفييرا الفرنسية.

مشروع يجمع ما بين الفخامة والتاريخ والخصوصية التامة

لكن ما لا يعرفه كثيرون هو أن على مسافة 10 دقائق بواسطة القارب من كان، هناك عالم آخر لا يشبه تاريخه ما تراها في «لا كروازيت» والريفييرا، من مشاهير ورقي وأزياء وفنادق فخمة، هناك 4 جزر تعرف باسم Iles Des Lerins وأكبرها جزيرة سانت مارغريت Sainte Marguerite والأصغر منها جزيرة Saint Honorat، هذه الجزر ليست خاصة ومفتوحة أمام الزوار للتمتع بجمال طبيعتها والجلوس تحت أشجار الصنوبر الوارفة التي تعبق رائحتها وتمتزج مع رائحة البحر.

إحدى الفيلات في «لو غران جاردين»

فخلف سور عالٍ، وباب من الحديد باللون الأبيض من جهة البحر، وباب آخر مخفي بين الخضرة من الجهة الأخرى من جزيرة سانت مارغريت، التي يعود تاريخها إلى القرن الثالث عشر، تقبع حديقة كبيرة يطلق عليها اسم Le Grand Jardin فيها 12 غرفة (فيلا) صديقة للبيئة موزعة في 6 أبنية متفرقة في ثناياها الممتدة على مساحة 14 متراً مربعاً، تقدم للنزلاء خصوصية تامة، لأنها تؤجر لمدة أقلها 7 ليالٍ تحجز بالكامل مع فريق عمل يقوم بتلبية جميع طلبات الضيوف من طعام يطهى بحسب الطلب إلى بركة سباحة كبيرة ومركز صحي مجهز بأحدث المعدات وخدمة على مدار الساعة.

القلعة القديمة التي تحولت إلى غرفة للسكن في «لو غران جاردين»

جزيرة سانت ماغريت كانت مملوكة من قبل الملك لويس الرابع عشر، وبحسب الأسطورة الشهيرة يقال إن الرجل بالقناع الحديدي The man with the iron mask كان شقيق الملك التوأم، وأسره في قلعة لا تزال موجودة في الجزيرة، ولم يكشف عن هويته حتى بعد موته، ويقال أيضاً إن هذا الرجل الغامض دفن في مدافن لا تزال موجودة، ووضع سيف من الحديد عند قبره.

إحدى الغرف المطلة على القلعة والبحر

من أكثر ما سيشدك في «لو غران جاردين» مبنى على شكل قلعة قديمة جداً تحكي الأساطير أن نابليون كان يستخدمها لإطلاق المدافع على قوارب العدو صوب البحر، وتم تحويل هذه القلعة إلى غرفة نوم في الطابع العلوي مع شرفة مطلة على البحر، وفي الطابق السفلي غرفة استقبال، يستطيع الزائر تحويلها إلى أي شيء يفضله (نادٍ خاص أو غيره).
وفي حدائق هذا الملاذ الآمن والخاص، كان نابليون يرعى خيوله، باختصار في «لو غران جاردين» تتنفس التاريخ وتتمتع بالجغرافيا الفريدة من نوعها.

حدائق جميلة تصان بعناية فائقة

في هذا المكان تشعر بالأهمية من لحظة وصولك إلى مطار نيس حيث يكون بانتظارك سائق يرحب بك ويعطيك لمحة سريعة عن المشوار الذي ينتهي في مرفأ كان، وهناك يكون القارب الخاص بـ«لو غران جاردين» بالانتظار، وبعد 10 دقائق تصل إلى جزيرة سانت مارغريت لتجد زحمة غير عادية، وهذا لأن الجزيرة مفتوحة للجميع الذين يقصدونها لتقضية اليوم والمشي والأكل في الهواء الطلق على طريقة «البيك نيك».

بركة سباحة تستخدم فيها مواد غير مضرة للبيئة

من هناك تكون سيارة أخرى بانتظارك لتقلّك إلى مكان الإقامة الذي يبعد نحو 7 دقائق فقط، وعند المدخل يصطف فريق العمل الكامل الذي سيكون بخدمتك على مدار الساعة، تذكر أن المكان كله محجوز لمجموعة واحدة، ما يقدم قدراً كبيراً من الخصوصية التامة.
الديكور عصري جداً، لكنه غير معقد، والأهم هو الشعور بالأمان، فلن تحتاج لوضع القفل على الباب بعد ترك غرفتك، كما أن العاملين يتعاملون مع الضيوف بطريقة مميزة جداً، فهم موجودون في جميع الأوقات، لكن بنفس الوقت لا تراهم إلا عند حاجتك إليهم، وهذا ما يعطي كثيراً من الخصوصية.
تختار الوقت الذي تود أن تتناول الفطور فيه، تستيقظ لترى بحراً من الأطايب على طاولة كبيرة بالقرب من بركة السباحة، يأتي الطاهي الخاص لإلقاء التحية وسؤالك عما إذا كنت تود أي شيء آخر، ويسأل أيضاً عما تفضل أن تتناوله فترة الغداء والعشاء، ويأخذك إذا أردت إلى حديقة الأعشاب الخاصة به، التي يستقصي منها كل الأعشاب التي يستعملها في أطباقه.

اللافت في هذا المكان هو أنه تمت فيه المحافظة على المفردات التاريخية للحدائق، حتى الأعشاب وأنواع الأشجار، وبحسب ما أخبرتنا به باميلا إحدى المزارعات، فقد تم إجراء مسح للتربة ودراسة لما تبقى من أشجار من الماضي ليزرع مكانها نفس النوع من الخضرة، وبما أن المكان افتتح منذ أشهر قليلة فمن المنتظر بأن تصبح الحدائق أجمل في الأشهر المقبلة.
ومن الحكايات التي سمعناها من باميلا أن تسمية الجزيرة تيمناً بمارغريت التي كانت تدير في القرن الخامس مجموعةً من الراهبات، وهي شقيقة هونورا الذي كان يعيش في الجزيرة المقابلة لسانت مارغريت، ولم يكن باستطاعته أن يراها، لأن الجزيرة كانت تمنع زيارة النساء، فقام هونورا بوعد مارغريت بأنه سيأتي لرؤيتها مرة واحدة في العام، تحديداً عندما تزهر شجر اللوز، فتضرعت مارغريت لله وطلبت منه أن يجعل الأشجار تزهر كل شهر لكي ترى أخاها، وهذه الأعجوبة جعلت هونورا يزهد بالحياة، ويغير من أسلوبه المغرور.

الديكور الداخلي عصري وصديق للبيئة

واليوم يعتبر الدير الموجود في جزيرة سانت هونورا (لا يزال يعيش فيه الرهبان) هو الأكبر في الغرب. ويمكن زيارته.
خلال إقامتك في «لو غران جاردين» ستشعر براحة غير عادية، ومن أجمل ما يمكن أن تقوم به هو جلسة يوغا على يد مدربة محترفة تعمل هناك، بعدها تمشي في الجزيرة لنحو ساعتين، ومن الممكن أيضاً أن تزور جزيرة سانت هونورا القريبة الذي يقصدها الزوار لرؤية الدير وشراء المنتجات الغذائية التي يحضرها الرهبان، كما يتوجهون إلى مطعم فرنسي يقدم الأطباق المحلية مثل الأسماك، واسمه «لا تونيل».

الفطور الفرنسي الذي يقدم كل صباح على الشرفة

أما على جزيرة سانت مارغريت حيث يقع «لو غران جاردين» فتجد المتحف البحري، ومطعم «لا غيريت» La Guerite الذي يستقطب أهم مشاهير العالم، وشوهد فيه مؤخراً كل من ديفيد بيكهام وزوجته فكتوريا والمغني ألتون جون، وهذا المطعم في الهواء الطلق، ويأتيه الزبائن بواسطة اليخوت، ويقدم المأكولات اليونانية التي يحضّرها الشيف يانيس كيوروغلو.
يشار إلى أن «لو غران جاردين» تابع لمجموعة «أولتيما» Ultima التي تدير فنادق راقية وفخمة في أوروبا.
وقام رجل الأعمال الهندي فياج ماليا صاحب فريق «الفورمولا 1» في الهند بشراء العقار التاريخي ليحوله إلى واحة للإقامة الخاصة جداً، مشدداً على مسألة الحفاظ على البيئة من خلال زرع شجرة لقاء كل ليلة يقضيها الزبون، إضافة إلى اتباع أساليب أخرى، واستعمال منتجات صديقة للبيئة في جميع أرجاء المشروع.


مقالات ذات صلة

سفر وسياحة من بين الأدوات التي استخدمها المجرمون في قتل ضحاياهم (متحف الجريمة)

«متحف الجريمة» في لندن... لأصحاب القلوب القوية

من براميل الأسيد التي استخدمها القاتل جون جورج هاي لتذويب ضحاياه والتي تعرف باسم Acid Bath «مغطس الأسيد» إلى الملابس الداخلية لـ«روز ويست».

عادل عبد الرحمن (لندن)
يوميات الشرق آلاف الحقائب التي خسرتها شركات الطيران في متجر الأمتعة بألاباما (سي إن إن)

المسافرون الأميركيون يفقدون ملايين الحقائب كل عام

داخل المساحة التي تبلغ 50 ألف قدم مربع، وإلى مدى لا ترى العين نهايته، تمتد صفوف من الملابس والأحذية والكتب والإلكترونيات، وغيرها من الأشياء المستخرجة من…

«الشرق الأوسط» (لندن)
سفر وسياحة «ساحة تيفولي» في كوبنهاغن (الشرق الأوسط)

دليلك إلى أجمل أضواء وزينة أعياد الميلاد ورأس السنة حول العالم

زينة أعياد الميلاد ورأس السنة لها سحرها. يعشقها الصغار والكبار، ينتظرونها كل سنة بفارغ الصبر. البعض يسافر من بلد إلى آخر، فقط من أجل رؤية زينة العيد.

جوسلين إيليا (لندن)
سفر وسياحة أسواق العيد في ميونخ (الشرق الاوسط)

جولة على أجمل أسواق العيد في ألمانيا

الأسواق المفتوحة تجسد روح موسم الأعياد في ألمانيا؛ حيث تشكل الساحات التي تعود إلى العصور الوسطى والشوارع المرصوفة بالحصى

«الشرق الأوسط» (لندن)

سوق البحرين العتيقة... روح البلد وعنوان المقاهي القديمة والجلسات التراثية

سوق المنامة القديم (إنستغرام)
سوق المنامة القديم (إنستغرام)
TT

سوق البحرين العتيقة... روح البلد وعنوان المقاهي القديمة والجلسات التراثية

سوق المنامة القديم (إنستغرام)
سوق المنامة القديم (إنستغرام)

«إن أعدنا لك المقاهي القديمة، فمن يُعِد لك الرفاق؟» بهذه العبارة التي تحمل في طياتها حنيناً عميقاً لماضٍ تليد، استهل محمود النامليتي، مالك أحد أقدم المقاهي الشعبية في قلب سوق المنامة، حديثه عن شغف البحرينيين بتراثهم العريق وارتباطهم العاطفي بجذورهم.

فور دخولك بوابة البحرين، والتجول في أزقة السوق العتيقة، حيث تمتزج رائحة القهوة بنكهة الذكريات، تبدو حكايات الأجداد حاضرة في كل زاوية، ويتأكد لك أن الموروث الثقافي ليس مجرد معلم من بين المعالم القديمة، بل روح متجددة تتوارثها الأجيال على مدى عقود.

«مقهى النامليتي» يُعدُّ أيقونة تاريخية ومعلماً شعبياً يُجسّد أصالة البحرين، حيث يقع في قلب سوق المنامة القديمة، نابضاً بروح الماضي وعراقة المكان، مالكه، محمود النامليتي، يحرص على الوجود يومياً، مرحباً بالزبائن بابتسامة دافئة وأسلوب يفيض بكرم الضيافة البحرينية التي تُدهش الزوار بحفاوتها وتميّزها.

مجموعة من الزوار قدموا من دولة الكويت حرصوا على زيارة مقهى النامليتي في سوق المنامة القديمة (الشرق الأوسط)

يؤكد النامليتي في حديثه لـ«الشرق الأوسط» أن سوق المنامة القديمة، الذي يمتد عمره لأكثر من 150 عاماً، يُعد شاهداً حيّاً على تاريخ البحرين وإرثها العريق، حيث تحتضن أزقته العديد من المقاهي الشعبية التي تروي حكايات الأجيال وتُبقي على جذور الهوية البحرينية متأصلة، ويُدلل على أهمية هذا الإرث بالمقولة الشعبية «اللي ما له أول ما له تالي».

عندما سألناه عن المقهى وبداياته، ارتسمت على وجهه ابتسامة وأجاب قائلاً: «مقهى النامليتي تأسس قبل نحو 85 عاماً، وخلال تلك المسيرة أُغلق وأُعيد فتحه 3 مرات تقريباً».

محمود النامليتي مالك المقهى يوجد باستمرار للترحيب بالزبائن بكل بشاشة (الشرق الأوسط)

وأضاف: «في الستينات، كان المقهى مركزاً ثقافياً واجتماعياً، تُوزع فيه المناهج الدراسية القادمة من العراق، والكويت، ومصر، وكان يشكل ملتقى للسكان من مختلف مناطق البلاد، كما أتذكر كيف كان الزبائن يشترون جريدة واحدة فقط، ويتناوبون على قراءتها واحداً تلو الآخر، لم تكن هناك إمكانية لأن يشتري كل شخص جريدة خاصة به، فكانوا يتشاركونها».

وتضم سوق المنامة القديمة، التي تعد واحدة من أقدم الأسواق في الخليج عدة مقاه ومطاعم وأسواق مخصصة قديمة مثل: مثل سوق الطووايش، والبهارات، والحلويات، والأغنام، والطيور، واللحوم، والذهب، والفضة، والساعات وغيرها.

وبينما كان صوت كوكب الشرق أم كلثوم يصدح في أرجاء المكان، استرسل النامليتي بقوله: «الناس تأتي إلى هنا لترتاح، واحتساء استكانة شاي، أو لتجربة أكلات شعبية مثل البليلة والخبيصة وغيرها، الزوار الذين يأتون إلى البحرين غالباً لا يبحثون عن الأماكن الحديثة، فهي موجودة في كل مكان، بل يتوقون لاكتشاف الأماكن الشعبية، تلك التي تحمل روح البلد، مثل المقاهي القديمة، والمطاعم البسيطة، والجلسات التراثية، والمحلات التقليدية».

جانب من السوق القديم (الشرق الاوسط)

في الماضي، كانت المقاهي الشعبية - كما يروي محمود النامليتي - تشكل متنفساً رئيسياً لأهل الخليج والبحرين على وجه الخصوص، في زمن خالٍ من السينما والتلفزيون والإنترنت والهواتف المحمولة. وأضاف: «كانت تلك المقاهي مركزاً للقاء الشعراء والمثقفين والأدباء، حيث يملأون المكان بحواراتهم ونقاشاتهم حول مختلف القضايا الثقافية والاجتماعية».

عندما سألناه عن سر تمسكه بالمقهى العتيق، رغم اتجاه الكثيرين للتخلي عن مقاهي آبائهم لصالح محلات حديثة تواكب متطلبات العصر، أجاب بثقة: «تمسكنا بالمقهى هو حفاظ على ماضينا وماضي آبائنا وأجدادنا، ولإبراز هذه الجوانب للآخرين، الناس اليوم يشتاقون للمقاهي والمجالس القديمة، للسيارات الكلاسيكية، المباني التراثية، الأنتيك، وحتى الأشرطة القديمة، هذه الأشياء ليست مجرد ذكريات، بل هي هوية نحرص على إبقائها حية للأجيال المقبلة».

يحرص العديد من الزوار والدبلوماسيين على زيارة الأماكن التراثية والشعبية في البحرين (الشرق الأوسط)

اليوم، يشهد الإقبال على المقاهي الشعبية ازدياداً لافتاً من الشباب من الجنسين، كما يوضح محمود النامليتي، مشيراً إلى أن بعضهم يتخذ من هذه الأماكن العريقة موضوعاً لأبحاثهم الجامعية، مما يعكس اهتمامهم بالتراث وتوثيقه أكاديمياً.

وأضاف: «كما يحرص العديد من السفراء المعتمدين لدى المنامة على زيارة المقهى باستمرار، للتعرف عن قرب على تراث البحرين العريق وأسواقها الشعبية».