حقيبة سوداء غامضة لا تفارق الرئيس الأميركي... ما سرها؟

جندي أميركي يحمل الحقيبة السوداء التي تُعرف باسم «كرة القدم» على متن طائرة الرئاسة الأميركية (أ.ب)
جندي أميركي يحمل الحقيبة السوداء التي تُعرف باسم «كرة القدم» على متن طائرة الرئاسة الأميركية (أ.ب)
TT

حقيبة سوداء غامضة لا تفارق الرئيس الأميركي... ما سرها؟

جندي أميركي يحمل الحقيبة السوداء التي تُعرف باسم «كرة القدم» على متن طائرة الرئاسة الأميركية (أ.ب)
جندي أميركي يحمل الحقيبة السوداء التي تُعرف باسم «كرة القدم» على متن طائرة الرئاسة الأميركية (أ.ب)

قد لا تبدو الحقيبة السوداء التي يطلق عليها «كرة القدم النووية» ذات أهمية من حيث الشكل، لكنها ترافق الرئيس الأميركي أينما ذهب ولا تفارق يد عسكري، فهي تحتوي على رموز وخطط تمكن الرئيس من الإيذان بشن ضربات نووية. وتسمح هذه الحقيبة للرئيس أن يختار من قائمة من الأهداف، في أي مكان في العالم.
وفي البيت الأبيض توجد غرفة العمليات «سيتيويشن روم» التي يستطيع فيها الرئيس إصدار أمر شن حرب والتواصل مع قادة عسكريين.
لكن عندما توجّه جو بايدن مثلاً إلى بورتوريكو وفلوريدا ونيويورك ونيوجيرزي وماريلاند خلال فترة بضعة أيام في شهر أكتوبر (تشرين الأول)، سافر كالعادة برفقة «كرة القدم».
ويرى بايدن أن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين يهدد بـ«معركة نهاية العالم» عندما يلمح إلى استخدام أسلحة نووية ضد أوكرانيا.
والرد الأميركي، إن حدث، يمكن أن يصدر من داخل سيارة الليموزين المعروفة باسم «ذا بيست» (الوحش)، أو من الطائرة الرئاسية «إير فورس وان»، أو من موقع محصن سري.
أو في الواقع، من أي مكان يتواجد فيه الرئيس و«كرة القدم» سوياً.
شاهد الناس لمحات لـ«كرة القدم» المعروفة رسمياً باسم حقيبة الطوارئ الرئاسية، منذ تصوير أحدهم وهو يحملها خلف جون إف كينيدي في منزل عائلته المطل على البحر في هيانيس بورت، بولاية ماساتشوستس عام 1963، ورافقت أخرى رونالد ريغان في الساحة الحمراء خلال قمته مع ميخائيل غورباتشوف في 1988.
وهناك عنصر سري آخر مهم لشن حرب نووية يحمل بدوره اسماً مستعاراً هو «البسكويت».
وإذا كانت «كرة القدم» تتضمن قائمة الخطط الحربية فإن «البسكويت» تحتوي على «الرموز الذهبية» التي يمكن للرئيس من خلالها التعريف عن نفسه وتوجيه الأمر.
والرموز بحجم بطاقات ائتمان، وإحداها يجب أن تكون بحوزة الرئيس دائماً.
والقطعتان بالغتا السرية وتحظيان بحراسة أمنية مفرطة، لكن كل قطعة منهما كان لها نصيبها من الحظ العاثر.
ويُعتقد أن بيل كلينتون وضع قطعة «البسكويت» في غير مكانها، في حين تلك التي كان يحملها ريغان رُمي بها عن غير قصد مع ملابسه في كيس بلاستيكي في مستشفى عندما نُزعت ملابسه لتحضيره لجراحة بعد إطلاق النار عليه في واشنطن في 1981.
وعندما اقتحم أنصار دونالد ترمب مبنى الكابيتول في 6 يناير (كانون الثاني) 2021، اضطر نائبه مايك بنس إلى الهرب إلى مكان آمن، مع مرافق عسكري يحمل «كرة القدم» التي ترافق دائماً خلَف الرئيس.
وهرم القيادة، من الناحية القانونية، قصير جداً.
وبحسب «خدمة أبحاث الكونغرس»، فإن «الرئيس الأميركي يمتلك السلطة المنفردة لإعطاء إذن استخدام الأسلحة النووية الأميركية».
ويتعين على الرئيس التعريف عن نفسه (برموز «البسكويت») ويمكنه مناقشة الخيارات مع كبار القادة العسكريين، وربما يقوم بذلك.
لكن حتى لو «طلب الرؤساء المشورة» من أفراد الجيش «فإن هؤلاء المستشارين مطالبون بعد ذلك بنقل وتنفيذ الأوامر التي تجيز استخدام الأسلحة النووية»، كما جاء في تحليل الكونغرس.
ثم ينتقل الأمر عبر المراتب العسكرية وصولاً إلى العناصر الذين يقومون على تشغيل الأزرار في صوامع أو غواصات أو في الجو.
في مذكرة أرسلت إلى الكونغرس في 2021، يوضح رئيس هيئة الأركان المشتركة الجنرال مارك ميلي، بأنه حتى هو ليس ضمن «سلسلة القيادة» إنما فقط في «سلسلة الاتصالات».
لا يحمل الرئيس زراً أحمر كبيراً يضغط عليه، وكل أوامره يجب أن تمر عبر مجموعات من الأشخاص قبل أن تصبح واقعاً.
ويتوجب على أفراد الجيش الأميركي عدم إطاعة أوامر غير قانونية. وكما قال جون هايتن، قائد القيادة الاستراتيجية الأميركية (ستراتكوم) في 2017، «نفكر كثيراً في هذه المسائل».
وأضاف «إذا كان الأمر غير قانوني، أتعلم ما سيحدث؟ سأقول (سيدي الرئيس، الأمر غير قانوني) وهل تعلم ما سيفعل؟ سيقول (ما هو الشيء القانوني؟) وسنأتي بخيارات، وبمجموعة من القدرات للاستجابة على الوضع مهما كان، وهكذا يحصل الأمر، ولا ينطوي على تعقيدات».
وفي أوضاع أكثر خطورة يمكن للحكومة نظرياً أن تتدخل وتجرد الرئيس من سلطاته بتفعيل التعديل الـ25.
ولم يسبق أن حصل ذلك، رغم تقارير عديدة عن حصول نقاشات على مستوى عالٍ بهذا الشأن خلال رئاسة ترمب الفوضوية.
مع ذلك، قد يحصل تغير أقل خطورة بكثير في سلسلة القيادة فيما يتعلّق بإجراءات طبية مخطط لها. وهكذا كان 19 نوفمبر (تشرين الثاني) 2021 يوماً غير مسبوق: فقد خضع بايدن للتخدير لإجراء تنظير للقولون وأصبحت نائبته كامالا هاريس أول امرأة في الولايات المتحدة تتولى مهام القائد الأعلى للقوات المسلحة - لمدة 85 دقيقة حارسة لقطعة «البسكويت» و«كرة القدم».



روته: يجب على «الناتو» تبني «عقلية الحرب» في ضوء الغزو الروسي لأوكرانيا

TT

روته: يجب على «الناتو» تبني «عقلية الحرب» في ضوء الغزو الروسي لأوكرانيا

صورة التُقطت 4 ديسمبر 2024 في بروكسل ببلجيكا تظهر الأمين العام لحلف «الناتو» مارك روته خلال مؤتمر صحافي (د.ب.أ)
صورة التُقطت 4 ديسمبر 2024 في بروكسل ببلجيكا تظهر الأمين العام لحلف «الناتو» مارك روته خلال مؤتمر صحافي (د.ب.أ)

وجّه الأمين العام لحلف شمال الأطلسي (الناتو) مارك روته، الخميس، تحذيراً قوياً بشأن ضرورة «زيادة» الإنفاق الدفاعي، قائلاً إن الدول الأوروبية في حاجة إلى بذل مزيد من الجهود «لمنع الحرب الكبرى التالية» مع تنامي التهديد الروسي، وقال إن الحلف يحتاج إلى التحول إلى «عقلية الحرب» في مواجهة العدوان المتزايد من روسيا والتهديدات الجديدة من الصين.

وقال روته في كلمة ألقاها في بروكسل: «نحن لسنا مستعدين لما ينتظرنا خلال أربع أو خمس سنوات»، مضيفاً: «الخطر يتجه نحونا بسرعة كبيرة»، وفق «وكالة الصحافة الفرنسية».

وتحدّث روته في فعالية نظمها مركز بحثي في بروكسل تهدف إلى إطلاق نقاش حول الاستثمار العسكري.

جنود أميركيون من حلف «الناتو» في منطقة قريبة من أورزيسز في بولندا 13 أبريل 2017 (رويترز)

ويتعين على حلفاء «الناتو» استثمار ما لا يقل عن 2 في المائة من إجمالي ناتجهم المحلي في مجال الدفاع، لكن الأعضاء الأوروبيين وكندا لم يصلوا غالباً في الماضي إلى هذه النسبة.

وقد انتقدت الولايات المتحدة مراراً الحلفاء الذين لم يستثمروا بما يكفي، وهي قضية تم طرحها بشكل خاص خلال الإدارة الأولى للرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب.

وأضاف روته أن الاقتصاد الروسي في «حالة حرب»، مشيراً إلى أنه في عام 2025، سيبلغ إجمالي الإنفاق العسكري 7 - 8 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي للبلاد - وهو أعلى مستوى له منذ الحرب الباردة.

وبينما أشار روته إلى أن الإنفاق الدفاعي ارتفع عما كان عليه قبل 10 سنوات، عندما تحرك «الناتو» لأول مرة لزيادة الاستثمار بعد ضم روسيا شبه جزيرة القرم من طرف واحد، غير أنه قال إن الحلفاء ما زالوا ينفقون أقل مما كانوا ينفقونه خلال الحرب الباردة، رغم أن المخاطر التي يواجهها حلف شمال الأطلسي هي «بالقدر نفسه من الضخامة إن لم تكن أكبر» (من مرحلة الحرب الباردة). واعتبر أن النسبة الحالية من الإنفاق الدفاعي من الناتج المحلي الإجمالي والتي تبلغ 2 في المائة ليست كافية على الإطلاق.

خلال تحليق لمقاتلات تابعة للـ«ناتو» فوق رومانيا 11 يونيو 2024 (رويترز)

وذكر روته أنه خلال الحرب الباردة مع الاتحاد السوفياتي، أنفق الأوروبيون أكثر من 3 في المائة من ناتجهم المحلي الإجمالي على الدفاع، غير أنه رفض اقتراح هذا الرقم هدفاً جديداً.

وسلَّط روته الضوء على الإنفاق الحكومي الأوروبي الحالي على معاشات التقاعد وأنظمة الرعاية الصحية وخدمات الرعاية الاجتماعية مصدراً محتملاً للتمويل.

واستطرد: «نحن في حاجة إلى جزء صغير من هذه الأموال لجعل دفاعاتنا أقوى بكثير، وللحفاظ على أسلوب حياتنا».