اختتام «الرياض للكتاب» فعالياته... حضور مبهر للمرأة والشباب وتتويج العرس الثقافي

اليوم الأخير شهد تدفق آلاف الزوار وتوزيع الجوائز على الناشرين

معرض الرياض للكتاب يجذب الزوار من مختلف الأعمار والاهتمامات (تصوير علي الظاهري)
معرض الرياض للكتاب يجذب الزوار من مختلف الأعمار والاهتمامات (تصوير علي الظاهري)
TT

اختتام «الرياض للكتاب» فعالياته... حضور مبهر للمرأة والشباب وتتويج العرس الثقافي

معرض الرياض للكتاب يجذب الزوار من مختلف الأعمار والاهتمامات (تصوير علي الظاهري)
معرض الرياض للكتاب يجذب الزوار من مختلف الأعمار والاهتمامات (تصوير علي الظاهري)

بحلول منتصف الليل، من أمس السبت، اختتمت فعاليات معرض الرياض الدولي للكتاب 2022 الذي أقيم هذا العام تحت شعار «فصول الثقافة»، وشهد المعرض حضوراً كبيراً من جمهور الثقافة من مختلف أرجاء السعودية غصت به أرجاء المعرض، على الرغم من أنه شهد هذا العام زيادة في مساحته بلغت 50 في المائة.
وشهد اليومان الأخيران من المعرض تدفقاً كبيراً من الجمهور السعودي والمقيمين في المملكة توافدوا لزيارة المعرض في عطلة الأسبوع.
وشاركت في المعرض 1200 دار نشر مثلت 32 دولة. وحلت فيه جمهورية تونس ضيف شرف، حيث احتفى المعرض بالأدب والفن والتراث التونسي عبر نخبة من المفكرين والمثقفين والفنانين التونسيين الذين أشعلوا قناديل الثقافة والفن في ليالي معرض الكتاب.
وسجلت المرأة السعودية حضوراً مميزاً في معرض الرياض الدولي للكتاب، سواء في المشاركة في الفعاليات التنظيمية والثقافية والفنية، أو بالحضور الواسع في أروقة المعرض وبين أجنحته، واقتناء آخر مستجدات كتب الفكر والرواية والفلسفة والعلوم الإنسانية.
واشتمل برنامج المعرض الثقافي على 71 ندوة و22 ورشة عمل وسبع أمسيات شعرية وستة عروض مسرحية وتسع حفلات موسيقية و55 فعالية للطفل. كما ناقشت فعاليات المعرض «تقرير الحالة الثقافية في المملكة السعودية لعام 2021».

جانب من المعرض (تصوير علي الظاهري)

بالتزامن مع المعرض، أقيم «مؤتمر الناشرين» الذي تنظمه هيئة الأدب والنشر والترجمة بالتعاون مع جمعية النشر السعودية بحضور مجموعة كبيرة من المتخصصين في صناعة الكتب يمثلون دور نشر محلية وعربية وأجنبية.
ولأول مرة في العالم العربي، وضمن فعاليات معرض الكتاب، أطلت الكاتبة البيلاروسية الحائزة على جائزة «نوبل» سفيتلانا أليكسييفيتش، أمام جمهور معرض الكتاب في حوارية ثقافية مع خالد اليحيا.
وأعلنت أمس جائزة معرض الرياض الدولي للكتاب 2022 التي أعلنتها هيئة الأدب والنشر والترجمة في السعودية، بقيمة إجمالية قدرها 300 ألف ريال، وتستهدف دور النشر المحلية والعربية والعالمية المشاركة في المعرض.
وفي حفل إطلاق الجوائز، قال الدكتور محمد حسن علوان، الرئيس التنفيذي لهيئة الأدب والنشر والترجمة، إن الهيئة «تؤمن أن صناعة نشر متطورة تعني ثقافة عربية حيوية، وامتدادات وشراكات وتعاوناً إيجابياً مثمراً بين كل الفاعلين في المشهد الثقافي العربي».
وفازت دار «تشكيل» للنشر والتوزيع بجائزة التميز بالنشر، كما حصلت مكتبة «جرير» على جائزة النشر المتميز بالترجمة، وفازت دار «أصالة» للنشر بجائزة التميز بالنشر للأطفال، في حين فازت دار «مدارك للنشر» بجائزة التميز بالنشر الرقمي للمنصات الرقمية، وحصلت دار «ملهمون» للنشر والتوزيع على جائزة التميز بالنشر للمحتوى، وفازت «دار جدل للنشر والتوزيع» بجائزة اختيار القراء.
ويبلغ مجموع الجوائز 300 ألف ريال، موزعة على أكثر من فئة لتشمل: جائزة التميز بالنشر بقيمة 50 ألف ريال، وجائزة التميز بالنشر للأطفال وقيمتها 50 ألف ريال، وجائزة النشر المتميز بالترجمة 50 ألف ريال، بالإضافة إلى جائزة التميز بالنشر الرقمي للمنصات الرقمية وقدرها 50 ألف ريال، وجائزة التميز بالنشر للمحتوى السعودي 50 ألف ريال، وجائزة اختيار القراء وقدرها 50 ألف ريال.

جانب من المعرض (تصوير علي الظاهري)

- ليالي الثقافة التونسية
بشأن المشاركة التونسية في المعرض، فقد أفرد المعرض مساحة واسعة لرواد الثقافة والفكر والفن التونسي للمشاركة في باقة من الندوات والمحاضرات وورش العمل التي تتناول مجالات الإبداع الثقافي كافة. وعلى مسارح ومنصات معرض الكتاب، التي حملت أسماء «قرطاج» و«القيروان» ومسرح «تونس الخضراء» عبر مجموعة من الندوات الحوارية والأمسيات الشعرية والأدبية والعروض الفنية والأدائية، التي تلقي الضوء على إسهامات المثقفين والفنانين التونسيين في إغناء وإثراء المكتبة العربي والمسرح وبقية قطاعات الفنون والتعبير الإنساني.
وتضمنت المشاركة التونسية في معرض الرياض الدولي، جملة من الندوات الإثرائية، التي بدأت مع جلسة «فنون العمارة التونسية» التي ألقت الضوء على إرث 10 قرون من الحضارات التي تعاقبت على تونس، وتركت إرثاً معمارياً وثقافياً مهماً، وأعطتها قيمة تراثية عالمية. كما شارك في المعرض نحو 17 ناشراً تونسياً اعتادوا أن يكونوا جزءاً دائماً في مشهد معارض الكتب السعودية.
إلى جانب عدد من اللقاءات في الرواية التونسية، وقضايا الترجمة، وتجربة المسرح التونسي، والنقد والفكر التنويري وغيرها من المحاور والورشات والأمسيات الأدبية والشعرية التي يقدمها مجموعة من رموز الثقافة والأدب والفكر في تونس، أقيمت أمسيات شعرية شارك فيها الشاعر محمد الغزي، وأمسية أخرى للشاعر معز ماجد.
كما أحيا الفنان التونسي زياد غرسة، أبرز مطربي التراث الموسيقي التونسي، 3 ليال موسيقية على «مسرح تونس الخضراء»، قدم خلالها تراث «المالوف والموشحات»، الذي يجيد غرسة تقديمه إلى جانب العزف على العديد من الآلات الموسيقية، كالعود والكمان الجهير والبيانو وغيرها. وذلك قبل أن يحتضن «المسرح الأحمر» في جامعة الأميرة نورة، حفل الليالي التونسية الذي أحياه الفنان صابر الرباعي والفنانتان لطيفة وألفة بن رمضان، كما استمع الجمهور لأعذب الموشحات الأندلسية على مسرح «تونس الخضراء».


مقالات ذات صلة

كتب شركة ناشئة تخطط لنشر ما يصل إلى 8 آلاف كتاب العام المقبل باستخدام الذكاء الاصطناعي (أرشيفية)

وسط اعتراض كتّاب ودور نشر… شركة ناشئة تسعى لإنتاج 8 آلاف كتاب العام المقبل باستخدام الذكاء الاصطناعي

ينتقد كتّاب وناشرون إحدى الشركات الأميركية الناشئة التي تخطط لنشر ما يصل إلى 8 آلاف كتاب العام المقبل باستخدام الذكاء الاصطناعي.

«الشرق الأوسط» (لندن)
ثقافة وفنون «أمومة مُتعددة» في مواجهة المؤسسة الذكورية

«أمومة مُتعددة» في مواجهة المؤسسة الذكورية

في كتابها «رحِم العالم... أمومة عابرة للحدود» تزيح الكاتبة والناقدة المصرية الدكتورة شيرين أبو النجا المُسلمات المُرتبطة بخطاب الأمومة والمتن الثقافي الراسخ

منى أبو النصر (القاهرة)
تكنولوجيا شركات الذكاء الاصطناعي تتفق مع دور النشر بما يتيح لهذه الشركات استخدام الأعمال المنشورة لتدريب نماذجها القائمة على الذكاء الاصطناعي التوليدي (رويترز)

شركات الذكاء الاصطناعي التوليدي تلجأ إلى الكتب لتطوّر برامجها

مع ازدياد احتياجات الذكاء الاصطناعي التوليدي، بدأت أوساط قطاع النشر هي الأخرى في التفاوض مع المنصات التي توفر هذه التقنية سعياً إلى حماية حقوق المؤلفين.

«الشرق الأوسط» (باريس)
يوميات الشرق كاميلا ملكة بريطانيا تحصل على الدكتوراه الفخرية في الأدب بحضور الأميرة آن (رويترز)

قدمتها لها الأميرة آن... الملكة كاميلا تحصل على دكتوراه فخرية في الأدب

حصلت الملكة البريطانية كاميلا، زوجة الملك تشارلز، على الدكتوراه الفخرية؛ تقديراً لـ«مهمتها الشخصية» في تعزيز محو الأمية.

«الشرق الأوسط» (لندن)

أميتاف غوش و«خيال ما لا يمكن تصوره»

غوش
غوش
TT

أميتاف غوش و«خيال ما لا يمكن تصوره»

غوش
غوش

حصل الكاتب الهندي أميتاف غوش، يوم 26 نوفمبر (تشرين الثاني)، على جائزة إراسموس لعام 2024 ومبلغ نقدي قدره 150 ألف يورو، لمساهمته الملهمة في موضوع هذا العام «خيال ما لا يمكن تصوره». وذلك من خلال أعماله التي تهتم بمواضيع الساعة؛ من بينها الأسباب الرئيسية لتغير المناخ.

وغوش (ولد عام 1956)، في كلكتا، عالم أنثروبولوجيا اجتماعية من جامعة أكسفورد، ويعيش بين الهند والولايات المتحدة. تتضمن أعماله روايات تاريخية ومقالات صحافية. وتعتمد كل أعماله على بحث أرشيفي شامل، وهي تتجاوز الزمن والحدود المكانية. ومن بين المواضيع الرئيسية، التي يتطرق إليها، الهجرة والشتات والهوية الثقافية، دون إغفال، طبعاً، البعد الإنساني.

في كتابيه الأخيرين «لعنة جوزة الطيب» و«الدخان والرماد: التاريخ الخفي للأفيون»، يربط غوش بين الاستعمار وأزمة المناخ الحالية، مع إيلاء اهتمام خاص لشركة الهند - الشرقية الهولندية.

وكان الاستعمار والإبادة الجماعية، وفقاً لغوش، من الأسس التي بنيت عليها الحداثة الصناعية. علاوة على ذلك، فإن النظرة العالمية، التي تنظر إلى الأرض كمورد، تذهب إلى ما هو أبعد من الإبادة الجماعية والإبادة البيئية. التي تستهدف كل شيء - الناس والحيوانات والكوكب نفسه، والسعي وراء الربح، قد استنزف الأرض وحوّل الكوكب إلى موضوع للاستهلاك.

المخدرات أداة استعمارية

ويدور موضوع كتاب «الدخان والرماد» حول الرأسمالية التي تفتقد أي وازع أخلاقي. وبداية، يفند المؤلف الكتابات التي تدعي أن الأفيون كان يستخدم في الصين بشكل واسع، ويعتبر ذلك من الكليشيهات التي لا أساس لها من الصحة، إذ لم يكن إنتاج الأفيون نتيجة للتقاليد الصينية، بل «كانت المخدرات أداة في بناء قوة استعمارية». وكان النبات يشكل جزءاً مهماً من الاقتصاد في مستعمرة الهند البريطانية. وفي كتابه «لعنة جوزة الطيب»، يستدعي غوش المذبحة التي اقترفها جان بيترزون كوين (1587 - 1629)، في جزر باندا في عام 1621 للسيطرة على احتكار جوزة الطيب. يطبق قوش الآن هذه الطريقة أيضاً على الأفيون. وكان قد سبق له أن كتب عن تاريخ الأفيون «ثلاثية إيبيس»؛ وتتضمن «بحر الخشخاش» (2008)، و«نهر الدخان» (2011)، و«طوفان النار» (2015). وروى فيها قصة سفينة العبيد، إيبيس، التي كانت تتاجر بالأفيون بين الهند والصين خلال حرب الأفيون الأولى (1839 - 1842).

يقول جان بريمان (1936) عالم اجتماع الهولندي والخبير في مواضيع الاستعمار والعنصرية وما بعد الكولونيالية، عن «لعنة جوزة الطيب»: «ما الذي ألهم هؤلاء الهولنديين من (VOC) شركة الهند - الشرقية، بقيادة كوين لذبح جميع سكان جزر - باندا قبل أربعة قرون؟». هذا السؤال يطرحه أيضاً الكاتب الهندي غوش في كتابه «لعنة جوزة الطيب». علماً بأن جوزة الطيب لا تنمو إلا في هذه الجزر. ويضيف بريمان: «ليس من باب الاهتمام بما نعتبره نحن في هولندا النقطة السيئة في تاريخنا الاستعماري، ولكن لأن، عقلية شركة الهند - الشرقية الهولندية ما تزال منذ 400 عام تحركنا، بل إنها تغرقنا مباشرة في أزمة المناخ. وباختصار، تعتبر قصة الإبادة الجماعية في جزر - باندا بمثابة مَثَل لعصرنا، وهي قصة يمكن تعلم الكثير».

دولة المخدرات لشركة الهند - الشرقية

كانت هولندا أول من اعترف بالقيمة التجارية للأفيون، وهو المنتج الذي لم يسبق له مثيل من قبل. ولضمان توفر ما يكفي من الأفيون للتجارة، تم استخدام المزيد من المناطق في جزيرتي جاوة ولومبوك لزراعة الخشخاش. وتبين أن احتكار شركة الهند - الشرقية للأفيون كان بمثابة إوزة تضع بيضاً ذهبياً، فقد عاد الحاكم العام إلى هولندا في عام 1709 ومعه ما يعادل الآن «ثروة بيل غيتس» وقد يعود جزء من ثروة العائلة الملكية الحالية لهذه التجارة، بحسب غوش، نتيجة استثمارها الأموال في شركات الأفيون. وهكذا أصبحت هولندا «دولة المخدرات الأولى». ولكن تبين أن ذلك كان لا شيء، مقارنة بما فعله البريطانيون في الهند؛ وفقاً لغوش، فقد أتقنوا إدارة أول «كارتل عالمي للمخدرات».

ففي الهند، أجبر البريطانيون المزارعين على تحويل أراضيهم إلى حقول خشخاش والتخلي عن المحصول بأسعار منخفضة. ثم قاموا ببناء المصانع حيث كان على (العبيد) معالجة الأفيون وسط الأبخرة. ولم تكن السوق الهندية كبيرة بما يكفي، لذلك كان على الصينيين أيضاً أن يتكيفوا. ومع ذلك، يبدو أن الصينيين لم يكونوا مهتمين على الإطلاق بالتجارة مع البريطانيين. ويقتبس غوش رسالة من تشيان لونغ، إمبراطور الصين آنذاك، الذي كتب في رسالة إلى الملك البريطاني جورج الثالث في عام 1793: «لم نعلق أبداً أي قيمة على الأشياء البارعة، ولم تكن لدينا أدنى حاجة لمنتجات من بلدك».

لعب الأفيون دوراً مركزياً في الاقتصاد الاستعماري منذ عام 1830 فصاعداً. وتم إنشاء المزيد والمزيد من المصانع في الهند لتلبية احتياجات «المستهلك الصيني»، كما كتب الكاتب البريطاني Rudyard Kipling روديارد كبلنغ عام 1899 في تقريره «في مصنع للأفيون»؛ فرغم الرائحة الخانقة للأفيون، كان «الدخل الكبير» الذي حققه للإمبراطورية البريطانية أهم.

تضاعفت مساحة حقول الخشخاش في الهند إلى ستة أضعاف. ويوضح غوش بالتفصيل ما يعنيه هذا لكل من المجتمع الهندي والطبيعة في القرون التي تلت ذلك. فلا يحتاج نبات الخشخاش إلى الكثير من الرعاية فحسب، بل يحتاج أيضاً إلى الكثير من الماء، مما يؤدي إلى الجفاف واستنزاف التربة. كما شكلت تجارة الأفيون جغرافية الهند المعاصرة بطرق أخرى. وأصبحت مومباي مدينة مهمة كميناء عبور للأفيون في عهد البريطانيين. ولا تزال المناطق التي تم إنشاء معظم حقول الأفيون فيها في ذلك الوقت من بين أفقر المناطق في الهند.

يوضح قوش كيف يعمل التاريخ، وبالتالي يميز نفسه عن معظم الكتاب الذين تناولوا الموضوع ذاته.

كما أنه يرسم أوجه تشابه مع الحاضر، التي لا يجرؤ الكثير من المؤلفين على تناولها. ووفقاً له، لا توجد مبالغة في تقدير تأثير تجارة الأفيون الاستعمارية على الأجيال اللاحقة. فما أنشأه البريطانيون في المناطق الآسيوية لا يختلف عن عمل منظمة إجرامية - حتى بمعايير ذلك الوقت، كما يكتب غوش، وهذا ما زال قائماً.

إن رؤية ذلك والاعتراف به أمر بالغ الأهمية لأولئك الذين يرغبون في العمل من أجل مستقبل أفضل.

يوم أمس منح ملك هولندا ويليام ألكسندر جائزة إيراسموس لأميتاف غوش في القصر الملكي في أمستردام، تقديراً لعمل غوش، الذي يقدم، بحسب لجنة التحكيم، «علاجاً يجعل المستقبل غير المؤكد ملموساً من خلال قصص مقنعة عن الماضي، وهو يرى أن أزمة المناخ هي أزمة ثقافية تنشأ قبل كل شيء من الافتقار إلى الخيال».