صقور الحرب في روسيا وأهميتهم

يفضلون التصعيد العسكري وقد يستهدفون إسقاط بوتين إذا تصرف بشكل مختلف

رمضان قديروف أمير الحرب الشيشاني (أرشيفية)
رمضان قديروف أمير الحرب الشيشاني (أرشيفية)
TT

صقور الحرب في روسيا وأهميتهم

رمضان قديروف أمير الحرب الشيشاني (أرشيفية)
رمضان قديروف أمير الحرب الشيشاني (أرشيفية)

يرى ستيفن سيستانوفيتش، الخبير الأميركي وكبير زملاء الدراسات الروسية والأوروآسيوية في مجلس العلاقات الخارجية الأميركي، أن الآراء التي تتدفق من جانب المتشددين داخل المؤسسات شبه العسكرية ووسائل الإعلام ومؤسسات الأمن القومي، توفر أدلة مهمة على الاتجاه الذي سيتخذه بوتين في الحرب ضد أوكرانيا. وقال سيستانوفيتش في تقرير نشره مجلس العلاقات الخارجية الأميركي، إن العديد من المراقبين يرون أن حرب روسيا التي تواجه فشلاً ضد أوكرانيا منحت القوة للمنتقدين المتشددين للرئيس فلاديمير بوتين. ويتردد أن ما يطلق عليهم صقور الحرب يفضلون التصعيد العسكري القوي، وربما حتى يستهدفون إسقاط بوتين إذا تصرف بشكل مختلف. ولكن من هم هؤلاء الأشخاص؟ وهل يضعون قيوداً على خيارات بوتين؟ وهل يمكن أن يشكلوا تهديداً لسلطته حقاً؟
أوضح سيستانوفيتش، أن هؤلاء المتشددين ينقسمون إلى ثلاث مجموعات: 1 - المنتقدون للحملة الراهنة في أوكرانيا، ويقود بعضهم وحدات شبه عسكرية، وبشكل خاص رمضان قديروف، أمير الحرب الشيشاني، ويفجيني بريجوجين، الذي يدير مجموعة المرتزقة الروسية (فاغنر)، وإيجور جيركين، وهو قائد القوات الخاصة الانفصالية في شرق أوكرانيا في عام 2014.
2 - تضم المجموعة الثانية الشخصيات الإعلامية التي تنفجر ليلاً في البرامج الحوارية على التلفزيون الحكومي، والتي تطورت لغتها الخطابية بشكل مستمر لتصبح أكثر عدوانية مع كل نكسة عسكرية روسية. وتضم هذه المجموعة مارجريتا سيمونيان، رئيسة تحرير شبكة «آر تي»، شبكة الدعاية الرئيسية في روسيا. ومن بينهم أيضاً مدونون متعطشون للدماء و«صحافيون» عسكريون على وسائل التواصل الاجتماعي، خاصة «تلغرام»، وهو تطبيق الرسائل الروسي الشهير (الذي لا يزال غير خاضع نسبياً للسيطرة).

3 - وتعدّ المجموعة الثالثة، الأقل ظهوراً: وتضم متذمرين مفترضين (لكن يصعب تحديدهم) داخل مؤسسات قطاع الأمن القومي. واعتبر العديد من المراقبين تعيين قائد جديد للحملة الأوكرانية وهو الجنرال سيرغي سوروفيكين، الأسبوع الماضي، بمثابة تنازل للمتشددين. (وكان سوروفيكين قد أشرف على العمليات الجوية الروسية أثناء الحرب الأهلية السورية وقضى عقوبة في السجن لقيادته جنوداً قتلوا المتظاهرين المطالبين بالديمقراطية عام 1991). كما أن الرئيس السابق ديمتري ميدفيديف، الذي يشغل حالياً منصب نائب رئيس مجلس الأمن القومي الروسي، قد أضاف لهجة متشددة لتصريحاته، حيث دعا مؤخراً إلى القضاء التام على النظام «النازي» في أوكرانيا. وقال سيستانوفيتش، الذي عمل في وقت سابق مستشاراً خاصاً لوزير الخارجية الأميركي وكان كبير مسؤولي الوزارة بالنسبة للسياسة تجاه روسيا وغيرها من دول الاتحاد السوفياتي السابق، إن من المهم أن يتم إدراك تحذيرين بشأن تأثير من يسمون بصقور موسكو؛ التحذير الأول: هو أنه لا يوجد دليل حقيقي على أنهم، من خلال الدعوة لأشكال متنوعة من التصعيد ضد أوكرانيا، يقفون بشكل أساسي ضد تفضيلات بوتين. ومثل أي عدد من القادة السياسيين في وقت الحرب، كان بوتين يأمل في كل مرحلة من القتال أن يحقق أهدافه بثمن بخس، وهكذا فقد أيَّد في بداية الحرب شن ضربات سريعة ضد كييف وغيرها من المدن، ثم تحول إلى استراتيجية إنهاك القوات الأوكرانية من دون تعبئة حاشدة أو تجنيد إجباري. ومع استغلال هذين الأسلوبين، اضطر بوتين إلى تجربة شيء مختلف في الأسابيع الأخيرة.
التحذير الآخر: هو أنه ليس صحيحاً افتراض أن أياً من هؤلاء الأشخاص أو الفصائل لديه قاعدة قوة مستقلة تسمح له بتقديم أجندات سياسته الخاصة أو تحدي بوتين بشكل مباشر. فهم جميعاً - من قديروف وبريجوجين وجيركين إلى ميدفيديف وسيمونيان - مستفيدون بدرجة كبيرة من سياسات الرئيس ورعايته في الماضي. وفي الوقت الراهن، من الممكن أن يساعد حديثهم المتشدد بوتين من خلال إظهار أن ممارساته تعكس إجماعاً داخل الطبقة السياسية، وليس مجرد رد على سياساته الخاصة الفاشلة.
ورأى سيستانوفيتش، وهو حاصل على الدكتوراه من جامعة هارفارد وأستاذ الدبلوماسية بجامعة كولومبيا، أنه في الوقت الحالي، يتفق المنتقدون المتشددون بشكل أساسي مع تفضيلات بوتين الواضحة: لاتباع نهج أكثر قوة يهدد مناطق أكثر من أوكرانيا (وربما كلها) بالألم والحزن اللذين لم يشعر بهما سوى أولئك الذين يعيشون بالقرب من الخطوط الأمامية في الأشهر السبعة الماضية. وسيكون هناك حساب أكثر تشدداً بين النخبة السياسية الروسية فقط عندما يصبح من الواضح أن جولة جديدة من التصعيد فشلت في مساعدة القوات الروسية على صد القوات الأوكرانية ومنعها من التقدم. وكلما كانت تكلفة التحرك أكثر، أراد بوتين قبولاً من الآخرين يدعم شرعية تصرفاته.
واعتبر سيستانوفيتش، كما نقلت عنه الوكالة الألمانية، أنه إذا تم الوصول إلى هذا الإدراك وعندما يتم ذلك، فإنه سيكون اختباراً لمدى تشدد المجموعات خارج إطار بيروقراطية الأمن القومي أو داخلها. وفي الواقع من المرجح للغاية أن يتعاون الاثنان. وإذا استمر التأييد الكامل للتصعيد بين المعلقين التلفزيونيين والقادة شبه العسكريين، فإنه سيظهر بشكل مؤكد أن هذه الآراء موجودة داخل دائرة مستشاري بوتين. من جانبهم، سيراقب الرئيس ومستشاروه الرد الشعبي على إمكانية مواصلة الحرب «الخطيرة بشكل متزايد».
ورأى سيستانوفيتش، أن آراء صقور موسكو الآخذة في التطور تستحق المراقبة لسبب آخر: لأنها ربما تقدم إشارات مبكرة على اهتمام بخفض التصعيد. فإذا تحولت أي مجموعة من دائرة مستشاري بوتين لتأييد تقليص الخسائر وإنهاء الحرب، فإن هذا التفضيل أيضاً يمكن استعراضه واختباره من خلال مواقف الشخصيات الإعلامية والمؤثرة، أو حتى في تصريحات أشخاص مثل بريجوجين وجيركين. وفي حال مواجهة الهزيمة، سيحتاج بوتين إلى آخرين ليشاركوه اللوم ولا يتحمله بمفرده. واختتم سيستانوفيتش تقريره بالقول، إن أي حرب فاشلة، يمكن أن تؤدي في نهاية الأمر إلى اضطراب سياسي في روسيا وإلى قيادة جديدة. في الوقت نفسه، ربما يساعد المتشددون الداعون إلى التصعيد بوتين في التعامل مع التحديات التي يواجهها.


مقالات ذات صلة

أميركا وأوكرانيا تستعدان من جديد لتوقيع صفقة المعادن

العالم صورة ملتقطة في 28 فبراير 2025 في العاصمة الأميركية واشنطن تظهر الرئيس الأميركي دونالد ترمب يرحب بنظيره الأوكراني فولوديمير زيلينسكي قبل اجتماعهما في البيت الأبيض (د.ب.أ)

أميركا وأوكرانيا تستعدان من جديد لتوقيع صفقة المعادن

قال 4 أشخاص مطلعون، الثلاثاء، إن إدارة الرئيس الأميركي ترمب وأوكرانيا تخططان لتوقيع صفقة المعادن التي نوقشت كثيراً في أعقاب اجتماع كارثي في البيت الأبيض.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
أوروبا الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون (يسار) ورئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر (وسط) والرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي يحضرون اجتماعاً في لندن (إ.ب.أ)

ماكرون يرحب بنية زيلينسكي «استئناف الحوار» مع ترمب

رحب الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، الثلاثاء، بنية نظيره الأوكراني فولوديمير زيلينسكي «استئناف الحوار مع الولايات المتحدة الأميركية»، وفق ما أفاد الإليزيه.

«الشرق الأوسط» (باريس)
العالم سيكون لتجميد المساعدات العسكرية الأميركية لأوكرانيا لفترة طويلة تأثير كبير في المجالات التي يصعب على الأوروبيين تعويضها (أ.ب)

معدات عسكرية أميركية يصعب على الأوروبيين تعويضها لأوكرانيا

لا شك في أن تجميد المساعدات العسكرية الأميركية لأوكرانيا، لفترة طويلة، سيكون له تأثير كبير في المجالات التي يصعب على الأوروبيين تعويضها.

«الشرق الأوسط» (باريس)
أوروبا الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي (يسار) يتحدث مع الرئيس الأميركي دونالد ترمب (وسط) ونائب الرئيس الأميركي جي دي فانس (يمين) بالمكتب البيضاوي بالبيت الأبيض (إ.ب.أ) play-circle

رغم تجميد المساعدات... أوكرانيا «مصممة» على التعاون مع أميركا

أعلنت أوكرانيا الثلاثاء أنها «مصممة» على مواصلة التعاون مع الولايات المتحدة ولا تزال تريد ضمانات أمنية ذات «أهمية وجودية» بالنسبة إليها

«الشرق الأوسط» (كييف)
أوروبا صورة ملتقطة في 1 مارس 2025 في العاصمة البريطانية لندن تظهر الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي خلال لقائه رئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر (د.ب.أ)

زيلينسكي: أوكرانيا مستعدة للعمل في ظل «قيادة ترمب القوية» لتحقيق السلام

قال الرئيس الأوكراني زيلينسكي، الثلاثاء، إنه يريد «تصحيح الأمور» مع الرئيس الأميركي ترمب، ويريد العمل تحت «القيادة القوية» لترمب لضمان سلام دائم في أوكرانيا.

«الشرق الأوسط» (كييف)

أميركا وأوكرانيا تستعدان من جديد لتوقيع صفقة المعادن

صورة ملتقطة في 28 فبراير 2025 في العاصمة الأميركية واشنطن تظهر الرئيس الأميركي دونالد ترمب يرحب بنظيره الأوكراني فولوديمير زيلينسكي قبل اجتماعهما في البيت الأبيض (د.ب.أ)
صورة ملتقطة في 28 فبراير 2025 في العاصمة الأميركية واشنطن تظهر الرئيس الأميركي دونالد ترمب يرحب بنظيره الأوكراني فولوديمير زيلينسكي قبل اجتماعهما في البيت الأبيض (د.ب.أ)
TT

أميركا وأوكرانيا تستعدان من جديد لتوقيع صفقة المعادن

صورة ملتقطة في 28 فبراير 2025 في العاصمة الأميركية واشنطن تظهر الرئيس الأميركي دونالد ترمب يرحب بنظيره الأوكراني فولوديمير زيلينسكي قبل اجتماعهما في البيت الأبيض (د.ب.أ)
صورة ملتقطة في 28 فبراير 2025 في العاصمة الأميركية واشنطن تظهر الرئيس الأميركي دونالد ترمب يرحب بنظيره الأوكراني فولوديمير زيلينسكي قبل اجتماعهما في البيت الأبيض (د.ب.أ)

قال 4 أشخاص مطلعون، الثلاثاء، إن إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترمب وأوكرانيا تخططان لتوقيع صفقة المعادن التي نوقشت كثيراً في أعقاب اجتماع كارثي في ​​المكتب البيضاوي، يوم الجمعة، الذي تم فيه طرد الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي من المبنى.

وقال 3 من المصادر إن الرئيس الأميركي دونالد ترمب أبلغ مستشاريه أنه يريد الإعلان عن الاتفاقية في خطابه أمام الكونغرس، مساء الثلاثاء، محذرين من أن الصفقة لم يتم توقيعها بعد، وأن الوضع قد يتغير.

تم تعليق الصفقة يوم الجمعة، بعد اجتماع مثير للجدل في المكتب البيضاوي بين ترمب والرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، الذي أسفر عن رحيل الزعيم الأوكراني السريع من البيت الأبيض. وكان زيلينسكي قد سافر إلى واشنطن لتوقيع الصفقة.

في ذلك الاجتماع، وبّخ ترمب ونائب الرئيس جيه دي فانس زيلينسكي، وقالا له إنه يجب عليه أن يشكر الولايات المتحدة على دعمها بدلاً من طلب مساعدات إضافية أمام وسائل الإعلام الأميركية.

وتحدث مسؤولون أمريكيون في الأيام الأخيرة إلى مسؤولين في كييف بشأن توقيع صفقة المعادن على الرغم من الخلاف الذي حدث يوم الجمعة، وحثوا مستشاري زيلينسكي على إقناع الرئيس الأوكراني بالاعتذار علناً لترمب، وفقاً لأحد الأشخاص المطلعين على الأمر.

يوم الثلاثاء، نشر زيلينسكي على موقع «إكس»، أن أوكرانيا مستعدة لتوقيع الصفقة، ووصف اجتماع المكتب البيضاوي بأنه «مؤسف».

وقال زيلينسكي، في منشوره: «اجتماعنا في واشنطن، في البيت الأبيض يوم الجمعة، لم يسر بالطريقة التي كان من المفترض أن يكون عليها. أوكرانيا مستعدة للجلوس إلى طاولة المفاوضات في أقرب وقت ممكن لإحلال السلام الدائم».

ولم يتضح ما إذا كانت الصفقة قد تغيرت. ولم يتضمن الاتفاق الذي كان من المقرر توقيعه الأسبوع الماضي أي ضمانات أمنية صريحة لأوكرانيا، لكنه أعطى الولايات المتحدة حقّ الوصول إلى عائدات الموارد الطبيعية في أوكرانيا. كما نصّ الاتفاق على مساهمة الحكومة الأوكرانية بنسبة 50 في المائة من تحويل أي موارد طبيعية مملوكة للدولة إلى صندوق استثماري لإعادة الإعمار تديره الولايات المتحدة وأوكرانيا.

يوم الاثنين، أشار ترمب إلى أن إدارته لا تزال منفتحة على توقيع الاتفاق، وقال للصحافيين إن أوكرانيا «يجب أن تكون أكثر تقديراً».