الفصل والحرمان من الغاز أحدث وسائل الحوثيين لحشد الطلبة والفقراء

الاحتفالات الطائفية للانقلابيين تهدد قوت الشعب اليمني

أطفال يمنيون حشدهم الحوثيون في أحد الاحتفالات الدينية في صنعاء (الشرق الأوسط)
أطفال يمنيون حشدهم الحوثيون في أحد الاحتفالات الدينية في صنعاء (الشرق الأوسط)
TT

الفصل والحرمان من الغاز أحدث وسائل الحوثيين لحشد الطلبة والفقراء

أطفال يمنيون حشدهم الحوثيون في أحد الاحتفالات الدينية في صنعاء (الشرق الأوسط)
أطفال يمنيون حشدهم الحوثيون في أحد الاحتفالات الدينية في صنعاء (الشرق الأوسط)

«اليوم اقتحموا مدرستنا وغيّروا المدير، بحجة أن الطلبة لم يشاركوا في فعالية الحوثيين بمناسبة المولد النبوي». هكذا لخّص أحد سكان مديرية العدين في محافظة إب اليمنية طريقة الحوثيين في إرغام السكان على حضور فعالياتهم الطائفية.
ولا يقتصر الأمر على المدارس، بل إنه يشمل جميع الموظفين في الدوائر الحكومية الذين يلزمون بالتوقيع في مقر الفعاليات، وكذلك يفعل مسؤولو الأحياء الذين يعاقبون الغائبين بحرمانهم من الحصة الشهرية من غاز الطبخ.
ووفق سكان وموظفين وطلاب في ثلاث من المحافظات الخاضعة لسيطرة الميلشيات، بينها العاصمة صنعاء، فإن الحوثيين يرغمون السكان على حضور فعالياتهم لإيهام العالم بأنهم يحظون بشعبية في المناطق الخاضعة لسيطرتهم، لكن الحقيقة غير ذلك، على حد تأكيد فؤاد محمد، وهو موظف حكومي في صنعاء، حيث يجزم لـ«الشرق الأوسط»، بأنه لولا العقوبات لما حضر تلك الفعاليات غير المنتمين سلالياً لهذه الميليشيات أو المستفيدين من سلطتها.
من جهته، يقول سلطان زيد، وهو من سكان إحدى القرى البعيدة في محافظة إب، إن المسلحين الحوثيين قاموا باقتحام مدرسة القرية في اليوم التالي لفعالية المولد النبوي واعتدوا بالضرب على المعلمين أمام طلابهم، ولم يغادروا إلا بعد أن قاموا بتغيير المدير بحجة عدم مشاركة الطلبة في فعالية المولد النبوي.
ويؤكد، أن كل مدير مدرسة فشل في حشد الطلاب، أو مدير جهة حكومية لم يحضر كامل الموظفين فإنه عرضة للعزل.
وفي صنعاء، يقول أحمد منصور، إن مدير شؤون الموظفين في الوزارة التي يعمل بها ألزم كل زملائه وبموجب تعليمات من الحوثيين بالتوقيع على حافظات الدوام في مدخل ميدان السبعين لتأكيد حضورهم، وذكر أنهم تلقوا تحذيرات صريحة بأن من يغيب سيُحرَم من نصف الراتب الذي يصرف كل ثلاثة أشهر، وأن آخرين يعملون في جهات إيرادية سارعوا إلى حضور الفعالية حفاظاً على وظائفهم؛ لأنهم يحصلون على رواتب شهرية، وغياب أحدهم عن أي فعالية يعني أنهم من القوى المعادية، وبالتالي سيكون أبسط عقاب للموظف هو نقله إلى جهة غير إيرادية لا يحصل فيها على راتب.
وبالمثل، يبرر خالد علي، وهو موظف حكومي من سكان محافظة ذمار، حضوره الفعالية التي أقامتها ميليشيات الحوثي بالخشية من حرمانه من المخصص الشهري من غاز الطبخ المنزلي، ويؤكد أنه بعد الفعالية ذهب إلى مسؤول الحي الذي يسكن فيه وحصل على أسطوانتي غاز بدلاً عن أسطوانة واحدة كما كان في السابق.
ويقول، إنه في العام الماضي رفض الذهاب إلى الفعالية فعانى وأسرته من انعدام الغاز المنزلي، وكان في كل مرة يبلغه مسؤول الحي بأن الكمية نفدت وأن عليه الانتظار أسبوعاً آخر.
مسؤولان في صنعاء خاضعان للحوثيين تحدثا لـ«الشرق الأوسط»، شريطة عدم ذكر اسميهما خشية الانتقام، كشفا عن أن القيادي في الميليشيات الحوثية أحمد حامد (أبو محفوظ) وهو مدير مكتب مجلس الحكم الانقلابي في مناطق سيطرة الميليشيات أشرف شخصياً على الحشد، وأنه أبلغ كل محافظي المحافظات ومديري المديريات بأن أي مدير مدرسة يفشل في إحضار طلابه إلى مقر الفعاليات يتم تغييره مباشرة.
وامتد الأمر أيضاً - بحسب المصدرَين - إلى مسؤولي القرى وشيوخ القبائل، حيث رُبط بقاؤهم في مواقعهم بقدرتهم على الحشد، كما هدد مسؤولو الميليشيات السكان بقطع المساعدات الغذائية إذا غابوا عن هذه الفعالية، مستغلين سيطرتهم على أنشطة المنظمات الإغاثية وحالة الفقر الشديدة التي يعيشها سكان الأرياف.
وبحسب ما ذكره المسؤولان، فإن التوجيهات صدرت لكل الموظفين في المحافظات بحضور الفعاليات، وأن الأمر شمل حتى عمال النظافة وأئمة المساجد، مع ملاحظتهما زيادة كبيرة في الإنفاق على فعالية المولد النبوي من عائدات هيئة الزكاة ومن عائدات هيئة الأوقاف، حيث رصد إنفاق مئات الملايين من الريالات للحشد ونقل المشاركين إلى جانب إلزام التجار بتغيير ألوان واجهات المحال وتركيب إضاءات وأعلام خضر، كما ألزم عناصر الميليشيات ملاك البنايات بعمل الشيء نفسه حتى وصل الأمر إلى مقرات بعض الأحزاب السياسية.


مقالات ذات صلة

الحوثيون يُخضعون إعلاميين وناشطين في الحديدة للتعبئة

المشرق العربي جانب من إخضاع الحوثيين سكاناً في مدينة الحديدة للتعبئة القتالية (فيسبوك)

الحوثيون يُخضعون إعلاميين وناشطين في الحديدة للتعبئة

بعد أن أخضعت العشرات منهم لدورات تدريبية تعبوية، منعت الجماعة الحوثية إعلاميين وصحافيين وناشطين حقوقيين في محافظة الحديدة اليمنية (223 كلم غرب صنعاء) من العمل.

«الشرق الأوسط» (صنعاء)
المشرق العربي جرافة حوثية تهدم محلاً تجارياً في إحدى المناطق التابعة لمحافظة الضالع (فيسبوك)

اعتداءات مسلحة أثناء تحصيل الحوثيين جبايات في الضالع

يتهم سكان محافظة الضالع اليمنية الجماعة الحوثية بارتكاب ممارسات إجرامية خلال تحصيل إتاوات تعسفية وغير قانونية من الباعة والتجار والسكان.

«الشرق الأوسط» (صنعاء)
العالم العربي مركز الملك سلمان وقع اتفاقية تعاون لتنفيذ مشروع العودة إلى المدارس في اليمن (واس)

«مركز الملك سلمان» يوقع اتفاقيات لتعزيز التعليم والصحة في اليمن

وقع «مركز الملك سلمان للإغاثة والأعمال الإنسانية»، اتفاقيات متنوعة لتعزيز القطاع التعليمي والطبي في محافظات يمنية عدة يستفيد منها ما يزيد على 13 ألف فرد.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
العالم العربي انتهاكات جسيمة بحق الصحافة والصحافيين ارتكبتها الجماعة الحوثية خلال سنوات الانقلاب والحرب (إعلام محلي)

تأسيس شبكة قانونية لدعم الصحافيين اليمنيين

أشهر عدد من المنظمات المحلية، بالشراكة مع منظمات أممية ودولية، شبكة لحماية الحريات الصحافية في اليمن التي تتعرّض لانتهاكات عديدة يتصدّر الحوثيون قائمة مرتكبيها.

محمد ناصر (تعز)
العالم العربي أطفال مرضى السرطان في محافظة إب اليمنية خلال مشاركتهم في مخيم ترفيهي (فيسبوك)

الموت يهدّد آلاف مرضى السرطان في إب اليمنية

يواجه الآلاف من مرضى السرطان في محافظة إب اليمنية خطر الموت بسبب إهمال الرعاية الطبية وسط اتهامات للجماعة الحوثية بنهب الأدوية والمعونات

«الشرق الأوسط» (صنعاء)

هوكستين: القوات الإسرائيلية ستنسحب قبل انتشار الجيش اللبناني في الجنوب

المبعوث الأميركي آموس هوكستين متحدثاً إلى الصحافة خلال زيارته لبيروت الأسبوع الماضي (أ.ف.ب)
المبعوث الأميركي آموس هوكستين متحدثاً إلى الصحافة خلال زيارته لبيروت الأسبوع الماضي (أ.ف.ب)
TT

هوكستين: القوات الإسرائيلية ستنسحب قبل انتشار الجيش اللبناني في الجنوب

المبعوث الأميركي آموس هوكستين متحدثاً إلى الصحافة خلال زيارته لبيروت الأسبوع الماضي (أ.ف.ب)
المبعوث الأميركي آموس هوكستين متحدثاً إلى الصحافة خلال زيارته لبيروت الأسبوع الماضي (أ.ف.ب)

أكد المبعوث الأميركي، آموس هوكستين، الأربعاء، أن القوات الإسرائيلية ستنسحب من المناطق الجنوبية قبل انتشار الجيش اللبناني، وذلك غداة إعلان التوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار بين إسرائيل و«حزب الله».

وأضاف هوكستين في تصريحات تلفزيونية لوسائل إعلام لبنانية: «(حزب الله) انتهك القرار 1701 لأكثر من عقدين وإذا انتهك القرارات مجدداً سنضع الآليات اللازمة لذلك».

وأعلن الرئيس الأميركي جو بايدن، أمس، وقفاً لإطلاق النار بين إسرائيل و«حزب الله» دخل حيّز التنفيذ في الرابعة صباحاً بالتوقيت المحلّي.

وقال رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو إن الاتفاق سيسمح لبلاده التي ستحتفظ «بحرية التحرّك» في لبنان، وفق قوله، بـ«التركيز على التهديد الإيراني»، وبـ«عزل» حركة «حماس» في قطاع غزة.

وقال الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون إن اتفاق وقف النار في لبنان يجب أن «يفتح الطريق أمام وقف للنار طال انتظاره» في غزة.

وأعلن الجيش اللبناني، اليوم، أنه بدأ نقل وحدات عسكرية إلى قطاع جنوب الليطاني، ليباشر تعزيز انتشاره في القطاع، بالتنسيق مع قوة الأمم المتحدة المؤقتة في لبنان (يونيفيل)، وذلك بعد اتفاق وقف إطلاق النار مع إسرائيل، الذي بدأ سريانه منذ ساعات.

وقال الجيش في بيان إن ذلك يأتي «استناداً إلى التزام الحكومة اللبنانية بتنفيذ القرار (1701) الصادر عن مجلس الأمن بمندرجاته كافة، والالتزامات ذات الصلة، لا سيما ما يتعلق بتعزيز انتشار الجيش والقوى الأمنية كافة في منطقة جنوب الليطاني».

وأضاف أن الوحدات العسكرية المعنية «تجري عملية انتقال من عدة مناطق إلى قطاع جنوب الليطاني؛ حيث ستتمركز في المواقع المحددة لها».

وكان رئيس الحكومة اللبنانية نجيب ميقاتي قد أعلن في وقت سابق أن لبنان سيعزز انتشار الجيش في الجنوب في إطار تنفيذ اتفاق وقف إطلاق النار.

وقال ميقاتي بعد جلسة حكومية إن مجلس الوزراء أكّد الالتزام بقراره «رقم واحد، تاريخ 11/10/2014، في شقه المتعلق بالتزام الحكومة اللبنانية تنفيذ قرار مجلس الأمن رقم 1701... بمندرجاته كافة لا سيما فيما يتعلق بتعزيز انتشار الجيش والقوى الأمنية كافة في منطقة جنوب الليطاني».

وطالب في الوقت نفسه «بالتزام العدو الإسرائيلي بقرار وقف إطلاق النار والانسحاب من كل المناطق والمواقع التي احتلها، تنفيذا للقرار 1701 كاملا».

وأرسى القرار 1701 وقفا للأعمال الحربية بين إسرائيل و«حزب الله» بعد حرب مدمّرة خاضاها في صيف 2006.

وينصّ القرار كذلك على انسحاب إسرائيل الكامل من لبنان، وتعزيز انتشار قوة الامم المتحدة الموقتة في لبنان (يونيفيل) وحصر الوجود العسكري في المنطقة الحدودية بالجيش اللبناني والقوة الدولية.وأعرب ميقاتي في الوقت نفسه عن أمله بأن تكون الهدنة «صفحة جديدة في لبنان... تؤدي إلى انتخاب رئيس جمهورية» بعد عامين من شغور المنصب في ظلّ الخلافات السياسية الحادة بين «حزب الله» حليف إيران، وخصومه السياسيين.

من جهته، دعا رئيس البرلمان اللبناني وزعيم حركة أمل نبيه بري النازحين جراء الحرب بين إسرائيل و«حزب الله»، للعودة إلى مناطقهم مع بدء سريان وقف إطلاق النار. وقال في كلمة متلفزة «أدعوكم للعودة إلى مسقط رؤوسكم الشامخة... عودوا إلى أرضكم التي لا يمكن أن تزداد شموخاً ومنعة إلا بحضوركم وعودتكم إليها».ودعا كذلك إلى «الإسراع في انتخاب رئيس للجمهورية» بعد عامين من شغور المنصب.

ومن المنتظر أن تتولى الولايات المتحدة وفرنسا فضلاً عن قوة الأمم المتحدة المؤقتة في لبنان (اليونيفيل) الإشراف على تنفيذ اتفاق وقف إطلاق النار، وقال هوكستين إن بلاده ستدعم الجيش اللبناني الذي سينتشر في المنطقة. وأكد: «سندعم الجيش اللبناني بشكل أوسع، والولايات المتحدة هي الداعم الأكبر له، وسنعمل مع المجتمع الدولي جنبا إلى جنب».