ذكريات: الصيام انتصار للطاقة الروحية

ذكريات: الصيام انتصار للطاقة الروحية
TT

ذكريات: الصيام انتصار للطاقة الروحية

ذكريات: الصيام انتصار للطاقة الروحية

الصوم بلغتنا يعني الامتناع عن فعل أو عمل ما، وهناك فرق معنوي بين كلمة «المنع» والامتناع الذي هو ثمرة المنع وروحه، حيث يصدر تنفيذه عن قناعة وإيمان بحقية الأمر وصدقه.
وليس مجرد الأمر يحتوي على معاني الامتناع الصادرة في العقيدة والتمسك بها، لأن الأمر إذا لم يجد عند المأمور قناعة وتسليما، وجد من يريد المخالفة ذرائع شتى للتهرب عن تنفيذ محتوى الأمر، أو التحايل على عدم تطبيقه.
وإذا أُريدَ لأمرٍ أن يُطبّق كاملاً فليكن إيجاد المؤمنين به أولاً وأخيرًا، فلا تنفيذَ مقبولاً غير منقوص، بلا عقيدة أو إيمان، وهو عندي سر وأساس انتشار الدعوات الإصلاحية. وأعني بها التي تخدم البشرية من صنع البشر نفسه، والأخرى التي تنتسب إلى الغيبيات (الأديان) ويطلقون على كل عمل بلا تصديق وقناعة «النفاق» وعقوبته شديدة، و«الرياء» وهذا أخف بقليل من صنوه.
وللصوم مؤدون من الصنفين، فأهل الأديان السابقة والباقية بهذا الزمن وما بعده في أزمان وأشكال مختلفة حسب زمنها وأهلها، وعندنا معاشر المسلمين.. يؤدي شهرًا قمريًا إلزامًا.. وأداؤه تطوعًا مختوم بشروط ومناسبات معروفة عند من يعتاد الزيادة على عدد الإلزام، وهو محصى ومثاب عليه، أما فوائدهُ على صعيد المادة والتحليل فكثيرة، ومما يذكَرُ منها أن التشريعات التي تُنسب إلى الإله القدير كلها تصب في خدمة الإنسان الظاهرة منها والخفيّة التي تحتاج إلى غوص في بحار المعاني والمنافع، ويعبّرُ عنها حسب مقدار علم المعبر وقدرته التحليلية والتعبيرية والعقائدية، ولذلك تختلف المعاني المستخرجة والدروس والعِبَر والنتائج من شخص إلى آخر، شأن كل أمر يخرج عن العقول المختلفة ونتائجها، فنرى الصوم عند أمةٍ وسيلة لترويض الجسد، وإخراج طاقاته الروحية وما يتولد منها من أعمال غريبة ومدهشة.
ومنهم أُناس يعدون الامتناع عن الطعام والشراب وسيلة لإعداد طائفة متميزة من المقاتلين، وآخرون يمتنعون عن الطعام والشراب احتجاجا على ما يرونه ظلمًا أحاط بهم.
وعند النظر الفاحص لدى المسلمين فإنه (أي الصوم) طاعة لأمر إلهي يؤدى بحبٍ وشوق وحنين سنوي تتربعه الإرادة عند المسلم؛ إذ يتغلب على أهم ضروريات الإنسان ورغباته وشهواته.
ومعلوم لدى العارفين من ذوي العلم والتجارب والمطلعين على أنباء الأولين وحِكَمِهم (بكسر الحاء)، أن من يملك إرب نفسه بما يتعلق بالعديد من المآرب، قادرٌ على معالجة المصائب والتغلب عليها، لأن من يقدر على رد جماح نفسه فهو أقدر على سياسة الناس ومداراتهم وقيادتهم.
أما المردودات الصحية فهي معروفة عند الأحياء وغيرهم من المجربين، إلا ما شذ عن القاعدة من أعذار تبيح الإفطار بصورة دائمة أو مؤجلة، وتفاصيلها عند علماء الدين.
وآمل وأتمنى أن يترك هذا الشهر الفضيل لدى المسلمين أثرهُ بنفوسهم وممارساتهم، فيجعلهم كما ورد في مأثوراتهم في النظرة إلى الآخرين والتعامل معهم بموجب «الناس ثلاثة؛ أخ لك في النسب، وأخ لك في الدين، وأخ لك في الإنسانية».
والسلام والمحبة لكل إنسان.
* من كبار علماء بغداد



الشماغ السعودي في ذروة مواسم بيعه

بائع يستعرض عشرات الأنواع من الشماغ الذي يبلغ أعلى مواسمه البيعية في آخر رمضان (الشرق الأوسط)
بائع يستعرض عشرات الأنواع من الشماغ الذي يبلغ أعلى مواسمه البيعية في آخر رمضان (الشرق الأوسط)
TT

الشماغ السعودي في ذروة مواسم بيعه

بائع يستعرض عشرات الأنواع من الشماغ الذي يبلغ أعلى مواسمه البيعية في آخر رمضان (الشرق الأوسط)
بائع يستعرض عشرات الأنواع من الشماغ الذي يبلغ أعلى مواسمه البيعية في آخر رمضان (الشرق الأوسط)

أفصح مختصون في نشاط صناعة واستيراد الشماغ السعودي عن بلوغ هذا الزي التقليدي الرسمي أعلى مواسم البيع السنوية، مسجلاً مبيعات تُقدَّر بنحو 900 مليون ريال سنوياً، كاشفين عن توجهات المستهلكين الذين يبرز غالبيتهم من جيل الشباب، وميلهم إلى التصاميم الحديثة والعالمية، التي بدأت في اختراق هذا اللباس التقليدي، عبر دخول عدد من العلامات التجارية العالمية على خط السباق للاستحواذ على النصيب الأكبر من حصة السوق، وكذلك ما تواجهه السوق من تحديات جيوسياسية ومحلية.
ومعلوم أن الشماغ عبارة عن قطعة قماش مربعة ذات لونين (الأحمر والأبيض)، تُطوى عادة على شكل مثلث، وتُلبس عن طريق وضعها على الرأس، وهي لباس تقليدي للرجال في منطقة الخليج العربي وبعض المناطق العربية في العراق والأردن وسوريا واليمن، حيث يُعد جزءاً من ثقافة اللبس الرجالي، ويلازم ملابسه؛ سواء في العمل أو المناسبات الاجتماعية وغيرها، ويضفي عليه أناقة ويجعله مميزاً عن غيره.
وقال لـ«الشرق الأوسط»، الرئيس التنفيذي لـ«شركة الامتياز المحدودة»، فهد بن عبد العزيز العجلان، إن حجم سوق الأشمغة والغتر بجميع أنواعها، يتراوح ما بين 700 و900 مليون ريال سنوياً، كما تتراوح كمية المبيعات ما بين 9 و11 مليون شماغ وغترة، مضيفاً أن نسبة المبيعات في المواسم والأعياد، خصوصاً موسم عيد الفطر، تمثل ما يقارب 50 في المائة من حجم المبيعات السنوية، وتكون خلالها النسبة العظمى من المبيعات لأصناف الأشمغة المتوسطة والرخيصة.
وأشار العجلان إلى أن الطلب على الملابس الجاهزة بصفة عامة، ومن ضمنها الأشمغة والغتر، قد تأثر بالتطورات العالمية خلال السنوات الماضية، ابتداءً من جائحة «كورونا»، ومروراً بالتوترات العالمية في أوروبا وغيرها، وانتهاء بالتضخم العالمي وزيادة أسعار الفائدة، إلا أنه في منطقة الخليج العربي والمملكة العربية السعودية، فإن العام الحالي (2023) سيكون عام الخروج من عنق الزجاجة، وسيشهد نمواً جيداً مقارنة بالأعوام السابقة لا يقل عن 20 في المائة.
وحول توجهات السوق والمستهلكين، بيَّن العجلان أن غالبية المستهلكين للشماغ والغترة هم من جيل الشباب المولود بين عامي 1997 و2012، ويميلون إلى اختيار التصاميم والموديلات القريبة من أشكال التصاميم العالمية، كما أن لديهم معرفة قوية بأسماء المصممين العالميين والماركات العالمية، لافتاً إلى أن دخول الماركات العالمية، مثل «بييركاردان» و«إس تي ديبون» و«شروني 1881» وغيرها إلى سوق الأشمغة والغتر، ساهم بشكل فعال وواضح في رفع الجودة وضبط المواصفات.
وأضاف العجلان أن سوق الملابس كغيرها من الأسواق الاستهلاكية تواجه نوعين من المشكلات؛ تتمثل في مشكلات جيوسياسية ناتجة عن جائحة «كورونا» والحرب الروسية الأوكرانية، ما تسبب في تأخر شحن البضائع وارتفاع تكاليف الشحن وارتفاع الأسعار بسبب التضخم وارتفاع أسعار الفائدة، بينما تتمثل المشكلات المحلية في انتشار التقليد للعلامات العالمية والإعلانات المضللة أحياناً عبر وسائل الاتصال الاجتماعي.
من جهته، أوضح ناصر الحميد (مدير محل بيع أشمغة في الرياض) أن الطلب يتزايد على الأشمغة في العشر الأخيرة من شهر رمضان من كل عام، ويبدأ الطلب في الارتفاع منذ بداية الشهر، ويبلغ ذروته في آخر ليلتين قبل عيد الفطر، مضيفاً أن الشركات تطرح التصاميم الجديدة في شهر شعبان، وتبدأ في توزيعها على منافذ البيع والمتاجر خلال تلك الفترة.
وأشار الحميد إلى أن سوق الأشمغة شهدت، في السنوات العشر الأخيرة، تنوعاً في التصاميم والموديلات والماركات المعروضة في السوق، وتنافساً كبيراً بين الشركات المنتجة في الجودة والسعر، وفي الحملات التسويقية، وفي إطلاق تصاميم وتطريزات جديدة، من أجل كسب اهتمام المستهلكين وذائقتهم، والاستحواذ على النصيب الأكبر من مبيعات السوق، واستغلال الإقبال الكبير على سوق الأشمغة في فترة العيد. وبين الحميد أن أكثر من نصف مبيعات المتجر من الأشمغة تكون خلال هذه الفترة، مضيفاً أن أسعارها تتراوح ما بين 50 و300 ريال، وتختلف بحسب جودة المنتج، والشركة المصنعة، وتاريخ الموديل، لافتاً إلى أن الشماغ عنصر رئيسي في الأزياء الرجالية الخليجية، ويتراوح متوسط استهلاك الفرد ما بين 3 و5 أشمغة في العام.