النفط يتراجع بفعل مخاوف الركود العالمي

السعودية تؤكد على الدور المحوري لـ«أوبك بلس» في تحقيق استقرار الأسواق

منصة حفر للنفط في مجمع سكني بولاية كاليفورنيا الأميركية (أ.ف.ب)
منصة حفر للنفط في مجمع سكني بولاية كاليفورنيا الأميركية (أ.ف.ب)
TT

النفط يتراجع بفعل مخاوف الركود العالمي

منصة حفر للنفط في مجمع سكني بولاية كاليفورنيا الأميركية (أ.ف.ب)
منصة حفر للنفط في مجمع سكني بولاية كاليفورنيا الأميركية (أ.ف.ب)

تراجعت أسعار النفط خلال تعاملات أمس الثلاثاء، إذ فاقمت المخاوف من حدوث ركود عالمي، وزيادة الإصابات بفيروس كورونا في الصين، القلق من تباطؤ الطلب العالمي.
وحذر رئيس البنك الدولي ديفيد مالباس، ومديرة صندوق النقد الدولي كريستالينا غورغييفا، يوم الاثنين، من تزايد مخاطر الركود العالمي، وقالا إن التضخم لا يزال مشكلة مستمرة.
وبحلول الساعة 15:09 بتوقيت غرينتش، انخفض خام برنت 1.7 في المائة إلى 94.39 دولار للبرميل. وتراجع سعر خام غرب تكساس الوسيط الأميركي 2.06 في المائة إلى 89.25 دولار للبرميل. وقال كريغ إرلام، المحلل في «أواندا للصرافة»، وفق «رويترز»، «هناك تشاؤم متزايد في الأسواق حالياً».
وتراجعت أسعار النفط بشكل حاد بسبب المخاوف الاقتصادية بعد أن وصلت إلى ذروتها في وقت سابق هذا العام عندما اقترب خام برنت من سعر قياسي عند 147 دولاراً للبرميل، بعد أن فاقم الغزو الروسي لأوكرانيا المخاوف بشأن المعروض. وقال نعيم أسلم، المحلل في «أفاترايد»، «تصدر تحذيرات ومن بعدها تحذيرات عندما يتعلق الأمر بالنمو الاقتصادي العالمي». وإلى جانب هذه المخاوف، هناك قلق من تعرض الطلب الصيني لضربة أخرى. وعززت السلطات الفحوص للكشف عن إصابات «كورونا» في شنغهاي ومدن كبيرة أخرى، مع تزايد إصابات «كوفيد - 19» مجدداً.
كما تعرض النفط لضغط إضافي من صعود الدولار، الذي سجل أعلى مستوياته خلال أعوام وسط المخاوف إزاء مواصلة رفع أسعار الفائدة وتصاعد الحرب في أوكرانيا. ويقلل الدولار القوي الطلب على النفط لأنه يجعله أكثر تكلفة بالنسبة للمشترين الذين يستخدمون عملات أخرى.
ومن أجل الحد من الخسائر، قررت منظمة البلدان المصدرة للبترول (أوبك) وحلفاؤها، المعروفة باسم «أوبك بلس»، الأسبوع الماضي، خفض الإنتاج المستهدف بمقدار مليوني برميل يومياً. وأكد مجلس الوزراء السعودي في هذا الصدد، في اجتماعه أمس الثلاثاء، على «الدور المحوري» الذي تقوم به مجموعة «أوبك بلس» في تحقيق التوازن والاستقرار في أسواق النفط العالمية.
وفقدت روسيا حوالي 60 في المائة من مبيعات النفط الخام المحمول بالناقلات البحرية إلى أوروبا منذ بدء الغزو الروسي لأوكرانيا في أواخر فبراير (شباط) الماضي، في الوقت الذي تستعد فيه السوق الأوروبية لوقف شبه كامل لاستيراد النفط الخام الروسي بالكامل خلال 8 أسابيع في إطار أحدث عقوبات قررها الاتحاد الأوروبي على روسيا.
وذكرت وكالة «بلومبرغ»، أن شحنات النفط الخام التي وصلت إلى أوروبا خلال الأسابيع الأربعة المنتهية في 7 أكتوبر (تشرين الأول) الحالي كانت بمعدل 630 ألف برميل يومياً، مقابل 62.‏1 مليون برميل يومياً قبل غزو أوكرانيا. وتضطر ناقلات النفط المحملة بالخام الروسي الآن إلى السفر لآسيا، بخاصة الهند، لنقل الخام إلى هناك، وهو ما يعني قطع 4 أمثال المسافة التي كانت تقطعها لتفريغ حمولتها في هولندا أو 10 أمثال المسافة إلى ميناء غدانسك في بولندا قبل الغزو.
وتضمنت الجولة الأخيرة من العقوبات الأوروبية ضد روسيا، حظر حمل النفط الروسي على أي ناقلات نفط تابعة لدول الاتحاد الأوروبي إلى أي مكان في العالم، وهو ما يعني فرض مزيد من الصعوبات على صادرات النفط الروسي في الأسواق العالمية.
في الوقت نفسه، استمر تراجع صادرات النفط الروسي إلى أوروبا باستخدام الناقلات، للأسبوع الرابع على التوالي، مسجلة 604 آلاف برميل يومياً في الأسبوع المنتهي يوم 7 أكتوبر الحالي، وهو أقل مستوى خلال عام. كانت الصادرات قد انخفضت في الأسبوع السابق المنتهي في 30 سبتمبر (أيلول) الماضي بمقدار 56 ألف برميل يومياً. ولا تتضمن هذه الأرقام الصادرات الروسية إلى تركيا.
غير أن صندوق النقد الدولي قال أمس إن الركود في روسيا سيكون أخف شدة من المتوقع بسبب صادرات النفط والطلب المحلي المستقر نسبياً. وقال الصندوق إن «الانكماش في الاقتصاد الروسي أقل حدة مما كان متوقعاً، مما يعكس مرونة صادرات النفط الخام والطلب المحلي»، وتوقع في تحديث لبياناته تراجعاً بنسبة 3.4 في المائة في النشاط الاقتصادي هذا العام، مقارنة بـ6 في المائة كان قد توقعها في يونيو (حزيران).


مقالات ذات صلة

«كوب 29» في ساعاته الأخيرة... مقترح يظهر استمرار الفجوة الواسعة بشأن تمويل المناخ

الاقتصاد مفوض الاتحاد الأوروبي للعمل المناخي فوبكي هوكسترا في مؤتمر صحافي على هامش «كوب 29» (رويترز)

«كوب 29» في ساعاته الأخيرة... مقترح يظهر استمرار الفجوة الواسعة بشأن تمويل المناخ

تتواصل المفاوضات بشكل مكثّف في الكواليس للتوصل إلى تسوية نهائية بين الدول الغنية والنامية رغم تباعد المواقف في مؤتمر المناخ الخميس.

«الشرق الأوسط» (باكو)
الاقتصاد أشخاص يقومون بتعديل لافتة خارج مكان انعقاد قمة المناخ التابعة للأمم المتحدة (أ.ب)

أذربيجان تحذر: «كوب 29» لن ينجح دون دعم «مجموعة العشرين»

استؤنفت محادثات المناخ التابعة للأمم المتحدة (كوب 29)، يوم الاثنين، مع حث المفاوضين على إحراز تقدم بشأن الاتفاق المتعثر.

«الشرق الأوسط» (باكو)
الاقتصاد سفينة شحن في نهر ماين أمام أفق مدينة فرنكفورت الألمانية (رويترز)

«المركزي الألماني»: خطط ترمب الجمركية نقطة تحول في التجارة العالمية

أعرب رئيس البنك المركزي الألماني عن خشيته من حدوث اضطرابات في التجارة العالمية إذا نفّذ الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب خططه الخاصة بالتعريفات الجمركية.

«الشرق الأوسط» (برلين)
الاقتصاد لافتة للبنك المركزي الأوروبي في فرنكفورت (رويترز)

ناغل من «المركزي الأوروبي»: تفكك الاقتصاد العالمي يهدد بتحديات تضخمية جديدة

قال عضو مجلس إدارة البنك المركزي الأوروبي، يواخيم ناغل، إن هناك تهديداً متزايداً بتفكك الاقتصاد العالمي، وهو ما قد يضع البنوك المركزية أمام تحديات تضخمية جديدة.

«الشرق الأوسط» (فرنكفورت)
الاقتصاد يقف المشاركون وموظفو الأمن خارج مكان انعقاد مؤتمر الأمم المتحدة لتغير المناخ في باكو (إ.ب.أ)

الدول في «كوب 29» لا تزال بعيدة عن هدفها بشأن التمويل المناخي

كانت عوامل التشتيت أكبر من الصفقات في الأسبوع الأول من محادثات المناخ التابعة للأمم المتحدة (كوب 29)، الأمر الذي ترك الكثير مما يتعين القيام به.

«الشرق الأوسط» (باكو)

شركات البتروكيميائيات السعودية تتحول للربحية وتنمو 200% في الربع الثالث

موقع تصنيعي لـ«سابك» في الجبيل (الشركة)
موقع تصنيعي لـ«سابك» في الجبيل (الشركة)
TT

شركات البتروكيميائيات السعودية تتحول للربحية وتنمو 200% في الربع الثالث

موقع تصنيعي لـ«سابك» في الجبيل (الشركة)
موقع تصنيعي لـ«سابك» في الجبيل (الشركة)

سجلت شركات البتروكيميائيات المدرجة في السوق المالية السعودية (تداول) تحولاً كبيراً نتائجها المالية خلال الربع الثالث من 2024، مقارنةً بالربع المماثل من العام السابق، لتتحول إلى الربحية وبنسبة نمو تجاوزت 200 في المائة.إذ وصلت أرباحها إلى نحو 525 مليون دولار (1.97 مليار ريال) مقارنةً بتسجيلها خسائر في العام السابق وصلت إلى 516 مليون دولار (1.93 مليار ريال).

ويأتي هذا التحول للربحية في النتائج المالية لشركات القطاع، وتحقيقها لقفزة كبيرة في الأرباح، بفعل ارتفاع الإيرادات ودخل العمليات والهامش الربحي وزيادة الكميات والمنتجات المبيعة.

ومن بين 11 شركة تعمل في مجال البتروكيميائيات مدرجة في «تداول»، حققت 8 شركات ربحاً صافياً، وهي: «سابك»، و«سابك للمغذيات»، و«ينساب»، و«سبكيم»، و«المجموعة السعودية»، و«التصنيع»، و«المتقدمة»، و«اللجين»، في حين واصلت 3 شركات خسائرها مع تراجع بسيط في الخسائر مقارنةً بالربع المماثل من العام السابق، وهي: «كيمانول»، و«نماء»، و«كيان».

وبحسب إعلاناتها لنتائجها المالية في «السوق المالية السعودية»، حققت شركة «سابك» أعلى أرباح بين شركات القطاع والتي بلغت مليار ريال، مقارنةً بتحقيقها خسائر بلغت 2.88 مليار ريال للعام السابق، وبنسبة نمو تجاوزت 134 في المائة.

وحلت «سابك للمغذيات» في المركز الثاني من حيث أعلى الأرباح، رغم تراجع أرباحها بنسبة 21 في المائة، وحققت أرباحاً بقيمة 827 مليون ريال خلال الربع الثالث 2024، مقابل تسجيلها لأرباح بـ1.05 مليار ريال في الربع المماثل من العام السابق.

وفي المقابل، حققت «اللجين»، أعلى نسبة نمو بين الشركات الرابحة، وقفزت أرباحها بنسبة 1936 في المائة، بعد أن سجلت صافي أرباح بلغ 45.8 مليون ريال في الربع الثالث لعام 2024، مقابل أرباح بلغت 2.25 مليون ريال في العام السابق.

مصنع تابع لشركة كيميائيات الميثانول (كيمانول) (موقع الشركة)

توقعات استمرار التحسن

وفي تعليق على نتائج شركات القطاع، توقع المستشار المالي في «المتداول العربي» محمد الميموني خلال حديثه لـ«الشرق الأوسط» أن تستمر حالة التحسن في أرباح شركات قطاع البتروكيميائيات خلال الربعين المقبلين، بفعل حالة ترقب التحسن في الاقتصاد الصيني الذي يعد من أهم وأكبر المستهلكين لمنتجات شركات البتروكيميكال، والاستقرار المتوقع في الأوضاع الجيوسياسية، مضيفاً أن تلك العوامل ستعمل على بدء انفراج في أسعار منتجات البتروكيميكال، وتجاوزها للمرحلة الماضية في تدني وانخفاض أسعارها. وقال «لا أتوقع أن يكون هناك مزيد من التراجع، ومن المتوقع أن يبدأ الاستقرار في أسعار منتجات البتروكيميائيات خلال الربعين المقبلين، وهو مرهون بتحسن أسعار النفط، وتحسن الطلب على المنتجات».

وأشار الميموني إلى أن أسباب تراجع أرباح بعض شركات القطاع أو استمرار خسائرها يعود إلى انخفاض متوسط أسعار مبيعات منتجات البتروكيميكال نتيجة لاتجاه السوق والأسعار نحو الانخفاض بالإضافة إلى فترة الصيانة الدورية لعدد من مصانع شركات القطاع، وكذلك ارتفاع تكلفة وقود الديزل في الفترة منذ بداية يناير (كانون الثاني) 2024 وارتفاع تكلفة الشحن بسبب الاضطرابات الجيوسياسية التي أثرت على مسار الشحن من خلال مسار البحر الأحمر، وارتفاع تكاليف التمويل، ورغم اتجاه أسعار الفائدة نحو الانخفاض منذ سبتمبر (أيلول) الماضي، فإنه لم ينعكس بشكل جيد على وضع نتائج شركات البتروكيميكال حتى الآن، مجدِّداً توقعه بتحسن النتائج المالية لشركات القطاع خلال الربعين المقبلين.

تحسن الكفاءة التشغيلية

من جهته، قال المحلل المالي طارق العتيق، خلال حديثه لـ«الشرق الأوسط» إن شركات القطاع أظهرت منذ بداية السنة تحسناً في الكفاءة التشغيلية لجميع عملياتها وأدائها، وارتفاع في أعداد الكميات المنتجة والمبيعة، وتكيّف شركات القطاع مع تغير ظروف السوق. وقابل ذلك تحسّن ظروف السوق وزيادة الطلب على المنتجات البتروكيماوية، وتحسّن الهوامش الربحية ومتوسط الأسعار لبعض منتجات البتروكيميائيات الرئيسة.

وعّد العتيق تسجيل 8 شركات من أصل 11 شركة تعمل في القطاع، أرباحاً صافية خلال الربع الثالث، أنه مؤشر مهم على تحسن عمليات وأداء شركات القطاع، ومواكبتها لتغير الطلب واحتياج السوق، مضيفاً أن القطاع حساس جداً في التأثر بالظروف الخارجية المحيطة بالسوق وأبرزها: تذبذب أسعار النفط، والظروف والنمو الاقتصادي في الدول المستهلكة لمنتجات البتروكيميائيات وأهمها السوق الصينية، والأحداث الجيوسياسية في المنطقة وتأثيرها على حركة النقل والخدمات اللوجستية، لافتاً إلى أن تلك الظروف تؤثر في الطلب والتكاليف التشغيلية لمنتجات البتروكيميائيات، إلا أنها قد تتجه في الفترة الراهنة باتجاه إيجابي نحو تحسن السوق والطلب على منتجات البتروكيميائيات.