مرشحو ترمب يواجهون تحديات تهدد فوز الجمهوريين

عدد منهم يعد «مثيراً للجدل»

ترمب في أحد لقاءاته الشعبية سبتمبر الماضي (أ.ف.ب)
ترمب في أحد لقاءاته الشعبية سبتمبر الماضي (أ.ف.ب)
TT

مرشحو ترمب يواجهون تحديات تهدد فوز الجمهوريين

ترمب في أحد لقاءاته الشعبية سبتمبر الماضي (أ.ف.ب)
ترمب في أحد لقاءاته الشعبية سبتمبر الماضي (أ.ف.ب)

مع بدء العد العكسي لإجراء انتخابات التجديد النصفية للكونغرس الأميركي، بمجلسيه الشيوخ والنواب وبعض حكام الولايات، في 8 نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل، تصاعد الجدل داخل الحزب الجمهوري، حول الدور الذي يلعبه الرئيس السابق دونالد ترمب، في اختيار مرشحي الحزب. وفيما يراهن قادة الحزب على تحقيق فوز كبير، يمكنهم من تجديد سيطرتهم على الكونغرس، يخشى كثير منهم، خصوصاً «قيادته التقليدية» من أن الدفع بمرشحين مثيرين للجدل، وبعضهم «منفصل» عن الواقع، قد يؤدي إلى خسارتهم هذه الفرصة. ويتحفظون خصوصاً على المرشحين، الذين يرددون ادعاءات ترمب بأن انتخابات 2020 سرقت منه، ولا يعترفون بنتيجتها. وأظهرت إحصاءات أخيرة، أن ما يقرب من 300 مرشح، يدعمهم ترمب، ويشكلون الغالبية على قائمة الحزب الجمهوري، لا يعترفون ببايدن رئيساً.
وهو ما يعكس قرار الرئيس السابق بإلقاء ثقله في هذه الانتخابات، لاختبار قدرته على أنه «صانع للملوك». لكن كثيراً من هؤلاء المرشحين، في مجلس الشيوخ، على سبيل المثال، يواجهون تحدّيات، لأن «الانتصارات السهلة» التي حققوها في الانتخابات التمهيدية للحزب، يمكن أن تقوض حظوظ مرشحين آخرين، يمكنهم الفوز في الانتخابات الرئيسية أمام الديمقراطيين. ويوجه كثير من الجمهوريين أصابع الاتهام في هذا الأمر إلى ترمب، الذي يعتقد أن مستقبله السياسي على المحك. إما أن ينجح في إعادة تشكيل الحزب الجمهوري على صورته، أو يخسر الرهان وقيادة الحزب معاً، تاركاً ضرراً كبيراً به.
ويشير المعترضون على خيارات ترمب، إلى عدد من المرشحين في مجلس الشيوخ، الذي يحتاج الجمهوريون إلى مقعد واحد لتجديد السيطرة عليه. من بينهم الطبيب الشهير محمد أوز في ولاية بنسلفانيا، حيث يعده كثيرون «غير ذي صلة» بالواقع وعرضة للزلّات الخطابية، وجي دي فانس في أوهايو، وهو رأسمالي مغامر قضى معظم حياته في وادي التكنولوجيا، ونجم كرة القدم السابق هيرشل ووكر في جورجيا، الذي يواجه اتهامات حول العنف المنزلي والكذب بشأن ماضيه وصحته العقلية. وتحدث زعيم الأقلية الجمهورية في مجلس الشيوخ ميتش ماكونيل، عن «مشكلة في نوعية المرشحين».
وفي حال خسر هؤلاء الثلاثة السباق، وهو ما لمح إليه ماكونيل في وقت سابق، ستبقى الغالبية في يد الديمقراطيين، وسيتحمل ترمب المسؤولية. وفي حال سقط رهان ترمب على تحقيق فوز في الانتخابات النصفية، فقد يدفع بكثير من الجمهوريين، من مناهضيه ومن الطامحين بالحلول مكانه، في تحدي ترشيحه في انتخابات الرئاسة عام 2024. وهذا ينطبق على ليز تشيني التي طردها الحزب، وأعلنت صراحة أنها تفكر في الترشح، وحاكم فلوريدا الشعبوي رون ديسانتيس، ونائب الرئيس السابق مايك بنس، ووزير الخارجية السابق مايك بومبيو، الذين ما زالوا يمالئون ترمب حتى الساعة. وهو ما قد يتغير في حال فشل مرشحوه في الانتخابات النصفية. ومع ذلك، من المتوقع أن تتقارب الاستطلاعات قبل نوفمبر (تشرين الثاني)، وقد يفوز جميع مرشّحي ترمب الأكثر إثارة للانقسام في النهاية.
وفي كلتا الحالتين، يشير المحلّلون إلى أنّ كثيراً من الذين يشكّلون قاعدة الرئيس السابق لا يولون سوى قليل من الاهتمام لمجلس الشيوخ أو حسابات المؤسسة السياسية. وهو ما تظهره استطلاعات الرأي، التي تشير إلى احتفاظه بتأييد القاعدة الشعبية له، على الرغم من كل الدعاوى القضائية والملفات المفتوحة ضده. الأمر الذي قد يمنحه القدرة على مواصلة الترشح في انتخابات الرئاسة وتحدي كل منافسيه الجمهوريين. لكن وعلى الرغم من ذلك، يرى البعض أن احتمال إدانته بقضية الوثائق السرية، قد تؤثر على آفاق عمله السياسي، وتجعله ضعيفاً على مستوى الناخبين الأميركيين عموماً، خصوصاً لدى المستقلين، الذين يحسمون عادة السباق.


مقالات ذات صلة

كيف تسعى غرينلاند للاستفادة من رغبة ترمب في ضمها؟

الولايات المتحدة​ الرئيس الأميركي المنتخَب دونالد ترمب (أ.ف.ب) play-circle 02:14

كيف تسعى غرينلاند للاستفادة من رغبة ترمب في ضمها؟

قالت وكالة «بلومبرغ» للأنباء إن غرينلاند التي تُعدّ أكبر جزيرة في العالم تتطلع إلى الاستفادة من رغبة الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب في ضمها

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
الاقتصاد شريحة في معهد تايوان لأبحاث أشباه الموصلات في حديقة العلوم في هسينشو (رويترز)

تايوان تتوقع تأثيراً محدوداً لتعريفات ترمب على صادرات أشباه الموصلات

قال وزير الاقتصاد التايواني، كيو جيه هوي، يوم الجمعة إن تايوان تتوقع تأثيراً ضئيلاً للرسوم الجمركية التي قد تفرضها حكومة الرئيس الأميركي المنتخب.

«الشرق الأوسط» (تايبيه)
أوروبا الرئيس الروسي فلاديمير بوتين (رويترز)

من دون شروط مسبقة... بوتين جاهز للتحاور مع ترمب

أعلن الكرملين، اليوم (الجمعة)، أن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين جاهز للتحاور مع دونالد ترمب دون شروط مسبقة.

«الشرق الأوسط» (موسكو)
الاقتصاد سبائك ذهبية في غرفة صناديق الودائع الآمنة في دار «برو أوروم» للذهب في ميونيخ (رويترز)

الذهب يسجل مكاسب ملحوظة مع تزايد المخاوف حول سياسات ترمب

ارتفعت أسعار الذهب يوم الجمعة مع تزايد حالة عدم اليقين بشأن سياسات الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، مما زاد من الطلب على السبائك.

«الشرق الأوسط» (لندن)
الولايات المتحدة​ رسم توضيحي لجلسة محاكمة ترمب، في نيويورك 7 مايو 2024 (رويترز)

المحكمة العليا ترفض طلب ترمب تعليق نطق الحكم بحقه في نيويورك

رفضت المحكمة العليا الأميركية الخميس محاولة الرئيس المنتخب دونالد ترمب في اللحظة الأخيرة وقف نطق الحكم بحقه في قضية شراء سكوت ممثلة الأفلام الإباحية.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)

2025... عام ملء الفراغات؟

الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب (أرشيفية - رويترز)
الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب (أرشيفية - رويترز)
TT

2025... عام ملء الفراغات؟

الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب (أرشيفية - رويترز)
الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب (أرشيفية - رويترز)

لا يوجد فراغ مسموح به في الطبيعة. فالطبيعة لا تغيّر طبيعتها، لأنها تكره الفراغ. في الفراغ لا حياة، لا صراع ولا تاريخ. فالتاريخ يتنقّل بين الفوضى والنظام. يُفرض النظام بالإكراه، فتوضع القوانين لتُفرض بالقوّة والإكراه أيضاً. هكذا كتب ألبير كامو، الفيلسوف الفرنسي في كتابه «الإنسان المتمرّد»، (The Rebel): «في النظام، كما في الفوضى، هناك شيء من العبوديّة». تستهدف الثورة النظام القائم، فتخلق الفوضى. لكنها مُلزمة بإعادة تكوين نظام جديد. وبين الفوضى والنظام، يدفع الإنسان العاديّ الأثمان.

يقول السياسيّ الراحل هنري كيسنجر ما معناه: إن الفراغ يجلب الحرب والهجوم. فهل سيكون عام 2025 عام ملء الفراغات، أو خلق بعضها؟

دخان يتصاعد من شمال قطاع غزة خلال قصف الجيش الإسرائيلي (أرشيفية - أ.ف.ب)

بعد عملية 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023، تغيّرت موازين القوى في المنطقة. سقطت «حماس». سقط «حزب الله». سقط النظام في سوريا... وبذلك انهارت وحدة الساحات، أو ما يُسمّى محور المقاومة. وبسبب ذلك، سقطت منظومات كانت قائمة. وتظهّرت الفراغات القاتلة. ها هي إسرائيل تدمّر قطاع غزّة، لتخلق فراغاً لا توجد فيه حركة «حماس»، ولتؤسّس لحالة معيّنة قد يُطلَق عليها «الاحتلال التغييريّ»، (Transformative). بكلام آخر، فُرض الاحتلال أمراً واقعاً خارج القانون الدوليّ، لكنه طويل، ومُكلف للمُحتلّ، الأمر الذي قد يخلق ثقافة جديدة، ومختلفة عما كانت قبلها، حتى ولو تطلّب الأمر جيلاً من الزمن.

دخلت إسرائيل لبنان خلال الحرب الأخيرة، فخلقت منطقة عازلة. وها هي اليوم تُحصّنها استباقاً للسيناريو السيّئ. خلقت إسرائيل هذا الفراغ على الحدود اللبنانيّة، كما في داخل قطاع غزّة بالقوّة العسكريّة المُفرطة. لكن البقاء في لبنان واحتلال المنطقة العازلة، هو أمر مختلف تماماً عن احتلال قطاع غزّة.

بعد سقوط النظام في سوريا، سارعت إسرائيل إلى احتلال مزيد من الأراضي السوريّة وتوسيع المنطقة العازلة. لكنه احتلال من دون استعمال للقوّة، حتى ولو دمّر الطيران الإسرائيليّ قدرات الجيش السوريّ المستقبليّ. إنه احتلال مؤقّت-طويل. لكن المفارقة هي إعلان إسرائيل أن الجولان لن يعود إلى سوريا، وهو احتلال كأمر واقع (De Facto). ولتحرير الجولان، لا بد من حرب أو تفاوض، وهذان أمران متعذّرَان حالياً لأسباب كثيرة. وعليه قد يمكن حالياً إعلان وفاة مقولة كسينجر: «لا حرب في الشرق الأوسط من دون مصر، ولا سلام من دون سوريا».

صورة نشرها الجيش الإسرائيلي وقال إنها لجولة رئيس الأركان هرتسي هاليفي الميدانية في جنوب لبنان (أرشيفية)

حال العالم

في أوكرانيا يستعين الرئيس بوتين في حربه بالتكنولوجيا الغربيّة لتصميم صواريخه، آخرها الصاروخ الفرط صوتيّ «أوريشنيك». كما يستعين بالمُسيّرات الإيرانيّة، والعسكر الكوري الشمالي لتحرير الأرض الروسية في كورسك. يريد بوتين الاحتلال التغييري للشرق الأوكرانيّ.

في منطقة نفوذ الصين، يسعى التنين إلى استرداد جزيرة تايوان على أنها جزء تاريخيّ من الصين الكبرى. فهي تحضّر البحريّة الصينيّة، كون الحرب، وفي حال حصولها، سيكون أغلبها في البحر. ورداً على ذلك، بدأ تشكُّل كثير من التحالفات ردّاً على السلوك الصينيّ.

وفي مكان آخر من العالم، يُحضّر الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب مأسسة الصراع مع التنين الصينيّ. فهو يريد استعادة السيطرة على قناة بنما، نظراً إلى أهمية هذه القناة على الأمن القومي الأميركيّ. فهي الشريان الحيويّ الذي يربط الشرق الأميركي بالغرب. وهي التي أوصى بها المفكّر الاستراتيجيّ الأميركي البحريّ ألفريد ماهان. وهي التي أشرفت على بنائها الولايات المتحدة الأميركيّة، وذلك بعد انفصال بنما عن كولومبيا وبمساعدة البحريّة الأميركيّة آنذاك، خلال فترة حكم الرئيس الأميركي الراحل تيودور روزفلت. وبذلك، تكون القناة قد مرّت بثلاث مراحل هي: 1906 البناء مع الرئيس روزفلت، و1977 مع الرئيس جيمي كارتر الذي أعادها إلى بنما، واليوم مع الرئيس ترمب الذي يريد استردادها.

صور الرئيس الأسبق حافظ الأسد ممزقة للمرة الأولى في تاريخ سوريا (الشرق الأوسط)

يرى البعض أن تصريحات الرئيس ترمب مجرّد كلام عاديّ بسبب شخصيّته الفريدة. لكن الأكيد أن تصريحاته تنمّ عن عمق جيوسياسيّ بعيد المدى. فما معنى طرحه موضوع شراء جزيرة غرينلاند من الدنمارك؟ ما أهميّة هذه الجزيرة؟

إن ثقافة دبلوماسيّة الدولار (Dollar Diplomacy) في التاريخ الأميركي ليست جديدة. فهي قد اشترت لويزيانا من فرنسا عام 1803 بـ15 مليون دولار. كما اشترت من روسيا ولاية ألاسكا الحاليّة بـ7.2 مليون دولار.

شكّلت لويزيانا الربط بين الشرق والغرب الأميركيّ، كما سيطرت على أهمّ مرفأ أميركيّ يطلّ على خليج المكسيك. وبالحدّ الأدنى أخرجت دولة أوروبيّة من الأرض الأميركيّة. أما شراء ألاسكا، فقد أعطى أميركا إطلالة على مضيق بيرينغ الذي يطلّ بدوره على الأرض الروسيّة.

التحّولات الجيوسياسيّة الحاليّ

مع صعود الصين، تبدّلت موازين القوى العالميّة عمَّا كانت عليه خلال الحرب الباردة. فللصين قدرات كونيّة وفي كل الأبعاد، خصوصاً الاقتصاديّة والعسكريّة، وهذه أبعاد افتقر إليها الاتحاد السوفياتيّ. تسعى الصين إلى التموضع في القارة الأميركيّة. يُضاف إلى هذا التحوّل، الكارثة البيئيّة والاحتباس الحراري، الأمر الذي قد يفتح طرقاً بحريّة جديدة، حول الشمال الأميركيّ. خصوصاً أن ذوبان المحيط المتجّمد الشمالي سوف يُغيّر جغرافيّة الصراع الجيوسياسيّ بالكامل. ونتيجة لذلك، ستصبح الولايات المتحدة الأميركيّة تطلّ على ثلاثة محيطات بعد أن كانت تطلّ على محيطين.

وحدة مدفعية أوكرانية في منطقة زابوريجيا تطلق النار باتجاه القوات الروسية على خط المواجهة (أرشيفية - رويترز)

تتميّز غرينلاند بمساحتها الكبيرة، نحو مليوني كيلومتر مربع، مع عديد لا يتجاوز 56 ألف نسمة، وثروات مهمّة قد تجعل أميركا تستغني عن استيراد كثير من الثروات الطبيعيّة من الصين. خلال الحرب الباردة حاول الرئيس هاري ترومان شراء الجزيرة، وهي لا تزال تضمّ قاعدة عسكريّة جويّة أميركيّة.

في الختام، إذا استطاع الرئيس ترمب استعادة السيطرة على قناة بنما، وسيطر بشكل ما على غرينلاند، سيتكوّن مثلثّ جيوسياسيّ دفاعيّ حول الولايات المتحدة الأميركيّة يرتكز على: غرينلاند، وألاسكا، وقناة بنما. كل ذلك، بانتظار الرئيس ترمب في البيت الأبيض، وكيف سيتعامل مع العالم خصوصاً الصين. فهل سيكون انعزاليّاً أم انخراطيّاً أم مزيجاً من المقاربتين؟