إسرائيل تعوِّض عائلة مُسن فلسطيني أميركي بنصف مليون شيقل

لإغلاق قضيته بعد وفاته جراء احتجازه العنيف

المُسن الفلسطيني عمر أسعد (أرشيفية)
المُسن الفلسطيني عمر أسعد (أرشيفية)
TT

إسرائيل تعوِّض عائلة مُسن فلسطيني أميركي بنصف مليون شيقل

المُسن الفلسطيني عمر أسعد (أرشيفية)
المُسن الفلسطيني عمر أسعد (أرشيفية)

أعلنت وزارة الدفاع الإسرائيلية أنها ستقدم تعويضات لعائلة المُسن الفلسطيني عمر أسعد، الذي كانت سنه 80 عاماً، حين توفي بعد اعتقاله من قبل قوات الجيش الإسرائيلي في يناير (كانون الثاني) شمال رام الله.
وجاء في بيان صادر عن وزارة الدفاع، الأحد، أن الجانبين «اتفقا على رفض الدعوى المرفوعة أمام المحكمة ضد الدولة. كما تم الاتفاق، بسبب طبيعة الحادث المؤسف، على أن تتلقى عائلة أسعد تعويضاً بمبلغ 500 ألف شيقل».
وكان أسعد قد توفي في قريته جلجليا، شمال رام الله، في 12 يناير 2022، بعدما أوقفته قوة إسرائيلية وهو في طريق عودته إلى منزله، واعتدت عليه وقيدته واحتجزته داخل منزل قيد الإنشاء، ما أدى إلى وفاته في وقت لاحق آنذاك.
وكشف تقرير تشريح جثمان أسعد أنه توفي متأثراً بنوبة قلبية، سببها «عنف خارجي». وأكد تقرير التشريح الذي أجراه 3 أطباء فلسطينيين، أن عمر أسعد الذي يحمل الجنسية الأميركية، كان يعاني مشكلات صحية أساسية؛ لكن وُجدت أيضاً كدمات على رأسه، واحمرار على معصميه من التقييد، ونزيف في جفنيه نتيجة تعصيب عينيه بإحكام. وخلص التقرير إلى أن سبب الوفاة هو «توقف مفاجئ لعضلة القلب، بسبب التوتر النفسي جراء عنف خارجي تعرض له».
وجاء قرار التعويض الإسرائيلي لاحقاً لتحقيق داخلي في الجيش، تبناه رئيس أركان الجيش، أفيف كوخافي، وخلص إلى أن الواقعة «تشير إلى فشل في القيم والأخلاق» لدى عناصر الفصيل والسرية التابعة لكتيبة «نيتساح يهودا» المتدينة التي تنشط في مناطق الضفة الغربية. وقرر كوخافي بعد شهر من الحادثة توبيخ قائد الكتيبة بواسطة قائد القيادة الوسطى في الجيش الإسرائيلي، بينما قرر إبعاد قائد السرية وقائد الفصيل، الضالعين في الجريمة، ومنعهما من شغل مناصب قيادية لمدة عامين.
وجاء في بيان أن «التحقيق يظهر أن الحادث خطير ومؤسف». وأن الحادث أشار إلى «فشل قيمي لدى القوة (المتورطة)، وخطأ في تقدير الموقف، وانتهاك جسيم لقيمة كرامة الإنسان». وتابع بأن التحقيق يظهر أنه لم يكن هناك استخدام للعنف، باستثناء محاولة التغلب على مقاومته للاعتقال؛ كما يظهر فشل القوة بخروجها من المكان وترك أسعد مستلقياً دون التأكد من حالته الصحية. وتحدث البيان عن «ثغرات مهنية في تخطيط المهمة وتنفيذها».
لكن الفلسطينيين لم يعجبهم التحقيق ولا نتائجه؛ لأنهم اعتبروا الأمر استرضاء للأميركيين فقط الذين كانوا قد طالبوا بتحقيق شفاف في الحادثة. وكانت الخارجية الأميركية قد طلبت قبل التحقيق من الحكومة الإسرائيلية، إجراء تحقيق جنائي شامل، في قضية أسعد، باعتباره مواطناً أميركياً.
ونفت عائلة أسعد -حسب صحيفة «يديعوت أحرنوت»- التقارير التي تفيد بأنها توصلت إلى تسوية مع وزارة الدفاع الإسرائيلية، وعلَّقت الصحيفة بأن نفي العائلة «ربما خوفاً من أن يُنظر إلى اتفاقها مع إسرائيل على أنه خيانة».



الحوثيون يكثّفون حملة الاعتقالات في معقلهم الرئيسي

جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
TT

الحوثيون يكثّفون حملة الاعتقالات في معقلهم الرئيسي

جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)

أطلقت الجماعة الحوثية سراح خمسة من قيادات جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في مناطق سيطرتها، بضمانة عدم المشاركة في أي نشاط احتجاجي أو الاحتفال بالمناسبات الوطنية، وفي المقابل كثّفت في معقلها الرئيسي، حيث محافظة صعدة، حملة الاعتقالات التي تنفّذها منذ انهيار النظام السوري؛ إذ تخشى تكرار هذه التجربة في مناطق سيطرتها.

وذكرت مصادر في جناح حزب «المؤتمر الشعبي» لـ«الشرق الأوسط»، أن الوساطة التي قادها عضو مجلس حكم الانقلاب الحوثي سلطان السامعي، ومحافظ محافظة إب عبد الواحد صلاح، أفضت، وبعد أربعة أشهر من الاعتقال، إلى إطلاق سراح خمسة من أعضاء اللجنة المركزية للحزب، بضمانة من الرجلين بعدم ممارستهم أي نشاط معارض لحكم الجماعة.

وعلى الرغم من الشراكة الصورية بين جناح حزب «المؤتمر» والجماعة الحوثية، أكدت المصادر أن كل المساعي التي بذلها زعيم الجناح صادق أبو راس، وهو عضو أيضاً في مجلس حكم الجماعة، فشلت في تأمين إطلاق سراح القادة الخمسة وغيرهم من الأعضاء؛ لأن قرار الاعتقال والإفراج مرتبط بمكتب عبد الملك الحوثي الذي يشرف بشكل مباشر على تلك الحملة التي طالت المئات من قيادات الحزب وكوادره بتهمة الدعوة إلى الاحتفال بالذكرى السنوية للإطاحة بأسلاف الحوثيين في شمال اليمن عام 1962.

قيادات جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في صنعاء يتعرّضون لقمع حوثي رغم شراكتهم الصورية مع الجماعة (إكس)

في غضون ذلك، ذكرت وسائل إعلام محلية أن الجماعة الحوثية واصلت حملة الاعتقالات الواسعة التي تنفّذها منذ أسبوعين في محافظة صعدة، المعقل الرئيسي لها (شمال)، وأكدت أنها طالت المئات من المدنيين؛ حيث داهمت عناصر ما يُسمّى «جهاز الأمن والمخابرات»، الذين يقودهم عبد الرب جرفان منازلهم وأماكن عملهم، واقتادتهم إلى معتقلات سرية ومنعتهم من التواصل مع أسرهم أو محامين.

300 معتقل

مع حالة الاستنفار التي أعلنها الحوثيون وسط مخاوف من استهداف قادتهم من قبل إسرائيل، قدّرت المصادر عدد المعتقلين في الحملة الأخيرة بمحافظة صعدة بنحو 300 شخص، من بينهم 50 امرأة.

وذكرت المصادر أن المعتقلين يواجهون تهمة التجسس لصالح الولايات المتحدة وإسرائيل ودول أخرى؛ حيث تخشى الجماعة من تحديد مواقع زعيمها وقادة الجناح العسكري، على غرار ما حصل مع «حزب الله» اللبناني، الذي أشرف على تشكيل جماعة الحوثي وقاد جناحيها العسكري والمخابراتي.

عناصر من الحوثيين خلال حشد للجماعة في صنعاء (إ.ب.أ)

ونفت المصادر صحة التهم الموجهة إلى المعتقلين المدنيين، وقالت إن الجماعة تسعى لبث حالة من الرعب وسط السكان، خصوصاً في محافظة صعدة، التي تستخدم بصفتها مقراً أساسياً لاختباء زعيم الجماعة وقادة الجناح العسكري والأمني.

وحسب المصادر، تتزايد مخاوف قادة الجماعة من قيام تل أبيب بجمع معلومات عن أماكن اختبائهم في المرتفعات الجبلية بالمحافظة التي شهدت ولادة هذه الجماعة وانطلاق حركة التمرد ضد السلطة المركزية منذ منتصف عام 2004، والتي تحولت إلى مركز لتخزين الصواريخ والطائرات المسيّرة ومقر لقيادة العمليات والتدريب وتخزين الأموال.

ومنذ سقوط نظام الرئيس السوري بشار الأسد وانهيار المحور الإيراني، استنفرت الجماعة الحوثية أمنياً وعسكرياً بشكل غير مسبوق، خشية تكرار التجربة السورية في المناطق التي تسيطر عليها؛ حيث نفّذت حملة تجنيد شاملة وألزمت الموظفين العموميين بحمل السلاح، ودفعت بتعزيزات كبيرة إلى مناطق التماس مع القوات الحكومية خشية هجوم مباغت.

خلق حالة رعب

بالتزامن مع ذلك، شنّ الحوثيون حملة اعتقالات شملت كل من يُشتبه بمعارضته لسلطتهم، وبررت منذ أيام تلك الحملة بالقبض على ثلاثة أفراد قالت إنهم كانوا يعملون لصالح المخابرات البريطانية، وإن مهمتهم كانت مراقبة أماكن وجود قادتها ومواقع تخزين الأسلحة في صنعاء.

وشككت مصادر سياسية وحقوقية في صحة الرواية الحوثية، وقالت إنه ومن خلال تجربة عشرة أعوام تبيّن أن الحوثيين يعلنون مثل هذه العمليات فقط لخلق حالة من الرعب بين السكان، ومنع أي محاولة لرصد تحركات قادتهم أو مواقع تخزين الصواريخ والمسيرات.

انقلاب الحوثيين وحربهم على اليمنيين تسببا في معاناة ملايين السكان (أ.ف.ب)

ووفق هذه المصادر، فإن قادة الحوثيين اعتادوا توجيه مثل هذه التهم إلى أشخاص يعارضون سلطتهم وممارساتهم، أو أشخاص لديهم ممتلكات يسعى قادة الجماعة للاستيلاء عليها، ولهذا يعمدون إلى ترويج مثل هذه التهم التي تصل عقوبتها إلى الإعدام لمساومة هؤلاء على السكوت والتنازل عن ممتلكاتهم مقابل إسقاط تلك التهم.

وبيّنت المصادر أن المئات من المعارضين أو الناشطين قد وُجهت إليهم مثل هذه التهم منذ بداية الحرب التي أشعلتها الجماعة الحوثية بانقلابها على السلطة الشرعية في 21 سبتمبر (أيلول) عام 2014، وهي تهم ثبت زيفها، ولم تتمكن مخابرات الجماعة من تقديم أدلة تؤيد تلك الاتهامات.

وكان آخرهم المعتقلون على ذمة الاحتفال بذكرى الإطاحة بنظام حكم أسلافهم في شمال اليمن، وكذلك مالك شركة «برودجي» التي كانت تعمل لصالح الأمم المتحدة، للتأكد من هوية المستفيدين من المساعدات الإغاثية ومتابعة تسلمهم تلك المساعدات؛ حيث حُكم على مدير الشركة بالإعدام بتهمة التخابر؛ لأنه استخدم نظام تحديد المواقع في عملية المسح، التي تمت بموافقة سلطة الحوثيين أنفسهم