البعثة الأممية في العراق تدعو إلى «حوار غير مشروط»

سوق الميدان قرب جامع مدرسة الأحمدية في بغداد (أ.ف.ب)
سوق الميدان قرب جامع مدرسة الأحمدية في بغداد (أ.ف.ب)
TT

البعثة الأممية في العراق تدعو إلى «حوار غير مشروط»

سوق الميدان قرب جامع مدرسة الأحمدية في بغداد (أ.ف.ب)
سوق الميدان قرب جامع مدرسة الأحمدية في بغداد (أ.ف.ب)

دعت بعثة الأمم المتحدة لمساعدة العراق (يونامي)، الإثنين، الأطراف والقوى السياسية إلى الحوار «دون شروط» لتأليف حكومة تلبي احتياجات الشعب العراقي، وذلك غداة الذكرى الأولى للانتخابات البرلمانية العامة التي أُجريت العام الماضي من دون أن تسفر عن ولادة حكومة يفترض أن يفرزها البرلمان المنتخب.
وقالت «يونامي» في بيان «توجه العراقيون قبل عام إلى صناديق الاقتراع على أمل رسم مستقبل جديد لبلدهم، وأجريت الانتخابات بصعوبة بالغة، والتي جاءت نتيجة للضغط الشعبي من خلال احتجاجات في أرجاء البلاد ولقي فيها مئات الشباب العراقيين حتفهم وأصيب الآلاف. وللأسف، تلك الممارسة الديمقراطية أحقيتها سياسات سامية ولدت خيبة أمل عامة ومريرة». وشدد البيان على أنه «ليس لدى العراق اليوم الكثير من الوقت؛ فالأزمة التي طال أمدها تنذر بمزيد من عدم الاستقرار، والأحداث الأخيرة دليل على ذلك. وتهدد أيضاً عيش المواطنين. وعليه، يمثل إقرار ميزانية 2023 قبل نهاية العام أمراً ملحاً».
وشهدت السنة الماضية أحداثاً خطيرة تمثلت في قيام قوى «الإطار التنسيقي»، الخاسرة في الانتخابات، بتعطيل جهود الكتلة الصدرية في تشكيل الحكومة من خلال حصولها على فتوى «الثلث المعطل» من المحكمة الاتحادية؛ ما دفع مقتدى الصدر إلى سحب نوابه الـ73 من البرلمان، ودفع أتباعه إلى اقتحام مجلس النواب وتعطيل أعماله، قبل أن يأمر بانسحابهم عقب صدامات عنيفة مع ما يعتقد أنها فصائل مسلحة مناوئة للصدريين في المنطقة الرئاسية «الخضراء» وسقوط العشرات بين قتيل وجريح.
وأضاف بيان البعثة الأممية: «بُذلت جهود دؤوبة في الأسابيع والأشهر الماضية لجميع الجهات الفاعلة للشروع في طريق نحو الاستقرار السياسي، لكن دون جدوى. وحان الوقت الآن بأن تتحمل الطبقة السياسية المسؤولية ومطابقة الأقوال مع الأفعال». وأضافت «يتعين على الجهات الفاعلة كافة الانخراط في حوار دون شروط مسبقة والاتفاق بشكل جماعي على النتائج الرئيسية من خلال تقديم تنازلات تعيد التأكيد على هدفهم المعلن، ألا وهو تلبية احتياجات الشعب العراقي وتشكيل حكومة ذات صلاحيات كاملة».
وكانت رئيسة البعثة الأممية جينين بلاسخارت انتقدت القيادات السياسية بشدة الأسبوع الماضي خلال الإحاطة التي قدمتها أمام مجلس الأمن الدولي بشأن العراق، ومما قالته، إن «النظام السياسي ومنظومة الحكم في العراق يتجاهلان احتياجات الشعب. كما يمثل الفساد المستشري سبباً رئيسياً للاختلال الوظيفي في العراق. ولا يمكن لأي زعيم أن يدّعي أنه محمي منه. إن إبقاء المنظومة كما هي سوف يرتد بنتائج سلبية».
ولقي الموقف الأممي تأييداً واضحاً من السفيرين البريطاني والفرنسي؛ إذ أبدت السفارة الفرنسية في بغداد «تأييدها الكامل» لبيان البعثة الأممية في العراق، ودعت في بيان «جميع أصحاب المصلحة بشكل عاجل إلى الانخراط في حوار حقيقي دون شروط مسبقة ومع استعداد حقيقي لتقديم التنازلات». وأضافت «نعتقد أنه من الأهمية بمكان سماع أصوات النساء والرجال في المجتمع المدني، خاصة أصوات الشباب الذين يشكلون غالبية البلاد والذين يريدون مستقبلاً أفضل؛ لأن الوقت جوهري للحفاظ على استقرار العراق وتلبية الاحتياجات والتطلعات المشروعة للشعب».
كما أعرب السفير البريطاني في بغداد، مارك برايسون ريتشاردسون، عن تأييده لبيان ممثلة بعث الأمم المتحدة في العراق، قائلاً، إن «الجدل والاختلافات السياسية هي مؤشرات صحية للديمقراطية، ولكن هذه الاختلافات تحتاج إلى حل سلمي». وأضاف، أن «أعمال العنف التي شهدها العراق في الأسابيع الأخيرة غير مقبولة، ولا يمكن السماح بتكرارها».
وشدد على ضرورة أن يلتزم «جميع الأطراف بالحوار والانخراط بحسن نية والعمل معاً للتوصل إلى حل سلمي وقانوني وشامل. وينبغي استنفاد جميع إمكانيات تحقيق ذلك، وفي الوقت ذاته هناك متطلبات عاجلة مثل الميزانية التي تحتاج إلى معالجة سريعة من أجل الشعب العراقي».
وبغض النظر عن البيانات الأممية والدولية التي تحث الأطراف السياسية على تشكيل حكومة وطنية بعد عام من الانتخابات، ما زال الغموض الأخير المرتبط بموقف زعيم «التيار الصدري» مقتدى الصدر بشأن ما يجري، من بين أبرز علامات الاستفهام التي تطرحها الأوساط السياسية والشعبية. فالصدر الذي غادر البرلمان احتجاجاً على عرقلة خصومه لجهوده في تشكيل الحكومة لا يمكن أن يتجاهل كل ذلك ويسمح لهم من دون ثمن بتشكيل الحكومة الجديدة، مما يفتح باباً واسعاً على كل الاحتمالات في المرحلة المقبلة.


مقالات ذات صلة

الأمم المتحدة تحث دول جوار العراق على مساعدته في حل مشكلة نقص المياه ومخاطر الجفاف والتلوث

المشرق العربي الأمم المتحدة تحث دول جوار العراق على مساعدته في حل مشكلة نقص المياه ومخاطر الجفاف والتلوث

الأمم المتحدة تحث دول جوار العراق على مساعدته في حل مشكلة نقص المياه ومخاطر الجفاف والتلوث

حثت الممثلة الخاصة للأمين العام للأمم المتحدة لدى العراق، جينين هينيس بلاسخارت، أمس (الخميس)، دول العالم، لا سيما تلك المجاورة للعراق، على مساعدته في حل مشكلة نقص المياه ومخاطر الجفاف والتلوث التي يواجهها. وخلال كلمة لها على هامش فعاليات «منتدى العراق» المنعقد في العاصمة العراقية بغداد، قالت بلاسخارت: «ينبغي إيجاد حل جذري لما تعانيه البيئة من تغيرات مناخية». وأضافت أنه «يتعين على الدول مساعدة العراق في إيجاد حل لتأمين حصته المائية ومعالجة النقص الحاصل في إيراداته»، مؤكدة على «ضرورة حفظ الأمن المائي للبلاد».

حمزة مصطفى (بغداد)
المشرق العربي بارزاني: ملتزمون قرار عدم وجود علاقات بين العراق وإسرائيل

بارزاني: ملتزمون قرار عدم وجود علاقات بين العراق وإسرائيل

أكد رئيس إقليم كردستان العراق نيجرفان بارزاني، أمس الخميس، أن الإقليم ملتزم بقرار عدم وجود علاقات بين العراق وإسرائيل، مشيراً إلى أن العلاقات مع الحكومة المركزية في بغداد، في أفضل حالاتها، إلا أنه «يجب على بغداد حل مشكلة رواتب موظفي إقليم كردستان». وأوضح، في تصريحات بمنتدى «العراق من أجل الاستقرار والازدهار»، أمس الخميس، أن الاتفاق النفطي بين أربيل وبغداد «اتفاق جيد، ومطمئنون بأنه لا توجد عوائق سياسية في تنفيذ هذا الاتفاق، وهناك فريق فني موحد من الحكومة العراقية والإقليم لتنفيذ هذا الاتفاق».

«الشرق الأوسط» (بغداد)
المشرق العربي رئيس الوزراء العراقي: علاقاتنا مع الدول العربية بلغت أفضل حالاتها

رئيس الوزراء العراقي: علاقاتنا مع الدول العربية بلغت أفضل حالاتها

أعلن رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني أن علاقات بلاده مع الدول العربية الشقيقة «وصلت إلى أفضل حالاتها من خلال الاحترام المتبادل واحترام سيادة الدولة العراقية»، مؤكداً أن «دور العراق اليوم أصبح رياديا في المنطقة». وشدد السوداني على ضرورة أن يكون للعراق «هوية صناعية» بمشاركة القطاع الخاص، وكذلك دعا الشركات النفطية إلى الإسراع في تنفيذ عقودها الموقعة. كلام السوداني جاء خلال نشاطين منفصلين له أمس (الأربعاء) الأول تمثل بلقائه ممثلي عدد من الشركات النفطية العاملة في العراق، والثاني في كلمة ألقاها خلال انطلاق فعالية مؤتمر الاستثمار المعدني والبتروكيماوي والأسمدة والإسمنت في بغداد.

حمزة مصطفى (بغداد)
المشرق العربي السوداني يؤكد استعداد العراق لـ«مساندة شركائه الاقتصاديين»

السوداني يؤكد استعداد العراق لـ«مساندة شركائه الاقتصاديين»

أكد رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني استعداد العراق لـ«مساندة شركائه الاقتصاديين»، داعياً الشركات النفطية الموقّعة على جولة التراخيص الخامسة مع العراق إلى «الإسراع في تنفيذ العقود الخاصة بها». جاء ذلك خلال لقاء السوداني، (الثلاثاء)، عدداً من ممثلي الشركات النفطية العالمية، واستعرض معهم مجمل التقدم الحاصل في قطاع الاستثمارات النفطية، وتطوّر الشراكة بين العراق والشركات العالمية الكبرى في هذا المجال. ووفق بيان صادر عن مكتب رئيس الوزراء، وجه السوداني الجهات المختصة بـ«تسهيل متطلبات عمل ملاكات الشركات، لناحية منح سمات الدخول، وتسريع التخليص الجمركي والتحاسب الضريبي»، مشدّداً على «ضرورة مراعا

«الشرق الأوسط» (بغداد)
المشرق العربي مباحثات عراقية ـ إيطالية في مجال التعاون العسكري المشترك

مباحثات عراقية ـ إيطالية في مجال التعاون العسكري المشترك

بحث رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني مع وزير الدفاع الإيطالي غويدو كروسيتو العلاقات بين بغداد وروما في الميادين العسكرية والسياسية. وقال بيان للمكتب الإعلامي لرئيس الوزراء العراقي بعد استقباله الوزير الإيطالي، أمس، إن السوداني «أشاد بدور إيطاليا في مجال مكافحة الإرهاب، والقضاء على عصابات (داعش)، من خلال التحالف الدولي، ودورها في تدريب القوات الأمنية العراقية ضمن بعثة حلف شمال الأطلسي (الناتو)». وأشار السوداني إلى «العلاقة المتميزة بين العراق وإيطاليا من خلال التعاون الثنائي في مجالات متعددة، مؤكداً رغبة العراق للعمل ضمن هذه المسارات، بما يخدم المصالح المشتركة، وأمن المنطقة والعالم». وبي

حمزة مصطفى (بغداد)

نعيم قاسم يقر بخسارة «المقاومة» طريق إمدادها السوري

الأمين العام لجماعة «حزب الله» اللبنانية نعيم قاسم (أ.ف.ب)
الأمين العام لجماعة «حزب الله» اللبنانية نعيم قاسم (أ.ف.ب)
TT

نعيم قاسم يقر بخسارة «المقاومة» طريق إمدادها السوري

الأمين العام لجماعة «حزب الله» اللبنانية نعيم قاسم (أ.ف.ب)
الأمين العام لجماعة «حزب الله» اللبنانية نعيم قاسم (أ.ف.ب)

اعترف الأمين العام لـ«حزب الله» نعيم قاسم بخسارة طريق إمداد حزبه عبر سوريا، لكنه اعتبره «تفصيلاً صغيراً»، مراهناً على إمكانية «عودة المعبر» أو «البحث عن طريق جديد».

وفي كلمة أتت مفاجئة في توقيتها، استبعد قاسم أن «يؤثر ما حصل في سوريا على لبنان»، وقال إن حزبه «قوي ويتعافى»، مشدداً على استمرار عمله المسلح، معلناً أنه سيتعاون في إخلاء جنوب الليطاني من السلاح والمسلحين.

وشدد قاسم على أن «شرعية المقاومة تأخذها من إيمانها بقضيتها مهما كانت الإمكانات، والمقاومة قد تستمر 10 سنين أو 50 سنة وهي تربح أحياناً وتخسر أحياناً أخرى والمهم استمرارها في الميدان».

واعتبر أن «العدو أدرك أن الأفق في مواجهة مقاومة (حزب الله) مسدود فذهب إلى اتفاق إيقاف العدوان». وقال: «نحن منعنا العدو من تحقيق الشرق الأوسط الجديد عبر بوابة لبنان، ولولا صمود المقاومين لوصلت إسرائيل إلى بيروت وبدأت خطواتها اللاحقة من استيطان وتوطين». وشدّد على أن «الاتفاق هو لإيقاف العدوان وليس لوقف المقاومة، وهو محصور في جنوب الليطاني»، وأضاف: «المقاومة لا تربح بالضربة القاضية على عدوها، وإنما بالنقاط، والمهم استمرارها مهما كانت إمكاناتها محدودة».

وعرض قاسم لبرنامج عمل «حزب الله» في المرحلة المقبلة، قائلاً: «إن برنامج عملنا في المرحلة المقبلة هو تنفيذ الاتفاق في جنوب نهر الليطاني وإعادة الإعمار وانتخاب الرئيس، والحوار الإيجابي حول القضايا الإشكالية، ومنها ما هو موقف لبنان من الاحتلال (الإسرائيلي) لأرضه؟ وكيف نقوّي الجيش اللبناني؟ وماهية استراتيجية الدفاع اللبنانية؟».

ولفت قاسم إلى أن «الحكومة هي المعنيّة بمتابعة منع الخروقات (الإسرائيلية)، واللجنة المعنية بمتابعة الاتفاق معنية أيضاً»، وقال: «لقد صبرنا خلال هذه الفترة على مئات الخروقات (الإسرائيلية) من أجل أن نساعد على تنفيذ الاتفاق ولنكشف العدو ونضع كل المعنيين أمام مسؤولياتهم»، وأضاف: «نحن في (حزب الله) نتابع ما يحصل ونتصرّف حسب تقديرنا للمصلحة ومجريات الأمور».

وعن الوضع السوري، شدّد قاسم على أن دعم «حزب الله» لسوريا كان باعتبارها «خصماً لإسرائيل»، مشيراً إلى «دورها في تعزيز قدرات المقاومة». وقال إن «سقوط النظام السوري على يد قوى جديدة يفرض انتظار استقرار الأوضاع لتقييم توجهها». وأعرب عن أمله بأن يكون النظام الجديد «متعاوناً مع لبنان بشكل متكافئ، وأن يشارك جميع الأطراف في صياغة الحكم بما يحقق المصلحة العامة للمواطن السوري». كما دعا إلى إعلان إسرائيل عدواً وعدم الانجرار نحو التطبيع معها.

وتمنى «التعاون بين الشعبين والحكومتين في سوريا ولبنان، وأن تعتبر هذه الجهة الحاكمة الجديدة في سوريا (إسرائيل) عدواً».

ولفت قاسم إلى أن «(حزب الله) خسر في هذه المرحلة طريق الإمداد العسكري، لكن هذا تفصيل، فيمكن أن نبحث عن طرق أخرى، ويمكن أن يأتي النظام الجديد ويعود هذا الطريق، ويمكن أن نبحث عن طرق أخرى، والمقاومة مرنة وعليها أن تتكيف مع الظروف لتقوية قدراتها».