كشفت مجموعة من الشخصيات السياسية والحقوقية التونسية عن مبادرة سياسية داعمة للمسار التصحيحي الذي أعلنه الرئيس التونسي قيس سعيد في 25 يوليو (تموز) عام 2021.
وحملت المبادرة شعار «لينتصر الشعب»، حيث قدمها مؤسسوها على أنها «ليست مجرد أداة انتخابية بل انصهار نضالي على أساس مهمة مرحلية بالغة الأهمية، لمواجهة تحديات 17 ديسمبر (كانون الأول) 2022 وما بعدها، وتعبير مكثف عن مشروع وطني متكامل في شتى المجالات».
وضمت المبادرة التي أعلن عنها أول من أمس الأحد، عدة شخصيات سياسية عبرت عن مواقف معادية للائتلاف السياسي السابق الذي تزعمته حركة «النهضة» الإسلامية.
ومن هذه الشخصيات، مباركة براهمي النائبة البرلمانية السابقة وهي زوجة محمد البراهمي النائب بالبرلمان الذي اغتيل عام 2013، وإبراهيم بودربالة العميد السابق للمحامين، ورضا شهاب المكي (عضو الحملة الانتخابية لقيس سعيد)، وعبد المجيد بلعيد (ناشط سياسي وشقيق شكري بلعيد القيادي اليساري الذي اغتيل بدوره سنة 2013)، وهيكل بلقاسم النائب السابق عن «الجبهة الشعبية»، وزهير حمدي «التيار الشعبي» ومحمد علي بوغديري الأمين العام المساعد سابقاً في «الاتحاد العام التونسي للشغل»، ومحمد سعد وهو كذلك الأمين العام المساعد الأسبق في «الاتحاد العام التونسي للشغل»، وأحمد شفطر (عضو الحملة التفسيرية ومن أشد المدافعين عن المشروع السياسي لقيس سعيد).
وتأتي هذه المبادرة، وفقاً لمؤسسيها أيضا، كـ«إطار وطني شعبي كفاحي أفقي ومفتوح لعموم الشعب التونسي ولكل قواه المتنوعة المؤمنة بعمق مسار 17 ديسمبر - 25 يوليو 2021 والقاطعة كلياً مع منظومة ما قبل 2010 وما قبل 2021» لإنجاز التغيير السياسي والاجتماعي والاقتصادي العميق والمضي في بناء الجمهورية الجديدة، ودعم وتوحيد وتقريب كل مناضلات ومناضلي هذا الخط الوطني السيادي.
وفي هذا الشأن، قال المحلل السياسي التونسي جمال العرفاوي لـ«الشرق الأوسط»، إن هذه المبادرة جاءت متزامنة مع دعوة حركة «النهضة» الإسلامية المناهضة لخيارات قيس سعيد، للنزول إلى الشارع وتنظيم وقفة احتجاجية وسط العاصمة التونسية في 15 أكتوبر (تشرين الأول) الحالي، وهي بذلك قد تكون معبرة عن موقف داعم لقيس سعيد في مواجهة خصومه. أضاف أن هذه المبادرة تأتي خلال فترة «ضعف» تمر بها السلطة القائمة نتيجة تراجعها عن محتوى القانون الانتخابي الجديد الذي أعده الرئيس التونسي بنفسه ليؤكد تعهده بالتراجع عن شرط التزكيات الضرورية للترشح للانتخابات البرلمانية المقبلة.
على صعيد آخر، دعا ائتلاف «صمود» الذي يضم مجموعة من التيارات السياسية اليسارية، التونسيين إلى «مقاطعة هذه الانتخابات ترشحاً وتزكية وانتخاباً»، معلناً «تخليه نهائياً عن كل أشكال المساندة للمسار الذي فرضه رئيس الجمهورية بشكل أحادي، لتركيز نظام سياسي رئاسي هجين».
وقال حسام الحامي المنسق العام لهذا الائتلاف السياسي الذي تشكل بعد الثورة، إن قيادات ائتلاف «صمود» تطالب بـ«التنسيق الحثيث والجدي من أجل إنقاذ الانتقال الديمقراطي في تونس بتنظيم سلسلة من التحركات السلمية في كافة الجهات، وتحرك وطني احتجاجي سلمي لإنقاذ المسار الديمقراطي في تونس».
وأكد تمسكه بـ«محاسبة منظومات الفساد والإرهاب وإصلاح المنظومة السياسية والانتخابية من أجل تكريس دولة القانون الضامنة للتعددية والتداول السلمي على السلطة، الحامية للحقوق والحريات».
كما اعتبر أن القانون الانتخابي الجديد «غير دستوري» لتناقضه مع الفصل 51 من دستور 2022، الذي ينص على أن الدولة تسعى إلى تحقيق التناصف في المجالس المنتخبة، مؤكداً أن هذا القانون سيفرض «انتخابات تشريعية غير قانونية، وسينبثق عنها مجلس غير شرعي».
وكانت حركة «النهضة»، وهي من أبرز معارضي المسار السياسي لقيس سعيد، قد دعت إلى «التصدي للانقلاب وتصعيد الاحتجاجات السلمية ضد السلطة التي أفسدت الحياة السياسية وحولت الأزمة الاقتصادية إلى كارثة تهدد قوت الناس ومعاشهم». وشددت على ضرورة «استعادة المسار الديمقراطي والحفاظ على مكاسب الثورة في الحرية والديمقراطية والكرامة الوطنية».
ونبهت إلى «خطورة مشروع قيس سعيد على الدولة والمجتمع، حيث اعتمد على نظام الاقتراع على الأفراد بما يؤدي إلى ضرب مبدأ تكافؤ الفرص والمساواة بين المواطنين، وتعمد إقصاء الأحزاب والمرأة والشباب». وأشارت إلى أن ذلك سيفرز بدوره «شبه برلمان، مشتتاً وغير مستقر، فاقداً للكفاءات، كما هو فاقد للصلاحيات». وأضافت أن «تقسيم الدوائر الانتخابية بشكل اعتباطي يفتح الباب أمام إثارة العصبيات الجهوية والعروشية والعائلية، وأمام سلطة المال السياسي واللوبيات الفاسدة».
أزمة وقود
حياتياً، شهدت أغلب محطات الوقود في العاصمة التونسية أمس زحاماً شديداً بسبب النقص الكبير في المحروقات.
واصطفت طوابير طويلة من السيارات منذ الأحد أمام محطات الوقود في العاصمة والمدن المجاورة لها بحثاً عن التزود بالبنزين، وخلت بعض المحطات من الوقود تماماً.
وقالت وزيرة الصناعة والطاقة والمناجم نائلة نويرة القنجي أمس إن أزمة التزويد سببها الاضطرابات في الأسواق العالمية.
وكشف مسؤول في نقابة النفط والغاز بالاتحاد العام التونسي للشغل، في تصريح لإذاعة خاصة أن المخزون الاستراتيجي للمحروقات المتوافر لا يكفي إلا لأسبوع واحد بعدما كان في حدود 60 يوماً.