السعودية لتحويل بقايا أحفورية نادرة إلى مواقع سياحية

متحدث «المساحة الجيولوجية»: الاكتشافات تدل على مراحل مرت بها المملكة

أحافير من العصر الطباشيري المتأخر
أحافير من العصر الطباشيري المتأخر
TT

السعودية لتحويل بقايا أحفورية نادرة إلى مواقع سياحية

أحافير من العصر الطباشيري المتأخر
أحافير من العصر الطباشيري المتأخر

تترقب الأوساط السعودية، بمختلف نشاطاتها، تحويل مواقع أحفورية بعد تطويرها على ساحل البحر الأحمر إلى مواقع جذب سياحي، في نطاق مشروعات تطوير البحر الأحمر، وذلك بعد أن تمكنت هيئة المساحة الجيولوجية من اكتشاف بقايا حيوانات بحرية منقرضة تراوحت أعمارها ما بين 16 و80 مليون عام.
ووفقاً لبيان الهيئة، تحتوي منطقتا مشروع البحر الأحمر وآمالا، على أحافير لأنواع مختلفة من الفقاريات واللافقاريات وبقايا نباتات عاشت في بيئات بحرية ضحلة وشاطئية يعود عمرها لعصري الحياة الجيولوجية المتوسطة والحديثة (الطباشيري – ميوسين). وتدفع هذه الاكتشافات بقوة إلى ضرورة إيجاد متحف جيولوجي متكامل يحتوي على كافة الاكتشافات التي أعلنت عنها الهيئة في أوقات سابقة، ليكون رافداً في دعم قطاع السياحة والبحث العلمي من خلال جذب الزائرين من مختلف دول العالم لمشاهدة هذه الهياكل والبقايا لحيوانات انقرضت من ملايين السنين.
وقال طارق أبا الخيل، المتحدث الرسمي لهيئة المساحة الجيولوجية لـ«الشرق الأوسط» إن هذا الاكتشاف سيكون مرجعاً للبحوث والدراسات العلمية، كما يسهم في معرفة المراحل التي مرت بها السعودية، والمناطق التي غُمرت بالمياه في أوقات سابقة، موضحاً أن نجاح 5 خبراء، بخلاف العاملين في المعمل على اكتشاف هذه المعلومات، يعد عاملاً مهماً خصوصاً أنهم اعتمدوا على الدراسات السابقة وعمر الصخور لتكثيف الدراسة.
وعن وجود مواقع للعرض، قال أبا الخيل: «من أجل المحافظة على الأصل، تعمل الهيئة على صناعة صورة طبق الأصل من هذا الاكتشاف، سيتم عرضها في المعارض والمؤتمرات والمعرض الجيولوجي للهيئة، وإتاحة المجال لزيارتها من طلاب المدارس والجامعات والجهات الحكومية».


تدفع هذه الاكتشافات إلى إيجاد متحف جيولوجي متكامل

وتحدث أبا الخيل، عن خطط الهيئة قائلاً: «الهيئة لديها استراتيجية للقيام بمزيد من البحث والتنقيب في كافة المدن السعودية وفقاً للبرامج والمعطيات بشكل عام، أما فيما يتعلق بهذا الجانب فإن فريق الاستكشاف الأحفوري بمركز المسح والتنقيب في الهيئة يعمل على مواصلة أعماله البحثية في مختلف مناطق المملكة لاستكشاف مزيد من الأحافير المنقرضة منذ العصور القديمة، ومعرفة بيئاتها التي عاشت بها».
وبالعودة للأحافير، فبعضها يعود لزواحف بحرية عُثر عليها مدفونة في رواسب العصر الطباشيري المتأخر، وجرى تعريفها بـ«موساصورات، وبليزيوصورات» حيث تعد الموساصورات من الزواحف البحرية التي عاشت في حقبة الحياة الوسطى، وتميزت بجسم أسطواني ضخم كالتماسيح، ولها أطراف أمامية وخلفية على شكل زعانف تستخدم للسباحة والتوازن في الماء، وتختلف عنها البليزيوصورات بضآلة حجم جماجمها واستطالة أعناقها ونحالة أجسادها المسطحة.
وقد جرى خلال عمليات الاستكشاف استخراج عينات أحفورية من رسوبيات الإيوسين يصل عمرها إلى 45 مليون سنة، عُرفت منها فقرات صدرية لثدييات بحرية منقرضة تعود لحواري البحر أو ما يشبه الأطوم البحري الذي يتخذ المياه الضحلة الدافئة بيئة للعيش، ويتغذى على الأعشاب البحرية، كما جرى اكتشاف أجزاء من سلاحف وأطراف تماسيح عاشت في المناطق الساحلية عندما غطى بحر التيثيس معظم شبه الجزيرة العربية، وهي حقبة من التاريخ الجيولوجي تقدر بنحو 20 مليون سنة قبل انفتاح البحر الأحمر وانفصال الصفيحة العربية عن الأفريقية. وبعد ذلك انطلق فريق استكشاف الأحافير ودراسة الحياة القديمة في الهيئة، الذي بدأ أعماله مع بداية شهر فبراير (شباط) من العام الحالي 2022 في «متكون أزلم» بمنطقة تبوك على طول ساحل البحر الأحمر بين محافظتي ضباء وأملج، ليصل إلى «متكون الرشراشية» في منطقة الجوف، حيث اكتشاف نوع نادر من حيتان الإيوسين العملاقة، التي كانت تتخذ المياه الدافئة لبحر التيثس بيئة مثالية للتكاثر، ويتراوح طول الحوت المُكتشف من مقدمة رأسه إلى آخر ذيله ما بين 18 و20 متراً، وذلك اعتماداً على الهياكل المكتشفة في أماكن مختلفة من العالم.
و خَلُصت المشاهدات الميدانية والقياسات الدقيقة لجزء من العمود الفقري إلى أن الفقرات التي تم العثور عليها قد بلغ عرض إحداها 48 سنتيمتراً، وهذا ما لفت الانتباه أثناء عملية التنقيب.
وبالرجوع إلى قواعد البيانات والتصنيفات العلمية المتوفرة عالمياً، رُجِح أن يكون هذا النوع من حيتان Basilosaurus وهو من الثدييات البحرية، وهو أكبر حيتان الإيوسين.
وفي موقع سور «عسفان الأحفوري»، الذي يُعد من عصر الإيوسين المبكر، عثر الفريق على بقايا أسنان قرش وأسماك قيثارة، إضافة إلى فقرات لتماسيح وأجزاء من هياكل سلاحف، وتعتبر هذه الأحافير محور الوصل والمضاهاة بين عدة مواقع أحفورية من محافظة تربة الطائف، مروراً بهدى الشام وصولاً إلى عسفان والغولاء غرباً. وتكون سور «عسفان الأحفوري» قبل نحو 55 مليون سنة، من عصر الإيوسين الأسفل، ويقع شمال غرب محافظة عسفان بالقرب من البحر الأحمر، ويمتد طوله لأكثر من كيلو متر، ‏ويبلغ سمكه من ستة إلى تسعة أمتار، في حين يصل ارتفاعه إلى 11 متراً تقريباً، كحد أقصى، إضافة إلى رواسب جيرية تغلب عليها الصبغة الدولوماتية والجلوكونيتية الفوسفاتية، ما جعله يتميز بوجود كميات كبيرة من أحافير ثنائيات المصراع، من الجنس كارديتا، وأحافير فقارية من الأسماك الغضروفية والعظمية، وبقايا هياكل من السلاحف والتماسيح. وترسب طبقات هذا المقطع الجيولوجي في بيئة الحواجز التراكمية ذات المنشأ العضوي الجيري، وبعد عشرات الملايين من السنين ومع انفتاح البحر الأحمر أثرت الحركات الأرضية المرافقة لانفصال شبه الجزيرة العربية عن أفريقيا بإنتاج هذا التركيب الجيولوجي بعملية رفع مع دوران للطبقات الرسوبية بمقدار قريب من العمودي.



مدافعون عن هانيبال القذافي يطالبون مجدداً بإطلاق سراحه من لبنان

صورة لهانيبال القذافي في 2009 خلال مشاركته في عرض بمناسبة الذكرى الـ40 لقيام نظام والده معمر القذافي (غيتي)
صورة لهانيبال القذافي في 2009 خلال مشاركته في عرض بمناسبة الذكرى الـ40 لقيام نظام والده معمر القذافي (غيتي)
TT

مدافعون عن هانيبال القذافي يطالبون مجدداً بإطلاق سراحه من لبنان

صورة لهانيبال القذافي في 2009 خلال مشاركته في عرض بمناسبة الذكرى الـ40 لقيام نظام والده معمر القذافي (غيتي)
صورة لهانيبال القذافي في 2009 خلال مشاركته في عرض بمناسبة الذكرى الـ40 لقيام نظام والده معمر القذافي (غيتي)

أعادت الأحداث والتطورات التي شهدتها سوريا خلال الأيام الأخيرة، ملف هانيبال نجل الرئيس الليبي الراحل معمر القذافي، المعتقل في لبنان، إلى واجهة الأحداث ثانيةً، في ظل تزايد المطالب بضرورة الإفراج عنه.

وعجّت حسابات مؤيدين للنظام السابق على مواقع التواصل الاجتماعي بدعوات موجهة للسلطات الليبية بضرورة الاهتمام بقضية هانيبال، والعمل على إطلاق سراحه، أو إخضاعه لـ«محاكمة عادلة» من قبل القضاء اللبناني، بدل الإبقاء عليه معتقلاً في ظل «وضع صحي سيئ».

الرئيس الراحل القذافي مع عدد من أفراد عائلته (أرشيفية - الشرق الأوسط)

وجرى إيقاف هانيبال في لبنان منذ 9 سنوات، بداعي «إخفاء معلومات تتعلق باختفاء مؤسس المجلس الإسلامي الشيعي الأعلى، الإمام موسى الصدر، خلال زيارته إلى ليبيا في أغسطس (آب) 1978، بدعوة من القذافي الأب».

ويستند المدافعون عن هانيبال في مطالبتهم بضرورة إطلاق سراحه، وعدم الإبقاء عليه محبوساً «دون محاكمة عادلة»، إلى «أدلة ملموسة». وفي هذا السياق، يرى رئيس المجلس الأعلى لقبائل ومدن الجنوب، الشيخ علي مصباح أبو سبيحة، أن هانيبال «مسجون في لبنان تعسفياً بقانون القوة، وليس بقوة القانون».

علي أبو سبيحة (الشرق الأوسط)

واختطف مجهولون هانيبال عام 2015 في سوريا قرب الحدود اللبنانية بعد خداعه، وتم تسليمه إلى السلطات اللبنانية، ومنذ ذلك الحين يقبع في السجن. في حين تتهم «حركة أمل» الشيعية اللبنانية التي أسسها الصدر، نظام القذافي بإخفاء الإمام.

ويرى أبو سبيحة في حديثه إلى «الشرق الأوسط» أنه في ظل الأحداث المتسارعة، وضبابية دور كل طرف من الأطراف المتدخّلة في أحداث المنطقة، لم يعد واضحاً في الوقت الراهن «من هي أكثر جهة تأثيراً على (حركة أمل)» التي قال إنها «الجهة المسؤولة عن اعتقال هانيبال».

وشدد أبو سبيحة على أن هانيبال «لم يرتكب أي جرم»، وأوضح أن سنه عندما غُيّب الصدر «كانت تقارب عامين ونصف العام فقط». ومن هذا المنطلق، يرى ضرورة «تجريم من خطفه من سوريا وأدخله إلى لبنان، وحجر على حريته دون أي سند قانوني».

صورة لهانيبال القذافي من محبسه (أرشيفية - قناة «الجديد» اللبنانية)

وكان القاضي اللبناني، حسن الشامي، مقرر لجنة المتابعة الرسمية لقضية اختفاء الصدر، قد تحدث في أغسطس 2023 عن «اعتراف» سابق منسوب لهانيبال، وقال في تصريحات تلفزيونية إنه «أدلى بمعلومات في عشرات الصفحات عن عملية إخفاء الصدر، من بينها تحديد إقامته في مكان سري بمدينة جنزور ما بين عامي 1978 و1982، وتورّط عبد السلام جلود، رئيس وزراء ليبيا سابقاً عام 1978، والضابط الليبي محمد علي الرحيبي، في هذه الجريمة». غير أن عدداً من المدافعين عن هانيبال شككوا في هذا الاعتراف، وقالوا إن نجل القذافي «أُخضع للتعذيب، والصور ومقاطع الفيديو المسرّبة من لبنان تظهر مدى وحشية سجّانيه»، وتمسكوا برواية «صغر سِنه» عند اختفاء الصدر.

وراجت في ليبيا شائعة العثور على اسم الإمام الصدر ضمن قائمة تضم ضحايا «سجن صيدنايا» السوري، قبل أن تنفي عائلته بشكل رسمي ما تم تداوله على وسائل التواصل الاجتماعي، وتتمسك بأن «الإمام ومرافقيه الشيخ محمد يعقوب والصحافي عباس بدر الدين، هم قيد الاحتجاز في مكانٍ ما في ليبيا، كما بينت التحقيقات القضائية».

وفي ظل الإبقاء على هانيبال معتقلاً دون محاكمة، وظهور تقارير تشير إلى اعتلال صحته، تزداد التساؤلات في ليبيا عن مصيره. وهنا يرى الدكتور عقيلة دلهوم، رئيس اللجنة الحقوقية والإعلامية لهانيبال، أن قضية اختفاء الإمام موسى الصدر «تثير تساؤلات قانونية وأخلاقية بشأن استمرار احتجاز هانيبال في لبنان».

صورة أرشيفية لهانيبال (أ.ب)

ويقول دلهوم لـ«الشرق الأوسط» إن السلطات اللبنانية «تصرّ على فرضية اختفاء الإمام الصدر في ليبيا، رغم غياب الأدلة وفشل التحقيقات»، كما «تجاهلت اعترافات إيطالية سابقة تؤكد دخوله أراضيها بعد مغادرته ليبيا، مما يكشف خللاً في مسار التحقيق».

وأظهرت صور لهانيبال في أبريل (نيسان) 2024، نُسبت إلى تلفزيون لبناني، وجوده في مكان ضيق، كما نقل عنه أن «وضعه غير جيد، حيث يُحتجز في غرفة تحت الأرض تتسع فقط لبعض الاحتياجات والأدوية، وتتضمن حماماً بكرسي أرضي، ويفتقد الأكسجين».

ولفت دلهوم إلى ضرورة «التعامل مع القضية بإنصاف، بدلاً من تحميل هانيبال القذافي مسؤولية إخفاء معلومات لا علاقة له بها مطلقاً؛ ولذا صار من الواجب القانوني والأخلاقي الإفراج عنه».

وتتمسك الرواية الليبية في عهد معمر القذافي بأن الصدر غادر ليبيا إلى العاصمة الإيطالية روما، إلا أن الجانب اللبناني يرفضها. وسبق أن دعا دلهوم إلى «تحرّك فعلي من قِبل السلطات الليبية والمجتمع الدولي لإنهاء معاناة هانيبال، وضمان حصوله على محاكمة عادلة، أو الإفراج عنه إذا لم تكن هناك تهم واضحة ضده».

وكانت السلطتان الليبية واللبنانية قد تواصلتا في يناير (كانون الثاني) الماضي بشأن هانيبال، حيث زار وفد مكون من ثلاثة موظفين كبار من وزارة العدل بحكومة «الوحدة»، العاصمة بيروت لمتابعة ملف نجل القذافي، واتفقوا على التعاون في قضيته. وكان مقرراً أن يعود الوفد الليبي إلى بيروت في فبراير (شباط) الماضي لاستكمال التباحث حول هذه القضية، لكن لم يحدد، بحسب مصادر بالوزارة، موعد جديد، وهو ما أبقى على ملف القضية دون تقدم حتى الآن.