تفجير جسر القرم يفتح الباب على «حرب بلا قواعد»

بوتين يشكل لجنة متابعة... ودعوات برلمانية لـ«رد حاسم»

اشتعلت النيران بفعل التفجير في 7 خزانات وقود على طول خط السكك الحديدية الذي يمر بالقرب من ممر السيارات ونجح رجال الإنقاذ خلال ساعات النهار في إخماد الحريق بعدما تم تعليق حركة المرور على الجسر مؤقتاً (أ.ف.ب)
اشتعلت النيران بفعل التفجير في 7 خزانات وقود على طول خط السكك الحديدية الذي يمر بالقرب من ممر السيارات ونجح رجال الإنقاذ خلال ساعات النهار في إخماد الحريق بعدما تم تعليق حركة المرور على الجسر مؤقتاً (أ.ف.ب)
TT

تفجير جسر القرم يفتح الباب على «حرب بلا قواعد»

اشتعلت النيران بفعل التفجير في 7 خزانات وقود على طول خط السكك الحديدية الذي يمر بالقرب من ممر السيارات ونجح رجال الإنقاذ خلال ساعات النهار في إخماد الحريق بعدما تم تعليق حركة المرور على الجسر مؤقتاً (أ.ف.ب)
اشتعلت النيران بفعل التفجير في 7 خزانات وقود على طول خط السكك الحديدية الذي يمر بالقرب من ممر السيارات ونجح رجال الإنقاذ خلال ساعات النهار في إخماد الحريق بعدما تم تعليق حركة المرور على الجسر مؤقتاً (أ.ف.ب)

دخلت الحرب في أوكرانيا منعطفاً خطيراً، السبت، بعد حادث التفجير على الجسر الذي يربط الأراضي الروسية بشبه جزيرة القرم. ووجهت مصادر روسية أصابع اتهام إلى كييف، بينما اتجهت الأنظار إلى رد الفعل الروسي بعدما أمر الرئيس فلاديمير بوتين بتشكيل لجنة حكومية للتحقيق، وبرزت دعوات من جانب برلمانيين لتوجيه «رد حاسم»، ووصف بعضهم التطور بأنه يفتح الباب أمام «حرب بلا قواعد».
وبعدما كانت موسكو قد أعلنت صباح السبت أن الحادث لم يسفر عن وقوع ضحايا، اتضح في وقت لاحق أن 3 قتلى على الأقل سقطوا بسبب الانفجار والحريق الذي أعقبه. واتضح من نتائج تحقيق أولي أن القتلى الثلاثة كانوا في سيارة مرت بجوار الشاحنة لحظة وقوع الانفجار. وأعلنت لجنة التحقيق أنه «تم رفع جثتي رجلين وامرأة من الماء، ويجري التحقق من هوياتهم».

وكانت اللجنة الوطنية لمكافحة الإرهاب قد أعلنت أن الانفجار وقع في شاحنة كانت تمر على جسر القرم. واشتعلت النيران بفعل التفجير في 7 خزانات وقود على طول خط السكك الحديدية الذي يمر بالقرب من ممر السيارات. ونجح رجال الإنقاذ خلال ساعات النهار في إخماد الحريق، بعدما تم تعليق حركة المرور على الجسر مؤقتاً. كما أُلغيت رحلات القطارات والحافلات في كلا الاتجاهين، قبل أن يُعلن في وقت لاحق استئنافها جزئياً. وسرعان ما اتجهت أصابع الاتهام إلى كييف، وقال اللواء السابق في هيئة الأمن الفيدرالي ألكسندر ميخائيلوف، إن التفجير نجم عن عبوة ناسفة ضخمة تم تفعيلها من بعد باستخدام تقنيات التحكم الإلكتروني. بينما قال أوليغ موروزوف، عضو مجلس الدوما (النواب) الروسي، إن الجانب الأوكراني «يتحدث منذ فترة بعيدة عن استهداف جسر القرم». وأضاف موروزوف الذي يمثل حزب «روسيا الموحدة» الحاكم: «يجري تنفيذ حرب إرهابية ضدنا. والهجوم الإرهابي على جسر القرم الذي تم الإعلان عنه منذ فترة طويلة، لم يعد مجرد تحدٍّ؛ بل هو إعلان حرب بلا قواعد». وشدد البرلماني على أن «عدم الرد بالشكل المطلوب والحاسم على هذا العمل، سيجعل مثل هذه الحوادث تتكرر في كثير من الأحيان». وقال: «إذا بقينا صامتين فسوف نواجه تصعيداً خطراً للهجمات».
كما انتقدت روسيا رد الفعل الأوكراني على انفجار الجسر الذي يعد منشأة رئيسية، ويشكل رمزاً لضم روسيا لشبه الجزيرة، معتبرة أنه يدل على «الطبيعة الإرهابية» لكييف. ونقلت وكالات الأنباء الروسية عن المتحدثة باسم وزارة الخارجية الروسية ماريا زاخاروفا، قولها إن «رد فعل نظام كييف على الأضرار التي لحقت بالبنية التحتية المدنية يظهر طبيعته الإرهابية». وتحدثت أوكرانيا بسخرية وأطلقت نكاتاً بعد الانفجار من دون أن تصل إلى حد إعلان مسؤوليتها عن الانفجار.
وقالت وزارة الدفاع الروسية إن القوات الروسية التي تقاتل في مناطق ميكولايف وكريفي ريه وزابوريجيا بجنوب أوكرانيا، يمكن أن تتلقى جميع الإمدادات التي تحتاجها عبر الممرات البرية والبحرية القائمة، بعد تضرر الجسر. وأدى الانفجار إلى سقوط أجزاء من الجسر، ما أدى إلى توجيه حركة المرور في اتجاه واحد، وألحق أضراراً أيضاً بخطوط السكك الحديدية. وكان الجسر يستخدم لنقل القوات والإمدادات العسكرية الروسية عبر شبه الجزيرة إلى أجزاء أخرى من جنوب أوكرانيا.
بدوره، أكد عضو مجلس الاتحاد (الشيوخ) ألكسندر باشكين، أنه ليس هناك شك في أن مؤسسات القوة الروسية ذات العلاقة ووزارة الدفاع وغيرها سترد «بشكل كافٍ ورادع، وربما غير متماثل على الضربة الوقحة على جسر القرم». وأعرب السيناتور عن ثقته بأن الضربة التي استهدفت روسيا «تقف خلفها ليس فقط أوكرانيا؛ بل والغرب كذلك». وقال: «هذا تحدٍّ خطير للغاية؛ ليس فقط من جانب أوكرانيا؛ لأن كييف لا تفعل شيئاً دون تعليمات من الغرب، وبعد التشاور معه فقط. هذا تحدٍّ لنا من جانب الغرب أيضاً». وكان الناطق باسم الكرملين دميتري بيسكوف قد أعلن في وقت سابق أن بوتين أصدر تعليمات بتشكيل لجنة حكومية لمتابعة الحادث.
وقال بيسكوف: «فيما يتعلق بحادث جسر القرم، تلقى فلاديمير بوتين تقارير من رئيس الوزراء ميخائيل ميشوستين، ونائب رئيس الوزراء مارات حسنولين، ووزير الطوارئ ألكسندر كورينكوف، ووزير النقل فيتالي سافيليف»، إضافة إلى تقارير قادة عسكريين وأمنيين.
وتابع بيسكوف: «أصدر الرئيس تعليمات لرئيس الوزراء بتشكيل لجنة حكومية لمعرفة أسباب ما حدث، وإزالة آثاره في أسرع وقت ممكن»، موضحاً أن اللجنة ستشمل أيضاً رئيسَي إقليمَي كراسنودار والقرم، وممثلي الحرس الوطني، وجهاز الأمن الفيدرالي، ووزارة الداخلية.
اللافت في الموضوع أن وسائل الإعلام الروسية وتصريحات المسؤولين كانت قد تحدثت خلال ساعات الصباح عن «حادث» وقع على جسر القرم، بينما بدأت الأوساط الروسية تتحدث في وقت لاحق، بعد بدء عمليات التحقيق عن «هجوم تخريبي» وعن «عمل إرهابي» تقف خلفه أوساط أوكرانية. وقال رئيس برلمان القرم فلاديمير كونستانتينوف، إن «الجسر تعرض لهجوم من جانب مخربين أوكرانيين». ووفقاً له، فقد «تمكن المخربون الأوكرانيون من الوصول بأيديهم الملطخة بالدماء إلى جسر القرم. لديهم الآن شيء يفخرون به. طوال 23 عاماً من إدارتهم للقرم، لم يتمكنوا من بناء أي شيء يستحق الاهتمام في شبه الجزيرة؛ لكنهم تمكنوا من إلحاق الضرر بالجسر الروسي». وزاد: «هذا هو جوهر نظام كييف والدولة الأوكرانية».
- روسيا نشرت في 2019 منظومة دفاع جوي لحمايته من هجمات أوكرانية
> جسر كيرتش، الذي بُني بكلفة بعدة مليارات من الدولارات بأوامر من الرئيس فلاديمير بوتين لربط شبه الجزيرة التي أعلنت موسكو ضمها بالأراضي الروسية عام 2014. ضروري لنقل الأشخاص والبضائع والقوات والإمدادات العسكرية الروسية عبر شبه الجزيرة إلى أجزاء أخرى من جنوب أوكرانيا. وتم افتتاح أول قطار ركاب عبر الجسر في 25 ديسمبر (كانون الأول) 2019. بني على معبر كيرتش، وهو عبارة عن زوجين من الجسور البرية وسكك حديدية بنتها روسيا بعد أن ضمت شبه جزيرة القرم. ويبلغ طوله 19 كيلومتراً، ويصل ارتفاعه إلى 35 متراً، وتم افتتاحه في عام 2018. وتشير تقديرات إلى أن تكلفة بناء الجسر عام 2018 بلغت عدة مليارات من الدولارات.
وقد شيّد بدعامات من هياكل خرسانية وفولاذية ضخمة، لا يمكن إسقاطها إلا بضربة مباشرة من صاروخ ضخم وفق تقارير. وتقول التقارير إن روسيا نشرت في 2019 منظومة دفاع جوي لحمايته.
بالنسبة لسكان القرم الروس، يعد هذا الجسر «شريان حياة» يربطهم بروسيا. ولطالما أكدت روسيا أن الجسر آمن، رغم القتال في أوكرانيا لكنها هددت في الماضي كييف بالانتقام إذا هاجمت القوات الأوكرانية هذه البنية التحتية أو غيرها في شبه جزيرة القرم.
ونقلت وكالة الأنباء «ريا نوفوستي» عن النائب الروسي أوليغ موروزوف دعوته السبت إلى رد «مناسب»، مؤكداً أن «هذا النوع من الهجمات الإرهابية سيتضاعف إذا لم يتم ذلك». وأدى الانفجار أمس السبت على جسر القرم الذي يضم طريقاً برياً ومساراً للقطارات، إلى سقوط أجزاء منه مما أدى إلى توجيه حركة المرور في اتجاه واحد وألحق أضراراً أيضاً بخطوط السكك الحديدية. وحاول زعيم شبه جزيرة القرم سيرغي أكسيونوف طمأنة السكان بالقول إن القرم لديها احتياطيات من الوقود تكفي لمدة شهر وطعام يكفي شهرين. وأكد أن أعمال الإصلاح ستبدأ «عملياً اليوم». أما كيريل ستريموسوف المسؤول في منطقة خيرسون الأوكرانية المجاورة لشبه الجزيرة، فقال في فيديو نشره على حسابه بتطبيق «تلغرام» إن الإصلاحات قد تستغرق «شهرين».


مقالات ذات صلة

أمين عام «الناتو»: الحلف «يحتاج إلى الذهاب أبعد» في دعمه أوكرانيا

أوروبا الأمين العام لحلف شمال الأطلسي مارك روته خلال مؤتمر صحافي مشترك مع رئيس الوزراء اليوناني كيرياكوس ميتسوتاكيس بعد لقائهما في أثينا الثلاثاء 26 نوفمبر 2024 (أ.ب)

أمين عام «الناتو»: الحلف «يحتاج إلى الذهاب أبعد» في دعمه أوكرانيا

قال الأمين العام الجديد لحلف شمال الأطلسي مارك روته، الثلاثاء، إن الحلف «يحتاج إلى الذهاب أبعد» لدعم أوكرانيا في حربها ضد الغزو الروسي.

«الشرق الأوسط» (أثينا)
أوروبا أضرار في موقع هجوم صاروخي روسي ضرب مبنى إدارياً لبنك متوقف عن العمل جنوب غربي أوكرانيا 25 نوفمبر 2024 (إ.ب.أ)

روسيا تستهدف البنية التحتية الأوكرانية بأكبر هجوم مسيّرات منذ بدء الحرب

قال مسؤولون أوكرانيون، الثلاثاء، إن القوات الروسية شنّت أكبر هجوم لها على الإطلاق بطائرات مسيّرة على أوكرانيا الليلة الماضية.

«الشرق الأوسط» (كييف)
أوروبا الرئيس الروسي فلاديمير بوتين مع نظيره الصيني شي جينبينغ (رويترز)

تقرير: الاتحاد الأوروبي يدرس فرض عقوبات على شركات صينية تدعم روسيا

كشف تقرير صحافي أن الاتحاد الأوروبي يدرس فرض عقوبات على عدة شركات صينية يُزعم أنها ساعدت شركات روسية في تطوير طائرات مسيرة هجومية تم استخدامها ضد أوكرانيا.

«الشرق الأوسط» (بروكسل )
أوروبا مدير جهاز المخابرات الخارجية الروسية سيرغي ناريشكين (أرشيفية - رويترز)

مدير المخابرات الروسية: نرغب في «سلام راسخ وطويل الأمد» في أوكرانيا

قال مدير جهاز المخابرات الخارجية الروسية إن بلاده تعارض تجميد الصراع في أوكرانيا؛ لأن موسكو بحاجة إلى «سلام راسخ وطويل الأمد».

«الشرق الأوسط» (موسكو)
أوروبا جانب من التجارب الروسية على إطلاق صواريخ لمحاكاة رد نووي (أرشيفية - أ.ف.ب)

ضابط روسي هارب: كنا على استعداد لتنفيذ ضربة نووية في بداية الحرب

قال ضابط روسي هارب إنه في اليوم الذي تم فيه شن الغزو في فبراير 2022 كانت قاعدة الأسلحة النووية التي كان يخدم فيها «في حالة تأهب قتالي كامل».

«الشرق الأوسط» (موسكو)

كيف كسرت الحرب في أوكرانيا المحرّمات النووية؟

نظام صاروخي باليستي عابر للقارات من طراز «يارس» الروسي خلال عرض في «الساحة الحمراء» بموسكو يوم 24 يونيو 2020 (رويترز)
نظام صاروخي باليستي عابر للقارات من طراز «يارس» الروسي خلال عرض في «الساحة الحمراء» بموسكو يوم 24 يونيو 2020 (رويترز)
TT

كيف كسرت الحرب في أوكرانيا المحرّمات النووية؟

نظام صاروخي باليستي عابر للقارات من طراز «يارس» الروسي خلال عرض في «الساحة الحمراء» بموسكو يوم 24 يونيو 2020 (رويترز)
نظام صاروخي باليستي عابر للقارات من طراز «يارس» الروسي خلال عرض في «الساحة الحمراء» بموسكو يوم 24 يونيو 2020 (رويترز)

نجح الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، في خلق بيئة مواتية لانتشار أسلحة نووية جديدة في أوروبا وحول العالم، عبر جعل التهديد النووي أمراً عادياً، وإعلانه اعتزام تحويل القنبلة النووية إلى سلاح قابل للاستخدام، وفق تحليل لصحيفة «لوفيغارو» الفرنسية.

في عام 2009، حصل الرئيس الأميركي، باراك أوباما، على «جائزة نوبل للسلام»، ويرجع ذلك جزئياً إلى دعوته إلى ظهور «عالم خالٍ من الأسلحة النووية». وفي ذلك الوقت، بدت آمال الرئيس الأميركي الأسبق وهمية، في حين كانت قوى أخرى تستثمر في السباق نحو الذرة.

وهذا من دون شك أحد أخطر آثار الحرب في أوكرانيا على النظام الاستراتيجي الدولي. فعبر التهديد والتلويح المنتظم بالسلاح الذري، ساهم فلاديمير بوتين، إلى حد كبير، في اختفاء المحرمات النووية. وعبر استغلال الخوف من التصعيد النووي، تمكن الكرملين من الحد من الدعم العسكري الذي تقدمه الدول الغربية لأوكرانيا منذ بدء الغزو الروسي لأوكرانيا في فبراير (شباط) 2022، ومن مَنْع مشاركة الدول الغربية بشكل مباشر في الصراع، وتخويف جزء من سكان هذه الدول، الذين تغلّب عليهم «الإرهاق والإغراءات بالتخلي (عن أوكرانيا) باسم الأمن الزائف».

بدأ استخفاف الكرملين بالأسلحة النووية في عام 2014، عندما استخدم التهديد بالنيران الذرية للدفاع عن ضم شبه جزيرة القرم من طرف واحد إلى روسيا. ومنذ ذلك الحين، لُوّح باستخدام السلاح النووي في كل مرة شعرت فيها روسيا بصعوبة في الميدان، أو أرادت دفع الغرب إلى التراجع؛ ففي 27 فبراير 2022 على سبيل المثال، وُضع الجهاز النووي الروسي في حالة تأهب. وفي أبريل (نيسان) من العام نفسه، استخدمت روسيا التهديد النووي لمحاولة منع السويد وفنلندا من الانضمام إلى «حلف شمال الأطلسي (ناتو)». في مارس (آذار) 2023، نشرت روسيا صواريخ نووية تكتيكية في بيلاروسيا. في فبراير 2024، لجأت روسيا إلى التهديد النووي لجعل النشر المحتمل لقوات الـ«ناتو» في أوكرانيا مستحيلاً. وفي الآونة الأخيرة، وفي سياق المفاوضات المحتملة مع عودة الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب إلى البيت الأبيض، جلبت روسيا مرة أخرى الخطاب النووي إلى الحرب، من خلال إطلاق صاروخ باليستي متوسط ​​المدى على أوكرانيا. كما أنها وسعت البنود التي يمكن أن تبرر استخدام الأسلحة الذرية، عبر مراجعة روسيا عقيدتها النووية.

الرئيس الروسي فلاديمير بوتين خلال اجتماع مع قيادة وزارة الدفاع وممثلي صناعة الدفاع في موسكو يوم 22 نوفمبر 2024 (إ.ب.أ)

التصعيد اللفظي

تأتي التهديدات النووية التي أطلقتها السلطات الروسية في الأساس ضمن الابتزاز السياسي، وفق «لوفيغارو». ولن تكون لدى فلاديمير بوتين مصلحة في اتخاذ إجراء عبر تنفيذ هجوم نووي تكتيكي، وهو ما يعني نهاية نظامه. فالتصعيد اللفظي من جانب القادة الروس ورجال الدعاية لم تصاحبه قط تحركات مشبوهة للأسلحة النووية على الأرض. ولم يتغير الوضع النووي الروسي، الذي تراقبه الأجهزة الغربية من كثب. وتستمر الصين أيضاً في لعب دور معتدل، حيث تحذّر موسكو بانتظام من أن الطاقة النووية تشكل خطاً أحمر مطلقاً بالنسبة إليها.

إن التهوين من الخطاب الروسي غير المقيد بشكل متنامٍ بشأن استخدام الأسلحة النووية ومن التهديد المتكرر، قد أدى إلى انعكاسات دولية كبيرة؛ فقد غير هذا الخطاب بالفعل البيئة الاستراتيجية الدولية. ومن الممكن أن تحاول قوى أخرى غير روسيا تقليد تصرفات روسيا في أوكرانيا، من أجل تغيير وضع سياسي أو إقليمي راهن محمي نووياً، أو إنهاء صراع في ظل ظروف مواتية لدولة تمتلك السلاح النووي وتهدد باستخدامه، أو إذا أرادت دولة نووية فرض معادلات جديدة.

يقول ضابط فرنسي: «لولا الأسلحة النووية، لكان (حلف شمال الأطلسي) قد طرد روسيا بالفعل من أوكرانيا. لقد فهم الجميع ذلك في جميع أنحاء العالم».

من الجانب الروسي، يعتبر الكرملين أن الحرب في أوكرانيا جاء نتيجة عدم الاكتراث لمخاوف الأمن القومي الروسي إذ لم يتم إعطاء روسيا ضمانات بحياد أوكرانيا ولم يتعهّد الغرب بعدم ضم كييف إلى حلف الناتو.

وترى روسيا كذلك أن حلف الناتو يتعمّد استفزاز روسيا في محيطها المباشر، أكان في أوكرانيا أو في بولندا مثلا حيث افتتحت الولايات المتحدة مؤخرا قاعدة عسكرية جديدة لها هناك. وقد اعتبرت موسكو أن افتتاح القاعدة الأميركية في شمال بولندا سيزيد المستوى العام للخطر النووي.