التصعيد في أوكرانيا وصورة «القائد القوي»

TT

التصعيد في أوكرانيا وصورة «القائد القوي»

تذهب الأمم إلى الحرب بما تملك من عتاد وعديد، خاصة إذا فرضت عليها واعتبرتها حرب وجود. الحرب في أوكرانيا ليست حرب حياة أو موت بالنسبة لروسيا، لا بل هي حرب خيار واعٍ للرئيس بوتين له أبعاده المتعددة. لكن الحرب وجودية بالنسبة «لأوكرانيا الجديدة» إذا صح التعبير. إذا تعثر الرئيس فلاديمير بوتين في أوكرانيا، تُضرب صورته كقائد قوي. كما تُضرب صورة الجيش الروسي، الذي من المفروض أن يكون منصة الانطلاق لروسيا لاسترجاع موقعها بين القوى العظمى.
بعد الهزائم المتكررة للجيش الروسي في الشرق الأوكراني وفي الجنوب، تضاءلت خيارات الرئيس بوتين العسكرية. فهو قائد يدير السياسة والعسكر معاً، وبطريقة الميكرو - إدارة (Micro Manager). وكل تراجع في الميدان، سيُحسب عليه شخصياً. فالحرب بالنسبة له، أصبحت الآن حرباً شخصية، خاصة بعد التفجير الذي طال جسر كيرش، والمُعتبر إنجازاً خاصاً وتاريخياً بالنسبة له.
فماذا عن رد الرئيس بوتين على تفجير الجسر؟
قصف لأغلب المدن الأوكرانية وبكل الاتجاهات، ضمناً العاصمة كييف. طال القصف أيضاً البنى التحتية الأساسية، من معامل طاقة وسكك حديد وغيرها.
في التحليل!!!
> لا خيار آخر جاهز للرئيس بوتين للرد على تفجير جسر كيرش.
> يترافق القصف العنيف مع استمرار الجيش الأوكراني بتحقيق مكاسب على الجبهات.
> يُعتبر القصف وكأنه عقاب مباشر لكييف، أو قد يكون من ضمن التحضير لعمليات عسكرية مستقبلية، وذلك بعد جهوز الجيش الروسي، وبهدف شل كل أوكرانيا، خاصة طرق الإمدادات الآتية من الغرب عبر بولندا.
> كان من المفروض أن يكون هذا القصف في اليوم الأول لبدء الحرب في شباط الماضي، وذلك بهدف التحضير للعملية البرية. لم يحصل هذا الأمر.
> هل يُعتبر هذا القصف كنقطة تحول في مسار الحرب؟ لكن كيف؟
> يُعتبر القصف المدفعي الروسي خلال معارك مدينتي سيفريدونتسك وليسيشانسك في إقليم الدونباس، على أنه المستوى الأول من التصعيد العنفي – 60 ألف قذيفة مدفعية يومياً.
> يأتي التصعيد اليوم وكأنه المستوى الثاني من التصعيد العنفي. ولأن التصعيد يستجلب التصعيد، فكيف ستكون عليه صورة العنف في المستوى الثالث في حال لم ترتدع أوكرانيا؟ لأن عدم ارتداع أوكرانيا، سيخلق معضلة «المصداقية» للرئيس بوتين، لأن سيكون ملزماً بالرد، شرط أن يكون الرد أقسى وأعنف مما قبله.
> يقول الخبراء إن المستوى الثالث من العنف، ليس بالضرورة أن يكون نووياً تكتيكياً. ففي عام 2007، جربت روسيا وردّاً على التجربة الأميركية «لأم القنابل» (10 أطنان)، تجربة القنبلة الروسية والمُسمات «أب القنابل»، وهي قنبلة تفريغية (Thermobaric) تعطي مفعولاً تفجيرياً بقوة 44 طناً من الـ«تي.ان. تي»، لكن دون إشعاعات. لكن استعمال هذه القنبلة، يستلزم خطأ أوكرانياً أكبر من الاتهام بتفجير الجسر.
> أما النووي، وهو المستوى الأعلى من التصعيد والعنف، فله ظروف مختلفة تماماً، وهو أكثر دراماتيكية من ظروف التصعيد الحالي.
> لا يترافق تصعيد اليوم مع عمليات عسكرية برية، هذا مع التذكير بأن الحروب تُربح على الأرض، وليس من الجو أو عبر استخدام الصواريخ الباليستية.
> هل يمكن للرئيس بوتين الاستمرار بالقصف لفترات طويلة؟ ممكن، لكن ماذا عن الترسانة والمخزون في ظل العقوبات الغربية على روسيا؟
> هل سنشهد عمليات تصعيد متقطعة بين الحين والآخر حتى يجهز القائد العسكري الجديد مع وسائله الجديدة؟
> وماذا لو امتلك الجيش الأوكراني منظومات دفاع جوية قادرة على إسقاط الصواريخ الروسية. فهل سيلجأ الرئيس بوتين إلى فتح جبهة بلاروسيا؟ إن غداً لناظره قريب.


مقالات ذات صلة

زيلينسكي: هناك مزيد من الجنود الكوريين الشماليين يقاتلون في كورسك

أميركا اللاتينية قوات روسية بمنطقة كورسك على الحدود مع أوكرانيا (أ.ب)

زيلينسكي: هناك مزيد من الجنود الكوريين الشماليين يقاتلون في كورسك

قال الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، إن الجيش الروسي بدأ في نشر المزيد من الجنود الكوريين الشماليين خلال الهجمات على كورسك بالقرب من الحدود الأوكرانية.

«الشرق الأوسط» (كييف)
أوروبا الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي (قناته عبر «تلغرام»)

زيلينسكي يصدر تعليمات لإنشاء آليات لتوريد الغذاء إلى سوريا

قال الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، إنه أصدر تعليمات لحكومته بإنشاء آليات لتوريد الغذاء إلى سوريا بالتعاون مع المنظمات الدولية في أعقاب سقوط نظام الأسد.

«الشرق الأوسط» (كييف)
أوروبا عربة عسكرية أوكرانية تحمل أسرى يرتدون الزي العسكري الروسي بالقرب من الحدود مع روسيا (أ.ف.ب) play-circle 00:45

زيلينسكي: روسيا تنشر مزيداً من القوات الكورية الشمالية في كورسك

قال الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، السبت، إن موسكو بدأت إشراك «عدد ملحوظ» من القوات الكورية الشمالية.

«الشرق الأوسط» (كييف)
أوروبا جنود أوكرانيون يستعدون لتحميل قذيفة في مدفع هاوتزر ذاتي الحركة عيار 122 ملم في دونيتسك أول من أمس (إ.ب.أ)

مسيّرات أوكرانية تهاجم منشأة لتخزين الوقود في وسط روسيا

هاجمت طائرات مسيرة أوكرانية منشأة للبنية التحتية لتخزين الوقود في منطقة أوريول بوسط روسيا.

«الشرق الأوسط» (موسكو)
أوروبا الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي (قناته عبر «تلغرام»)

زيلينسكي يدعو إلى  تحرك غربي ضد روسيا بعد الهجمات الأخيرة

دعا الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، الغرب إلى التحرك في أعقاب هجوم صاروخي جديد وهجوم بالمسيرات شنتهما روسيا على بلاده

«الشرق الأوسط» (كييف)

هل يمكن رفع عقوبات الأمم المتحدة عن «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟

أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)
أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)
TT

هل يمكن رفع عقوبات الأمم المتحدة عن «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟

أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)
أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)

تخضع «هيئة تحرير الشام»، التي قادت قوات المعارضة للإطاحة بالرئيس السوري بشار الأسد، لعقوبات من الأمم المتحدة منذ فترة طويلة، وهو ما وصفه المبعوث الخاص للمنظمة الدولية إلى سوريا غير بيدرسون، بأنه «عامل تعقيد لنا جميعاً».

كانت «هيئة تحرير الشام» تُعرف في السابق باسم «جبهة النصرة»، الجناح الرسمي لتنظيم «القاعدة» في سوريا، حتى قطعت العلاقات بالتنظيم في عام 2016. ومنذ مايو (أيار) 2014، أُدرجت الجماعة على قائمة مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة لعقوبات تنظيمي «القاعدة» و«داعش»، كما فُرض عليها تجميد عالمي للأصول وحظر أسلحة.

ويخضع عدد من أعضاء «هيئة تحرير الشام» أيضاً لعقوبات الأمم المتحدة مثل حظر السفر، وتجميد الأصول، وحظر الأسلحة، ومنهم زعيمها وقائد إدارة العمليات العسكرية أحمد الشرع، المكنى «أبو محمد الجولاني»، المدرج على القائمة منذ يوليو (تموز) 2013.

وقال دبلوماسيون إنه لا يوجد حالياً أي مناقشات عن رفع العقوبات التي فرضتها الأمم المتحدة على الجماعة. ولا تمنع العقوبات التواصل مع «هيئة تحرير الشام».

لماذا تفرض الأمم المتحدة عقوبات على «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟ (رويترز)

لماذا تفرض الأمم المتحدة عقوبات على «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟

فرضت الأمم المتحدة عقوبات على «جبهة النصرة»، لأن الجماعة مرتبطة بتنظيم «القاعدة»، ولأنها كانت «تشارك في تمويل أو تخطيط أو تسهيل أو إعداد أو ارتكاب أعمال أو أنشطة» مع «القاعدة» أو دعماً لها وتستقطب أفراداً وتدعم أنشطة «القاعدة».

وجاء في قائمة العقوبات التي فرضتها الأمم المتحدة: «في يناير (كانون الثاني) 2017، أنشأت جبهة النصرة (هيئة تحرير الشام)، وسيلة لتعزيز موقعها في التمرد السوري وتعزيز أهدافها باعتبارها فرعاً لتنظيم (القاعدة) في سوريا»... ورغم وصف ظهور «هيئة تحرير الشام» بطرق مختلفة (على سبيل المثال كاندماج أو تغيير في الاسم)، فإن جبهة «النصرة» استمرت في الهيمنة والعمل من خلال «هيئة تحرير الشام» في السعي لتحقيق أهدافها.

وفُرضت عقوبات على الجولاني بسبب ارتباطه بتنظيم «القاعدة» وعمله معه.

كيف يمكن رفع عقوبات الأمم المتحدة؟

تستطيع أي دولة عضو في الأمم المتحدة في أي وقت تقديم طلب لرفع العقوبات عن كيان أو شخص إلى لجنة عقوبات تنظيمي «داعش» و«القاعدة» التابعة لمجلس الأمن الدولي المؤلف من 15 دولة.

وإذا جاء الطلب من دولة لم تقترح في البداية فرض عقوبات الأمم المتحدة، فإن اللجنة تتخذ القرار بالإجماع.

وإذا تقدمت الدولة التي اقترحت في البداية فرض العقوبات بطلب الشطب من القائمة، فسيمحى الاسم من القائمة بعد 60 يوماً، ما لم توافق اللجنة بالإجماع على بقاء التدابير.

لكن إذا لم يتم التوصل إلى إجماع، يستطيع أحد الأعضاء أن يطلب إحالة الطلب إلى مجلس الأمن للتصويت عليه في غضون 60 يوماً.

ولم تتضح بعد الدول التي اقترحت فرض عقوبات على جبهة «النصرة» والجولاني.

ويستطيع أيضاً الشخص أو الكيان الخاضع للعقوبات أن يطلب إزالة التدابير عن طريق الاتصال بأمين عام المظالم، وهو منصب أنشأه المجلس في عام 2009، ليقوم بمراجعة الطلب.

وإذا أوصى أمين عام المظالم بإبقاء اسم ما على القائمة، فسيظل مدرجاً على القائمة. وإذا أوصى أمين عام المظالم بإزالة اسم ما، فسترفع العقوبات بعد عملية قد تستغرق ما يصل إلى 9 أشهر، ما لم توافق اللجنة في وقت أسبق بالإجماع على اتخاذ إجراء أو الإحالة إلى المجلس لتصويت محتمل.

هل هناك استثناءات من العقوبات؟

يستطيع الأشخاص الخاضعون لعقوبات الأمم المتحدة التقدم بطلب للحصول على إعفاءات فيما يتعلق بالسفر، وهو ما تقرره اللجنة بالإجماع.

ويقول المجلس إن عقوباته «لا تستهدف إحداث عواقب إنسانية تضر بالسكان المدنيين».

وهناك استثناء إنساني للأمم المتحدة ومنظمات الإغاثة يسمح «بتوفير أو معالجة أو دفع الأموال أو الأصول المالية الأخرى أو الموارد الاقتصادية، أو توفير السلع والخدمات اللازمة لضمان تقديم المساعدات الإنسانية في الوقت المناسب، أو لمساندة الأنشطة الأخرى التي تدعم الاحتياجات الإنسانية الأساسية».