موسكو تدفع باتجاه تفعيل العملية السياسية لحل الأزمة السورية.. والنظام غير متحمس

المبعوث الخاص للرئيس الروسي التقى وفدًا من الائتلاف المعارض في أنقرة

موسكو تدفع باتجاه تفعيل العملية السياسية لحل الأزمة السورية.. والنظام غير متحمس
TT

موسكو تدفع باتجاه تفعيل العملية السياسية لحل الأزمة السورية.. والنظام غير متحمس

موسكو تدفع باتجاه تفعيل العملية السياسية لحل الأزمة السورية.. والنظام غير متحمس

تنصبّ اللقاءات التي عقدها ميخائيل بوغدانوف، المبعوث الخاص للرئيس الروسي إلى الشرق الأوسط ودول أفريقيا ونائب وزير الخارجية، في أنقرة، خلال الساعات الماضية، بإطار المساعي الروسية لتفعيل العملية السياسية لحل الأزمة السورية بعد فشل مؤتمري «موسكو 1» و«موسكو 2» بإحداث أي خرق يُذكر على هذا الصعيد.
وبدا لافتًا الاجتماع الذي جمع بوغدانوف يوم الأربعاء الماضي بوفد من الهيئة السياسية للائتلاف المعارض في مبنى السفارة الروسية في أنقرة، تباحث خلاله الطرفان بسبل العودة إلى طاولة المفاوضات مع النظام والجهود التي تبذل لمحاربة تنظيم داعش المتطرف.
وأعلنت وزارة الخارجية الروسية، أن الجانب الروسي أكد، خلال المحادثات مع وفد جمع كلا من هادي البحرة وبدر جاموس وأحمد رمضان وحسان الهاشمي وصلاح درويش، ضرورة تنشيط الجهود من أجل تسوية الأزمة في سوريا بطرق سياسية في أسرع وقت، عبر إقامة عملية الحوار بين الحكومة السورية وممثلي المعارضة الداخلية والخارجية على أساس بيان جنيف بتاريخ 30 يونيو (حزيران) عام 2012.
وأشارت الوزارة في بيان إلى أنّه تم التركيز خلال اللقاء على «مهمة تنسيق مواقف وخطوت دمشق والمعارضة البناءة الرامية إلى مكافحة الإرهابيين الدوليين الذين يشكلون خطرا أمام سوريا كدولة موحدة وذات سيادة».
كما ذكرت الخارجية الروسية أن الجانبين تبادلا الآراء حول نتائج المشاورات السورية - السورية، التي جرت بموسكو، باعتبارها فعاليات تمهيدية لعقد مفاوضات «جنيف - 3»، علما بأن الائتلاف كان قد قاطع لقاء «موسكو - 2» التشاوري في شهر أبريل (نيسان) الماضي. وأوضح عضو الهيئة السياسية في الائتلاف أحمد رمضان الذي شارك في اللقاء مع بوغدانوف، أن «الاجتماع تم بطلب من الروس، وقد تم خلاله استعراض الوضع السياسي بشكل موسع مع تأكيد وفد الائتلاف على أهمية استئناف العملية السياسية بناء على ما تم التوصل إليه في جنيف 2». وقال رمضان لـ«الشرق الأوسط»: «قد شددنا على مسؤولية الجانب الروسي بالضغط على النظام للالتزام بقرارات مجلس الأمن ودفعه إلى طاولة التفاوض للعمل على نقل السلطة وتشكيل هيئة حكم انتقالي».
ولفت رمضان إلى أنه «تم إبلاغ بوغدانوف بتحفظ الائتلاف على المشاركة بمؤتمرات تعقد هنا وهناك، لما قد يشكله ذلك من ضرب للمرجعية الدولية التي نتمسك فيها لرعاية أي عملية سياسية». وأضاف: «كما أكدنا على أهمية انفتاح روسيا على السوريين والشعب السوري وعدم حصر علاقتها بالنظام، وأبلغنا بوغدانوف أننا سنتعاطى بإيجابية مع أي تحرك روسي لتفعيل المفاوضات شرط أن تلعب موسكو دورًا حياديًا».
وعرض الائتلاف وجهة نظره لكيفية مواجهة الإرهاب وتنظيم داعش المتطرف، وأشار رمضان إلى أن «الوفد أكد للمسؤول الروسي، على أن الأساس في عملية محاربة الإرهاب هو تشكيل سلطة مركزية سيادية بسوريا تكون على شكل هيئة حكم انتقالي تتولى الموضوع، على أن يترافق ذلك مع اتفاق أميركي - روسي يساعد في تذليل العقبات لتطبيق ما ورد في بيان جنيف».
وكشفت مصادر سوريا مطلعة لـ«الشرق الأوسط»، أن «وفدا رفيعا من النظام سيزور موسكو نهاية الشهر الحالي للقاء المسؤولين الروس»، لافتة إلى أن «النظام مستاء وغير متحمس لمحاولات روسيا الدفع باتجاه تفعيل العملية السياسية التي يعتبر أنها لا تصب لصالحه في المرحلة الحالية، نظرا إلى أنه سيكون الطرف الأضعف على طاولة المفاوضات بسبب الهزائم المتتالية على الأرض».
وأكد الوفد على أن بدء مفاوضات جديدة في جنيف يجب أن يسبقه توضيح حول أجندة الاجتماع، وأن يكون على رأسها تطبيق بيان جنيف بشكل كامل والقاضي بإقامة هيئة الحكم الانتقالية كاملة الصلاحيات، وإلا فإن نظام الأسد سيبقى يتلاعب ويضيع الوقت لعدم الوصول إلى حل سياسي في سوريا.
كما تم التأكيد على أنه لا يمكن لإيران أن تكون حاضرة ضمن أي مفاوضات جديدة في جنيف دون اعترافها ببيان جنيف القاضي بتشكيل هيئة الحكم الانتقالية. وطالب الوفد بتعيين ممثل دائم لدى المعارضة السورية لزيادة التواصل مع روسيا.
وأفاد موقع «روسيا اليوم» بمحادثات عقدها بوغدانوف مع نظيره التركي فريدون سينيرلي أوغلو، بحثا خلالها «جميع المسائل الملحّة للأجندة في الشرق الأوسط، وأكدا الحاجة إلى إجراء حوار سياسي دائم بين موسكو وأنقرة حول أهم تطورات الأوضاع في المنطقة». وأفادت وزارة الخارجية الروسية بأن الطرفين تبادلا الآراء حول الوضع الناشئ في سوريا والعراق وليبيا واليمن، بالتركيز على قضايا التسوية السياسية للأزمات في هذه الدول في أسرع وقت، بالإضافة إلى تقديم مساعدة إنسانية للسكان المتضررين جراء استمرار النزاعات السياسية - العسكرية هناك. كما تطرق الدبلوماسيان الروسي والتركي إلى عدد من القضايا الدولية ذات الاهتمام المتبادل.



الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
TT

الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)

ضمن مخاوف الجماعة الحوثية من ارتدادات تطورات الأوضاع في سوريا على قوتها وتراجع نفوذ محور إيران في منطقة الشرق الأوسط؛ صعّدت الجماعة من ممارساتها بغرض تطييف المجتمع واستقطاب أتباع جدد ومنع اليمنيين من الاحتفال بسقوط نظام بشار الأسد.

واستهدفت الجماعة، حديثاً، موظفي مؤسسات عمومية وأخرى خاصة وأولياء أمور الطلاب بالأنشطة والفعاليات ضمن حملات التعبئة التي تنفذها لاستقطاب أتباع جدد، واختبار ولاء منتسبي مختلف القطاعات الخاضعة لها، كما أجبرت أعياناً قبليين على الالتزام برفد جبهاتها بالمقاتلين، ولجأت إلى تصعيد عسكري في محافظة تعز.

وكانت قوات الحكومة اليمنية أكدت، الخميس، إحباطها ثلاث محاولات تسلل لمقاتلي الجماعة الحوثية في جبهات محافظة تعز (جنوب غربي)، قتل خلالها اثنان من مسلحي الجماعة، وتزامنت مع قصف مواقع للجيش ومناطق سكنية بالطيران المسير، ورد الجيش على تلك الهجمات باستهداف مواقع مدفعية الجماعة في مختلف الجبهات، وفق ما نقله الإعلام الرسمي.

الجيش اليمني في تعز يتصدى لأعمال تصعيد حوثية متكررة خلال الأسابيع الماضية (الجيش اليمني)

وخلال الأيام الماضية اختطفت الجماعة الحوثية في عدد من المحافظات الخاضعة لسيطرتها ناشطين وشباناً على خلفية احتفالهم بسقوط نظام الأسد في سوريا، وبلغ عدد المختطفين في صنعاء 17 شخصاً، قالت شبكة حقوقية يمنية إنهم اقتيدوا إلى سجون سرية، في حين تم اختطاف آخرين في محافظتي إب وتعز للأسباب نفسها.

وأدانت الشبكة اليمنية للحقوق والحريات حملة الاختطافات التي رصدتها في العاصمة المختطفة صنعاء، مشيرة إلى أنها تعكس قلق الجماعة الحوثية من انعكاسات الوضع في سوريا على سيطرتها في صنعاء، وخوفها من اندلاع انتفاضة شعبية مماثلة تنهي وجودها، ما اضطرها إلى تكثيف انتشار عناصرها الأمنية والعسكرية في شوارع وأحياء المدينة خلال الأيام الماضية.

وطالبت الشبكة في بيان لها المجتمع الدولي والأمم المتحدة والمنظمات الحقوقية بإدانة هذه الممارسات بشكل واضح، بوصفها خطوة أساسية نحو محاسبة مرتكبيها، والضغط على الجماعة الحوثية للإفراج عن جميع المختطفين والمخفيين قسراً في معتقلاتها، والتحرك الفوري لتصنيفها منظمة إرهابية بسبب تهديدها للأمن والسلم الإقليميين والدوليين.

تطييف القطاع الطبي

في محافظة تعز، كشفت مصادر محلية لـ«الشرق الأوسط» عن أن الجماعة الحوثية اختطفت عدداً من الشبان في منطقة الحوبان على خلفية إبداء آرائهم بسقوط نظام الأسد، ولم يعرف عدد من جرى اختطافهم.

تكدس في نقطة تفتيش حوثية في تعز حيث اختطفت الجماعة ناشطين بتهمة الاحتفال بسقوط الأسد (إكس)

وأوقفت الجماعة، بحسب المصادر، عدداً كبيراً من الشبان والناشطين القادمين من مناطق سيطرة الحكومة اليمنية، وأخضعتهم للاستجواب وتفتيش متعلقاتهم الشخصية وجوالاتهم بحثاً عمّا يدل على احتفالهم بتطورات الأحداث في سوريا، أو ربط ما يجري هناك بالوضع في اليمن.

وشهدت محافظة إب (193 كيلومتراً جنوب صنعاء) اختطاف عدد من السكان للأسباب نفسها في عدد من المديريات، مترافقاً مع إجراءات أمنية مشددة في مركز المحافظة ومدنها الأخرى، وتكثيف أعمال التحري في الطرقات ونقاط التفتيش.

إلى ذلك، أجبرت الجماعة عاملين في القطاع الطبي، بشقيه العام والخاص، على حضور فعاليات تعبوية تتضمن محاضرات واستماع لخطابات زعيمها عبد الملك الحوثي، وشروحات لملازم المؤسس حسين الحوثي، وأتبعت ذلك بإجبارهم على المشاركة في تدريبات عسكرية على استخدام مختلف الأسلحة الخفيفة والمتوسطة والقنابل اليدوية وزراعة الألغام والتعامل مع المتفجرات.

وذكرت مصادر طبية في صنعاء أن هذه الإجراءات استهدفت العاملين في المستشفيات الخاصعة لسيطرة الجماعة بشكل مباشر، سواء العمومية منها، أو المستشفيات الخاصة التي استولت عليها الجماعة بواسطة ما يعرف بالحارس القضائي المكلف بالاستحواذ على أموال وممتلكات معارضيها ومناهضي نفوذها من الأحزاب والأفراد.

زيارات إجبارية للموظفين العموميين إلى معارض صور قتلى الجماعة الحوثية ومقابرهم (إعلام حوثي)

وتتزامن هذه الأنشطة مع أنشطة أخرى شبيهة تستهدف منتسبي الجامعات الخاصة من المدرسين والأكاديميين والموظفين، يضاف إليها إجبارهم على زيارة مقابر قتلى الجماعة في الحرب، وأضرحة عدد من قادتها، بما فيها ضريح حسين الحوثي في محافظة صعدة (233 كيلومتراً شمال صنعاء)، وفق ما كانت أوردته «الشرق الأوسط» في وقت سابق.

وكانت الجماعة أخضعت أكثر من 250 من العاملين في الهيئة العليا للأدوية خلال سبتمبر (أيلول) الماضي، وأخضعت قبلهم مدرسي وأكاديميي جامعة صنعاء (أغلبهم تجاوزوا الستين من العمر) في مايو (أيار) الماضي، لتدريبات عسكرية مكثفة، ضمن ما تعلن الجماعة أنه استعداد لمواجهة الغرب وإسرائيل.

استهداف أولياء الأمور

في ضوء المخاوف الحوثية، ألزمت الجماعة المدعومة من إيران أعياناً قبليين في محافظة الضالع (243 كيلومتراً جنوب صنعاء) بتوقيع اتفاقية لجمع الأموال وحشد المقاتلين إلى الجبهات.

موظفون في القطاع الطبي يخضعون لدورات قتالية إجبارية في صنعاء (إعلام حوثي)

وبينما أعلنت الجماعة ما وصفته بالنفير العام في المناطق الخاضعة لسيطرتها من المحافظة، برعاية أسماء «السلطة المحلية» و«جهاز التعبئة العامة» و«مكتب هيئة شؤون القبائل» التابعة لها، أبدت أوساط اجتماعية استياءها من إجبار الأعيان والمشايخ في تلك المناطق على التوقيع على وثيقة لإلزام السكان بدفع إتاوات مالية لصالح المجهود الحربي وتجنيد أبنائهم للقتال خلال الأشهر المقبلة.

في السياق نفسه، أقدمت الجماعة الانقلابية على خصم 10 درجات من طلاب المرحلة الأساسية في عدد من مدارس صنعاء، بحة عدم حضور أولياء الأمور محاضرات زعيمها المسجلة داخل المدارس.

ونقلت المصادر عن عدد من الطلاب وأولياء أمورهم أن المشرفين الحوثيين على تلك المدارس هددوا الطلاب بعواقب مضاعفة في حال استمرار تغيب آبائهم عن حضور تلك المحاضرات، ومن ذلك طردهم من المدارس أو إسقاطهم في عدد من المواد الدراسية.

وأوضح مصدر تربوي في صنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن تعميماً صدر من قيادات عليا في الجماعة إلى القادة الحوثيين المشرفين على قطاع التربية والتعليم باتباع جميع الوسائل للتعبئة العامة في أوساط أولياء الأمور.

مقاتلون حوثيون جدد جرى تدريبهم وإعدادهم أخيراً بمزاعم مناصرة قطاع غزة (إعلام حوثي)

ونبه المصدر إلى أن طلب أولياء الأمور للحضور إلى المدارس بشكل أسبوعي للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة هو أول إجراء لتنفيذ هذه التعبئة، متوقعاً إجراءات أخرى قد تصل إلى إلزامهم بحضور فعاليات تعبوية أخرى تستمر لأيام، وزيارة المقابر والأضرحة والمشاركة في تدريبات قتالية.

وبحسب المصدر؛ فإن الجماعة لا تقبل أي أعذار لتغيب أولياء الأمور، كالسفر أو الانشغال بالعمل، بل إنها تأمر كل طالب يتحجج بعدم قدرة والده على حضور المحاضرات بإقناع أي فرد آخر في العائلة بالحضور نيابة عن ولي الأمر المتغيب.